الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث التفسير المأثور عن (الحسن البصري) رحمه الله تعالى
قدّم الباحث محمد عبد الرحيم رسالة في (تفسير الحسن البصري) نال بها شهادة الدكتوراة، تحدّث فيها عن حياته وثقافته وصفاته وشيوخه وتلامذته .. وأردف ذلك بنبذة عن عصره.
ثم تعقّب كتب الأحاديث والتفاسير، وما إلى هنالك، فجمع ما فيها من تفسيرات الحسن البصري، ووثقها، ورتبتها في تفسير متكامل، وتعميما للفائدة، ننقل بعض ما ورد في ذلك التفسير.
21 -
في حديثه عن أسماء سورة الفاتحة قال: أنزل الله مائة وأربعة كتب، أودع علومها أربعة منها: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، ثم أودع علوم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان في القرآن، ثم أودع علوم القرآن المفصّل، ثم أودع المفصل فاتحة الكتاب، فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة (1).
22 -
في تفسيره لقول الله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(2) قال الحسن البصري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أنعم الله على عبد نعمة يحمد الله عليها إلا كان حمدا لله أعظم منها كائنة ما كانت» (3).
(1) الدر المنثور: 1/ 26.
(2)
الفاتحة: 1.
(3)
الدر المنثور: 1/ 33، تفسير ابن كثير: 1/ 24.
23 -
وفي تفسيره لقول الله تعالى: (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)(1) قال الحسن البصري: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه من بعده (2).
24 -
وفي تفسير قول الله تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ)(3) قال الحسن البصري: هذا مثل المنافق، يبصر أحيانا، ويعرف أحيانا، ثم يدركه عمى القلب.
أما قوله (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ): فذلك حين يموت المنافق فيظلم عليه عمل السوء، فلا يجد له عملا خيرا من عمل يصدق به قول: لا إله إلا الله (4).
25 -
في تفسير قول الله تعالى: (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً)(5) سئل الحسن: المطر من السماء أم من السحاب؟
قال: من السماء.
ثم قال: ما من عام بأمطر من عام، ولكن الله يصرف حيث يشاء، وينزل مع المطر كذا وكذا من الملائكة يكتبون حيث يقع ذلك المطر ومن يرزقه، ومن يخرج منه كل قطرة (6).
26 -
في تفسير قول الله تعالى: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(7).
روي عن الحسن البصري أنه قال: كنتم ترابا قبل أن يخلقكم،
(1) الفاتحة: 5.
(2)
تفسير الطبري: 1/ 75، تفسير ابن كثير: 1/ 28.
(3)
البقرة: 17.
(4)
تفسير ابن كثير: 1/ 54، فتح القدير للشوكاني: 1/ 47.
(5)
الدر المنثور: 1/ 87.
(6)
فتح القدير: 1/ 51، الدر المنثور: 1/ 7.
(7)
البقرة: 28.
فهذه ميتة، ثم أحياكم فخلقكم فهذه حياة، ثم يميتكم فترجعون إلى القبور، فهذه ميتة أخرى، ثم يبعثكم يوم القيامة فهذه حياة أخرى، فهذه ميتتان وحياتان (1).
27 -
وفي تفسير قول الله تعالى: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(2).
قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: لما أخذ الله في خلق آدم، همست الملائكة فيما بينها، فقالوا: لن يخلق الله خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه، فلما خلقهم أمرهم أن يسجدوا له لما قالوا، ففضله عليهم فعلموا أنهم ليسوا بخير منه، فقالوا: إن لم نكن خيرا منه فنحن أعلم منه لأنا كنا قبله (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها).
فعلم اسم كل شيء، جعل يسمي كل شيء باسمه، وعرضوا عليه أمة (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ففزعوا إلى التوبة فقالوا:(سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا) الآية (3).
28 -
في تفسير قول الله تعالى: (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(4).
قال الحسن البصري: قال موسى عليه السلام: يا رب! كيف يستطيع آدم أن يؤدّي شكر ما صنعت إليه؟ خلقته بيدك، ونفخت فيه من روحك وأسكنته جنتك، وأمرت الملائكة فسجدوا له؟
فقال: يا موسى! علم أن ذلك مني فحمدني عليه، فكان ذلك شكرا لما صنعت إليه (5).
(1) تفسير ابن كثير: 1/ 67.
(2)
البقرة: 31.
(3)
الدر المنثور: 1/ 122.
(4)
البقرة: 35.
(5)
الدر المنثور: 1/ 127.
29 -
وفي تفسير قول الله تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)(1).
قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: ما أعلم بلدا يصلى فيه حيث أمر الله عز وجل نبيّه صلى الله عليه وسلم إلا بمكة، قال الله (وَاتَّخِذُوا
…
).
ويقال: يستجاب الدعاء بمكة في خمسة عشر:
عند الملتزم، وتحت الميزاب، وعند الركن اليماني، وعلى الصفا، وعلى المروة، وبين الصفا والمروة، وبين الركن والمقام، وفي جوف الكعبة، وبمنى، وبجمع، وبعرفات، وعند الجمرات الثلاث (2).
30 -
وفي تفسير قوله تعالى: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ)(3). عن الحسن البصري قال: إذا فاتتك صلاة في جماعة فاسترجع فإنها مصيبة!! وعنه أيضا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصبر عند الصدمة الأولى، والعبرة لا يملكها ابن آدم صبابة المرء إلى أخيه» (4).
31 -
وفي قول الله تعالى: (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)(5) قال الحسن البصري: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن العبد المملوك ليحاسب بصلاته، فإذا نقص منها قيل له: لم نقصت منها؟ فيقول: يا رب، سلطت علي مليكا شغلني عن صلاتي.
