الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
هذا الفصل في بيان الحجب ونحوه
قوله: (ستة لا يسقطون بحال) أي بحال من الأحوال (وهم: الأبوان والزوجان، والابن والبنت) وهذا ظاهر.
قوله: (ومن سواهم) أي ومن سوى هؤلاء الستة (من الورثة: فالأقرب منهم يحجب الأبعد) كالجد مع الأب، فإن الأب يحجب الجد حجب الحرمان.
قوله: (وضابطه) أي ضابط الحجب (أن كل من انتسب إلى الميت بواسطة: لا يرث مع وجود تلك الواسطة) كما مر في صورة اجتماع الجد مع الأب، فإن انتساب الجد إلى الميت: بواسطة الأب، فلا يرث مع وجود تلك الواسطة: وهي الأب.
قوله: (إلا الأخوات لأم) وهي أولاد الأم، فإنهم يرثون مع الأم، وإن كان انتسابهم بالواسطة: وهي الأم، لعدم استحقاق الأم جميع التركة.
قوله: (وتسقط الأجداد بالأب) لما قلنا أن الأب واسطة، فيمنع من إرثهم.
قوله: (والجدات من الجهتين بالأم) أي تسقط الجدات بالأم، سواء كانت من جهة الأم، أو ن جهة الأب، لأن الأم أصل في القرابة.
قوله: (والأبويات خاصة بالأب) أي تسقط الأبويات من الجدات: بالأب إذا كان وارثاً، روي ذلك عن عثمان، وعلي، وسعد، والزبير،
وزيد بن ثابت، وبه أخذ جمهور العلماء.
وروي عن عمر، وابن مسعود، وعمران بن حصين، وأبي موسى الأشعري: أنهم جعلوا لها السدس مع الأب.
وبه أخذ طائفة من أهل العلم من التابعين وغيرهم.
قوله: (وأولاد الابن) أي يسقط أولاد الابن (بالابن) لقرابة الابن.
قوله: (والأخوات) أي تسقط الأخوات (بالابن وابن الابن وإن سفل، وبالأب والجد وإن علا) لما مر من الأصل.
قوله: (وأولاد الأب) أي يسقط أولاد الأب (بهؤلاء) أي بالابن وابن الابن وإن سفل، وبالأب والجد وإن علا، وبالأخ لأب وأم أيضاً.
قوله: (والبعدى من الجدات) أي تسقط البعدى من الجدات (من أي جهة كانت: بالقربى من أي جهة كانت) سواء كانت القربى وارثة أو محجوبة، كأم الأب تسقط أم أم الأم.
وصورة كونها محجوبة: كأم الأب تحجب بالأب، ولكن تحجب أم أم الأم، لأنها قربى من أم أم الأم، والقرب من أسباب الترجيح.
وإذا كانت جدة ذات قرابة واحدة: كأم أم الأب، والأخرى ذات قرابتين أو أكثر: كأم أم الأم، وهي أيضاً أم أب الأب: يقسم السدس بينهما أنصافاً باعتبار الأبدان عند
أبي يوسف، لأن المستحق للإرث: نفسهما، ونفسهما: اثنان، فيصير السدس بينهما أنصافاً.
وعند محمد: أثلاثاً، لأن الجهة عنده بمنزلة جدة، فحينئذ تستحق الجدة التي لها جهتان: الثلثين، والجدة التي لها جهة واحدة: الثلث. صورته: امرأة زوجت بنت بنتها من ابن ابنها، فولد منهما ولد، فهذه المزوجة: أم أم أم الولد، وهي أيضاً: أم أب أب الولد، والجدة الأخرى: أم أم أب الولد، فإن تزوج هذا الولد بسبط لها آخر، فولد منهما ولد: صارت هذه المرأة جدة لهذا الولد الأخير من ثلاثة أوجه.
فإن تزوج هذا الولد بسبط لها آخر، فولد منهما ولد: صارت هذه الجدة جدة لهذا الولد من أربعة أوجه. صورته:
ميت
مِ ت
مِ
…
ت
مِ م
م
وقس الثاني على هذا.
قوله: (وأولاد الأم) أي يسقط أولاد الأم (بالولد وولد الابن والأب والجد) لما مر من التعليل.
