المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع منهج (الضحاك) في التفسير - موسوعة التفسير قبل عهد التدوين

[محمد عمر الحاجى]

فهرس الكتاب

- ‌القسم الأول تفسير القرآن الكريم في العهد النّبويّ

- ‌الباب الأول مع القرآن الكريم

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول الفرق بين التفسير والتأويل

- ‌الفصل الثاني لماذا العودة إلى العهد الأول

- ‌1 - قصة مكذوبة عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - قصة المسخ:

- ‌3 - بناء الكعبة:

- ‌4 - في هجران المرأة الناشز:

- ‌5 - قصة القوم الجبّارين:

- ‌6 - خرافات في بعض القصص المتعلقة بالأنبياء عليهم السلام:

- ‌7 - قصة سفينة نوح عليه السلام:

- ‌8 - في قصة يوسف عليه السلام:

- ‌9 - في إفساد بني إسرائيل:

- ‌10 - قصة أهل الكهف:

- ‌10 - في قصة يأجوج ومأجوج:

- ‌11 - قصة بلقيس ملكة سبأ:

- ‌12 - قصة داود عليه السلام:

- ‌13 - قصة أيوب عليه السلام:

- ‌الفصل الثالث هل فسّر الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن كله

- ‌ مغالاة الفريقين:

- ‌مناقشة أدلة الفريق الأول:

- ‌مناقشة أدلة الفريق الثاني:

- ‌اختيارنا في المسألة:

- ‌ لكن ما هي أوجه بيان السنة للقرآن الكريم

- ‌ لكن ما هي مصادر التفسير النبوي

- ‌الباب الثاني التفسير النبويّ الصّحيح

- ‌1 - سورة الفاتحة

- ‌2 - سورة البقرة

- ‌3 - سورة آل عمران

- ‌4 - سورة النساء

- ‌5 - سورة المائدة

- ‌6 - سورة الأنعام

- ‌7 - سورة الأعراف

- ‌8 - سورة الأنفال

- ‌9 - سورة التوبة (براءة)

- ‌10 - سورة يونس

- ‌11 - سورة هود

- ‌12 - سورة يوسف عليه السلام

- ‌13 - سورة الرعد

- ‌14 - سورة إبراهيم عليه السلام

- ‌15 - سورة الحجر

- ‌16 - سورة النحل

- ‌17 - سورة الإسراء (بني إسرائيل)

- ‌18 - سورة الكهف

- ‌19 - سورة مريم

- ‌20 - سورة طه

- ‌21 - سورة الأنبياء

- ‌22 - سورة الحج

- ‌23 - سورة المؤمنون

- ‌24 - سورة النور

- ‌25 - سورة الفرقان

- ‌26 - سورة الشّعراء

- ‌27 - سورة النمل

- ‌28 - سورة القصص

- ‌30 - سورة الروم

- ‌31 - سورة لقمان

- ‌32 - سورة السجدة

- ‌33 - سورة الأحزاب

- ‌34 - سورة سبأ

- ‌36 - يس

- ‌38 - سورة ص

- ‌39 - سورة الزمر

- ‌42 - سورة الشورى

- ‌45 - سورة الجاثية

- ‌46 - سورة الأحقاف

- ‌47 - سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌48 - سورة الفتح

- ‌4 - سورة الحجرات

- ‌50 - سورة ق

- ‌54 - سورة القمر

- ‌55 - سورة الرحمن

- ‌59 - سورة الحشر

- ‌61 - سورة الصف

- ‌62 - سورة الجمعة

- ‌63 - سورة المنافقون

- ‌65 - سورة الطلاق

- ‌66 - سورة التحريم

- ‌68 - سورة القلم

- ‌72 - سورة الجنّ

- ‌74 - سورة المدثر

- ‌79 - سورة النازعات

- ‌80 - سورة عبس

- ‌83 - سورة المطففين

- ‌84 - سورة الانشقاق

- ‌85 - سورة البروج

- ‌88 - سورة الغاشية

- ‌89 - سورة الفجر

- ‌91 - سورة الشمس

- ‌92 - سورة الليل

- ‌93 - سورة الضحى

- ‌96 - سورة العلق

- ‌99 - سورة الزلزلة

- ‌102 - سورة التكاثر

- ‌108 - سورة الكوثر

- ‌110 - سورة النصر

- ‌112 - سورة الإخلاص

- ‌113 - سورة الفلق

- ‌114 - سورة الناس

- ‌الباب الثالث واقع المسلمين مع سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌1 - فهم السنة النبوية في ضوء القرآن الكريم:

