الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في العيدين
وجه المناسبة بين الفصلين: من حيث أن كلاً منهما ركعتان، تجهر القراءة فيهما، ويقامان بالجماعة والإمام والخطبة، ولا يقضيان.
عيد: أصله عود، قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، وإنما سمي عيداً: لأنه يعود في كل سنة.
قوله: (تجب صلاة العيد على كل من تجب عليه الجمعة) حتى لا تجب على المسافر والمريض والأعمى والمرأة والعبد.
أما الوجوب فلقوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] قيل: هو صلاة العيد. وتواترت الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيد.
وقال شمس الأئمة السرخسي: "الأظهر أنها سنة، ولكنها من معالم الدين، أخذها
هدى وتركها ضلالة" والأول أصح. ويشترط لها ما يشترط للجمعة، إلا الخطبة فإنها ليست من شرائط العيد.
قوله: (ويستحب يوم الفطر أن يطعم الإنسان قبل الصلاة) لما روي عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وتراً" أخرجه البخاري.
قوله: (وفي الأضحى بعدها) أي يستحب أن يطعم في الأضحى بعد الصلاة، لتكون البداية من لحوم القرابين، التي هي ضيافة الله تعالى لعباده في هذا اليوم.
قوله: (ويغتسل فيهما) أي في العيدين، وهذا مكرر، لأنه ذكر مرة في باب الغسل.
قوله: (ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه) لأنه يوم ازدحام، حتى لا يتأذى البعض برائحة البعض.
قوله: (ويتوجه إلى المصلى وهو غير مكبر جهراً) هذا عند أبي حنيفة، لأن الأصل في الدعاء الإخفاء، وعندهما: يجهر اعتباراً بالأضحى.
قوله: (بخلاف الأضحى فإنه يكبر فيها جهراً بالاتفاق) لأنه يوم تكبير فاختص به. قوله: (وصلاة الأضحى كالفطر) يعني كلاهما على صورة واحدة، وهي أن يصلي الإمام
بالناس ركعتين، يكبر في الأولى تكبيرة الافتتاح، ثم يكبر ثلاثاً، ثم يقرأ، ثم إذا فرغ من القراءة من الركعة الثانية يكبر ثلاثاً، ثم يكبر للركوع، فتكون التكبيرات الزائدة ستاً. وهذا قول ابن مسعود. وعند الشافعي: يكبر سبعاً في الركعة الأولى بعد تكبيرة الافتتاح، بالذكر بينهن، وخمساً في الثانية قبل القراءة، فتكون الزوائد عنده اثني عشر، وهذا قول ابن عباس، صححه البخاري وغيره. وعند مالك وأحمد بن حنبل: ست في الأولى وخمس في الثانية. ويرفع يديه في الزوائد إلا في تكبيرتي الركوع. وعن أبي يوسف: أنه لا يرفع في شيء منها اعتباراً بتكبيرتي الركوع.
قوله: (ويستحب تعجيلها) أي تعجيل صلاة الأضحى (لأجل ذبح القرابين) ليكون بداية الفطر من لحومها.
قوله: (والوقوف يوم عرفة في موضع آخر) مثل ما يقف أهل القدس تشبيهاً بأهل عرفة (بدعة)، وقيل: يستحب ذلك، لأنه تشبه بأهل الطاعة فيكون لهم ثوابهم، وعن ابن عباس: أنه فعل ذلك بالبصرة.
قلنا: هذه عبادة مخصوصة بمكان، فلا تصير عبادة في غيره، فإن من طاف حول مسجد سوى الكعبة يخشى عليه الكفر، وما نقل عن ابن عباس: فذا في الوعظ.
قوله: (وتكبير التشريق: أوله بعد الفجر من يوم عرفة، وآخره بعد عصر يوم النحر) فيكون ثمان صلوات، وهذا قول أبي حنيفة، والمأثور عن المشايخ الكبار من الصحابة: كأبي بكر وعمر وابن مسعود رضي الله عنهما.
وعندهما: أوله هكذا، ولكن يختم في عصر آخر أيام التشريق، ثلاثاً وعشرين صلاة، وهو قول شبان الصحابة: كعلي وابن عباس وزيد بن ثابت، والفتوى عليه.
وعند الشافعي: مبدأه من ظهر يوم النحر، ويختم في فجر آخر أيام التشريق. قوله:(وصفته) أي صفة التكبير (مرة واحدة) أي يقوله مرة واحدة على سبيل الوجوب، وما زاد فمستحب.
قوله: (بعد الفرض) أي بعد صلاة الفرض، حتى لا يكبر عقيب الوتر والسنن والنوافل.
قوله: (وإنما يجب) أي التكبير (على كل مقيم) احترز به عن المسافر (مصلي في جماعة) احترز به عن المنفرد (مستحبة) احترز به عن جماعة النساء فإنها مكروهة، وهذا عنده.
وعندهما: التكبير تبع للفرض، فمن عليه الفرض: فعليه التكبير، وبه قال الشافعي.
قوله: (ولا يكبر بعد الوتر) لأنه ليس بفرض، وكذا لا يكبر بعد صلاة العيد، ويكبر بعد الجمعة، لأنها فرض خلف عن الظهر.
قوله: (فإن ترك الإمام التكبير) سواء كان على طريق النسيان أو غيره (كبر المأموم) لأنه لا يسقط عنه بترك إمامه.
قوله: (ويستحب اختلاف الطريق في صلاة العيد) لما روي عن ابن عمر رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ يوم العيد في طريق، ثم رجع في طريق آخر" رواه أبو داود وابن ماجة والله أعلم.