المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل هذا الفصل في بيان ما يحل أكله وما يحرم وما - منحة السلوك في شرح تحفة الملوك

[بدر الدين العيني]

الفصل: ‌ ‌فصل هذا الفصل في بيان ما يحل أكله وما يحرم وما

‌فصل

هذا الفصل في بيان ما يحل أكله وما يحرم وما يكره وما لا يكره

قوله: (ويحرم أكل ذي ناب من السباع) لما روي عن ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير" رواه مسلم وأبو داود وجماعة آخرون.

والسباع جمع سبع: وهو كل مختطف منتهب جارح قاتل عاد عادة، والمراد بذي مخلب: ما له مخلب هو سلاح، وهو مفعل من الخلب: وهو مزق الجلد.

قوله: (ويحرم الضبع والثعلب .. إلى آخره) أما الضبع والثعلب: فلأنهما سبع. والشافعي اباحها. وأما اليربوع وابن عرس: فلأنهما من سباع الهوائم، وأما الرخمة والبغات والعذاف: فلأنها تأكل الجيف، وكذلك الغراب الأبقع الذي يأكل الجيف.

قوله: (ويحل غراب الزرع) لأنه يأكل الحب، وليس من السباع ولا من الخبائث، وكذلك الزرزور. وأما العقعق واللقلق: فلأنهما كالدجاج في خلط علفها، وعن أبي يوسف: أنه كره العقعق، لأن غالب مأكوله الجيف، والأول أصح.

قال في النهاية: "ذكر في بعض المواضع: أن الخفاش يؤكل، وذكر في بعضها: أنه لا يؤكل، لأنه ذو ناب".

ص: 385

قوله: (ويحرم الضب والقنفذ والسلحفاة والزنبور والحشرات كلها) لأنها من الخبائث. والشافعي جوز أكل الضب والقنفذ.

قوله: (إلا الجراد فإنه مستثنى من الحشرات) لقوله عليه السلام: "أحلت لنا ميتتان ودمان، أما الميتتان: فالسمك والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال".

قوله: (ولو مات) أي الجراد (حتف أنفه) لأن الذكاة ليست بشرط فيه، وعن مالك: لابد من قطف رأسه.

قوله: (ولحم الفرس حرام) هذا عند أبي حنيفة، وقالا: مباح، وهو قول الشافعي، ولحمه طاهر بالاتفاق، ولكن الحرمة عند أبي حنيفة لكرامته، لأنها آلة الجهاد، وفي أكله تقليله، وكذا لبنه: يكره عنده كلحمه، ذكره قاضي خان، وفي شرح الكنز: ولبن الرمكة حلال بالإجماع.

ص: 386

قوله: (وبقر الوحش وحمر الوحش وغنم الجبل: حلال) لأنها من الطيبات.

وأما (الحمر الأهلية فهي حرام) لما روي عن أبي ثعلبة أنه قال: "حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية" رواه البخاري ومسلم وأحمد.

ولو كانت أمها فرساً: كان على الخلاف في لحم الخيل.

قوله: (ولا يحل من حيوان الماء إلا أنواع السمك كلها) مثل: الجريث والمارماهي، لقوله تعالى:{وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]. وما سوى السمك خبيث.

وقال مالك: يؤكل جميع حيوان الماء، واستثنى بعضهم الخنزير، والسباع، والكلب والإنسان، وعن الشافعي: أنه أباح ذلك كله.

قوله: (ولا يحل الطافي منه) أي من السمك: وهو الذي مات حتف أنفه، لقول جابر: أنه عليه السلام قال: "ما نضب عنه الماء فكلوه، وما طفي فلا تأكلوه". وهو حجة على

ص: 387

الشافعي ومالك في إباحتهما الطافي.

قوله: (ويحل ما في بطنه) أي في بطن الطافي من السمك، لأنه غير طاف، بل مات بآفة، وهو ضيق المكان.

قوله: (ولو قطعه) أي لو قطع السمك (فمات: حل المقطوع والباقي) لأن سبب موته معلوم.

قوله: (وفي موته) أي وفي موت السمك (بالحر) أي بحر الماء أو برده أو كدرته (روايتان: في رواية يؤكل) لأن لموتها سبباً معلوماً (وفي رواية: لا يؤكل). لأن الماء لا يقتل السمك حاراً كان أو بارداً أو منكدراً.

قوله: (ولو حصر سمكاً في أجمة) وهي الحظيرة ونحوها، مثل: الحوض والبئر (فمات لضيق المكان: حل) لأنه مات بآفة، وكذلك إذا مات في الشبكة وهو لا يقدر على التخليص، وكذلك إذا قتلها شيء من طير الماء.

قوله: (وما انحسر عنه الماء) أي السمك الذي انكشف عنه الماء (فإن ذهب الماء وبقي السمك في أرض يابسة، أو ألقاه إلى الساحل حياً فمات: يحل) لأنه مات بآفة.

وفي فتاوى التتمة: إذا انحسر عنها الماء، إن كان الرأس وحده خارج الماء: يؤكل، وإن كان الرأس في الماء: إن كان ما على الأرض النصف أو أقل: يؤكل، وإن كان أكثر من النصف: لا يؤكل.

قوله: (ولو وجد على الأرض سمكة ميتة: حل) لأنها ماتت بآفة، وهي انفصالها عن الماء.

ص: 388

قوله: (ولو وجد نصف سمكة في الماء: لا يحل) لأن سبب موته غير معلومة، حتى إذا ظهر أنها مقطوعة بسيف أو نحوه: يحل، لأن سبب موته حينئذ يصير معلوماً.

وفي الجامع الأصغر: إذا وجد السمك ميتاً على وجه الماء وبطنه من فوق: لم يؤكل، لأنه طاف، وإن كان ظهره من فوق: أكل لأنه ليس بطاف.

وفي المنتقى عن محمد: إذا كانت السمكة استقلت الماء وماتت: لم تؤكل.

قوله: (ولو اشترى سمكة في خيط وهي) أي السمكة (في الماء، وقبض الخيط ثم دفعه إلى البائع وقال) أي المشتري: (احفظها لي، فابتلعتها) أي السمكة التي في الخيط (سمكة أخرى، فالثانية) أي السمكة الثانية وهي السمكة المبتلعة (للبائع) لأنها حصلت في يده (ويخرج الأولى) أي يخرج البائع السمكة الأولى وهي السمكة التي باعها (من بطن السمكة التي ابتلعتها، ويسلمها إلى المشتري من غير خيار للمشتري، وإن نقصها الابتلاع) لأنه لما دفعها إلى البائع: صار راضياً بالنقصان، فلا يخير.

قوله: (ولو ابتلعت المربوطة) أي السمكة المربوطة بالخيط (أخرى) أي سمكة أخرى (فهما) أي السمكة البالعة والمبلوعة (للمشتري، قبضها أو لم يقبضها) أما إذا قبضها: فظاهر، وأما إذا لم يقبضها: فلأنه حصل في ملك المشتري والله أعلم.

ص: 389