فيقول: قد رأيتك تسرق من ماله لنفسك، فهلّا سرقت من عملك
(1) البقرة: 125.
(2)
الدر المنثور: 295.
(3)
البقرة: 156.
(4)
الدر المنثور: 1/ 381، الجامع الصغير: 2/ 49.
(5)
البقرة: 238.
لنفسك؟ فتجب لله عز وجل عليه الحجّة (1).
32 -
في تفسير قول الله تعالى: (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)(2).
قال الحسن البصري: تواطأ اثنا عشر حبرا من اليهود، فقال بعضهم لبعض: ادخلوا في دين محمد باللسان أول النهار، واكفروا آخره، وقولوا: إنا نظرنا في كتبنا وشاورنا علماءنا، فوجدنا محمدا ليس كذلك، فيشك أصحابه في دينهم، ويقولون: هم أهل كتاب، وهم أعلم منا، فيرجعون إلى دينكم، فنزلت هذه الآية (3).
33 -
في تفسير قوله الله تعالى: (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً)(4).
قال الحسن البصري: خرج رجل من مكة بعد ما أسلم وهو يريد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأدركه الموت في الطريق فمات.
فقالوا: ما أدرك هذا من شيء، فأنزل الله هذه الآية
…
(5).
34 -
وفي تفسير قول الله تعالى: (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ)(6).
قال الحسن البصري: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سألت ربي أربعا، فأعطيت ثلاثا ومنعت واحدة:
(1) المسند للإمام أحمد: 2/ 328.
(2)
آل عمران: 72.
(3)
زاد المسير لابن الجوزي: 1/ 405.
(4)
النساء: 100.
(5)
الدر المنثور: 2/ 653.
(6)
الأنعام: 65.
سألته ألا يسلّط على أمتي عدوّا من غيرهم يستبيح بيضتهم، ولا يسلّط عليهم جوعا، ولا يجمعهم على ضلالة، وسألته ألا يلبسهم ويذيق بعضهم بأس بعض، فمنعت
…
». (1).
35 -
وفي تفسير قول الله تعالى: (وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)(2).
قال الحسن البصري: إن بني إسرائيل سألوا موسى عليه السلام، فقالوا: سل لنا ربك يبيّن لنا علم رضاه عنا وعلم سخطه.
فسأله، فقال: يا موسى أنبئهم أن رضاي عنهم أن أستعمل عليهم خيارهم، وإن سخطي عليهم أن أستعمل عليهم شرارهم (3).
36 -
وفي تفسير قوله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ
…
) (4).
قال الحسن البصري: لما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فقال: هذا نبيي، هذا خياري، استنّوا به، خذوا في سننه وسبيله، لم تغلق دونه الأبواب، ولم تقم دونه الحجّة، ولم يغد عليه بالجفان، ولم يرجع عليه بها، وكان يجلس بالأرض، ويأكل طعامه بالأرض، ويلعق يده، ويلبس الغليظ، ويركب الحمار ويردف بعده، وكان يقول:«من رغب عن سنتي فليس مني» .
وما أكثر الراغبين عن سنته صلى الله عليه وسلم، التاركين لها، ثم إن علوجا فسّاقا أكلة الربا والغلول قد سفههم ربي، ومقتهم، زعموا أن لا بأس عليهم
(1) تفسير الطبري: 11/ 427.
(2)
الأنعام: 129.
(3)
الدر المنثور: 3/ 359.
(4)
الأعراف: 32.
فيما أكلوا وشربوا وزخرفوا هذه البيوت، يتأولون هذه الآية (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ).
وإنما جعل ذلك لأولياء الشيطان، قد جعلها ملاعب لبطنه وفرجه (1).
37 -
وفي تفسير قوله تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)(2).
قال الحسن البصري: (3) إن كان الرجل لقد جمع القرآن وما يشعر جاره، وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزور وما يشعرون به.
ولقد أدركنا أقواما ما كان على الأرض من عمل يقدرون على أن يعملوه في السر فيكون علانية أبدا، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما تسمع لهم صوت، إن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله يقول:(ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً)، وذلك أن الله ذكره عبده صالحا فرضي فعله، فقال:(إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا)(4).
38 -
وفي تفسير قوله تعالى: (وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ
…
) (5).
قال الحسن البصري: رأى رجل في المنام أن مناديا نادى في السماء: أيها الناس! خذوا سلاح فزعكم، فعمد الناس وأخذوا السلاح حتى إن الرجل ليجيء وما معه عصا،
فنادى مناد من السماء: ليس هذا السلاح فزعكم، فقال رجل من الأرض: ما سلاح فزعنا؟
(1) تفسير الطبري: 12/ 397.
(2)
الأعراف: 55.
(3)
تفسير ابن كثير: 2/ 221، فتح القدير: 2/ 215.
(4)
مريم: 3.
(5)
الكهف: 46.
فقال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (1).
39 -
في تفسير قول الله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ
…
) (2).
قال الحسن البصري: (وَالَّذِينَ مَعَهُ): أبو بكر، (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ): عمر، (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ): عثمان، (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً): عليّ.
(يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً): طلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد وسعيد وأبو عبيدة.
(سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ): أي: مواضع السجود من وجوههم، يكون أشد وجوههم بياضا يوم القيامة (3).
40 -
في تفسير قول الله تعالى: (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (4).
قال الحسن البصري: أيها الناس! لو توعدكم مخلوق بموت لما استقرّ بكم القرار، فكيف بوعد ملك الملوك، والحي الذي لا يموت
…
؟! (5).
…
(1) الدر المنثور: 5/ 399.
(2)
الفتح: 29.
(3)
زاد المسير: 7/ 446، تفسير الطبري: 6/ 110.
(4)
التكاثر: 3 - 4.
(5)
زاد المسير: 9/ 222، تفسير ابن كثير: 4/ 547.