الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
هذا الفصل في بيان أحكام البغاة والخوارج
قوله: (الخوارج يدعون إلى الإسلام بكشف شبهتهم) لأن علياً رضي الله عنه بعث عبد الله ابن عباس إلى أهل حروري، فدعاهم إلى التوبة، وناظرهم قبل قتالهم.
قوله: (ولا يبدأ بهم الإمامب القتال حتى يبدؤوه به) أي بالقتال (أو يجتمعوا له) أي للقتال، فعند ذلك يقاتلهم حتى يفرق جمعهم، وعند الشافعي: لا يبدأ الإمام، حتى يبدؤوا بالقتال حقيقة.
ولنا: قوله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9]. يعني من غير قيد بالبداءة منهم، وقول علي رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيخرج قوم في آخر الزمان، حداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة"
رواه أحمد ومسلم والبخاري.
قوله: (فإن كانت لهم فيئة) أي جماعة (أجهز على جريحهم) يعني يتم جرحه (واتبع موليهم) دفعاً لشرهم، لئلا يلحق المولي والجريح بالفيئة.
قوله: (وإلا فلا) أي وإن لم يكن لهم فيئة: لا يجهز على جريحهم ولا يتبع موليهم.
قوله: (ولا تسبى ذراريهم، ولا تغنم أموالهم) لأنهم معصومون في الدماء والأموال، ولكن يحبسوا، حتى يتوبوا، فترد عليهم بالإجماع.
قوله: (ويجوز القتال بأسلحتهم وركوب خيلهم عند الحاجة) لأن علياً رضي الله عنه:
قسم سلاحهم بالبصرة فيما بين أصحابه، وكانت قسمته للحاجة لا للتمليك، وقال الشافعي: لا يقاتل به.
قوله: (وتحبس الأموال) أي أموالهم (حتى يتوبوا، فيردوها عليهم) لما قلنا: أن أموالهم معصومة فلا تملك.
قوله: (وما جبوه من الزكاة والعشر والخراج من البلاد التي غلبوا عليها: لم يثن) لأن التقصير من الإمام، حيث لم يحمهم، بخلاف ما إذا مر بهم فعشروه، حيث يؤخذ ثانياً، لأن التقصير منه حيث مر بهم.
قوله: (ويفتى المأخوذ منه بإعادة الزكاة والعشر إن كان الآخذون أغنياء) هذا الإفتاء فيما بينهم وبين الله، لأنهم لم يصرفوها إلى مستحقيها ظاهراً.
قوله: (بخلاف الخراج) يعني لا يفتى فيه بالإعادة، لأنهم مصارف له، لكونهم مقاتلة، وقيل: إذا نوى بالدفع التصدق عليهم: أجزأ له الصدقات أيضاً كالخراج، لأنهم لو حوسبوا بما عليهم من التبعات: ظهروا فقراء.
وأما ملوك زماننا، فهل تسقط هذه الحقوق بأخذهم من أصحاب الأموال أم لا؟.
قال الهنداوني: تسقط وإن لم يضعوها في أهلها، لأن حق الأخذ لهم، فكان الوبال عليهم.
وقال أبو بكر بن سعيد: يسقط الخراج عنهم، ولا تسقط الصدقات، كما في البغاة.
وقال أبو بكر الإسكاف: لا يسقط الجميع، وقيل: إذا نوى بالدفع إليهم التصدق: يسقط، وإلا فلا، وعلى هذا ما يؤخذ من الرجل في جبايات الظلمة والمصادرات، إذا نوى بالدفع التصدق عليهم: جاز عما نوى.
قوله: (ولو قتل بعضهم بعضاً، ثم ظهرنا عليهم: لم يجب عليه القصاص) كالقتل في دار الحرب.
قوله: (ولو غلبوا على بلد فقتل رجل من أهله) أي من أهل البلد (رجلاً آخر) يعني من أهل المصر (ثم ظهرنا على البلد قبل استقرار ملكهم) أي ملك البغاة وإجراء أحكامهم (وجب القصاص) لأن ولاية إمام أهل العدل لم تنقطع قبل أن تجري أحكامهم، فيجب القصاص.
قوله: (وإلا فهو هدر) يعني وإن ظهرنا عليهم بعد استقرارهم وإجراء أحكامهم: فالقصاص هدر، لانقطاع ولاية الإمام العادل، فلا يجب.
قوله: (ولا يأثم العادل ولا يضمن بإتلاف مال الباغي أو نفسه) لأن قتل الباغي واجب، فلا إثم على قاتله ولا ضمان.
قوله: (والباغي يأثم فيما يفعل بالعادل) لأن قتله حرام.
قوله: (ولا يضمن) يعني لا يجب عليه الضمان في قتله العادل، لأنه قتل حصل بتأويل صحيح عنده، وإن كان فاسداً في نفسه.
قوله: (فلو قتل العادل الباغي: ورثه) لأن حرمان الإرث جزاء الجريمة، ولا جريمة في القتل الواجب أو الجائز، فلا يحرم، وقال الشافعي: لا يرث.
قوله: (ولو قتله الباغي وقال: قتلته محقاً: ورثه) لأنه أتلف ما أتلف عن تأويل فاسد، والفاسد فيه يلحق بالصحيح إذا انضمت إليه منعة، وهو عندهما، وقال أبو يوسف: لا يرث الباغي.
قوله: (وإن قال: قتلته مبطلاً: لم يرث) وهذا بالاتفاق والله أعلم.