الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب الرَّابِع
فِي الْفرق بَين الْمُحْتَسب الْمَنْصُوب والمتطوع
وَذَلِكَ من وُجُوه
أَحدهَا إِذا عجز المتطوع عَن الاحتساب فَهُوَ مَعْذُور وَإِذا عجز الْمَنْصُوب فَهُوَ غير مَعْذُور لِأَنَّهُ يُمكنهُ أَن يَسْتَعِين بأعوانه فَإِن لم يكفه أعوانه فبأعوان السُّلْطَان وَأما المتطوع فيستعين بِأَهْل الصّلاح فَإِن لم يعنه أحد يعْذر فِي ذَلِك يَعْنِي لَا يكون آثِما بِتَرْكِهِ وَأما ثَوَاب الاحتساب فَلَا يَنَالهُ إِلَّا بِفِعْلِهِ لِأَن الْأجر جَزَاء الْعَمَل وَيَقُول بِقَلْبِه وَلسَانه إِن هَذَا مُنكر يسْتَحق الثَّوَاب عَلَيْهِ لقَوْل ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حسب امْرِئ مِنْكُم إِذا رأى مُنْكرا لَا يَسْتَطِيع لَهُ تغييرا أَن يعلم الله لَهُ من قلبه أَنه كَارِه وَعَن بعض الصَّحَابَة رضي الله عنه أَنه قَالَ إِذا رأى أحد مِنْكُم مُنْكرا لَا يَسْتَطِيع النكير عَلَيْهِ
فَلْيقل ثَلَاث مَرَّات اللَّهُمَّ إِن هَذَا مُنكر فَإِذا قَالَ ذَلِك فَلهُ ثَوَاب من أَمر بِالْمَعْرُوفِ وَنهي عَن الْمُنكر
وَالثَّانِي أَن الْمُحْتَسب الْمَنْصُوب كِفَايَته فِي بَيت المَال من الْجِزْيَة وَالْخَرَاج وَنَحْوهمَا
لِأَنَّهُ عَامل للْمُسلمين مَحْبُوس لَهُم فَيكون كِفَايَته فِي مَالهم وَصَارَ كأرزاق الْوُلَاة والقضاة والغزاة والمفتين والمعلمين من الْمُلْتَقط بِخِلَاف المتطوع لِأَنَّهُ غير مَحْبُوس لذَلِك
وَالثَّالِث إِن الْحِسْبَة قد تجب على الْمَنْصُوب بِحَسب عقد آخر وعَلى غير الْمَنْصُوب لَا تجب إبتداء نطيرة إِذا رأى الْمُودع سَارِقا يسرق الْوَدِيعَة فَلم يمنعهُ وَهُوَ يقدر على مَنعه ضمنه لِأَنَّهُ بترك الْمَنْع ترك الْحِفْظ الْمُلْتَزم فَيضمن وَأما الْمَنْصُوب فَلَا يضمن فِيمَا قصر فِيهِ لِأَن التَّضْمِين لَا يلْحق الْحَاكِم وَنَحْوه وَإِلَّا لامتنع النَّاس عَن التَّقْلِيد فَيلْزم الضَّرَر الْعَام فَلَو امْتنع النَّاس عَن الاستيداع يلْزم الضَّرَر الْخَاص فَافْتَرقَا
وَالرَّابِع مَا ذكر فِي الْفَصْل الرَّابِع عشر من جنايات الذَّخِيرَة من حفر بِئْرا فِي الطَّرِيق الْعَام ليستقي مِنْهَا المَاء فَوَقع فِيهَا إِنْسَان ضمنه وَإِن كَانَ
مَا أَقَامَ حَسبه لِأَنَّهُ جِنَايَة من حَيْثُ إِنَّه أبطل حق الْمُرُور على النَّاس وأبطل الرَّأْي وَالتَّدْبِير على الإِمَام أَيْضا لِأَنَّهُ فعله بِغَيْر إِذْنه فَفعل ذَلِك مِنْهُ جِنَايَة وَالْإِمَام لَو فعله لَا يضمن لِأَنَّهُ صَاحب ولَايَة