المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في الاحتساب على من كشف عورته أو نظر إلى عورة غيره - نصاب الاحتساب

[السنامي]

فهرس الكتاب

- ‌فِي تَفْسِير اللَّفْظَيْنِ المتداولين فِي هَذَا الْكتاب أَحدهمَا الاحتساب وَالثَّانِي الْحِسْبَة

- ‌الاحتساب على من يستخف بالحروف والكواغد وَنَحْوهَا

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فِي الاحتساب على المخنث

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فِي الْفرق بَين الْمُحْتَسب الْمَنْصُوب والمتطوع

- ‌فِي التَّعْزِير

- ‌مَسْأَلَة

- ‌ مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فِي الاحتساب على الْفُقَرَاء

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌الْجَواب

- ‌الْجَواب

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فِي الاحتساب على الظَّالِم بإعانة الْمَظْلُوم

- ‌فِي الاحتساب على النِّسَاء

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فِي الاحتساب بِسَبَب الغلمان

- ‌فِي الاحتساب فِي الْأكل وَالشرب والتداوي

- ‌فِي الاحتساب على اللّعب

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌فِي الاحتساب على الْقُضَاة وأعوانهم

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فِي الاحتساب على من يتَصَرَّف فِي الْمَقَابِر مَا يجوز وَمَا لَا يجوز

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌فِي الاحتساب فِي من يخبر الْمُحْتَسب بالمنكرات

- ‌فِي الاحتساب فِي الْمَسْجِد

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌فِي الاحتساب على من يحضر للتعزية فِي الْمَسْجِد والمقابر فِي الْيَوْم الثَّانِي وَالثَّالِث من الْمَوْت وَبَيَان مَا فِيهِ من الْأُمُور الْمُحرمَة والمكروهة

- ‌فِي الاحتساب على الخطباء

- ‌فِي الاحتساب على من حلف بِغَيْر الله تَعَالَى اَوْ حلف بِهِ

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فِي الاحتساب على من يتَكَلَّم بِكَلِمَات الْكفْر

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فِي الاحتساب على الْوَالِدين وَالْأَوْلَاد

- ‌فِي الاحتساب فِي الْخُصُومَة الْوَاقِعَة بَين الْجِيرَان

- ‌فِي تَفْضِيل منصب الاحتساب

- ‌فِي الاحتساب على من كشف عَوْرَته أَو نظر إِلَى عَورَة غَيره

- ‌فِي الاحتساب على من يظْهر الْقُبُور الكاذبة وَيُشبه الْمَقَابِر بِالْكَعْبَةِ

- ‌فِي الاحتساب بِسَبَب الصُّورَة فِي الْبَيْت

- ‌فِي الاحتساب فِي الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَغَيرهمَا من أَنْوَاع الْأَثْمَان

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فِي الاحتساب على أهل الذِّمَّة

- ‌فِي الاحتساب على الْمُسَافِرين

- ‌فِي الاحتساب بالاحراق

- ‌فِي الْفرق بَين الْمُحْتَسب وَبَين المتعنت

- ‌فِي الاحتساب على من يكْتب التعويذ ويستكتبه

- ‌فِي الاحتساب على من يَأْخُذ شَيْء على الاحتساب من النَّاس

- ‌فِي الاحتساب فِي بَاب الْعلم

- ‌فِي الاحتساب على السَّحَرَة والزنادقة والرقية وَنَحْوهم

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فِي الاحتساب فِيمَا يجوز التَّصَرُّف فِي ملك الْغَيْر وَغير الْملك عقارا أَو عرُوضا

- ‌فِي الاحتساب فِي اتلاف البنج على الْمُسلم وتعزير اكله وشاربه

- ‌فِي الاحتساب على من اسْتعْمل الذَّهَب وَالْفِضَّة وَغَيرهمَا

- ‌فِي الاحتساب فِي الثِّيَاب

- ‌فِي الاحتساب على من ينظر بِغَيْر حل

- ‌فِي الاحتساب على أهل الِاكْتِسَاب

- ‌فِي الاحتساب على المماليك

- ‌فِيمَا يتَعَلَّق بمسائل الْمَوْتَى

- ‌فِي إِرَاقَة الْخمر وَقتل الْخِنْزِير

- ‌فِي الاحتساب على أَصْحَاب الزروع والباغات

- ‌فِي الاحتساب على من يفعل فِي جسده أَو شعره أَو فِي اسْمه بِدعَة

- ‌فِي الاحتساب فِي فعل الْبدع من الطَّاعَات وَترك السّنَن

- ‌فِيمَا تسْقط بِهِ فَرِيضَة الاحتساب

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌الْجَواب

- ‌الْجَواب

- ‌فِي الاحتساب على المفرط فِي التَّوَاضُع للنَّاس

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌فِي الْفرق بَين الْمُحْتَسب الْمَنْصُوب وَبَين الْمُحْتَسب المتطوع

