الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ
فِي الاحتساب فِي اتلاف البنج على الْمُسلم وتعزير اكله وشاربه
ذكر فِي شرح الْكَرْخِي وَقد قَالُوا أَن شرب البنج يجوزللتداوي فَإِذا أَزَال الْعقل لم يجز قَالَ العَبْد أصلحه الله تَعَالَى سَمِعت شيخس وأستاذي الْعَالم الْفَاضِل كَمَا الدّين السنامي أَن شَابًّا من أهل بُخَارى سَأَلَ الشَّيْخ الْعَالم الْمُجْتَهد بَقِيَّة السّلف حميد الدّين الضَّرِير رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ على الْمِنْبَر عَن البنج فَلم يجبهُ بِشَيْء ثمَّ سَأَلَهُ فِي أُسْبُوع آخر فَلم يجبهُ فَسَأَلَهُ فِي الْأُسْبُوع الثَّالِث فَغَضب عَلَيْهِ وَقَالَ أَي رندك بنشين تاهفته ويكر جَوَاب بكويم فَلَمَّا نزل عَن منبره أَتَى صدر جهان بُخَارى وَقَالَ مروا كبار الْعلمَاء ومجتهديهم أَن يحضروا فَجمع الْعلمَاء الَّذين كَانُوا من أهل الْفَتْوَى وَالِاجْتِهَاد فِي زماته فَقَالَ افْتَحْ
لنا بَاب خزانَة الْكتب وَأمرهمْ أَن ينْظرُوا فِي الْكتب هَل يَجدوا رِوَايَة فِي حُرْمَة البنج عَن أَصْحَابنَا فنظروا فِيهَا فوجدوا رِوَايَة عَن أبي حنيفَة أَن البنج حرَام فَأَجْمعُوا على حرمته لما رَأَوْا من الْمصلحَة فِيهِ فان اجْتِمَاع الْفُسَّاق عَلَيْهِ كاجتماعهم على المسكرات فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْوَعْظ صعد الإِمَام حميد الدّين الْمِنْبَر وَأخذ فِي الْوَعْظ والنصيحة فَقَالَ فِي تضاعيف كَلَامه أَيْن السَّائِل عَن البنج فَقَامَ الشَّاب وَقَالَ هَا أَنا ذَاك فَقَالَ وجدنَا رِوَايَة عَن أبي حنيفَة رحمه الله الله أَنه حرَام وأجمعنا على ذَلِك فَثَبت بِهَذَا الاجماع أَنه حرَام وَذكر فِي شَأْن قَوْله وَمن ذهب عقله بالبنج لَا يَقع طَلَاقه وَلَا يَصح إِقْرَاره قلت إِنَّمَا لَا يَقع طَلَاق البنج إِذا لم يعلم أَنه بنج أما إِذا علم وأقدم على أكله يَقع طَلَاقه وَذكر صَاحب الْمُحِيط فِي هَذَا تَفْصِيلًا مَنْقُولًا عَن أبي حنيفَة رحمه الله أَن السكر من البنج حرَام وَأَن طرق البنج وَاقع وَيحد شَاربه إِذا سكر مِنْهُ وَهَكَذَا عِنْد الشَّافِعِي فَإِن قيل ذكر فِي الْهِدَايَة وَغَيرهَا أَنه مُبَاح فَلَا يعْتَبر خبر الْوَاحِد مُخَالفا فَنَقُول خبر الْوَاحِد إِذا كَانَ فَقِيها يجب الْعَمَل بِهِ وَنقل الْإِجْمَاع مثل نقل الحَدِيث وَأما رِوَايَة الْهِدَايَة فَلَا ننكره وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن لَا يكون فِيهِ رِوَايَة أُخْرَى على أَنه ذكر فِي التَّعْلِيق على مَذْهَب الشَّافِعِيَّة أَن البنج حرَام فَإِذا انْعَقَد إِجْمَاع الْمُتَأَخِّرين على قَول مُجْتَهد يصير إِجْمَاعًا مُعْتَبرا لَا يجوز لمن بعدهمْ خِلَافه قَالَ العَبْد وَالدَّلِيل على أَن البنج حرَام ظَاهر لِأَن أهل الطِّبّ ذكرُوا البنج من السمُوم والسم بأنواعه حرَام فَكَذَا البنج وَلِأَنَّهُ مُضر يتَوَلَّد مِنْهُ كثير من الْأَمْرَاض يعرف ذَلِك فِي كتب الطِّبّ والمضر
حرَام كالطين فَإِن قَالَ لَو كَانَ مضرا لم يَأْكُلهُ الْعُقَلَاء ولظهر ضَرَره فيهم فَنَقُول لَعَلَّهُم يَأْكُلُون بِمَا يدْفع ضَرَره وَبِه لَا يعرف أَنه غير مُضر فَإِنَّهُ جابس بَارِد على طبيعة الْمَوْت فَلَو أكله آكل وَلم يَأْكُل بعده طَعَاما فِيهِ سمن أَو دهن لقَتله فَعلم أَنه مُضر وَمَا كَونهم عقلاء فَهُوَ على خلاف الْإِجْمَاع فَإِن فِي الْعرف إِذا عير إِنْسَان بالْخَطَأ فِي القَوْل وَالْفِعْل يَقُولُونَ أَنه بنجي وَلِأَن الْحَيَوَان الْمُجَرّد عَن الْعقل والهوى ينفر عَنهُ فَإِن الْبَقر وَالْبَعِير والشاه لَا تَأْكُله وَالْإِنْسَان إِذا غلب عَلَيْهِ الْهوى أكله فَكَأَنَّهُ صَار أضلّ من الْبَهِيمَة فَإِذا ثَبت هَذَا عرفنَا أَن عرف أهل الْحِسْبَة فِي إِضَاعَة البنج مَشْرُوع لَا يضمنُون بِهِ
وَفِي الذَّخِيرَة ذكر عبد الْعَزِيز التِّرْمِذِيّ قَالَ سَأَلت أَبَا حنيفَة وسُفْيَان الثَّوْريّ رحمهمَا الله تَعَالَى عَن رجل شرب البنج فارتفع إِلَى رَأسه فَطلق امْرَأَته قَالَ أَن كَانَ حِين شرب يعلم أَنه بنج فَهِيَ طَالِق وَإِن كَانَ شرب وَهُوَ لَا يعلم أَنه بنج لَا يُطلق