المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الفرائض وهي جمع فريضة، والفرض: التقدير، وفرض القاضي النفقة: أي - منحة السلوك في شرح تحفة الملوك

[بدر الدين العيني]

الفصل: ‌ ‌كتاب الفرائض وهي جمع فريضة، والفرض: التقدير، وفرض القاضي النفقة: أي

‌كتاب الفرائض

وهي جمع فريضة، والفرض: التقدير، وفرض القاضي النفقة: أي قدرها، وسمي هذا العلم فرائض: لأن الله قدره بنفسه ولم يفوض تقديره إلى ملك مقرب، ولا نبي مرسل.

قوله: (الفروض المقدرة في القرآن ستة: النصف والربع والثمن والثلث والثلثان والسدس) وهي المذكورة في سورة النساء.

قوله: (وأصحابها) أي أصحاب الفروض المقدرة (اثني عشرة طائفة: أربعة من الرجال، وثمان من النساء، أما الأربعة من الرجال: فالأول: الأب، والثاني: الجد، والثالث: الأخ لأم، والرابع: الزوج، وأما الثمانية من النساء، فالأولى: الأم، والثانية: الجدة، والثالثة: البنت، والرابعة: بنت الابن، والخامسة: الأخت لأب وأم، والسادسة: الأخت لأب، والسابعة: الأخت لأم، والثامنة: الزوجة).

فلنبين لك كل واحدة على حدة.

قوله: (فالأب له السدس) شروع في بيان ما يصيب لكل واحد من الرجال والنساء من السهام المقدرة.

فالأب له السدس مع وجود الابن أو ابن الابن، لقوله تعالى:{وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11]. جعل له السدس مع الولد، وولد الابن: ولد شرعاً بالإجماع، قال الله تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: 26]. وكذا عرفاً، قال الشاعر:

بنونا بنو أبنائنا، وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأجانب

قوله: (والتعصيب) أي للأب التعصيب، وهو حالته الثانية، وهو أن يكون عصبة

ص: 431

لعدم الولد وولد الولد، لقوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11]، فذكر فرض الأم وجعل الباقي له: دليل على أنه عصبة.

قوله: (وكلاهما) أي للأب كلاهما، أي السدس والتعصيب، وهو حالته الثالثة، وذلك عند وجود البنت وبنت الابن.

أما الفرض: فلما تلونا، وأما التعصيب: فلقوله عليه السلام: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت فلأولى رجل ذكر" رواه مسلم.

قوله: (والجد في أحواله كالأب) والمراد منه الجد الصحيح: وهو الذي لم يتخلل في نسبته إلى الميت أم، أي الجد في جميع أحواله كالأب (إلا في مسألتين: إحداهما: في رد ام الميت من ثلث الجميع إلى ثلث ما يبقى في زوج وأبوين، أو زوجة وأبوين، فإن الأب يردها إليه، لا الجد، والثانية: في حجب أم الأب، فإن الأب يحجبها دون الجد) وللجد حالة رابعة: وهو السقوط بالأب.

وإنما كان الجد كالأب عند عدمه، لأنه يسمى أباً، قال الله تعالى حاكياً عن يوسف عليه السلام:{وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ} [يوسف: 38]. وكان إسحاق جده، وإبراهيم جد أبيه، فإذا كان أباً: دخل في النص: إما بطريق عموم المجاز أو بالإجماع.

قوله: (والأخ لأم: له السدس، وللاثنين فصاعداً: الثلث) لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12]. المراد به أولاد الأم، لأن أولاد الأب والأم، أو الأب، مذكورون في آية النصف، ولهذا قرأها بعضهم: وله أخ أو أخت لأم. وإطلاق الشركة يقتضي المساواة: ذكورهم وإناثهم سواء.

قوله: (والزوج له النصف عند عدم الولد وولد الابن) لقوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: 12]. ولفظ الولد يتناول ولد الابن، فيكون مثله بالنص أو بالإجماع.

ص: 432

قوله: (والربع مع أحدهم) أي للزوج الربع مع أحد الولد أو ولد الابن، لقوله تعالى:{فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ} [النساء: 12]، فصار للزوج حالتان: النصف والربع.

قوله: (والأم لها السدس مع الولد وولد الابن) لقوله تعالى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11]. جعل لها السدس مع الولد، وولد الابن: ولد شرعاً بالإجماع لما قلنا.

قوله: (أو الاثنين من الأخوة) أي الأم لها السدس أيضاً مع وجود الاثنين من الإخوة والأخوات فصاعداً أي جهة كانوا لقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11]. ولفظ الجمع من الإخوة يطلق على الاثنين، فتحتجب بهما من الثلث إلى السدس من أي جهة كانوا، لأن لفظ الإخوة يطلق على الكل، وهذا قول جمهور الصحابة، وروى عن ابن عباس: أنه لم تحجب الأم من الثلث إلى السدس إلا بثلاثة منهم، عملاً بظاهر الآية.

قوله: (والثلث) أي الأم لها الثلث: (عند عدم هؤلاء) أي عند عدم الولد وولد الابن، والاثنين من الإخوة والأخوات، لما تلونا.

