الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث واقع المسلمين مع سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم
الباب الثالث واقع المسلمين مع سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العلامة الراغب الأصفهاني (ت: 425 هـ) رحمه الله تعالى:
فالسنن: جمع سنّة، وسنّة الوجه: طريقته، وسنّة النبي صلى الله عليه وسلم:
طريقته التي كان يتحرّاها، وسنّة الله تعالى: قد تقال لطريقة حكمته، وطريقة طاعته، نحو:(سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا)(1)(وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا)(2).
فتنبيه أن فروع الشرائع- وإن اختلف صورها- فالغرض المقصود منها لا يختلف ولا يتبدّل، وهو تطهير النفس، وترشيحها للوصول إلى ثواب الله تعالى وجواره (3).
إذا:
تعتبر السنّة النبوية- قولا وتقريرا وفعلا- هي التفسير العملي للقرآن الكريم، حيث كان صلى الله عليه وسلم يفسّر القرآن حسب الحاجة، ويبيّن المراد والمدلول في حال السؤال، أو حدوث واقعة ما تتطلب ذلك.
وهذا المنهج القرآني، والذي فصّله رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حركاته، نراه واضحا مجسدا في: سفره وحضره، ويقظته ونومه، وحياته العامة
(1) الفتح: 23.
(2)
فاطر: 43.
(3)
مفردات ألفاظ القرآن: 429.
بل والخاصة، مع الله ومع عباد الله، مع زوجاته وأولاده وأحفاده، في السوق وفي المسجد، بين الأعراب والأحباب، في سلمه وحربه، أثناء قيادة الجيش، وأثناء المزاح وما إلى هنالك.
ولذلك ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم حياة خاصة، وليس هنالك دوائر حمراء يمنع تجاوزها، أبدا، بل لقد روت نساؤه كل تفصيلات حياته البيتية، وذلك من منظور إلهي:(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)(1).
وبالتالي فلا غنى للفقه والتشريع عن السنة النبوية، لأنها المصدر الثاني بعد القرآن الكريم، ورحم الله الإمام الأوزاعي عند ما قال:
الكتاب أحوج إلى السنّة من السنة إلى الكتاب.
ورحم الله أبا حنيفة عند ما قال: آخذ بكتاب الله، فإن لم أجد فبسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم أجد في كتاب الله ولا سنّة رسوله أخذت بقول أصحابه، آخذ بقول من شئت منهم وأدع قول من شئت منهم، ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم، فأما إذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي وابن سيرين والحسن وعطاء وابن المسيب، فقوم اجتهدوا، فأجتهد كما اجتهدوا.
ورحم الله الشافعي عند ما قال: إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنّة رسول الله، ودعوا ما قلت.
كل هذا مأخوذ من قول الله تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(2).
لكن هل هذا الكلام يسري على كل الأحاديث النبوية؟!
أبدا، فهناك أحاديث صحيحة وأخرى ضعيفة، وهناك أحاديث
(1) الأحزاب 21 وللتوسع يراجع كتاب: القدوة والأسوة في الكتاب والسنة، للمؤلف.
(2)
النور: 63.