- ‌فِي بَيَان سَبَب انتساب الاحتساب إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ

- ‌فِي الملاهي وأواني الْخمر

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فِي بَيَان اداب الاحتساب

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فِي الاحتساب على من يظْهر الْبدع فِي الْبيُوت وَفِي هجوم الْمُحْتَسب على بيُوت المفسدين بِلَا اذنهم

- ‌فِيمَا يمْنَع الْمُحْتَسب من الطَّرِيق وَمَا لَا يمْنَع

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌فِي الاحتساب فِي الصَّلَاة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌الاحتساب فِي الدَّوَابّ

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌فِي الاحتساب على الطَّيرَة والتكهن والتنجيم وَنَحْوهَا

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فِي الاحتساب على الطباخ

- ‌فِي بَيَان كَلِمَات الْكفْر وَالْمَعْصِيَة

- ‌فِي الاحتساب على الْبدع فِي الانكحة

- ‌فِي الاحتساب على بدع شعر الرَّأْس

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فِي الاحتساب على الْمُذكر وعَلى سامعي التَّذْكِير

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌فِي الاحتساب فِيمَا يُقَام بِهِ التَّعْزِير وَتَعْلِيق الدرة على بَاب الْمُحْتَسب وَغير ذَلِك مِمَّا يُنَاسِبه

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

- ‌فِي الاحتساب بالاخراج من الْبَيْت

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْجَواب

الفصل: ‌في الاحتساب على من كشف عورته أو نظر إلى عورة غيره

الْبَاب الثَّالِث وَالْعشْرُونَ

‌فِي الاحتساب على من كشف عَوْرَته أَو نظر إِلَى عَورَة غَيره

النّظر إِلَى عَورَة الْغَيْر وَإِن كَانَت غَلِيظَة يجوز للمحتسب

كَمَا إِذا رأى رجلا يَزْنِي بِامْرَأَة فَإِن كَانَت بنية الْحِسْبَة يجوز لَهُ أَن ينظر إِلَى عورتهما كالسكين فِي الغمد لِأَن فِيهِ ضَرُورَة وَيَتَّقِي الشَّهْوَة مَا اسْتَطَاعَ لِأَنَّهَا حرَام فِي الْكِفَايَة الشعبية فِي الِاسْتِحْسَان أوحى الله تَعَالَى إِلَى مُوسَى عليه السلام ان اتَّقِ الله تَعَالَى فِي النّظر فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْء يستوحب سخطي مَا يسْتَوْجب النّظر وَعَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم انه قَالَ لعن الله تَعَالَى النَّاظر والمنظور إِلَيْهِ وَمن لم يستر الرّكْبَة يُنكر عَلَيْهِ بِرِفْق لِأَن فِي كَونهَا عَورَة إختلافا مَشْهُورا وَمن لم يستر الْفَخْذ يعنف عَلَيْهِ وَلَا يضْرب لِأَن فِي كَونه عَورَة خلاف عِنْد بعض أهل الحَدِيث

وَمن لم يتسر السوءة يُؤَدِّي ان لج لِأَنَّهُ لَا خلاف فِي كَونهَا عَورَة من

ص: 216

كَرَاهِيَة الْهِدَايَة وَقَالَ الله تَعَالَى وَقل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم ويحفظوا فروجهم ذَلِك أزكى لَهُم وَالله خَبِير بِمَا يصنعون {وَقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن وَلَا يبدين زينتهن} الْآيَة

ذكر الإِمَام نَاصِر الدّين البستي رَحمَه الله تَعَالَى الله من أَبْصَارهم فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال

