الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
هذا الفصل في بيان ذوي الأرحام
قوله: (وذو الرحم: كل قريب ليس صاحب فرض ولا عصبة).
هذا تعريف ذي الرحم على اصطلاح الفرضيين، وفي الحقيقة: الوارث لا يخرج من أن يكون ذا رحم.
اختلفت الصحابة في توريث ذوي الأرحام.
فقال عامتهم: يرثون، وبه أخذ أصحابنا.
وقال زيد بن ثابت: لا يرثون، وبه قال الشافعي ومالك.
ولنا: ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين الصحابة، فكانوا يتوارثون بذلك، حتى نزلت: {وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75]. فتوارثوا بالنسب".
وعن المقدام بن معد يكرب: عن النبي عليه السلام قال: "من ترك مالاً فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرثه، والخال وارث من لا وارث له، يعقل عنه ويرثه" رواه أحمد وأبو داود وغيرهما.
وحين مات ثابت بن الدحداح، وكان غريباً أتياً لا يعرف من أين هو، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعاصم بن عدي:"هل تعرفون له فيكم نسباً؟ " قال: لا يا رسول الله، فدعى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا لبابة بن المنذر ابن أخته فأعطاه ميراثه.
وعن أبي أمامة بن سهل: أن رجلاً رمى رجلاً بسهم فقتله، وليس له وارث إلا
خال، فكتب في ذلك أبو عبيدة إلى عمر، فكتب عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له" وقال الترمذي: حديث حسن.
وقال الطحاوي: هذه آثار متصلة قد تواترت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا كانت الصحابة.
قوله: (وهم) أي ذو الأرحام (أصناف أربعة: الصنف الأول: ينسب إلى الميت) وهم: أولاد البنات، وأولاد بنات الابن وإن سفلوا وأقلهم من ذكر وأنثى: يتصور أربعة (والصنف الثاني: ينتمي إليهم الميت) وهم: الأجداد الساقطون، والجدات الساقطات من قبل الأم والأب.
وأقلهم من ذكر وأنثى: يصير أربعة (والصنف الثالث: ينتمي إلى أبوي الميت) وهم: أولاد الأخوات، وبنات الأخوة، وبنو الأخوة لأم، وأقلهم من ذكر وأنثى: يصير عشرة (والصنف الرابع: ينتمي إلى جدي الميت وجدتيه) وهم العمات والأعمام لأم، والأخوال والخالات، وأقلهم: يكون عشرة، لكل واحد منهم ولد من ذكر، فيصير عشرين، وأيضاً: البنتان للعمين لأب وأم، فيصير مجموعهم: اثنين وثلاثين، ومجموع ذوي الأرحام على هذا الطريق: يكون خمسين.
وإلى هذه الأصناف الأربعة أشار المصنف بقوله: (الصنف الأول) إلى آخره.
قوله: (والجد الفاسد) إلى آخره، تعريف الجد الفاسد والجدة الفاسدة.
قوله: (بنات الأخوة مطلقاً) يعني سواء كانت الأخوة لأب وأم، أو لأب أو لأم، وكذلك معنى قوله:(وأولاد الأخوات مطلقاً).
قوله: (وكل تفرع منهم) أي من هذه الأصناف الأربعة (ذوو الأرحام) ومجموع ذوي الأرحام بالتفريع: يلحق خمسين نفراً كما مر.
قوله: (ولا يرثون) أي ذوو الأرحام لا يرثون (إلا إذا لم يكن للميت صاحب فرض من أصحاب الفروض المذكورة غير الزوجين) حاصل كلامه: أن ذوي الأرحام لا يرثون مع صاحب الفرض والعصبة سوى الزوجين، لعدم الرد عليهما، لأن العصبة أولى منه، وكذا الرد على ذوي السهام أولى من ذوي الأرحام، لأنهم أقرب إلى الزوجين، فإنهما لا قرابة لهما مع الميت، وإرثهما نظير الدين، فإن صاحب الدين لا يرد عليه ما فضل من فرضهما.
قوله: (ولا عصبة) عطف على قوله: (صاحب فرض).
قوله: (ويقدم الصنف الأول) وهم: أولاد البنات، وأولاد بنات الابن وإن سفلوا (وأولاهم بالميراث: أقربهم إلى الميت) كبنت البنت أولى من بنت بنت الابن.
ميت
بنت ابن
بنت بنت
بنت
أولى محجوبة
وإن سفلوا في القرب: فولد الوارث أولى من ولد ذوي الأرحام. كبنت بنت الابن أولى من ابن بنت البنت.
ميت
ابن بنت
بنت بنت
بنت ابن
أولى محجوب
وإن استوت درجاتهم وليس فيهم ولد وارث، أو كان كلهم أولاد الوارث: فعند أبي يوسف والحسن: تعتبر أبدان الفروع، سواء كانت صفة الأصول متفقة في الذكورة والأنوثة، أو مختلفة، ومحمد يعتبر أبدان الفروع، فيما إذا كان صفة الأصول متفقة موافقاً لها، وإن كانت صفة الأول مختلفة: يقسم المال على أولى بطن اختلف، ويعطى الفروع ميراث الأصول.