قوله: (وإذا أخذت البنات الثلثين: سقطت بنات الابن) لأن إرثهن كان تكملة للثلثين، وقد كمل، فسقطن، إذا لا طريق لتوريثهما فرضاً وتعصيباً، إلا أن يكون معهن أو أسفل منهن ذكر، فيعصب من كان بحذائه ومن كانت فوقه ممن لم تكن ذات سهم.
ثم الأصل في بنات الابن عند عدم بنات الصلب: أن أقربهن إلى الميت: ينزل منزلة البنت الصلبية، والتي تلتها في القرب منزلة: بنات الابن، وهكذا يفعل، وإن سفلن، مثاله: لو ترك ثلاثة بنات ابن بعضهن أسفل من بعض، وثلاث بنات ابن ابن آخر بعضهن أسفل من بعض، وثلاث بنات ابن ابن ابن آخر بهذه الصورة:
ميت
ابن ابن ابن
ابن بنت ابن ابن
ابن بنت ابن بنت ابن
ابن بنت ابن بنت
ابن بنت ابن بنت
ابن بنت
فالعلياء من الفريق الأول: لا يوازيها أحد، فيكون لها النصف، والوسطى من الفريق الأول: يوازيها العليا من الفريق الثاني: فيكون لهما السدس، تكملة للثلثين، ولا شي للسفليات، إلا أن يكون مع صاحبة فرض، حتى لو كان الغلام مع السفلى من الفريق الأول: عصبها وعصب الوسطى من الفريق الثاني، والعليا من الفريق الثالث، وسقطت السفليات، ولو كان الغلام مع السفلى من الفريق الثاني: عصبها وعصب الوسطى منه، والوسطى والعليا من الفريق الثالث، والسفلى من الفريق الأول. ولو كان مع السفلى من الفريق الثالث: عصب الجميع غير أصحاب الفرائض.
ولو كان الابن مع العليا من الفريق الأول: عصب أخته وسقطت البواقي، وبعد ذلك: الأصل في استحقاقهم: أن للعليا من الفريق الأول: النصف، لأنها قائمة مقام بنت الصلب، وللوسطى من الفريق الأول مع من يوازيها: السدس تكملة للثلثين. فصار في المسألة: نصف وسدس.
فأصل المسألة من الستة، نصفها: ثلاثة للعليا من الفريق الأول، وسدسها: واحد للوسطى من الفريق الأول مع من يوازيها، فصار لهن أربعة أسهم، وبقي اثنان، فرد الاثنان عليهن بقدر حقوقهن.
فعلمنا أن المسألة صارت ردية، فإذا كانت المسألة ردية: ينظر هل فيها من لا يرد عليه أم لا؟
فإذا لم يكن فيها من لا يرد عليه، ينظر: هل كان من يرد عليه من جنس واحد أو من جنسين؟
فإذا كان من يرد عليه من الجنسين، تجعل المسألة من سهامهم، ففي مسألتنا هذه من يرد عليه من جنسين، لأن في مسألتنا: العليا من الفريق الأول: قائم مقام بنت الصلب، والوسطى من الفريق الأول مع من يوازيها: قائمان مقام بنات الابن، فيصيران من الجنسين، فتجعل مسألتهن من سهامهن، فهي أربعة، فعلمنا أن هذه الساعة عمل الرد.
وينظر بعد علمه بين سهامهن، ورؤوسهن إلى ثلاثة أحوال: الاستقامة، والموافقة، والمباينة.
والاستقامة: أن ينقسم سهام كل فريق على رءوسهم بلا كسر.
والموافقة: أن ينقص من الأكثر مقدار الأقل إلى أن يتساويا في الاثنين أو أكثر.
والمباينة: أن ينقص من الأكثر مقدار الأقل إلى أن يتساويا في الواحد.
وسهام العليا من الفريق الأول ثلاثة، ورأسها واحدة، فبين الثلاثة والواحدة، استقامة، فلا حاجة إلى الضرب.
وسهم الوسطى من الفريق الأول مع من يوازيها: واحدة، ورؤوسهما: اثنان، فبين الواحدة والاثنين مباينة.
فإذا كان بين سهامهم ورؤوسهم مباينة، وأيضاً الكسر على طائفة، فالحكم فيها: أن يضرب كل عدد رءوسهم في أصل المسألة، ففي مسألتنا، رؤوس من انكسر عليهم، اثنان، فيضرب في أصل المسألة وهو أربعة، فيصير ثمانية، وتسمى الثمانية: النفيح والمبلغ، والاثنان: المضروب، والأربعة: أصل المسألة.