أَحدهمَا أَن من هُنَا زَائِدَة أَي يغضوا أَبْصَارهم وَهَذَا قَول السّديّ

وَالثَّانِي أَنَّهَا مستعملة فِي مُضر تَقْدِيره يغضوا أَبْصَارهم عَمَّا لَا يحل لَهُم من النّظر وَهَذَا قَول قَتَادَة

وَالثَّالِث أَنَّهَا مستعملة فِي الْمظهر لِأَن غض أَبْصَارهم عَن الْحَلَال لَا يلْزم وَإِنَّمَا يلْزم غضها عَن الْحَرَام فَلذَلِك دخل حرف التَّبْعِيض فِي غض الْأَبْصَار أَي لَا يغضوا أَبْصَارهم عَن كل الْأَشْيَاء بل عَن بَعْضهَا وَهُوَ الْحَرَام وَهَذَا قَول ابْن شَجَرَة

والنظرة الأولى عَفْو وَالَّتِي تَلِيهَا عمد وَفِي الْأَثر يَا ابْن آدم لَك النظرة الأولى فَمَا بَال الثَّانِيَة قَالَ الْجَصَّاص خص هَذَا بِمَا إِذا كَانَت الأولى سَهوا فَإِنَّهَا تكون عفوا فَأَما إِذا كَانَت الأولى عمدا وَالثَّانيَِة سَهوا فَلَا تحل الأولى وَلَا الثَّانِيَة ويحفظوا فروجهم أَي يعفوا والعفاف إِنَّمَا يكون عَن الْحَرَام فَلذَلِك لم يدْخل

ص: 217

التَّبْعِيض كَمَا دخل فِي غض الْأَبْصَار وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة المُرَاد حفظ الْفرج عَن الْأَبْصَار حَتَّى لَا ينْكَشف وكل مَوضِع ذكر فِيهِ الْفرج فَهُوَ فِي الزِّنَا إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضُوع فَإِن المُرَاد بِهِ السّتْر وَسميت فروجا لِأَنَّهَا منافذ الْجوف ومسالك الطّرق

وَقَالَ الثعالبي روى عبَادَة بن الصَّامِت عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم اضمنوا لي سِتا من أَنفسكُم أضمن لكم الْجنَّة أصدقوا إِذا حدثتم وأوفو إِذا وعدتم وأدوا أماناتكم واحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم وَكفوا أَيْدِيكُم وَعَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي خبر مَرْفُوع النّظر إِلَى محالسن الْمَرْأَة سهم مَسْمُوم من سِهَام ابليس فَمن رد بَصَره إبتغاء ثَوَاب الله تَعَالَى بدله بذلك عبَادَة تسيره إِلَى الْجنَّة وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ بَيْنَمَا رجل يُصَلِّي إِذْ مرت بِهِ امْرَأَة فَنظر إِلَيْهَا واتبعها بَصَره فَذَهَبت عَيناهُ

الزِّينَة مَا تتزين بِهِ الْمَرْأَة من الثِّيَاب والحلي وَنَحْوهمَا قَالَ الله تَعَالَى خُذُوا

ص: 218

زينتكم عِنْد كل مَسْجِد) قَالَ الشَّاعِر

(يَأْخُذن زينتهن أحسن مَا ترى

فَإِذا عطلن فهن غير عواطل)

والزينة الظَّاهِرَة لَا يجب سترهَا وَلَا يحرم النّظر إِلَيْهَا لقَوْله تَعَالَى {إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} وفيهَا ثَلَاثَة أَقْوَال

أَحدهمَا أَنَّهَا الثِّيَاب وَهَذَا قَول ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ

وَالثَّانِي هُوَ الْكحل والخاتم وَهَذَا قَول ابْن عَبَّاس رضي الله عنه والمسور بن مخرمَة

