الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
هذا الفصل في بيان الاحتكار وغيره
قوله: (ويحرم احتكار أقوات الناس) مثل الحنطة، والعدس، والحمص، ونحوها (وأقوات البهائم) مثل الشعير، والتبن، لقوله عليه السالم:"الجالب مرزوق والمحتكر ملعون" رواه ابن ماجة.
قوله: (فقط) إشارة إلى تخصيص الاحتكار بأقوات بني آدم والبهائم، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: كل ما ضر بالعامة حبسه: فهو احتكار، وإن كان ثياباً أو دراهم ونحوها.
ثم مدة الاحتكار: قبل أربعون ليلة، وقيل: شهر، وقيل: المدة للعاقبة في الدنيا، وأما الإثم فيحصل، وإن قلت المدة.
قوله: (في البلد الصغير) لأن الضرر يقع في هذا، حتى إذا كان البلد كبيراً: لا يكون محتكراً، لأنه حابس ملكه من غير إضرار لغيره، وتلقي الجلب على هذا التفصيل.
قوله: (ومن احتكر غلة أرضه، أو ما جلبه من بلد آخر: حل) لأنه خالص حقه، فلم يتعلق به حق العامة، فلا يكون احتكاراً.
وقال أبو يوسف: يكره أن يحبس ما جلبه من بلد آخر.
قوله: (ويحرم التسعير) لقوله عليه السلام: "لا تسعروا فإن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق".
قوله: (إلا إذا تعين) أي إلا إذا تعين التسعير: بأن كان أرباب الطعام يتحكمون على المسلمين، ويتعدون تعدياً فاحشاً، وعجز السلطان عن صيانة حقوق المسلمين إلا بالتسعير: فحينئذ يسعر، دفعاً للضرر العام.
ولو خاف الإمام الهلاك على أهل مصر: أخذ الطعام من المحتكرين وفرقه، فإذا وجدوا: ردوا مثله.
قوله: (ويحرم بيع أرض مكة) لقوله عليه السلام: "إن الله حرم مكة فحرام بيع رباعها"، وهذا عند أبي حنيفة، خلافاً لهما.
وكذلك يحرم إجارتها، لقوله عليه السلام:"من أكل أجور أرض مكة فكأنما أكل الربا".
قوله: (ولا يحرم بيع أبنيتها) لأن البناء ملك لمن بناه، ألا يرى أنه لو بنى في المستأجر أو في الوقف: صار البناء له، وجاز له بيعه.
قوله: (ويكره التعشير في المصحف والنقط) لقول ابن مسعود: "حمروا القرآن"، ولكن هذا كان في زمنهم، لأنهم كانوا يتلقونه عن النبي صلى الله عليه وسلم كما أنزل،
وكانت القراءة سهلاً عليهم، ولا كذلك في زمننا: فيستحسن، والتساويد والنقط والتعشير: لعجز العجمي عن التعلم إلا به، إلى هذا أشار المصنف بقوله:(ويباح في زماننا).
وعلى هذا لا بأس بكتابة أسامي السور وعدد الآي، فهو وإن كان محدثاً: لمستحسن، وكم من شيء يختلف باختلاف الزمان والمكان.
قوله: (ويباح تحلية المصحف) لما فيها من تعظيمه (وكذا نقش المسجد وزخرفته) أي تزيينه بماء الذهب من غير مال الوقف، لأن في ذلك تعظيم بيت الله، قال الله تعالى:{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [التوبة: 18].
ولا يجوز من مال الوقف، حتى إذا فعل منه: يلزم الضمان على الذي فعل.
قوله: (ويحرم استخدام الخصيان) لأن فيه تحريض الناس على الخصاء، وهو مثلة، وقد صح أنه عليه السلام: نهى عنها، فيحرم.
قوله: (ولا بأس بخصاء البهائم) لأنه عليه السلام "ضحى بكبشين أملحين موجوءين".
قوله: (وإنزاء الحمير على الخيل) لأنه عليه السلام "ركب البغلة واقتناه" ولو لم يجز: لما فعله، لأن فيه فتح بابه.
قوله: (ولا بأس بعيادة الذمي) لأنها نوع من البر، وقد قال تعالى:{لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ} [الممتحنة: 8]. وأما المجوسي: فقد قيل: لا يعوده، لأنه أبعد من أهل الكتاب إلى الإسلام، وقيل: يعوده، لأن فيه إظهار محاسن الإسلام وترغيبه فيه وتأليفه، وقد ندبنا إليه.
واختلفوا في عيادة الفاسق أيضاً، والأصح: أنه لا بأس بها، لأنه مسلم.
قوله: (ويحرم قوله في الدعاء: أسألك بمعقد العز من عرشك) اعلم أن لهذه المسألة عبارتان: بمعقد: من العقد، وبمقعد: من القعود، تعالى الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً.
ولاشك في كراهية الثانية، لاستحالة معناها على الله سبحانه وتعالى، وكذا الأولى، لأنه يوهم أن (عز) متعلق بالعرش، والعرش حادث، وماي تعلق به يكون حادثاً، والله تعالى متعال عن تعلق عزه بالحادث، بل عزه قديم كذاته.
وعن أبي يوسف: أنه لا بأس به، وبه أخذ الفقيه أبو الليث.
قوله: (وبحق فلان) أي يحرم أن يقول في دعائه: بحق فلان، أو بحق أنبيائك، وأوليائك، أو بحق البيت، أو بحق المشعر الحرام، لأنه لا حق للخلق على الله تعالى، وإنما يختص برحمته من يشاء من غير وجوب عليه.
قوله: (ويحرم اللعب بالنرد) لقوله عليه السلام: "من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله" رواه مالك وأحمد وابن ماجة.
(وكذا النردشير) لقوله عليه السلام: "من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم
الخنزير" رواه مسلم وأحمد وأبو داود.
(وكذا الشطرنج) لقوله عليه السلام: "كل لعب ابن آدم حرام إلا ثلاثة: ملاعبة الرجل أهله، وتأديبه لفرسه، ومناضلته بقوسه".
وأباح الشافعي: الشطرنج من غير قمار، ولا إخلال بحفظ الواجبات، ومن غير كلام بفحش.
قوله: (وكل لهو) أي يحرم كل لهو إلا المناضلة: وهي المراماة، والمسابقة بالخيل، ومداعبة الرجل أهله، لما روينا.