الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
هذا الفصل في بيان أحكام الرد
قوله: (إذا فضلت التركة عن فروض الورثة ولم يكن معهم عصبة: فالباقي يرد عليهم بقدر فروضهم) اعلم أن في مسائل الرد اختلافات:
فعند زيد بن ثابت: لا رد لأصحاب الفروض مطلقاً، سواء سببية أو نسبية، وعند علي رضي الله عنه: يجوز الرد على أصحاب الفروض مطلقاً.
وعند جمهور الصحابة: يجوز الرد على ذوي الفروض النسبية بقدر حقوقهم، ولا يجوز الرد على ذوي الفروض السببية.
وبقول زيد بن ثابت: قال مالك والشافعي، وبقول جمهور الصحابة: قال أصحابنا.
ومسائل الرد أربعة أقسام: أحدها: أن يكون في المسألة جنس واحد ممن يرد عليه عند عدم من لا يرد عليه، فأصل المسألة من رءوسهم، كما إذا ترك بنتين أو أختين أو جدتين، فاجعل المسألة من ثنتين، لأن رؤوسهن ثنتان.
والثاني: إذا اجتمع في المسألة جنسان أو ثلاثة أجناس ممن يرد عليه عند عدم من لا يرد عليه، فتجعل المسألة من سهامهم، ويتصور فيه أربع مسائل: وهي: إما أن يكون
في المسألة سدسان: كما إذا ترك جدة وأختاً لأم وأماً، أو من ثلاثة إذا كانت ثلث وسدس: كما إذا ترك أختين لأم وأماً، أو من أربعة إذا كان في المسألة نصف وسدس: كما إذا ترك بنتاً، وبنت ابن، وأختاً لأب وأم، وأختاً لأب أو لأم، وجدة. أو من خمسة إذا كان في المسألة ثلثان وسدس: كما إذا ترك بنتين وأماً أو جدة، أو أختين لأب وأم أو لأب، وأختاً لأم، أو أماً، أو جدة. أو كان في المسألة نصف وسدسان: كبنت، وبنت ابن، وأم، وأخت لأب وأم، وأخت لأب، وأخت لأم، أو جدة، أو كان في المسألة نصف وثلث: كالأخت لأب، وأختين لأم أو أم.
وانحصرت المسألة على أربعة: وهي اثنان وثلاثة وأربعة وخمسة، ولا يتصور ستة، لأنه إذا كان من ستة: فلا يتصور ردياً، وإذا كان من واحد: فلا يكون من يرد عليه جنسان، فلأجل هذا ينحصر على أربعة مسائل.
والثالث: أن يجتمع مع من يرد عليه إذا كان من جنس واحد، من لا يرد عليه، فالحكم فيه أن تجعل مسألة من لا يرد عليه من أقل مخارجه، ومسألة من يرد عليه من رؤوسهم، ثم يعطى فرض من لا يرد عليه، فإذا استقام ما بقى من فرض من لا يرد عليه على رؤوس من يرد عليه فيها: كزوج وثلاث بنات، فإن لم يستقم: ينظر: إن كان بينهما موافقةك فيضرب وفق عدد رؤوسهم في مسألة من لا يرد عليه: كزوج وست بنات، فإن لم يكن بينهما موافقة: فيضرب كل عدد رؤوس من يرد عليه في مخرج فرض من لا يرد عليه كزوج وخمس بنات.
وطريق القسمة: أن يضرب سهام من لا يرد عليه في عدد رءوس من يرد عليه أو في وفقها، ورؤوس من يرد عليه فيما بقي من لا يرد عليه أو في فرضه، ثم تصحح المسألة على أصولهم في مسائل التصحيح.
والرابع: أن تجتمع من يرد عليه مع من لا يرد عليه فيما إذا كان من يرد عليه من جنسين أو من ثلاث أجناس، فالحكم فيه: أن نجعل مسألة من لا يرد عليه من أقل مخرج فرضه، ومسألة من يرد عليه من سهامهم، ثم تجمع مسألتهم إلى سهامهم، فيطرح الباقي ثم يعطى فرض من لا يرد عليه، فينظر بين ما بقي من فرض من لا يرد عليه وبين سهام من يرد عليه، فإن استقام: فبها، وإن لم يستقم فاضرب سهام من يرد عليه في مخرج فرض من لا يرد عليه، فما بلغ: يخرج منه حق كل واحد من غير كسر، كاربع زوجات وتسع بنات وست جدات.
قوله: (إلا على الزوجين) فإنه لا يرد عليهما، بل يوضع الباقي في بيت المال، وذكر في فتاوى القنية: أن في زماننا هذا يرد على الزوجين لفساد بيت المال، وإنما قدم الرد على ذوي الأرحام: لأن أصحاب الفروض بعد إحراز الفريضة صاروا من ذوي الأرحام، وفي ذوي الأرحام بعضهم أولى ببعض. ومن جملة أصحاب الفروض الذي يجوز عليه الرد:"البنت" والبنت أقرب إلى الميت من جميع ذوي الأرحام، فيجب الرد عليها لقربها.
قوله: (إن لم يكن للميت أحد من ذوي الأرحام) قيد به لأنه إذا كان للميت أحد من ذوي الأرحام: يكون المال له بالترتيب الذي ذكرناه، والله أعلم بالصواب.