وَالثَّالِث الوجة والكفان وَهَذَا قَول الْحسن وَسَعِيد بن جُبَير وَعَطَاء

ص: 219

وَأما الْبَاطِنَة فقد قَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ هِيَ القرط والقلادة والدملج والخلخال وَاخْتلف فِي السوار فَروِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا من الزِّينَة الْبَاطِنَة وَهُوَ أشبه لمجاوزة الْكَفَّيْنِ فَأَما الخضاب فَإِن كَانَ فِي الْكَفَّيْنِ فَهُوَ من الزِّينَة الظَّاهِرَة وَإِن كَانَ فِي الْقَدَمَيْنِ فَهُوَ من الْبَاطِنَة وَهَذِه الزِّينَة يحرم النّظر إِلَيْهَا من الْأَجَانِب دون الْمَحَارِم وَرُوِيَ أَن الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَا يدخلَانِ على أختهما أم كُلْثُوم وَهِي تمتشط وَزَعَمت الضوفية أَن الزِّينَة الظَّاهِرَة هِيَ الدُّنْيَا فَلَا يتظاهر بهَا ويتفاخر بزينتها إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا وَقَالُوا أَيْضا إِنَّهَا الطَّاعَة الظَّاهِرَة وَالطَّاعَة الْبَاطِنَة والتأويلان بعيدان قَالَ الْجَصَّاص قَالَ أَصْحَابنَا يُرِيد بِهِ الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ لِأَن الْكحل من زِينَة الْوَجْه والخاتم من زِينَة الْكَفَّيْنِ فَإِذا أَبَاحَ النّظر إِلَى زِينَة الْوَجْه والخاتم كَانَ ذَلِك إِبَاحَة النّظر إِلَى الْوَجْه وَكَذَلِكَ الْكَفّ قَالَ

ص: 220

وَيدل على ذَلِك أَن الْمَرْأَة يجوز لَهَا أَن تصلي مكشوفة الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ وَلَو كَانَت من الْعَوْرَة لم يجز لَهَا ذَلِك قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث فِي كتاب الِاسْتِحْسَان كُنَّا نشك فِي الْمَرْأَة تصلي وَظهر قدميها مكشوفة حَتَّى وجدت رِوَايَة عَن الْحسن عَن أبي حنيفَة أَن صلَاتهَا جَائِزَة وعَلى قِيَاس هَذَا يجوز النّظر إِلَى ظهر قدميها وَهَذَا إِذا كَانَ النّظر بِغَيْر شَهْوَة وَأما إِذا كَانَ النّظر للشهوة فَإِنَّهُ لَا يجوز إِلَّا عِنْد الْأَعْذَار وَهِي الشَّهَادَة من القَاضِي وَمن الشَّاهِد وَإِذا أَرَادَ أَن يَتَزَوَّجهَا جَازَ لَهُ النّظر إِلَيْهَا وَإِن اشْتهى وَعند الْحَاجة إِلَى العلاج وَسَأَلَهُ عليه السلام الْمُغيرَة بن شُعْبَة عَن امْرَأَة يُرِيد أَن يَتَزَوَّجهَا فَقَالَ لَو نظرت إِلَيْهَا لَكَانَ أولى أَن يُؤْدم أَي يؤلف وَيجمع

وَقَوله تَعَالَى وَليَضْرِبن بخموهن على جُيُوبهنَّ الْخمر المقانع أمرن بإلقائها على صدورهن تغظية لنحورهن وَيُقَال كَانَت قمصانهن مفروجات الْجُيُوب كالدرعة تبدو مِنْهَا صدورهن فامرن بإلقاء الْخمر عَلَيْهَا لتسترها وكني عَن الصُّدُور بالجيوب لِأَنَّهَا ملبوسة عَلَيْهَا {وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا لبعولتهن} أَي الزِّينَة الْبَاطِنَة يجوز ابداؤها لزَوجهَا وَذَلِكَ لاستدعائه إِلَيْهَا ورغبته فِيهَا وَلذَلِك

ص: 221

لعن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من النِّسَاء السلتاء والمرهاء فالسلتاء الَّتِي لَا تخضب والمرهاء الَّتِي تكتحل وَلعن المتسوفة والمغسلة فالمتسوفة الَّتِي إِذا دَعَاهَا زَوجهَا إِلَى الْمُبَاشرَة قَالَت سَوف أفعل والمغسلة الَّتِي إِذا دَعَاهَا زَوجهَا قَالَت إِنِّي حَائِض وَلَيْسَ كَذَلِك وَلعن العائضة والمعوضة فالعائضة الْحَائِض الَّتِي لَا تعلم زَوجهَا بحيضها حَتَّى يُصِيبهَا والمعوضة الَّتِي تَدعِي أَنَّهَا حَائِض وَلَيْسَت بحائض لينكل عَن إصابتها