قوله: (وثلث ما بقي) أي الأم لها ثلث ما يبقى في المسألتين، فصار للأم ثلاثة أحوال: السدس، وثلث الكل، وثلث ما يبقى.

قوله: (وهما) أي المسألتان: (زوج وأبوان) أي إحداهما: زوج وأبوان، يعني إذا تركت زوجاً وأبوين: فأصل المسألة في هذا من اثنين، لأن الزوج يستحق النصف عند عدم الولد، والأم تستحق ثلث ما يبقى، ومخرج النصف اثنان، فالنصف وهو واحد: للزوج، فيبقى واحد، وليس له ثلث صحيح، فنضرب مخرج الثلث في الاثنين: فيصير ستة.

ص: 433

فالنصف منها: ثلاثة للزوج، وبقي ثلاثة: ثلثها واحد للأم، وبقي اثنان: وهما الثلثان للأب.

قوله: (أو زوجة وأبوان) أي المسألة الثانية، زوجة وأبوان، يعني إذا ترك زوجة وأبوين، وأصل المسألة في هذا من أربعة: ربعها للزوجة، فبقي ثلاثة، ثلثها: واحد للأم، وبقي اثنان للأب.

قوله: (ولو كان مكان الأب جد: فلها الثلث كاملاً في الأصح) أي ثلث الجميع كاملاً في الأصح من المذهب، وعند أبي يوسف: لها ثلث الباقي أيضاً في هذه الصورة، وهو مروي عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما.

قوله: (والجدة: أم الأم وأم الأب: لهما السدس، واحدة كانت أو أكثر) لقوله عليه السلام: "أطعموا الجدة السدس".

وإنما فسر الجدة بقوله: (أم الأم وأم الأب) بياناً للجدة الصحيحة، لأن الجدة الصحيحة من لا يتخلل في نسبتها إلى الميت ذكر بين اثنين، والفاسدة بخلافها، والجدات يشتركن في السدس إذا كن ثابتات متحاذيات.

قوله: (وللبنت الواحدة: النصف) لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11].

قوله: (وللثنتين فصاعداً: الثلثان) وهو قول عامة الصحابة، وبه أخذ علماء الأمصار.

وعن ابن عباس: أنه جعل حكم الثنتين منهم حكم الواحدة، فجعل لهما النصف.

ص: 434

قوله: (وكذا بنت الابن عند عدم بنت الصلب) أي بنت الابن عند عدم بنت الصلب إذا كانت واحدة: فلها النصف، وللاثنين فصعداً: الثلثان.

قوله: (ولها) أي لبنت الابن واحدة كانت أو أكثر (مع بنت الصلب: السدس، تكملة للثلثين) لقول ابن مسعود في بنت وبنت ابن وأخت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة للثلثين، والباقي للأخت".

وقوله: (تكملة للثلثين) دليل على أنهن يدخلن في لفظ الأولاد، لأن الله تعالى جعل للأولاد الإناث: ثلثين، فإذا أخذت الصلبية النصف: بقي منه السدس، فيعطى لها تكملة لذلك.

فلولا أنهن دخلن في الأولاد، وفرضهن واحد: لما صار تكملة له، إلا أن الصلبية أقرب إلى الميت، فتقدم عليهن بالنصف، ودخولهن على أنه من عموم المجاز أو بالإجماع.

والحاصل: أن لبنات الابن ستة أحوال: النصف: للواحدة، والثلثان: للاثنتين فصاعداً، والمقاسمة: مع ابن الابن، والسدس: مع الصلبية الواحدة، والسقوط بالابن وبالصلبيتين، إلا أن يكون معهن غلام، على ما يجيء بيانه إن شاء الله.

قوله: (والأخت لأب وأم: لها النصف، وللثنتين فصاعداً: الثلثان) لقوله تعالى: {قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء: 176].

قوله: (والأخت لأب كذلك) أي الأخت لأب: كالأخت لأب وأم عند عدم الأخت لأب وأم، حتى يكون للواحدة: النصف، وللثنتين فصاعداً: الثلثان، ومع الإخوة لأب: للذكر مثل حظ الأنثيين.

قوله: (ولها) أي للأخت لأب واحدة كانت أو أكثر (مع الأخت لأب وأم: السدس) تكملة للثلثين، ويسقطن: بالأختين لأب وأم، إلا أن يكون معهن أخ لأب: فيعصبهن، لما بينا.

ص: 435

قوله: (والأخت لأم كالأخ لأم) وذكورهم وإناثهم في الاستحقاق ولاقسمة سواء، حتى يكون للواحدة: السدس، وللأكثر: الثلث، لما بينا عند قوله:(والأخ لأم له السدس).

قوله: (والزوجة لها الربع: عند عدم الولد وولد الابن) واحدة كانت أو أكثر، لقوله تعالى:{وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} [النساء: 12].

قوله: (والثمن) أي للزوجة الثمن: (مع أحد الولد وولد الابن) لقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: 12].

ص: 436