صورة اتفاق الصفة: كبنت البنت وابن البنت:
ميت
بنت بنت
بالإجماع
بنت1 ابن 2
وصورة اختلاف الصفة: كبنت ابن البنت وابن بنت البنت.
ميت
بنت
…
بنت
هند أبي يوسفابن
…
بنت
هند محمد 2بنت
…
ابن
قوله: (ثم الثاني) أي ثم يقدم الصنف الثاني (فالحكم فيه كالحكم في الأول) أعني: أولاهم بالميراث أقربهم إلى الميت، فإن استووا: فمن يدلي بوارث: فهو أولى عند أبي سهل الفرضي، وأبي فضل الخفاف، وعلي بن عيسى البصري، ولا تفضيل له عند أبي سليمان الجوزجاني وأبي علي البستي.
وإن استوت درجاتهم وليس فيهم من يدلي بوارث، أو كان كلهم يدلون بوارث واتحدت قرابتهم: فإن كانت صفة من يدلون بهم متحدة في الذكورة والأنوثة: فالقسمة على أبدانهم، وإن اختلفت قرابتهم: فالثلثان لمن يدلي بقرابة الأب، والثلث لمن يدلي بقرابة الأم.
قوله: (ثم الثالث) أي ثم يقدم الصنف الثالث (وأولاهم بالميراث أقربهم للميت) كما في الصنف الأول: كبنت أخ، وابن بنت أخ أو أخت كلاهما لأب وأم أو لأب، لأنه الأقرب.
فإن استوت درجاتهم: فولد العصبة أولى من ولد ذوي الأرحام، كبنت ابن أخ، وابن بنت أخت كلاهما لأب وأم أو لأب.
فصورة الأولى:
ميت
أخ أخ
وأختبنت
…
ابن
أولى بنت
محجوبة
وصورة الثانية:
ميت
أخ أخت
ابن بنت
بنت ابن
أولى محجوبة
ولو كانا لأم: المال بينهما أثلاثاً، للذكر مثل حظ الأنثيين عند أبي يوسف، باعتبار الفروع، وعند محمد: المال بينهما أنصافاً باعتبار الأصول.
قوله: (ثم الرابع) أي ثم يقدم الصنف الرابع: وهم العمات المتفرقة، والعم لأب، والأخوال والخالات المتفرقة، فمجموعهم يصير عشرة، الحكم فيهم: أنه إذا انفرد واحد منهم: استحق المال كله لعدم المزاحم، وإن اجتمعوا وكانت جهة قرابتهم متحدة، أعني: إما أن يكونوا من جهة الأب كالعمات، أو من جهة الأم كالأخوال والخالات: فالأقوى منهم أولى بالإجماع، أعني من كان لأب وأم أولى ممن كان لأب، بهذه الصورة:
ميت
…
ميت
…
ميت
عمة لأب وأم،
…
عمة لأب،
…
عمة لأم،
…
خال لأب وأم،
…
خال لأب،
…
خال لأم،
…
خالة لأب وأم،
أولى
…
محجوبة
…
محجوبة
…
أولى
…
محجوب
…
محجوب
…
أولى
خالة لأب،
…
خالة لأم.
محجوبة
…
محجوبة
وإن كانوا ذكوراً وإناثاً واستوت قرابتهم: فللذكر مثل حظ الأنثيين، كعم وعمة كلاهما لأم، أو خال وخالة كلاهما لأب وأم أو لأب أو لأم، بهذه الصورة.
ميت
…
ميت
عم لأم عمة لأم
…
خال لأب وأم وخالة لأب وأم
…
خال لأب وخالة لأب
أولى
…
محجوب
خال لأم وخالة لأم
محجوب
قوله: (ومتى اجتمع ذكر وأنثى من صنف واحد، وتساووا في الدرجة والجهة: قسم المال بينهما: للذكر مثل حظ الأنثيين) كما إذا ترك عماً وعمة كلاهما لأب: فالمال بينهما أثلاثاً، الثلثان للعم، والثلث للعمة، وكذلك إذا ترك خالاً وخالة كلاهما لأب وأم، أو لأب أو لأم: فالمال بينهما أثلاثاً كذلك.
وإن اجتمعوا وكان قرابتهم متحداً، بأن كان الكل من جنس واحد: فالأقوى أولى، بالإجماع، أي من كان لأب وأم: أولى ممن كان لأب، ومن كان لأب: أولى ممن كان لأم، ذكوراً كانوا أو إناثاً.
وإن كان قرابتهم مختلفاً: كعمة لأب وأم، وعمة لأب: فالثلثان لقرابة الأم، وهو نصيب الأب، والثلث لقرابة الأم، وهو نصيب الأم.
قوله: (وإن وجد منهم واحد) أي من ذوي الأرحام لا غير (أخذ كل المال) لعدم المزاحم.