- ‌2 - جمع الأحاديث الواردة في الموضوع الواحد:

- ‌3 - الجمع أو الترجيح بين مختلف الحديث:

- ‌4 - فهم الأحاديث في ضوء أسبابها وملابساتها ومقاصدها:

- ‌5 - التمييز بين الوسيلة المتغيرة والهدف الثابت للحديث:

- ‌6 - التفريق بين الحقيقة والمجاز في فهم الحديث:

- ‌7 - التفريق بين الغيب والشهادة:

- ‌8 - التأكد من مدلولات ألفاظ الحديث:

- ‌1 - فيما يتعلق بجانب الطعام:

- ‌2 - كذلك فيما يتعلق بأمور اللباس:

- ‌3 - أما ما يتعلق في المسكن:

- ‌خاتمة القسم الأول

- ‌القسم الثاني تفسير القرآن الكريم في عهد الصّحابة الأكارم

- ‌الباب الأول مع الصحابة الكرام

- ‌الفصل الأول ما هي الحاجة إلى تفسير القرآن

- ‌الفصل الثاني ماذا تعني الصّحبة

- ‌أ- عدالة الصحابة:

- ‌ب- موقفنا مما جرى بين الصحابة من مشاجرات واقتتال

- ‌ج- حكم سبّ أحد الصحابة

- ‌د- هل هم متفاوتون في الفضل

- ‌هـ- ما هي أهم سمات الصحابة

- ‌ز- أفضلية الصحابة في القرآن والسنّة:

- ‌الفصل الثالث الإسرائيليات في تفسير الصحابة

- ‌أ- عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:

- ‌ب- أبو هريرة رضي الله عنه:

- ‌ج. عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:

- ‌د- عبد الله بن سلام رضي الله عنه:

- ‌الباب الثاني تفسير القرآن في عهد الصحابة

- ‌الفصل الأول ماذا عن تفسير الصحابة

- ‌الفصل الثاني ما هي أهم مصادر تفسير الصحابة

- ‌أ- القرآن الكريم:

- ‌ب- النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌ج- الاجتهاد وقوة الاستنباط:

- ‌د- أهل الكتاب من اليهود والنصارى:

- ‌الفصل الثالث أشهر المفسّرين في عهد الصحابة

- ‌1 - عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:

- ‌2 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:

- ‌3 - أبيّ بن كعب رضي الله عنه:

- ‌4 - علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

- ‌الفصل الرابع أهم أسباب الخلاف بين الصحابة في التفسير

- ‌الفصل الخامس أهم مميزات تفسير الصحابة

- ‌الفصل السادس ما هي القيمة العلمية لتفسير الصحابة

- ‌الفصل السابع هل يجوز أن تفسّر الآيات القرآنية بالشّعر

- ‌1 - قال نافع لابن عباس:

- ‌2 - قال نافع:

- ‌3 - قال نافع لابن عباس:

- ‌الباب الثالث تطبيقات عملية من تفسير الصحابة

- ‌الفصل الأول التفسير المأثور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌الفصل الثاني تفسير أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

- ‌الفصل الثالث تفسير حبر الأمّة عبد الله بن عباس رضي الله عنه

- ‌الفصل الرابع منهج ابن مسعود رضي الله عنه في التفسير

- ‌الفصل الخامس تفسير أبيّ بن كعب رضي الله عنه

- ‌خاتمة القسم الثاني (التفسير في عهد الصحابة)

