الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث أهم مميزات التفسير في عهد التابعين
يمتاز التفسير في مرحلة التابعين بالمميزات الآتية:
أولا: دخل التفسير كثير من الإسرائيليات والنصرانيات، وذلك لكثرة من دخل من أهل الكتاب في الإسلام، وكان لا يزال عالقا بأذهانهم من الأخبار ما لا يتصل بالأحكام الشرعية، كأخبار بدء الخليقة، وأسرار الوجود وبدء الكائنات، وكثير من القصص.
وكانت النفوس ميّالة لسماع التفاصيل عما يشير إليه القرآن من أحداث يهودية أو نصرانية، فتساهل التابعون، فزجّوا في التفسير بكثير من الإسرائيليات والنصرانيات بدون تحرّ ونقد.
وأكثر من روي عنه في ذلك من مسلمي أهل الكتاب: عبد الله بن سلام، وكعب الأحبار، ووهب بن منبه، وعبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج. ولا شكّ أن الرجوع إلى هذه الإسرائيليات في التفسير أمر مأخوذ على التابعين، كما هو مأخوذ على من جاء بعدهم.
ثانيا: ظلّ التفسير محتفظا بطابع التلقي والرواية، إلا أنه لم يكن تلقيا ورواية بالمعنى الشامل، كما هو الشأن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، بل كان تلقيا ورواية يغلب عليها طابع الاختصاص.
فأهل كل مصر يعنون- بوجه خاص- بالتلقي والرواية عن إمام مصرهم: فالمكّيون عن ابن عباس، والمدنيون عن أبيّ، والعراقيون
عن ابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين .. وهكذا.
ثالثا: ظهرت في هذا العصر نواة الخلاف المذهبي، فظهرت بعض التفسيرات التي تحمل في طيّاتها هذه المذاهب.
فنجد مثلا قتادة بن دعامة الدوسي ينسب إلى الخوض في القضاء والقدر، ويتّهم بالقدرية (1).
ولا شكّ أن هذا أثّر على تفسيره، ولهذا كان يتحرّج بعض الناس من الرواية عنه!!
ونجد الحسن البصري قد فسّر القرآن على إثبات القدر، ويكفّر من يكذّب به .. !!
رابعا: كثرة الخلاف بين التابعين في التفسير عما كان بين الصحابة رضوان الله عليهم، وإن كان اختلافا قليلا بالنسبة لما وقع بعد ذلك من متأخري المفسّرين .. ) (2).
…
(1) القدرية: في إجماع أهل السنّة والجماعة هم الذين يقولون: الخير من الله والشرّ من الإنسان، وأن الله لا يريد أفعال العصاة، وسمّوا بذلك لأنهم أثبتوا للعبد قدرة توجد الفعل بانفرادها واستقلالها دون الله تعالى، ونفوا أن تكون الأشياء بقدر الله وقضائه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«القدرية مجوس هذه الأمة» ومعنى ذلك: أنهم لمشابهتهم المجوس في مذهبهم، وقولهم بالأصلين، وهما النور والظلمة، فإن المجوس يزعمون أن الخير من فعل النور، والشر من فعل الظلمة، فصاروا بذلك ثنوية، وكذلك القدرية لما أضافوا الخير إلى الله، والشرّ إلى العبيد أثبتوا قادرين خالقين للأفعال، كما أثبت المجوس، فأشبهوهم وليس كذلك غير القدرية:[باختصار وتصرّف من جامع الأصول لابن الأثير: 10/ 128].
(2)
التفسير والمفسرون: 1/ 131.