الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني ماذا يعني مصطلح التابعين
؟!
هناك شبه إجماع بين العلماء وخاصة أهل الحديث على أن آخر الصحابة موتا على الإطلاق هو أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي، وكان ذلك في سنة (110 هـ).
وقد قال ابن حجر العسقلاني: (فيعتبر بمضيّ مائة سنة وعشر سنين من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ويقصد بذلك أن شرط المعاصرة للنبي هو هذا الحد- لقوله صلى الله عليه وسلم في آخر عمره لأصحابه: «أرأيتكم ليلتكم هذه؟ فإنه على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممن هو اليوم عليها أحد» (1).
زاد مسلم من حديث جابر رضي الله عنه: أن ذلك كان قبل موته صلى الله عليه وسلم بشهر) (2)(3).
ثم ظهر مصطلح (التابعي).
قال الخطيب البغدادي: التابعيّ هو: من صحب الصحابي (4).
وفي كلام الحاكم ما يقتضي إطلاق التابعي على من لقي الصحابي وروى عنه وإن لم يصحبه
…
وهناك خلاف في تحديد مصطلح
(1) صحيح البخاري: رقمه (116)، صحيح مسلم: رقمه (2537).
(2)
صحيح مسلم: رقمه (2538).
(3)
الإصابة في تمييز الصحابة: 1/ 6.
(4)
الكفاية: 59.
التابعي، وفي ذلك يقول الحافظ العراقي (ت 706 هـ): (اختلف في حدّ التابعي، فقال الحاكم وغيره: إن التابعي من لقي واحدا من الصحابة، فأكثر، وقد ذكر مسلم وابن حبان سليمان بن مهران الأعمش في طبقة التابعين، وقال ابن حبان: أخرجناه في هذه الطبقة لأن له لقيا وحفظا، رأى أنس بن مالك، وإن لم يصحّ له سماع المسند عن أنس.
وقال علي بن المديني: إنما رآه رؤية بمكة يصلّي، وليس له رواية في شيء من الكتب الستة عن أحد من الصحابة إلا عن عبد الله بن أبي أوفى في سنن ابن ماجة فقط.
وقال أبو حاتم الرازي: إنه لم يسمع منه، وقال الترمذي: إنه لم يسمع من أحد من الصحابة، عدّه أيضا من التابعين عند عبد الغني بن سعيد، وعدّ فيهم يحيى بن أبي كثير لكونه لقي أنسا، وعدّ فيهم موسى ابن أبي عائشة لكونه لقي عمرو بن حريث، وعدّ فيهم جرير بن أبي حازم لكونه رأى أنسا، وهذا مصير منهم إلى أن التابعي من رأى الصحابي، ولكن ابن حبان يشترط أن يكون رآه في سنّ من يحفظ عنه، فإن كان صغيرا، لم يحفظ عنه فلا عبرة برؤيته كخلف بن خليفة فإنه عدّه من أتباع التابعين وإن كان رأى عمرو بن حريث لكونه كان صغيرا.
وقال الخطيب: التابعي من صحب الصحابي، والأول أصح، ورجّحه ابن الصلاح، فقال: والاكتفاء في هذا بمجرد اللقي والرؤية أقرب منه في الصحابة نظرا إلى مقتضى اللفظين فيها.
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة والتابعين بقوله: «طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لمن رأى من رآني» .
فالحديث اكتفي فيهما بمجرد الرؤيا) (1).
ومن التابعين: سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعلقمة، وأويس القرني، وعطاء بن أبي رباح، وحفصة بنت سيرين، وعمرة بنت عبد الرحمن، وغيرهم.
على كلّ فجميع التابعين يدخلون تحت قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» .
ويستظلون بقوله تعالى- وهي شهادة رائعة تعلق كوسام على صدور التابعين-: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(2).
…
(1) ألفية الحديث ومعها فتح المغيث: 366 - 367.
(2)
التوبة: 100.