الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: أي حبّ زينب وهي في عصمة زيد!! (1)
ورحم الله الشيخ محمد أبا زهرة عند ما قال معقبا على ذلك: وقد كان المنتظر من البغوي ألا يروي خرافة حبّ النبي صلى الله عليه وسلم لزينب، بعد تزويجه إياها لزيد عن مسلم مطلقا، فضلا عن ابن عباس.
وقد حكى البغوي مثل هذه الرواية عن قتادة أيضا، وهي لا تصحّ بحال، وقد دسّها في التفسير يوحنا الدمشقي في العهد الأموي.
ب- أبو هريرة رضي الله عنه:
يعتبر أكثر الصحابة رواية للحديث، ففي مسند الإمام أحمد له قرابة (3848) حديثا، ومن أصحّ الطرق عنه: حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين.
واستغلّ الحاقدون على الإسلام مسألة رواية أبي هريرة عن كعب الأحبار، وروّجوا لادّعائهم الملفق وهي أن كعبا سلّط قوة دهائه على سذاجة أبي هريرة، ليبثّ في الدين الخرافات والإسرائيليات!!
مصداق ذلك قول أبي رية: (ويبدو أن أبا هريرة كان أول الصحابة انخداعا به- يقصد كعب الأحبار- وثقة عنه وعن إخوانه، كما كان أكثرهم رواية للحديث، ويتبيّن من الاستقراء أن كعب الأحبار قد سلّط قوة دهائه على سذاجة أبي هريرة لكي يستحوذ عليه، وينمّيه ليلقّنه كل ما يريد أن يبثّه في الدين الإسلامي من خرافات وأوهام، وكان له في ذلك أساليب غريبة، وطرق عجيبة، فقد روى الذهبي في (تذكرة الحفّاظ) في ترجمة أبي هريرة أن كعبا قال فيه: ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة، فانظر دهاء هذا الكاهن ومكره بأبي هريرة الذي يتجلى في درس تاريخه أنه كان رجلا فيه غفلة وغرّة، إذ من أين يعلم أبو هريرة ما في التوراة، ولو عرفها لما استطاع أن
(1) معالم التنزيل: 3/ 642.
يقرأها لأنها كانت باللغة العبرية .. )!! (1).
وقد هيّأ الله سبحانه من علماء الأمة كالدكتور السباعي والدكتور عجاج الخطيب والدكتور أبو زهو والدكتور أبو شهبة- من ردّ أمثال تلك الاتهامات وفنّدها تماما، ورحم الله العلامة المحقق أحمد شاكر عند ما قال في ذلك السياق:
(وقد لهج أعداء السنّة وأعداء الإسلام في عصرنا، وشغفوا بالطعن في أبي هريرة وتشكيك الناس في صدقه وفي روايته وما إلى ذلك، وإنما أرادوا أن يصلوا إلى تشكيك الناس في الإسلام تبعا لسادتهم المبشّرين، وإن تظاهروا بالقصد إلى الاقتصار على الأخذ بالقرآن أو الأخذ بما صحّ من الحديث في رأيهم، وما صحّ من الحديث في رأيهم إلا ما وافق أهواءهم وما يتبعون من شعائر أوروبة وشرائعها، ولن يتورّع أحدهم عن تأويل القرآن إلى ما يخرج الكلام عن معنى اللفظ في اللغة التي نزل بها القرآن ليوافق تأويلهم وهواهم وما إليه يقصدون!!.
وما كانوا بأول من حارب الإسلام في هذا الباب، ولهم في ذلك سلف من أهل الأهواء قديما، والإسلام يسير في طريقه قدما، وهم يصيحون ما شاءوا، لا يكاد الإسلام يسمعهم، بل هو إما يتخطاهم لا يشعر بهم، وإما يدمرهم تدميرا.
ومن عجب أن تجد ما يقول هؤلاء المعاصرون، يكاد يرجع في أصوله ومعناه إلى ما قال أولئك الأقدمون، بفرق واحد فقط: أن أولئك الأقدمين- زائغين كانوا أم ملحدين-
كانوا علماء مطلعين، أكثرهم ممن أضلّه الله على علم! أما هؤلاء المعاصرون، فليس إلا الجهل والجرأة، وامتضاغ ألفاظ لا يحسنونها يقلّدون في الكفر ثم يتعالون على كل من حاول وضعهم على الطريق القويم!! ولقد رأيت الحاكم
(1) أضواء على السنّة المحمدية: 172 - 173.