المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الاستنجاء - منحة السلوك في شرح تحفة الملوك

[بدر الدين العيني]

الفصل: ‌فصل في الاستنجاء

‌فصل في الاستنجاء

الاستنجاء: مسح موضع النجو أو غسله، والنجو: ما يخرج من البطن.

قوله: (وهو) أي الاستنجاء (سنة من البول والغائط ونحوهما) مثل المني والودي والمذي والدم الخارج من السبيلين، ومثل الدودة والحصاة الملوثة، لما روي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا ذهب أحدكم إلى الغائط، فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن، فإنها تجزئ عنه" رواه أبو داود.

وقال الشافعي: هو فرض، لا تجوز الصلاة بدونه.

ولنا: ما روى أبو حاتم في صحيحه: "من استجمر فليوتر، ومن فعل هذا فقد أحسن، ومن لا فلا حرج".

قوله: (بكل طاهر مزيل) كالحجر والمدر والتراب والخرقة والقطن ونحوها.

قوله: (ويمسح المحل) أي محل خروج النجاسة من القبل والدبر، حتى ينقيه: أي ينظفه. والمعتبر عندنا: الإنقاء، ولا يسن العدد، حتى لو حصل الإنقاء بحجر واحد: لا يحتاج إلى الثاني، ولو لم يحصل بثلاثة أحجار: يحتاج إلى الرابع.

ص: 88

وقال الشافعي: لابد من التثليث.

قلنا: لو كان العدد شرطاً لسأل النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود رضي الله عنه الثالث ليلة الجن حين أتاه بحجرين وروثة، فأخذ الحجرين ورمى الروثة فقال:"إنه رجس ونكس".

وقوله (والماء أفضل) أي من الحجر ونحوه لقوله تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] نزلت في أهل قباء، وكانوا يتبعون الحجارة بالماء.

قوله: (فإن جاوز الخارج المخرج: تعين الماء) لأن المسح غير مزيل على سبيل الاستيصال، ولكن اكتفى به في المحل شرعاً دفعاً للحرج فلا يتعداه.

قوله: (ويكره) أي الاستنجاء (بالعظم والروث والمطعوم واليمين) لما روي أن أبا الزبير سمع جابر بن عبد الله يقول: "نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نمسح بعظم أو بعر" رواه أبو داود.

ص: 89

وروي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن" رواه الترمذي.

وروى الترمذي أيضاً "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه".

وصفة الاستنجاء بالأحجار: أن يجلس معتمداً على يساره، منحرفاً عن القبلة والريح والشمس والقمر، ومعه ثلاثة أحجار، يدبر بالأول ويقبل بالثاني، ويدبر بالثالث، هذا في الصيف، وفي الشتاء: يقبل بالأول ويدبر بالثاني ويقبل بالثالث، لأن خصيتيه مدليتان في الصيف.

وصفته بالماء: أن يستنجي بيده اليسرى بعدما استرخى كل الاسترخاء إذا لم يكن صائماً، ويصعد إصبعه الوسطى على سائر الأصابع قليلاً في ابتداء الاستنجاء، ويغسل موضعها، ثم يصعد بنصره ويغسل موضعها، ثم يصعد خنصره ثم سبابته، فيغسل حتى يطمئن قلبه أنه قد طهر بيقين أو غلبة ظن، ويبالغ فيه إلا أن يكون صائماً، ولا يقدر بالعدد إلا إذا كان موسوساً، فيقدر في حقه بالثلاث، وقيل بالسبع، وقيل بالعشر، ويفعل ذلك بعد الاستبراء بالمشي أو التنحنح أو النوم على شقه الأيسر.

ص: 90