- ‌القسم الثالث تفسير القرآن الكريم في عهد التابعين

- ‌الباب الأول مع التابعين الكرام

- ‌الفصل الأول مدخل إلى التفسير قبل عهد التابعين

- ‌الفصل الثاني ماذا يعني مصطلح التابعين

- ‌الفصل الثالث موقف التابعين من الإسرائيليات

- ‌الباب الثاني تفسير القرآن في عهد التابعين

- ‌الفصل الأول ما هي أهم مصادر تفسير التابعين

- ‌1 - القرآن الكريم:

- ‌2 - المصدر الثاني للتفسير: النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌3 - المصدر الثالث: تفسير الصحابة رضي الله عنهم:

- ‌4 - المصدر الرابع: أهل الكتاب:

- ‌5 - المصدر الخامس: اجتهادات التابعين:

- ‌الفصل الثاني مدارس التفسير في عهد التابعين

- ‌أ- مدرسة التفسير بمكة:

- ‌1 - سعيد بن جبير رحمه الله تعالى:

- ‌2 - مجاهد بن جبر رحمه الله تعالى:

- ‌3 - عكرمة رحمه الله تعالى:

- ‌4 - طاوس بن كيسان رحمه الله تعالى:

- ‌5 - عطاء بن أبي رباح رحمه الله تعالى:

- ‌ب- مدرسة التفسير بالمدينة المنورة:

- ‌1 - رفيع بن مهران (أبو العالية) رحمه الله:

- ‌2 - محمد بن كعب القرظي رحمه الله تعالى:

- ‌3 - زيد بن أسلم رحمه الله:

- ‌ج- مدرسة التفسير بالعراق:

- ‌د- مدرسة التفسير بالشام:

- ‌هـ- وفي مصر:

- ‌الفصل الثالث أهم مميزات التفسير في عهد التابعين

- ‌الفصل الرابع القيمة العلمية لتفسير التابعين

- ‌الفصل الخامس أسباب اختلاف المفسرين في عهد التابعين

- ‌الباب الثالث تطبيقات عملية من تفسير التابعين

- ‌الفصل الأول التفسير المأثور عن (قتادة) رحمه الله

- ‌الفصل الثاني تفسير (مجاهد) رحمه الله تعالى

- ‌الفصل الثالث التفسير المأثور عن (الحسن البصري) رحمه الله تعالى

- ‌الفصل الرابع منهج (الضّحاك) في التفسير

- ‌الخاتمة

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌الفصل الرابع منهج (الضحاك) في التفسير

‌الفصل الرابع منهج (الضّحاك) في التفسير

قدّم الباحث محمد شكري أحمد الزاويتي بحثا قيما بعنوان (تفسير الضحّاك)، وذلك لنيل شهادة الدكتوراة في التفسير.

وقد تحدّث فيه عن حياة التابعي، ثم عن تفسيره: مصادره في التفسير، ومدى اهتمامه بالقراءات، والناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول.

وتعميما للفائدة، واستكمالا للبحث، ننقل بعض ما ورد في رسالته.

41 -

في تفسير قوله تعالى: (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ)(1) قال الضحّاك: كنتم ترابا قبل أن يخلقكم، فهذه ميتة، ثم أحياكم فخلقكم، فهذه حياة، ثم يميتكم فترجعون إلى القبور، فهذه ميتتان وحياتان (2).

42 -

في تفسير قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)(3).

قال الضحّاك: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) صدّقوا.

(كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) يعني: أطعموا من حلال الرزق الذي

(1) غافر: 11.

(2)

تفسير ابن كثير: 1/ 67.

(3)

البقرة: 172.

ص: 313

أحللناه لكم؛ فطاب لكم بتحليلي إياه لكم مما كنتم تحرمونه أنتم ولم أكن حرّمته عليكم من المطاعم والمشارب.

(وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) يقول: وأثنوا على الله بما هو أهل له على النّعم التي رزقكم وطيّبها لكم.

(إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) يقول: إن كنتم منقادين لأمره سامعين مطيعين، فكلوا مما أباح لكم أكله وطيّبه لكم، ودعوا في تحريمه خطوات الشيطان (1).

43 -

وفي تفسير قوله تعالى: (فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ)(2).

قال الضحاك (3): إنهم فرّوا من الجهاد لما أمرهم الله به على لسان حزقيل النبي صلى الله عليه وسلم، فخافوا الموت بالقتل في الجهاد، فخرجوا من ديارهم فرارا من ذلك، فأماتهم الله ليعرّفهم أنه لا ينجّيهم من الموت شيء، ثم أحياهم وأمرهم بالجهاد، بقوله:(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ)(4).

44 -

في تفسير قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً)(5).

قال الضحاك: أن لا ينفق الرجل ماله خير من أن ينفقه ثم يتبعه منّا وأذى، فضرب الله مثله كمثل كافر أنفق ماله لا يؤمن بالله واليوم الآخر، فضرب الله مثلهما جميعا كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل

(1) تفسير الطبري: 2/ 50، الدر المنثور: 1/ 168.

(2)

البقرة: 243.

(3)

تفسير القرطبي: 3/ 227.

(4)

البقرة: 190.

(5)

البقرة: 264.

ص: 314

فتركه صلدا، فكذلك من أنفق ماله، ثم أتبعه منّا وأذى (1).

45 -

في تفسير قوله تعالى: (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(2).

قال الضحاك: بعث النبي صلى الله عليه وسلم طلائع، فغنم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسم بين الناس ولم يقسم للطلائع شيئا.

فلما قدمت الطلائع فقالوا: قسم الفيء ولم يقسم لنا، فأنزل الله هذه الآية (3).

46 -

وفي تفسير قوله تعالى: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (4).

قال الضحاك: لما أصيب الذين أصيبوا يوم أحد، لقوا ربهم فأكرمهم، فأصابوا الحياة والشهادة والرزق الطيّب.

قالوا: يا ليت بيننا وبين إخواننا من يبلّغهم: إنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا، فقال الله تعالى: أنا رسولكم إلى نبيّكم وإخوانكم، فأنزل الله هذه الآية (5).

47 -

وفي تفسير قول الله تعالى: (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ

(1) تفسير الطبري: 3/ 45.

(2)

سورة آل عمران: 161.

(3)

تفسير الطبري: 4/ 103، الدر المنثور: 2/ 91.

(4)

آل عمران: 169 - 170.

(5)

تفسير ابن كثير: 1/ 427، مسند أحمد: 1/ 265.

ص: 315

فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (1).

قال الضحاك: كان قوم بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم ميثاق، فنقضوا العهد، وقطعوا السبيل، وأفسدوا في الأرض، فخيّر الله عز وجل نبيّه صلى الله عليه وسلم فيهم، فإن شاء قتل، وإن شاء صلب، وإن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، أو ينفوا من الأرض.

قال: هو أن يطلبوا حتى يعجزوا، فمن تاب قبل أن يقدر عليه قبل ذلك منه (2).

48 -

وفي تفسير قوله تعالى: (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً)(3).

قال الضحاك: معناه: شياطين الإنس التي مع الإنس وشياطين الجنّ التي مع الجنّ، وليس للإنس شياطين.

وذلك أن إبليس جعل جنده فريقين، فبعث فريقا منهم إلى الإنس، وفريقا منهم إلى الجنّ، وكلا الفريقين أعداء للنبي صلى الله عليه وسلم ولأوليائه وهم يلتقون في كل حين، فيقول شيطان الإنس لشيطان الجنّ: أضللت صاحبي بكذا فأضل صاحبك بمثله، ويقول شياطين الجن لشياطين الإنس كذلك، فذلك يوحي بعضهم إلى بعض (4).

49 -

في تفسير قوله تعالى: (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ (15) أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ

(1) المائدة: 33 - 34.

(2)

تفسير الطبري: 6/ 133، زاد المسير: 2/ 243.

