الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
هذا الفصل في بيان العصبات
قوله: (العصبة قسمان: عصبة نسب وعصبة سبب).
اعلم أن العصبة في اللغة: عبارة عن الإحاطة، ومنه: عصبة القلنسوة، سميت عصبة: لإحاطتها حوالي الرأس، وهذا المعنى موجود في هذا الباب، لأن العصبة تحرز جميع المال، إذا لم يكن معه صاحب فرض.
والعصبة على نوعين: عصبة نسبية وعصبة سببية.
(أما العصبة النسبية فثلاثة أصناف: الأول: عصبة بنفسه، والثاني: عصبة بغيره، والثالث: عصبة مع غيره).
(أما العصبة بنفسه) فكل ذكر لا يدخل في نسبته إلى الميت أنثى، وهو معنى قول المصنف:(كل ذكر يدلي إلى الميت بمحض الذكور، وهم أربعة أصناف: جزء الميت) أي البنون، ثم بنوهم وإن سفلوا، (ثم أصل الميت) أي الأب، ثم الجد أب الأب وإن علا، (ثم جزء أبيه) أي الأخوة، ثم بنوهم وإن سفلوا (ثم جزء جده) أي الأعمام، ثم بنوهم وإن سفلوا.
وقول المصنف: (كالأب وآبائه) إشارة إلى أصل الميت.
قوله: (والابن وأبنائه) إشارة إلى جزء الميت.
قوله: (والأخ لأب وأم أو لأب وأبنائهما) إشارة إلى جزء أب الميت،
وقوله: (والعم لأب وأم أو لأب وأبنائهما) إشارة إلى جزء جد الميت.
قوله: (والصنف الأول مقدم) وهو جزء الميت وهو الابن ثم ابنه وإن سفل، لأنه أقرب إليه من أصله وإن علا، وجزء أبيه وجزء جده.
قوله: (ثم الثاني) وهو أصل الميت وهو الأب ثم أب الأب وإن علا.
قوله: (ثم الثالث) وهو جزء أب الميت وهو الأخ لأب وأم، والأخ لأب وأبنائهما، وإنما قدموا على الأعمام، لأن الله تعالى جعل الإرث في الكلالة للأخوة عند عدم الولد والوالد.
قوله: (ثم الرابع) وهو جزء جد الميت وهو العم وعم الأب وعم الجد.
قوله: (فإن اجتمع اثنان من صنف واحد: قدم أعلاهما درجة) وذلك مثل ما إذا اجتمع الابن وابن الابن: فالابن مقدم، وكذلك الأب والجد: فالأب مقدم، وكذلك الأخ وابن الأخ: فالأخ مقدم، وكذلك العم وابن العم: فالعم مقدم.
قوله: (فإن استويا في الدرجة) يعني إن استوى الاثنان في الدرجة (قدم ذو الجهتين على ذي جهة واحدة) ذكراً كان أو أنثى، كالأخ لأب وأم، أو الأخت لأب وأم إذا صارت عصبة مع البنت: أحق من الأخ لأب، وابن الأخ لأب وأم: أحق من ابن الأخ لأب، وكذا الحكم في أعمام الميت، ثم أعمام أبيه، ثم في أعمام جده.
قوله: (والعصبة بغيره: كل أنثى فرضها النصف: تصير عصبة بأخيها، فلا يفرض لها) يعني لا يقدر لها سهم (بل يكون المال بينهما) أي بين الأنثى التي فرضها النصف، وبين أخيها الذي صارت هي عصبة به.
قوله: (وهي) أي الأنثى التي فرضها النصف (البنت وبنت الابن، والأخت لأب وأم، أو الأخت لأب).
قوله: (ولا يعصب عصبة أخيه غير هؤلاء) أي غير هؤلاء المذكورات من النساء، كبنت الأخ مع ابن الأخ، وكالعمة مع العم، فإن المال كله للذكر دون الأنثى، لأن الأنثى من ذوي الأرحام، وذوو الأرحام يسقطون بالعصبة.
قوله: (وعصبة مع غيره) أي العصبة مع غيره (كل أنثى تصير عصبة مع أنثى أخرى) كالأخوات لأب وأم أو لأب: تصير عصبة مع البنات وبنات الابن.
فإن قلت: ما الفرق بين قوله: (والعصبة بغيره) وبين قوله: (والعصبة مع غيره)؟ قلت: إن "مع" قد تستعار للشرط، والباء: للسبب، فحصل الفرق بقوله "مع" وبغيره، بهذا المعنى فافهم.
قوله: (وعصبة السبب: المعتق بكسر التاء ذكراً أو أنثى) لقوله عليه السلام: "اللواء لحمة كلحمة النسب" أي وصلة كوصلة النسب.
قوله: (وعصبته) يعني إذا لم توجد عصبة السبب وهو المعتق، تكون عصبة المعتق أحق بالميراث على الترتيب الذي ذكرنا، بأن يكون جزء المعتق أولى لميراث المعتق وإن سفل، ثم أصل المعتق وإن علا، ثم جزء أبيه، ثم جزء جده.
ولا شيء للإناث من ورثة المعتق، كما إذا ترك ابن المعتق وبنته، أو أخ المعتق وأخته: المال كله للذكور دون الإناث، لقوله عليه السلام:"ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن، أو أعتق من أعتقن، أو كاتبن، أو كاتب من كاتبن، أو دبرن، أو دبر من دبرن، أو جر ولاء معتقهن، أو معتق معتقهن".
صورة الكتابة: أن تقول المرأة لعبدها: كاتبتك على ألف مثلاً، على أن تؤديني في ثلاث سنين: في كل سنة كذا، فإذا أدى المكاتب البدل: يعتق، وولاءه لها، ومكاتب المكاتب على هذا: فولاؤه لها إن لم يكن مكاتب المرأة حياً.
وصورة التدبير: أن تقول المرأة لعبدها: إن مت فأنت حر، ثم ارتدت والعياذ بالله، ولحقت بدار الحرب، فقضى القاضي بلحاقها، فعتق مدبرها، ثم جاءت مسلمة، ثم مات المدبر: فولاؤه لها.
وصورة مدبر المدرب: اشترى مدبر المرأة عبداً بعدما أعتق، ثم قال لعبده: إن مت فأنت حر، فمات: عتق مدبره، ثم مات مدبر المدبر: فولاؤه لها.
وصورة جر ولاء المعتق: بأن تقول المرأة لعبدها: تزوج امرأة، فتزوج معتقة رجل، فولدت ولداً: فولاء الولد لمولى المعتقة ما دام العبد لم يعتق، فإذا عتق: جر ولاء ابنه إلى مولاه.
وصورة معتق المعتق: امرأة لها عبد فأعتقت، فاشترى المعتق عبداً، ثم أذن لعبده أن يتزوج معتقة شخص، فولدت ولداً: فولاء ولدها لمولاه، فإذا أعتق المعتق عبده: جر ولاء ابنه إلى مولى مولاه: وهي المرأة التي أعتقت معتق المعتق. فافهم.
قوله: (وهو آخر العصبات) أي عصبة السبب آخر العصبات، لأن العصبة النسبية مقدمة عليها، فتكون آخر العصبات.
قوله: (والعصبة يأخذ كل الأموال عند عدم صاحب الفرض) هذا حد العصبة شرعاً، أي العصبة من يأخذ جميع المال عند انفراده، ويأخذ ما أبقته أصحاب الفرائض عند وجودهم، فإن لم يبق شيء: سقط العصبة، لأنه إنما يأخذ شيئاً بعد أن استوفى صاحب الفرض فرضه، فإذا استوفى ولم يبق شيء: سقط.