الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الرابعة عشرة [الخروج من الحل إلى الحرمة والعكس]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
الخروج من الإباحة إلى التحريم، والخروج من التحريم إلى الإباحة. (1)
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
قد يكون الشيء مباحاً فيحرم، وقد يكون حراماً فيباح، فما هو ضابط هذين الانتقالين من الشيء لنقيضه أو ضده؟
الانتقال من الحرمة إلى الإباحة يشترط فيها أعلى الرتب - أي لا بد من شروط وقيود عظيمة؛ لأن فيها خروجاً من جانب المفسدة إلى جانب المصلحة، ولا يجوز ترجيح مصلحة على مفسدة إلا إذا كانت تلك المصلحة أعظم من تلك المفسدة، وأما الانتقال من الإباحة إلى التحريم فلا يشترط فيها أعلى الرتب بل يكفي فيها أيسر الأسباب؛ لأن المنع أسهل من الفعل والامتناع أيسر من الإِقدام؛ ولأن تعارض المفسدة أو المضرة مع المنفعة يستلزم تغليب جانب المفسدة؛ لأن درء المفاسد مقدم وأولى من جلب المصالح.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
1.
أمثلة للخروج من التحريم للإباحة:
المرأة لا تحل للرجل إلا بعقد الزواج أو ملك اليمين، وعقد الزواج لكي يكون صحيحاً ويفيد حل المرأة للزوج يستلزم شروطاً في المرأة
(1) الفروق جـ 3 ص 4073 الفرق 131.
وشروطاً في الرجل وشروطاً في العقد، فمن شروط المرأة أن تكون خالية من الموانع الشرعية التي تمنع عقدها على الرجل كأن تكون زوجة لآخر، ومنها أن تكون حاملاً من آخر، ومنها: أن لا تكون محرماً للزوج بنسب أو رضاع. ومنها: أن لا تكون معتدة من آخر، وأن يكون لها ولي الخ ما هنالك من شروط.
ومن شروط الرجل: أن لا يكون متزوجاً أربعاً غيرها وهن كلهن في عصمته، أو أن يكون في عدة رابعة مطلقة، أو أن يكون له زوجة هي أخت أو خالة أو عمة من يريد الزواج منها إلى آخر ما هنالك من شروط، ومن شروط العقد وأركانه: وجود الولي، والشهود إلى آخر ما هنالك من شروط وأركان. فإذا استوفى العقد شروطه وتم أبيحت المرأة للرجل.
وأما إذا أراد الرجل الانتقال من إباحة المرأة الزوجة إلى تحريمها فيكفيه أن يتلفظ بلفظ الطلاق فتحرم عليه. فكان الانتقال من التحريم إلى الإِباحة يستلزم أعلى الرتب.
وأما الانتقال من الإباحة إلى التحريم فيكفي فيه أيسرها وهي كلمة الطلاق هنا.
ومنها: المسلم محقون الدم بإسلامه، فلا يباح دمه إلا بموجب شرعي كالردة، والزنا بعد إحصان، وقتله لمعصوم عمداً عدواناً، وهذه الموجبات الثلاثة لا يثبت واحد منها إلا بشروط وأركان.
فالمرتد - مثلاً - قبل إباحة دمه يستتاب، وإن كان ارتد لشبهة يناقش فيها، ويناظر حتى تزال شبهته، وينظر في تحقق ردته وأسبابها، وكل ذلك حتى لا يباح دمه إلا بعد اليقين الكامل أنه كفر ولا أَمل في عوده إلى حظيرة الإِيمان والإِسلام.
وحتى لو ثبت كل ذلك وأوجبنا قتله وعند إرادة التنفيذ رجع ونطق بالشهادتين فيحقن دمه للحال ولا يباح قتله بحال إلا بسبب آخر.