ثم لابد من أن يعرف نصيب كل فريق، ونصيب كل فرد من كل فريق، وطريق معرفة تنصيب كل فريق: أن يضرب سهم كل فريق من أصل المسألة في المضروب، فالمبلغ نصيب ذلك الفريق.
ففي مسألتنا: للعليا من الفريق الأول من أصل المسألة: النصف، وهو ثلاثة، فيضرب في المضروب وهو اثنان: فيصير ستة، وللوسطى مع من يوازيها، سدس وهو واحد، فيضرب في المضروب وهو اثنان، فيصير اثنين.
وطريق معرفة نصيب كل فرد من كل فريق: أن ينسب سهام كل فريق من أصل المسألة على عدد رؤوسهم، فيعطى تلك النسبة.
ففي مسألتنا: سهام العليا من الفريق الأول: ثلاثة، ورأسها واحدة، فبين الثلاثة والواحدة: ثلاثة أمثال، فيعطى من المضروب ثلاثة أمثال وهي ستة، وسهام الوسطى من الفريق الأول مع من يوازيها: واحد، وهو بالنسبة إلى رءوسهم: نصف، فيعطى نصف المضروب وهو واحد.
قوله: (وإذا أخذت الأخوات لأب وأم الثلثين: سقطت الأخوات لأب) قد مر أن الأخوات لأب وأم للواحدة منهن: نصف، وللثنتين فصاعداً: الثلثان، فإذا أخذت الثلثيين: سقطت الأخوات لأب، إلا أن يكون معهن أخ لأب: فيعصبهن، كما في بنات الابن.
قوله: (والمحجوب يحجب) كالأخوين مع الأب والأم: لا يرثان مع الأب، ولكن يحجبان الأم من الثلث إلى السدس، وذلك لأن إرث الإخوة مشروطة بالكلالة، وإرث الأم: الثلث، مشروط بعدم الاثنين من الأخوة.
قوله: (والمحروم لا يحجب) أي المحروم عن الإرث بسبب الرقية، أو القتل مباشرة، أو اختلاف الدارين، أو الدار: لا يحجب، وعند ابن مسعود "يحجب حجب النقصان" ينقص نصيب الزوجين والأم بالوالد المحروم.
قوله: (وأسباب الحرمان أربعة: الرق) أي أحدهما الرق، كاملاً كان أو ناقصاً، والمراد من الرق الكامل: ما لم يتوجه إليه جهة العتق، والناقص عكسه، وهو أربعة عند أبي حنيفة: المكاتب والمدبر، وأم الولد، والذي أعتق بعضه. والدليل على منع الرق من الإرث قوله عليه السلام:"العبد لا يملك إلا الطلاق" فالنفي يعم كل شيء إلا الطلاق: فلا يملك شيئاً، فيحرم.
قوله: (والقتل) أي الثاني من الموانع: القتل الذي يتعلق به وجوب القصاص والكفارة، لقوله عليه السلام:"لا يورث القاتل بعد صاحب البقرة".
وهو الذي قتل عمه في زمن موسى عليه السلام، والقتل الخطأ، والقتل بالسبب: لا يمنعان.
قوله: (واختلف الدينين) أي الثالث من الموانع: اختلاف الدينين، لقوله عليه السلام:"لا يرث المسلم من الكافر".
قوله: (واختلاف الدارين) أي الرابع من الموانع: اختلاف الدارين حقيقة وحكماً.
اعلم أن الدار نوعان: دار الإسلام ودار الكفر، والاختلاف أيضاً نوعان:
اختلاف حقيقة: مثل أن يكون كل واحد في داره.
واختلاف حكماً: مثل أن يكون كلاهما في دار واحدة، ولكن في قصد أحدهما الانتقال إلى داره.
صورة اختلاف الدار حقيقة: كالحربي والذمي الحربي في دار الحرب، والذمي في دار الإسلام، إذا مات أحدهما: لا يرث الآخر، بسبب اختلاف الدار حقيقة.
وصورة اختلاف الدار حكماً: كالمستأمن والذمي، فإن كليهما مجتمعان في دار واحدة، ولكن من قصد المستأمن: الانتقال إلى دار الحرب، فسمي بذلك اختلافاً حكماً، فلو مات أحدهما: لا ميراث للآخر.