المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الفائتة أي في بيان الصلوات الفائتة - منحة السلوك في شرح تحفة الملوك

[بدر الدين العيني]

الفصل: ‌فصل في الفائتة أي في بيان الصلوات الفائتة

‌فصل في الفائتة أي في بيان الصلوات الفائتة

قوله: (ومن فاتته صلاة قضاها إذا ذكرها قبل فرض الوقت) لقوله عليه السلام: "من نسي صلاة فليصليها إذا ذكرها" قال الله تبارك وتعالى: {وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] رواه أبو داود وابن ماجة.

وهذا يدل على وجوب الترتيب، وعند الشافعي: الترتيب مستحب.

قوله: (إلا إذا خاف فوت فرض الوقت) فحينئذ تقدم الوقتية على الفائتة، لأن تفويت الوقتية عن الوقت حرام، لأن آخر الوقت: للوقتية بالنص والإجماع والتواتر من الأخبار، فلو قلنا بوجوب تقديم الفائتة بالخبر: لنسخناها بالخبر، وذا لا يجوز.

قوله: (أو وقوعه في وقت مكروه) أي أو خاف وقوع فرض الوقت في وقت مكروه، فحينئذ تقدم الوقتية على الفائتة، صوناً لها عن الفساد.

اعلم أن عد المصنف هذا مما يسقط الترتيب، مبني على أصل، وهو: أن العبرة لأصل الوقت، أم للوقت المستحب الذي لا كراهية فيه؟ قيل: العبرة للوقت المستحب، وقيل: لأجل الوقت، وثمرته تظهر فيما إذا شرع في العصر وهو ناس للظهر، ثم تذكر الظهر في وقت لو اشتغل بالظهر يقع العصر في وقت مكروه، فعلى القول الثاني: يقطع العصر، ويصلي الظهر، ثم يصلي العصر، وعلى القول الأول: يمضي في العصر، ثم يصلي الظهر بعد غروب الشمس، فافهم، وانظر ما فتحت لك ها هنا.

قوله: (أو كانت الفوائت ستاً) وهذا أيضاً مما يسقط الترتيب، وإنما يسقط بصيرورة الفوائت ستاً: لأنه لو وجب الترتيب فيها: لوقعوا في حرج عظيم، وهو مدفوع بالنص، ولأن الاشتغال بها عند كثرتها قد يؤدي إلى تفويت الوقتية، وليس ذلك من

ص: 193

الحكمة، ويعتبر في سقوطه خروج وقت الصلاة السادسة، وعن محمد: أنه اعتبر الدخول.

واعلم أن الترتيب يسقط بالنسيان أيضاً، ولم يذكره المصنف، ويسقط أيضاً بالظن المعتبر، كما إذا صلى الظهر وهو ذاكر أنه لم يصل الفجر: فسد ظهره، ثم قضى الفجر وصلى العصر وهو ذاكر للظهر: يجوز العصر، لأنه لا فائتة عليه في ظنه حال أداء العصر، وهو ظن معتبر.

قوله: (كلها قديمة أو حديثة) صورة الفوائت القديمة: أن يترك الشخص صلاة شهر أو سنة فسقاً، ثم يقبل على الصلاة ندماً على سوء صنيعه، ثم يترك أقل من صلاة يوم وليلة، فهل تجوز له الوقتية مع تذكر ما فات أقل من يوم وليلة؟ قيل: يجوز، وهو القياس وعليه الفتوى، لأن الحديثة ليس أداؤها بأحق من القديمة، فتتحقق كثرة الفوائت.

وقيل: لا يجوز، وهو الاستحسان مع تذكر الحديثة، زجراً له عن التهاون بالصلاة، وتجعل القديمة كأن لم تفت، بل تجعل كأن الحديثة هي الفائتة فحسب، فلا تتحقق الكثرة، فلا يسقط الترتيب.

قوله: (فإن قضى واحدة من الستة عاد الترتيب) صورته: رجل ترك صلاة شهر، فقضاها إلا صلاة أو صلاتين، ثم صلى صلاة دخل وقتها وهو ذاكر لها، فإن ذلك لا يجوز، لعود الترتيب، وهو الذي اختاره صاحب الهداية أيضاً.

واختار شمس الأئمة السرخسي وفخر الإسلام: أن الترتيب لا يعود بعد السقوط، وهو الأصح.

ص: 194