الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب الْخَامِس
فِي التَّعْزِير
الأَصْل أَن الْإِنْسَان يُعَزّر لجل التُّهْمَة وَعَلِيهِ مسَائِل
مِنْهَا إِذا رأى الإِمَام رجلا جَالِسا مَعَ الْفُسَّاق فِي مجْلِس الشّرْب عزره وَإِن كَانَ هُوَ لَا يشرب وَمِنْهَا إِذا رأى الإِمَام رجلا يمشي مَعَ السراق عزره وَمِنْهَا الْمُدعى عَلَيْهِ بِالسَّرقَةِ إِذا أنكر السّرقَة حُكيَ عَن الْفَقِيه ابي بكر الْأَعْمَش إِن الإِمَام يعْمل فِيهِ بأكبر راية فَإِن كَانَ أكبر رايه أَنه سَارِق وَأَن المَال عِنْده عزره ويجور لَهُ ذَلِك أَلا يرى أَن إِرَاقَة الدَّم بأكبر الرَّأْي جَائِز فَإِن من دخل على غَيره شاهرا سلاحه وَوَقع عِنْد ذَلِك فِي قلبه أَنه دخل ليَقْتُلهُ حل لَهُ قَتله وَعَامة الْمَشَايِخ أَن الإِمَام يعزره لِأَنَّهُ وجده فِي مَوضِع التُّهْمَة وَالْإِنْسَان يُعَزّر لأجل التُّهْمَة كُله من متفرقات سَرقَة الذَّخِيرَة
مَسْأَلَة
وَالْفرق بَين الْحَد وَالتَّعْزِير من وُجُوه
أَحدهَا أَن الْحَد مُقَدّر شرعا وَالتَّعْزِير مفوض إِلَى رَأْي الإِمَام
وَالثَّانِي أَن الْحُدُود تندرئ بِالشُّبُهَاتِ وَالتَّعْزِير يجب مَعَ الشُّبُهَات
وَالثَّالِث أَن الْحَد لَا يشرع على الصَّبِي وَالتَّعْزِير يشرع عَلَيْهِ
وَالرَّابِع أَن الْحَد يُطلق على الذِّمِّيّ إِذا كَانَ مُقَدرا وَالتَّعْزِير لَا يُطلق عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُسمى عُقُوبَة لِأَن التَّعْزِير شرع للتطهير وَالْكَافِر لَيْسَ من أهل التَّطْهِير وَإِنَّمَا يُسمى فِي حق أهل الذِّمَّة إِذا كَانَ غير عُقُوبَة من مَبْسُوط شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ فِي بَاب أَحْكَام أهل الذِّمَّة ولوجوب التَّعْزِير أَسبَاب
مِنْهَا رجل لَهُ غَرِيم جَاءَ إِنْسَان وانتزعه من يَده يُعَزّر وَلَكِن لَا ضَمَان عَلَيْهِ أما التَّعْزِير فَلِأَنَّهُ جنى وَأما عدم الضَّمَان فَلِأَنَّهُ لم يتْلف المَال وَفِي الْخَانِية لَو قَالَ أَنا لَا أعمل بفتوى الْفُقَهَاء أَو لَيْسَ كَمَا قَالَ الْعلمَاء فَإِنَّهُ يُعَزّر وَلَا يكفر وَالتَّعْزِير يثبت مَعَ الشُّبْهَة وَلِهَذَا يسْتَخْلف فِيمَا يُوجب التَّعْزِير وَيحكم فِيهِ بِالنّكُولِ من شرح أدب القَاضِي للخصاف وَذكر فِي الذَّخِيرَة قَالَ أَبُو حنيفَة رَحْمَة الله تَعَالَى لَا يبلغ بِهِ أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَقَالَ أَبُو
يُوسُف لَا يبلغ بِهِ ثَمَانِينَ سَوْطًا وَاخْتلفت الرِّوَايَات عَن ابي يُوسُف بعد ذَلِك قَالَ فِي رِوَايَة بِضَرْب إِلَى تِسْعَة وَسبعين سَوْطًا وَقَالَ فِي رِوَايَة إِلَى خَمْسَة وَسبعين وَالْأول أصح وَقَول مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْكتب مُضْطَرب ذكر فِي بعض الْمَوَاضِع مَعَ أبي حنيفَة وَفِي بَعْضهَا مَعَ أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى
وَاعْلَم بِأَن التَّعْزِير قد يكون بِالْحَبْسِ وَقد يكون بالصفع وتفريك الْأذن وَقد يكون بالْكلَام العنيف وَقد يكون بِالضَّرْبِ وَعَن أبي يُوسُف أَن التَّعْزِير
من السُّلْطَان بِأخذ المَال جَائِز فِي غير حد وَلَا خلاف بَين الْعلمَاء أَنه لَا يبلغ بِهِ الْحَد قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من بلغ حدا فِي غير حد فَهُوَ من الْمُعْتَدِينَ وَبعد هَذَا اعْتبر أَبُو حنيفَة حد العبيد وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ سَوْطًا فَقَالَ ينقص عَنهُ سَوط وَيضْرب تِسْعَة وَثَلَاثِينَ سَوْطًا وَأَبُو يُوسُف اعْتبر حد الْأَحْرَار وَذَلِكَ ثَمَانُون سَوْطًا وَقَالَ ينقص عَنهُ سَوط وَيضْرب تِسْعَة وَسبعين على أصح الرِّوَايَتَيْنِ وَهَذَا الِاخْتِلَاف فِي أقْصَى التَّعْزِير وَأما أدناه فَهُوَ مفوض إِلَى رَأْي الإِمَام يُقيم بِقدر مَا يرى الْمصلحَة فِيهِ قَالَ العَبْد ذكر فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن أبي بردة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لَا يجلد فَوق عشرَة أسواط إِلَّا فِي حد من حُدُود الله تَعَالَى