الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ
فِي الاحتساب فِي الثِّيَاب
يمْنَع من الْحَرِير والديباج وكل ثوب لَهُ أبريسيم وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ سداه غير أبريسم وَلحمَته أبريسم يمْنَع مِنْهُ أَيْضا وَكَذَا يمْنَع من لِبَاس الْحمرَة وَأَن قَطعنَا لقَوْله عليه السلام إيَّاكُمْ والحمرة فَإِنَّهَا زِيّ الشَّيْطَان والبطانة والظهارة فِي الْحُرْمَة سَوَاء والحشو يجوز من أبريسم
الثَّوْب إِذا تنجس يمْنَع جَوَاز الصَّلَاة لَا يجوز لبسه فِي غير الصَّلَاة إِلَّا إِذا لم يجد غَيره وَيكرهُ لبس الثَّوْب المعصفر والمزعفر للرِّجَال إِلَّا أَن يكون ثوبا من الْقطن لَونه أَحْمَر خلقه لما رُوِيَ عَن أبن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه قَالَ تهاني رَسُول الله عَن لبس الْأَحْمَر فَهُوَ مَنْسُوخ بِهِ وَإِن كَانَ بعده فَهُوَ مَحْمُول
على أَنه كَانَ من قطن لَونه أَحْمَر خلقته وَذكر الْحَاكِم فِي الْمُنْتَقى وَلَا خير فِي أَن يلبس الرجل ثوبا فِيهِ كتاب من ذهب أَو فضَّة وَلَا بَأْس للْمَرْأَة بِهِ وَلم يذكر أَنه قَول من وَذكر الْقَدُورِيّ أَنه قَول أبي يُوسُف قَالَ وعَلى الْقيَاس قَول أبي حنيفَة رحمه الله لَا يكره وَيَنْبَغِي أَن يلبس فِي عَامَّة الْأَوْقَات الْوسط ويلبس أحسن مَا يجد فِي بعض الْأَوْقَات إِظْهَار لنعم الله تَعَالَى فَإِن ذَلِك مَنْدُوب إِلَيْهِ وَلَا يلبس أحسن مَا يجد فِي جَمِيع الْأَوْقَات لِأَنَّهُ يُؤْذِي المحتاجين وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي فِي الشتَاء أَن يتظاهر بَين الجبتين أَو ثَلَاثَة إِذا كَانَ يدْفع الْبرد بِمَا دونه لِأَنَّهُ يُؤْذِي المحتاجين وَهُوَ منهى عَن اكْتِسَاب سَبَب أَذَى الْغَيْر وَفِي تَفْسِير الْكسَائي فِي أول سُورَة هود خرج عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي حَال خِلَافَته وَعَلِيهِ ثِيَاب غِلَاظ فَقيل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَو لبست أَلين من هَذَا لَكَانَ خيرا قَالَ اسْكُتْ فَإِن هَذَا أخشع لقلبي وأشبه لشعار الصَّالِحين وَأحسن للْمُؤْمِنين أَن يقتدوا بِهِ وَفِي الْمُلْتَقط الناصري وَإِذا شدّ الزنار وَأخذ العسلي أَو لبس قلنسوة الْمَجُوس جادا أَو هازلا كفر إِلَّا إِذا فعل ذَلِك خديعة فِي الْحَرْب وَهُوَ طَلِيعَة الْمُسلمين
وَفِي بَاب تَقْبِيل الْيَد من الْكِفَايَة الشعبية التَّاجِر إِذا دخل دَار الْحَرْب فَشد الزنار على وَسطه وَألقى العسلي على كتفه يكفر لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا يضر الْإِسْلَام
وَفِي إِيمَان الْفَتَاوَى الْخَانِية وَيكرهُ لبس التكة من الْحَرِير فِي قَوْلهم جَمِيعًا لِأَنَّهُ مُسْتَعْمل للحرب وَإِن لم يكن لابسا قَالَ العَبْد وبهذه الْعلَّة على أَن موي بند من الْحَرِير أَيْضا مَكْرُوه لِأَنَّهُ مُسْتَعْمل أَيْضا وفيهَا من أوجب على نَفسه أَن يلبس الصُّوف حَتَّى يَمُوت أَن نوى الْعَادة فَلهُ أَن يلبس غَيره وَلَيْسَ هَذَا من الْقرْبَة بِشَيْء بل يكره الشُّهْرَة فِي اللبَاس وَأَن نوى الْيَمين كَانَ يَمِينا قَالَ العَبْد وعَلى هَذَا الْقيَاس يكره لبس الجوالق وَنَحْوه لِأَنَّهُ لِبَاس شهرة وامتياز عَن النَّاس وَطلب الدُّنْيَا روى أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ أَرْبَعَة من الْكَبَائِر لبس الصُّوف لطلب الدُّنْيَا وادعاء محبَّة الصَّالِحين وَترك فعلهم وذم الْأَغْنِيَاء وَالْأَخْذ مِنْهُم وَرجل لَا يرى الْكسْب للنَّاس وَيَأْكُل من كسب النَّاس
