الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال بعضهم: تسافر وحدها إذا كان الطريق آمنا، وصححه صاحب المهذب من الشافعية.
وهذا في سفر الحج والعمرة، وطرده بعض الشافعية في الأسفار كلها (1).
5 - التمييز بين الوسيلة المتغيرة والهدف الثابت للحديث:
فالهدف من السواك هو تنظيف الأسنان، فقد تتغير الوسيلة ليحل محل السواك المعجون والفرشاة، ما دامت تؤدي إلى الهدف ذاته.
فالإمام النووي يرى: بأي شيء استاك مما يزيل التغير حصل الاستياك، كالخرقة والإصبع، وهو مذهب أبي حنيفة؛ لعموم الأدلة.
6 - التفريق بين الحقيقة والمجاز في فهم الحديث:
كما في الحديث المتفق عليه: «اعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف» والمقصود أن الجهاد هو أقرب طريق إلى الجنة.
7 - التفريق بين الغيب والشهادة:
كما في مسألة النظر إلى نور الله يوم القيامة.
8 - التأكد من مدلولات ألفاظ الحديث:
كما في مسألة التصوير الفوتوغرافي، أهو حلال أم هو حرام؟
طبعا إذا نظرنا إلى الشيء الظاهر نرى أن التحريم لا يشمل عكس خلق الله، إنما يشمل التحريم شيئا واحدا هو النحت والتجسيم.
…
لكن، ماذا فعل المسلمون مع القرآن والسنّة؟ وبالتالي لماذا
(1) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني: 4/ 446.
تضخّمت كتب التفسير إلى ما عليه اليوم، بينما لم نجد سوى عدد قليل من الروايات الصحيحة التي تحدث فيها الرسول صلى الله عليه وسلم عن جوانب تفسير بعض الآيات؟
لعل السبب في ذلك، أننا كمسلمين نقف من السنة النبوية موقفا لا نحسد عليه أبدا، ولعلي ألخص ذلك بهذه الجوانب الثلاثة:
أ- بعض المسلمين في هذه الأيام، نظر إلى السنة النبوية نظرة عجيبة، حيث قارن بين السنّة وبين ما يحمل في قلبه من أهواء وعصبيات، وما ينتمي إليه من جماعات وتحزّبات، ولما يعيشه من دوائر مغلقة.
فإذا رأى أن السنة تعارض أهواءه وعصبياته وما إلى هنالك، سكت عن السنة واتّبع ما تهواه النفس وتطمح إليه!!
وما أكثر الأمثلة على ذلك:
1 -
هناك طائفة من الأحاديث الصحيحة المتواترة تحض النساء على زيارة المقابر، زيارة فيها الموعظة والاعتبار، ضمن شروط نصّت عليها كتب الفقه كالحشمة وعدم الاختلاط ونحو ذلك.
لكن بعض الذين لا يعجبهم منظر النساء في الأماكن العامة، سكتوا عن أمثال هذه الأحاديث الصحيحة، وتعلّقوا بأحاديث ضعيفة، أو فيها علل وما إلى هنالك، حيث أطلقوا صيحات: لعن الله زوّارات المقابر!!
2 -
هناك أحاديث صحيحة وحسنة متواترة تشجع النساء على حضور الجمع والجماعة والأعياد ونحو ذلك، لكن بعض المتعقّدين من العلاقة مع النساء سكتوا عن هذه الأحاديث، واختبئوا وراء أحاديث ضعيفة أو أقوال لبعض العلماء في العصر العباسي أو العثماني، ليقولوا إن السنة تمنع النساء من حضور أمثال تلكم المجالس!!
ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله» والرسول حدّد للنساء بابا مستقلا في مسجده الشريف!
والرسول حض الرجال على الوقوف في الصفوف الأولى، بينما حضّ النساء على الوقوف في الصفوف الخلفية، لأنه لم يكن هناك ما يفصل النساء عن الرجال في مسجده إلا بعض صفوف الأولاد!
والرسول خفف كثيرا من الصلوات، عند ما سمع بكاء صغير، فخاف أن تفتن أمه؛ كل هذا في مسجده الطاهر!!
وفي زمن الرسول صلّت النساء جماعة، أكثر من (17) سبعة عشر ألف صلاة!
لكن ماذا حدث بعد ذلك؟
سكت المتشددون عن أمثال هذه الأحاديث، وأخرجوا للناس أحاديث تحض المرأة على أن تصلي في بيتها، بل في المكان المظلم الموحش، بل في لباس رثّ!!
فخالفوا الأحاديث الواردة في الصحاح، وطبّلوا وزمّروا لحديث ورد عن ابن خزيمة: عن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحبّ الصلاة معك، قال:«قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي» !!
قال الراوي: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل!
لكن العلماء قالوا: يعتبر الحديث شاذا إذا كان الثقة قد خالف
الأوثق، فإذا كان المخالف ليس ثقة بل ضعيفا، فحديثه متروك أو منكر.
وهذا الذي رواه ابن خزيمة يخالف ما ورد في الصحيحين، ويخالف السنة العملية في عهد رسول الله والخلافة الراشدة.
لذلك اعتبر الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى أمثال هذا الحديث- الذي يمنع النساء من الصلاة في المساجد- باطل ومكذوب عن رسول الله.
3 -
منهج القرآن والسنة النبوية تحرمان المغالاة في المهور، مثال ذلك ما ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخل رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تزوجت امرأة من الأنصار على أربع أواق من الفضة.
قال: «على أربع أواق، كأنكم تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل» .
لكن جاء بعضنا إلى أمثال هذه الأحاديث الصحيحة فعرضها على عصبياته وأمزجته وأهوائه ودوائره المغلقة، فسكت عنها وأهملها، وركّز على قصة حدثت في زمن الفاروق عمر رضي الله عنه، ولكثرة ما يردّدها الوعاظ والمشايخ فقد حفظناها وفرحنا بها، وملخصها:
أراد الفاروق عمر أن يحدّد المهور، فصعد المنبر وحرّم المغالاة في المهور، وهدّد كل الخارجين عن هذا القرار الصارم.
فقامت امرأة من زاوية المسجد وصاحت: يا عمر، الله يعطينا وأنت تمنعنا، اتق الله يا عمر، ثم استشهدت بقوله تعالى:(وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً)(1) فانهزم عمر أمام أقوال المرأة،
(1) النساء: 20.