(3)

الأنعام: 112.

(4)

تفسير ابن كثير: 2/ 166.

ص: 316

وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (1).

قال الضحاك: إن أهل الرياء يعطون بحسناتهم في الدنيا، وذلك أنهم لا يظلمون نقيرا، يقول: من عمل صالحا التماس الدنيا صوما أو صلاة أو تهجّدا بالليل لا يعمله إلا التماس الدنيا، يقول الله تعالى:

أوفّيه الذي التمس في الدنيا من المثابة، وحبط عمله الذي كان يعمله لالتماس الدنيا، وهو في الآخرة من الخاسرين (2).

50 -

وفي تفسير قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ)(3).

قال الضحاك: كان ناس من قبائل العرب حول المدينة من القرى، كانوا يقولون: نأتي محمدا صلى الله عليه وسلم فننظر في شأنه، فإن صادفنا خيرا ثبتنا معه، وإلا لحقنا بمنازلنا وأهلينا، وكانوا يأتونه فيقولون: نحن على دينك فإن أصابوا معيشة ونتجوا خيلهم وولدت نساؤهم الغلمان اطمأنوا، وقالوا: هذا دين صدق، وإن تأخّر عنهم الرزق وأزلقت خيولهم وولدت نساؤهم البنات، قالوا: هذا دين سوء فانقلبوا على وجوههم (4).

51 -

وفي تفسير قول الله تعالى: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ)(5).

سئل الضحاك عن أرواح الشهداء، فقال: تجعل أرواحهم في

(1) هود: 15 - 16.

(2)

تفسير الطبري: 12/ 9، تفسير ابن كثير: 2/ 439.

(3)

الحج: 11.

(4)

تفسير الطبري: 17/ 96، تفسير القرطبي: 12/ 26.

(5)

غافر: 46.

ص: 317

أجواف طير خضر تسرح في الجنة، وتأوي بالليل إلى قناديل من ذهب معلّقة بالعرش فتأوي فيها.

قيل: فأرواح الكفار؟ قال: توحّد أرواحهم فتجعل في أجواف طير سود تغدو وتروح على النار، ثم قرأ هذه الآية (1).

52 -

وفي تفسير قوله تعالى: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)(2).

قال الضحاك: يعني قريشا.

يقول: إنما أنا رجل منكم فأعينوني على عدوّي واحفظوا قرابتي، وإن الذي جئتكم به لا أسألكم عليه أجرا إلا المودّة في القربى، أن تودّوني لقرابتي، وتعينوني على عدوّي (3).

53 -

وفي تفسير قول الله تعالى: (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)(4).

قال الضحاك (5): زعموا أن الشياطين تنزلت به على محمد صلى الله عليه وسلم، فأخبرهم الله أنها لا تقدر على ذلك ولا تستطيعه، وما ينبغي لهم أن ينزلوا بهذا، وهو محجوب عنهم، وقرأ قول الله تعالى:(وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) (6).

54 -

وفي تفسير قوله تعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ)(7).

(1) الدر المنثور: 2/ 352، تفسير ابن كثير: 4/ 82.

(2)

الشورى: 23.

(3)

تفسير الطبري: 25/ 6، تفسير ابن كثير: 4/ 112.

(4)

الواقعة: 79.

(5)

تفسير الطبري: 27/ 118.

(6)

الشعراء: 211 - 212.

(7)

الصف: 8.

ص: 318

قال الضحاك: (نُورَ اللَّهِ) محمد صلى الله عليه وسلم، يريدون هلاكه بالأراجيف (1).

55 -

وفي تفسير قوله تعالى: (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ)(2).

قال الضحاك: إذا ذكرت- أي: ذكر الله تعالى- ذكرت يا محمد معي، ولا تجوز خطبة ولا نكاح إلّا بذكرك معي صلى الله عليه وسلم (3).

(1) تفسير القرطبي: 18/ 82.

(2)

الشرح: 4.

(3)

الدر المنثور: 6/ 363، تفسير القرطبي: 20/ 107.

ص: 319