الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث باطل، وبالتالي لم يرد نهي في الأكل على الطاولة، أو بالسكين والشوكة.
إذا: يدخل ذلك ضمن دائرة العفو، وهي ما سكت عنها الشارع رحمة بكم.
2 - كذلك فيما يتعلق بأمور اللباس:
فالمشهور عند العرب: العمائم تيجان العرب، وكانت الغاية من غطاء الرأس ردّ الحرارة المرتفعة في الجزيرة العربية، وهكذا اختيار الثياب الفضفاضة ذات اللون الأبيض، لأنه كما ثبت علميا أن الأبيض يردّ أشعة الشمس.
فهل نقول لمن يسكن في منطقة باردة جدا- كروسيا مثلا- أنه لا بدّ أن تلبس الثياب البيضاء الفضفاضة؟!
أبدا، فتلك عادة وليست سنة، بينما السنة هي ما وردت في الصحاح:«كل ما شئت، والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة» .
فليس في الإسلام زيّ معين، لا للرجال ولا للنساء، لكن ما أكثر من يشاغب في هذه المسألة وأمثالها، بهدف أن يبرز على أساس أنه يسير على السنّة، وهو في الواقع يخالف السنة القولية والعملية!!
3 - أما ما يتعلق في المسكن:
فكتب التاريخ والسيرة تبين أن هناك تواضعا في عمارة البيوت أيام الرعيل الأول، لكن لا يعني ذلك أن يخرج بعض المتفيهقين في هذا الزمان ليحرّم كل حديث في البناء: كالبانيو والخلّاطات والأجراس الكهربائية ونحو ذلك.
ذلك لأن الله تعالى قال: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ)(1).
وبالتالي لا يوجد حديث صحيح يحرّم أمثال ذلك أبدا، بل على العكس تماما، قد وردت أحاديث صحيحة: «من سعادة ابن آدم ثلاث:
زوجة صالحة، ومسكن صالح، ومركب صالح».
والضابط للمسألة: عدم الإسراف والتبذير، وعدم التكبّر على عباد الله.
ج- الزاوية الثالثة: أن بعض المسلمين جاءوا إلى السنن النبوية، فأخذوا منها ما يناسبهم، وسكتوا عن الأمور التي تخالفهم، وبذلك فعلوا ما فعله بنو إسرائيل في الشريعة التي أنزلت على موسى عليه السلام، ومن الأمثلة على ذلك:
1 -
في كتاب الأدب للبخاري عن أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حجرتها، فدعا خادمة له، فأبطأت، فاستبان الغضب في وجهه، فقامت أم سلمة إلى الحجاب، فوجدت الخادمة تلعب، ومعه سواك، فقال:«لولا خشية القود- أي القصاص- يوم القيامة لأوجعتك بهذا السواك» .
جاء بعض المسلمين إلى هذا الحديث، فقطّعوه إلى قطع، وأخذوا ما يناسبهم وتركوا ما لا يوافق أمزجتهم وأهواءهم، كيف ذلك؟
تحمّسوا لمسألة السواك، وهذا شيء جيد لأنه تطبيق للسنّة، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم أكد في أحاديث كثيرة صحيحة على ذلك، كما في قوله:
«لولا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك» .
لكن لماذا سكت هؤلاء عن بقية الحديث النبوي؟
(1) الأعراف: 32.
إن البقية الأخرى هي سنّة «لا تغضب» والتي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يغلّب خوف الله عز وجل على القصاص.
لكن- وللأسف الشديد- كم في المسلمين من يغضبون وفي جيوبهم السواك، بل كم منهم من يضرب زوجته ويسبّ عائلتها وقد يسبّ الله ذاته، وفي جيبه السواك؟!
أهكذا العيشة مع سنة رسول الله؟!!
2 -
تدخل محلا تجاريا فترى البائع يحمل في يده سبحة طويلة وشفتاه تتحركان وهو يتمتم بكلمات الذكر وما إلى هنالك، فيطمئن قلبك لهذا الوليّ، فتشتري دون أن تلتفت إلى الأسعار ولا إلى البضاعة، فإذا ما وصلت بيتك وفحصت الأغراض وجدته قد غشك غشا لا يفعله مجوسي ولا يهودي!!
علما أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يا بني، إن قدرت أن تصبح وتمسي وليس في قلبك غش لأحد فافعل، وذلك من سنتي، ومن أحب سنتي فقد أحبني» .
لكن هؤلاء يتركون السنة المهمة وهي عدم الغش، ويتظاهرون بشكليات تخدع الناس.
3 -
أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الطفيل بن عمرو الدوسي، بعد أن أسلم طلب من رسول الله أن يأذن له للذهاب إلى دعوة قومه، فأذن له وانطلق يدعوهم صباحا ومساء، ومضى الشهر والثاني والثالث ولا مجيب، وعاد إلى الرسول غاضبا: يا رسول الله، ادع على قبيلة دوس.
فرفع الرسول يديه وقال: «اللهم اهد دوسا وائتني بهم مسلمين» ويشاء الله أن تدخل القبيلة في الدين الحنيف، وكان منهم الصحابي أبو هريرة رضي الله عنهم.
إنها سنة الانفتاح على خلق الله، والدعاء لهم، وحب الهداية والخير لهم، وتتبع كل طرق التيسير والتبشير ونحو ذلك، لكن كثيرا من المسلمين قلبوا السنن ووظفوها بما يخدم أمزجتهم و
…
، فراحوا يطلقون كلمات الزندقة والتفسيق والتكفير، ونظروا للمجتمعات من وراء نظّارات سوداء، وحكموا عليهم أحكاما قاسية ما أنزل الله بها من سلطان، وبذلك خالفوا سنة رسول الله وهم يدّعون حمل سنة رسول الله!!
إذا:
غالبية المسلمين يعيشون فهما غير صحيح عن سنن رسول الله، لذلك كله ابتعدوا عن تفسير رسول الله للقرآن الكريم، ذلكم التفسير الصحيح المسند الجامع المختصر، وراح كل من هبّ ودبّ يخرج تفسيرا، واختلط الحابل بالنابل، وتضخمت كتب التفاسير حتى أصبحت- غالبيتها- تحوي كل شيء إلا التفسير!!
والطامة الكبرى عند ما لجأ بعضهم إلى الإسرائيليات والموضوعات والبدع ونحو ذلك، فحشوا بها تلكم التفاسير، فتاه الناس في هذه الدوامة.
بينما القرآن الكريم، ذلكم الكتاب الذي أنزله الله بلغة العرب، واضحا مبينا، لكن مع هذه التراكمات أصبحت التفاسير بحاجة إلى من يفسرها مرة أخرى، وكأن الهدف هو إظهار الأشياء الصعبة، وإبراز العضلات الفكرية والثقافية، حتى لو كان على حساب القرآن الكريم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!!! ***