فُصُول من أَحْكَام الْآيَة من كَلَام الْجَصَّاص قَالَ أَبُو بكر قَوْله وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ فِيهِ دَلِيل على أَن صدر الْمَرْأَة ونحرها عَورَة لَا يجوز للْأَجْنَبِيّ النّظر إِلَيْهَا مِنْهَا قَالَ وَقَوله تَعَالَى {وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} يَقْتَضِي ظَاهره إِبَاحَة إبداء مَوَاضِع الزِّينَة الظَّاهِرَة وَهُوَ الْوَجْه وَالْيَد لِأَن فِيهَا السوار وَالْقلب وَقَوله لَا يبدين زينتهن إِلَّا لبعولتهن وآبائهن إِلَخ هَذِه الْآيَة تَقْتَضِي إِبَاحَة النّظر للمذكورين إِلَى مَوضِع الزِّينَة الْبَاطِنَة وَعَن ابراهيم قَالَ ينظرُونَ إِلَى مَا فَوق الدرْع من الْأذن وَالرَّأْس قَالَ أَبُو بكر رضي الله عنه لَا معنى لتخصيص الْأذن وَالرَّأْس بذلك إِذا لم يخصص الله تَعَالَى شَيْئا من مَوَاضِع الزِّينَة دون مَا ذكر مَعَه فَاقْتضى عُمُومه إِبَاحَة النّظر إِلَى مَوَاضِع

ص: 222

الزِّينَة لهَؤُلَاء الْمَذْكُورين كَمَا اقْتضى إباحتها للزَّوْج وَلما ذكر الله تَعَالَى مَعَ الْآبَاء ذَوي الْأَرْحَام الَّذين يحرم عَلَيْهِم نِكَاحهنَّ تَحْرِيم مُؤَبَّدًا دلّ ذَلِك على أَن من كَانَ فِي التَّحْرِيم بمثابتهن فَحكمه حكمهم مثل زوج الْبِنْت وَأم الْمَرْأَة والمحرمات من الرضَاعَة ونحوهن وَهَذَا التَّحْرِيم مَقْصُور على الْحَرَائِر لِذَوي محارمهن لِأَنَّهُ خلاف فَإِن للْأَجْنَبِيّ النّظر إِلَى شعر الْأمة وَعَن عمر رضي الله عنه أَنه كَانَ يضْرب الْأمة على ستر الرَّأْس وَيَقُول أتتشبهن بالحرائر يادفار وَلَا خلاف أَن للْأمة أَن تُسَافِر بِغَيْر محرم فَكَأَن سَائِر النَّاس لَهَا كذوي الْمَحَارِم للحرائر حَتَّى جَازَ لَهُم السّفر بِهن وَرُوِيَ عَن النَّبِي عليه السلام أَنه قَالَ لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه تَعَالَى وَالْيَوْم الآخر أَن تُسَافِر سفرا فَوق ثَلَاثَة أَيَّام إِلَّا مَعَ ذَوي رحم محرم أَو زوج فَلَمَّا داز للْأمة أَن تُسَافِر بِغَيْر محرم علمنَا أَنَّهَا بِمَنْزِلَة الْحرَّة لِذَوي محرمها فَمَا يستباح النّظر إِلَيْهِ مِنْهَا من الْمَحَارِم يستباح إِلَيْهِ من الْأمة رُوِيَ أَن الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَا يدخلَانِ على أختهما أم كُلْثُوم وَهِي تمتشط قَالَ وَالْآيَة مَخْصُوصَة فِي نظر الرِّجَال دون النِّسَاء لِأَن الْمَرْأَة يجوز لَهَا أَن تنظر من الْمرْآة مَا يجوز للرجل أَن ينظر من الرجل وَهُوَ السُّرَّة وَمَا فَوْقهَا وَمَا تَحت الرّكْبَة والمحظور عَلَيْهَا من بَعضهنَّ بِبَعْض مَا تَحت السُّرَّة إِلَى الرّكْبَة

