الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب الْعشْرُونَ
فِي الاحتساب على الْوَالِدين وَالْأَوْلَاد
وَاعْلَم بِأَن الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر لَا يسْقط بِحَق الْأُبُوَّة والأمومة لِأَن النُّصُوص مُطلقَة وَلِأَن الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر لمَنْفَعَة الْمَأْمُور والمنهى وَالْأَب وَالأُم أَحَق أَن يُوصل الْوَلَد إِلَيْهِمَا الْمَنْفَعَة وَقَالَ الله تَعَالَى خَبرا عَن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عليه السلام أَنه سَأَلَ أَبَاهُ عَن الْحجَّة على دينه الْبَاطِل وَبَين تعريضا حجَّته على بطلَان دين أَبِيه قَالَ الله تَعَالَى خَبرا عَنهُ {يَا أَبَت لم تعبد مَا لَا يسمع وَلَا يبصر وَلَا يُغني عَنْك شَيْئا} فَلَمَّا ظهر عجزة وَتبين قبح دينه أخبرهُ عَن نَفسه بِأَنَّهُ أُوتِيَ من الْعلم مَا لم يُؤْت ذَلِك إِيَّاه فَقَالَ يَا أَبَت قد جَاءَنِي من الْعلم مَا لم يأتك الْآيَة فَلَمَّا أثبت أَنه عَالم وَأَبوهُ جَاهِل أمره بِالْمَعْرُوفِ ووعده وَعدا حسنا فَقَالَ فاتبعني أهدك صراطا سويا وَنَهَاهُ عَن الْمُنكر وَبَين لَهُ مَادَّة الْمُنْكَرَات وَهِي مُتَابعَة الشَّيْطَان وَبَين مذمة الشَّيْطَان فَقَالَ {يَا أَبَت لَا تعبد الشَّيْطَان إِن الشَّيْطَان كَانَ للرحمن عصيا} ثمَّ بَين الْوَعيد على مُخَالفَته فَقَالَ يَا أَبَت أَنِّي أَخَاف أَن يمسك عَذَاب من الرَّحْمَن
فَتكون للشَّيْطَان وليا) ثمَّ إِن الْوَلَد إِذا أَمر أَبَاهُ يتبع الْخَلِيل وَيبين الدَّلِيل ويلين الْقلب العليل وَيهْدِي السَّبِيل فَإِن أَجَابَهُ فبها وَإِن عَارضه بمكروه أعرض عَنهُ بِمَعْرُوف وَلَا يتَعَرَّض لَهُ بعد ذَلِك ويشتغل بالاستغفار لِأَن الْخَلِيل لما سمع من أَبِيه مَكْرُوها وَهُوَ قَوْله تَعَالَى خَبرا عَن أَبِيه {لَئِن لم تَنْتَهِ لأرجمنك واهجرني مَلِيًّا} فاعرض الْخَلِيل بِمَعْرُوف وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {سَلام عَلَيْك} ووعد لَهُ بالاستغفار فَقَالَ {سأستغفر لَك رَبِّي} وَقد أنْجز وعده فَقَالَ {واغفر لأبي إِنَّه كَانَ من الضَّالّين} وَلِهَذَا ذكر فِي شرعة الْإِسْلَام وَالسّنة فِي أَمر الْوَالِدين بِالْمَعْرُوفِ أَن يأمرهما بِهِ مرّة فَإِن قبلا فبها وَإِن كرها سكت عَنْهُمَا واشتغل بِالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَار لَهما فَإِن الله تَعَالَى يكفية مَا يهمه من أَمرهمَا وَمن بلغه مَعْصِيّة رجل يحل لَهُ أَن يكْتب إِلَى أَبِيه أَن علم أَن أَبَاهُ يقدر على مَنعه وَإِلَّا فَلَا كَيْلا تقع الْعَدَاوَة بَينهمَا غَرَض من الْخَانِية
وَذكر فِي غضب الْمُلْتَقط وَيحل للْأُم أَن تمنع ابْنهَا من الْجِهَاد وَأَن امْتنع بقولِهَا فَإِن لم يمْتَنع لَا تَمنعهُ