الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن المحدثين تحدّث- كما مر قبل قليل- الشيخ الذهبي عن المسألة بتفصيل سهل يسير، ومنهم أيضا- الدكتور عبد الله شحاتة حيث قال: والحق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيّن الكثير من معاني القرآن لأصحابه كما تشهد بذلك كتب الصحاح، ولم يبيّن كل معاني القرآن (1).
…
لكن ما هي أوجه بيان السنة للقرآن الكريم
؟
هناك بحوث وكتب في هذا المجال، لكن الشيخ الذهبي اختصر الموضوع بقوله:
الوجه الأول: بيان المجمل في القرآن، وتوضيح المشكل، وتخصيص العام، وتقييد المطلق.
فمن الأول- بيانه عليه الصلاة والسلام لمواقيت الصلوات الخمس، وعدد ركعاتها، وكيفيتها، وبيانه لمقادير الزكاة، وأوقاتها، وأنواعها، وبيانه لمناسك الحج، ولذا قال عليه الصلاة والسلام:
«خذوا عني مناسككم» وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» .
وقد روى ابن المبارك عن عمران بن حصين أنه قال لرجل: إنك رجل أحمق، أتجد الظهر في كتاب الله أربعا لا يجهر فيها بالقراءة؟ ثم عدّد عليه الصلاة، والزكاة، ونحو ذلك، ثم قال: أتجد هذا في كتاب الله تعالى مفسّرا؟ إن كتاب الله تعالى أبهم هذا، وإن السنّة تفسر هذا (2).
ومن الثاني: تفسيره صلى الله عليه وسلم للخيط الأبيض والخيط الأسود في قوله
(1) علوم التفسير: 12 - 13.
(2)
للتوسع يراجع: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 1/ 40.
تعالى: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(1) بأنه بياض النهار والسواد الليل.
ومن الثالث: تخصيصه صلى الله عليه وسلم الظلم في قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ)(2) بالشرك، فإن بعض الصحابة فهم أن الظلم مراد منه العموم، حتى قال: وأيّنا لم يظلم نفسه؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس بذلك، إنما هو الشّرك» .
ومن الرابع: تقييده اليد في قوله تعالى: (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(3) باليمنى.
الوجه الثاني: بيان معنى لفظ أو متعلقه، كبيان المغضوب عليهم باليهود، والضالين بالنصارى، وكبيان قوله تعالى:(وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ)(4) بأنهما مطهرة من الحيض والبزاق والنخامة، وكبيان قوله تعالى:(وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) (5): بأنهم دخلوا يزحفون على أستاههم وقالوا: حبة في شعيرة.
الوجه الثالث: بيان أحكام زائدة على ما جاء في القرآن الكريم، كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وصدقة الفطر، ورجم الزاني المحصن، وميراث الجدّة، والحكم بشاهد ويمين، وغير هذا كثير يوجد في كتب الفروع.
الوجه الرابع: بيان النسخ، كأن يبيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آية كذا نسخت بكذا، أو أن حكم كذا نسخ بكذا، فقوله عليه الصلاة
(1) البقرة: 178.
(2)
الأنعام: 82.
(3)
المائدة: 38.
(4)
البقرة: 25.
(5)
البقرة: 58 - 59.