ص: 223

قَوْله تَعَالَى أَو نسهائهن أَي نسَاء الْمُؤْمِنَات لَا يحل لامْرَأَة أَن تتجرد بَين يَدي امْرَأَة مُشركَة إِلَّا أَن تكون المشركة أمة لَهَا وَقَوله تَعَالَى أوما ملكت أيمانهن تَأَوَّلَه ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة وام سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم على أَن للْعَبد أَن ينظر إِلَى شعر مولاته وَقَالَ ابْن مَسْعُود وَمُجاهد وَالْحسن وَابْن سِيرِين وَسَعِيد بن الْمسيب ان العَبْد لَا ينظر إِلَى شعر مولاته وَهُوَ مَذْهَب أَصْحَابنَا إِلَّا أَن يكون ذَا رحم محرم مِنْهَا وتأولوا قَوْله تَعَالَى {أَو مَا ملكت أيمانهن} على الأماء لِأَن العَبْد وَغَيره من الْأَجْنَبِيّ فِي التَّحْرِيم مَعَ الْحر سَوَاء قَالَ وَفَائِدَة تَخْصِيص النِّسَاء فِي قَوْله تَعَالَى {أَو نسائهن} أَن جمع مَا ذكر قبلهن هم الرِّجَال فَكَانَ جَائِزا أَن يظنّ ظان أَن الرِّجَال مخصوصون بذلك إِذا كَانُوا ذَوي محارم فَبين إِبَاحَة النّظر إِلَى هَذِه المواقع للنِّسَاء سَوَاء كن ذَوَات محارم أَو غير ذَوَات محارم ثمَّ عطف على ذَلِك الْإِمَاء بقوله {أَو مَا ملكت أيمانهن} لِئَلَّا يظنّ أَن الاباحة مَقْصُورَة على الْحَرَائِر من النِّسَاء دون الْإِمَاء كَمَا كَانَ قَوْله {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم} على الْحرار دون الأماء

الأيامي جمع الايم وَهُوَ من لَا زوج لَهُ من رجل وَامْرَأَة يُقَال رجل ايم وَامْرَأَة أيمة وَفِي الحَدِيث نَعُوذ بِاللَّه تَعَالَى من الأيمة والعيمة وَالْغنيمَة وَالْأَيمَة

ص: 224

أَن تبقى بِلَا زوج والعيمة شَهْوَة اللَّبن والغيمة أَن لَا تروى من شرب المَاء

وَقَوله تَعَالَى {شهيدين من رجالكم} أَي الْأَحْرَار لاضافتهم إِلَيْنَا كَذَلِك قَوْله {أَو نسائهن} مَحْمُول على الْحَرَائِر ثمَّ عطف عَلَيْهِنَّ الْإِمَاء فأباح لَهُنَّ مثل مَا أَبَاحَ فِي الْحَرَائِر وَقَوله {أَو التَّابِعين غير أولي الإربة من الرِّجَال} رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَقَتَادَة وَمُجاهد رضي الله عنهم قَالُوا التَّابِع الَّذِي يتبعك ليصيب من طَعَامك وَلَا حَاجَة لَهُ فِي النِّسَاء وَقَالَ الْجَصَّاص فِيهِ ثَمَانِيَة أوجه

أَحدهمَا انه الصَّغِير الَّذِي لَا حَاجَة لَهُ فِي النِّسَاء لصغره هُوَ قَول ابْن زيد

وَالثَّانِي مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه الَّذِي لَا تَسْتَحي مِنْهُ النِّسَاء

وَالثَّالِث قَول عِكْرِمَة أَنه هُوَ الْعنين

وَالرَّابِع قَول مُجَاهِد وَعَطَاء وَطَاوُس وَالْحسن انه هُوَ الأبله

ص: 225

وَالْخَامِس قَول بَعضهم انه هُوَ الأحمق الَّذِي لَا إرب لَهُ فِي النِّسَاء وَهُوَ قَول قَتَادَة