وَفِي تَفْسِير الْكسَائي فِي أول سُورَة هود ويحتسب على من يلبس ثوبا فِيهِ تصاوير لِأَنَّهُ يشبه حَامِل الصَّنَم وَلِهَذَا يكره أَن يصلى بِهَذَا الثَّوْب ويحتسب
على الذِّمِّيّ إِذا تشبه بِأَهْل الْعلم وَالصَّلَاح فِي الثَّوْب وَتَمَامه فِي بَاب الاحتساب على الذِّمِّيّ وَذكر فِي شرح الْكَرْخِي رُوِيَ أَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنفذ جَيْشًا فعنموا عنائم فَلَمَّا رجعُوا تلقاهم وَقد لبسوا الْحَرِير والديباج فَلَمَّا رَآهُمْ تغير وَجهه وَأعْرض عَنْهُم فَقَالُوا أَعرَضت عَنَّا فَقَالَ انزعوا عَنْكُم ثِيَاب أهل النَّار فنزعوا ذَلِك قَوْله تلقاهم أَي اسْتَقْبَلَهُمْ دلّ الحَدِيث على أَحْكَام
أَحدهَا تلقي الْغُزَاة عِنْد دُخُولهمْ لِأَن عمر رضي الله عنه تلقاهم
وَالثَّانِي تزين الْمُسَافِر عِنْد الدُّخُول فِي مصرهم لأحبائهم لأَنهم لبسوا الْحَرِير والديباج زاعمين أَنه يحل لَهُم فتزينوا بِهِ
وَالثَّالِث يَنْبَغِي لمن يرى غَيره فِي لِبَاس حريرأو ديباج أَن يغْضب عَلَيْهِ لذَلِك حَتَّى يرى أثر غَضَبه فِي وَجهه
وَالرَّابِع يَنْبَغِي لمن يرى غَيره فِي لِبَاس حَرِير أَو ديباج أَن لَا يكلمهُ وَلَا يضْحك فِي وَجهه بل يعرض عَنهُ لِأَن عمر رضي الله عنه أعرض عَنْهُم
وَالْخَامِس أَن الْغَازِي وَغَيره فِي حرمه لبس الْحَرِير سَوَاء عِنْد عدم الْحَرْب لِأَن عمر رضي الله عنه أنكر عَلَيْهِم وهم غزَاة
وَالسَّادِس يُؤمر لَا بس الْحَرِير بنزعه لِأَن عمر رضي الله عنه أَمرهم بِهِ
وَالسَّابِع يجوز أَن يُقَال ثوب الْحَرِير لِبَاس أهل النَّار لِأَن عمر رضي الله عنه قَالَ
وَالثَّامِن أَن الْجَاهِل بِتَحْرِيم الْحَرِير إِذا لبسه يسْتَحق أدنى التَّعْزِير وَهُوَ الْأَعْرَاض والتغيير لِأَنَّهُ عمر رضي الله عنه لم يعزرهم بِأَكْثَرَ مِنْهُ
وَالتَّاسِع يجوز للَّذي أعرض عَنهُ أَمَامه وَتغَير عَلَيْهِ أَن يسْأَله عَن سَببه كَمَا سَأَلُوا عمر رضي الله عنه
والعاشر إِذا أَمر الْمُحْتَسب رجلا بِنَزْع ثوب الْحَرِير عَنهُ يأتمره وَينْزع فِي الْحَال وَلَا يلبث لأَنهم نزعوا فِي الْحَال عقيب أمره لِأَن الْفَاء للتعقيب
قَالَ العَبْد وَمَا عرفت فِي لِبَاس الْحَرِير فأعرفه فِي كل مُنكر لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْعلَّة وَذكر فِي شرح الْكَرْخِي كَانَ أَبُو حنيفَة رحمه الله لَا يرى بَأْسا بِأَرْبَع أَصَابِع حَرِير من عرض الثَّوْب قلت فَإِن كَانَ قلنسوة فَهِيَ من أَربع أَصَابِع فِي عرض ثوب قَالَ لَا يَنْبَغِي ذَلِك لِأَن مِقْدَار أَرْبَعَة أَصَابِع فِي جملَة الثَّوْب تَابع فَلَا يمْنَع مِنْهُ كَالْعلمِ فِي الثَّوْب وَأما القلنسوة من الْحَرِير فَلَيْسَتْ تَابِعَة لغَيْرهَا فَيكْرَه كَمَا يكره الثَّوْب من الْحَرِير