وَالسَّادِس انه الْمَجْنُون لفقد إربه وَهُوَ قَول مأثور

وَالسَّابِع أَنه الشَّيْخ الْهَرم وَهُوَ قَول يزِيد بن أبي حبيب

وَالثَّامِن انه المستطعم الَّذِي لَا يهمه إِلَّا بَطْنه وَهُوَ قَول مُجَاهِد

وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها أَنه كَانَ يدْخل فِي أَزوَاج النَّبِي عليه السلام مخنث وَكَانُوا يعدونه من غير الوي الإربة قَالَت فَدخل النَّبِي عليه السلام وَهُوَ ينعَت امْرَأَة فَقَالَ عليه السلام أرى هَذَا يعلم مَا هَا هُنَا لَا يدْخل عَلَيْكُم فحجبوه وَعَن أم سَلمَة رضي الله عنها أَن النَّبِي عليه السلام دخل عَلَيْهَا وَعِنْدهَا مخنث فَأقبل على أخي أم سَلمَة فَقَالَ يَا عبد الله لَو فتح الله تَعَالَى لكم الطَّائِف دللتك على بنت غيلَان فَإِنَّهَا تقبل بِأَرْبَع وتدبر بثمان فَقَالَ أرى هَذَا يعرف مَا هَا هُنَا لَا يدخلن عليكن فأباح النَّبِي عليه السلام دُخُول المخنث عَلَيْهِنَّ حِين ظن أَنه من غير أولي الإربة فَلَمَّا عرف أَنه يعرف أَحْوَال النِّسَاء وأوصافهن علم أَنه من أولي الإربة

والإربة الْحَاجة وَهِي من الإرب فِي قَول قطرب وَيُقَال هُوَ من الإرب

ص: 226

وَهُوَ الْعقل قَالَ الْفَقِيه رحمه الله روى فِي خبر عَائِشَة رضي الله عنها أَن النَّبِي عليه السلام كَانَ يقبل نِسَاءَهُ وَهُوَ صَائِم وَكَانَ أملككم لإربه أَي لِحَاجَتِهِ ويروى أَنه الإربة بِالْكَسْرِ وَسُكُون الرَّاء أَي لعقله والطفل الَّذين لم يظهروا على عورات النِّسَاء فِيهِ ثَلَاثَة أوجه

أَحدهَا لم يكشفوا عَن عورات النِّسَاء وَلم يطلعوا عَلَيْهَا لعدم شهوتهم

وَالثَّانِي لم يعرفوا عورات النِّسَاء لعدم تمييزهم

وَالثَّالِث لم يطبقوا جمع النِّسَاء

فَأَما الشَّيْخ فَإِن بقيت فِيهِ شَهْوَة فَهُوَ كالشاب وَإِلَّا فَلَا بَأْس بنظره إِلَى الزِّينَة الْبَاطِنَة وقرأت فِي بعض الْكتب أَن مُعَاوِيَة دخل دَار النِّسَاء وَمَعَهُ خصي مجبوب فتنفرت مِنْهُ امْرَأَة فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة امْرَأَة فَقَالَت أَتَرَى أَن المثله بِهِ قد أحلّت مَا حرم الله تَعَالَى من النّظر فتعدب من فطنتها وفقهها

والعورة إِنَّمَا سميت عَورَة من العور لِأَنَّهُ يجب غض الْبَصَر عَنْهَا قَالَ الْفَقِيه بل هِيَ من العوراء لِأَنَّهُ يكْشف من العوراء كَمَا يُسمى الشَّيْء باسم سَببه كَمَا قيل لِلْفَرجِ سوأة لِأَنَّهُ إِذا انْكَشَفَ يسوء صَاحبه كَمَا يسوء بِظُهُور الْعَوْرَة

ص: 227

وَلَا يضربن بأرجلهن ليعلم مَا يخفين من زينتهن قَالَ قَتَادَة كَانَت الْمَرْأَة تضرب رجلهَا إِذا مشت لتسمع قعقعة خلْخَالهَا فنهين عَن ذَلِك لِأَنَّهُ فِي معنى التبرج لقَوْله تَعَالَى وَلَا يتبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى قَالَ الشَّيْخ أَبُو بكر الْآيَة تدل على معَان كَثِيرَة مِنْهَا أَن النَّهْي إِذا كَانَ مَعَ إخفاء صَوت الحلى فبإخفاء صَوت النِّسَاء أولى وَهُوَ يدل على صِحَة القَوْل بِالْقِيَاسِ الْحلِيّ على الْخَفي وَفِيه دَلِيل على أَن الْمَرْأَة منهية عَن رفع صَوتهَا بالْكلَام لِأَنَّهَا أقرب إِلَى الْفِتْنَة من صَوت الخلخال وَلذَلِك كره أَصْحَابنَا آذان النِّسَاء وَيدل على حظر النّظر إِلَى وَجههَا للشهوة إِذا كَانَ أقرب للزِّينَة وأدعى إِلَى الْفِتْنَة

ص: 228