الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب السَّابِع عشر
فِي الاحتساب على الخطباء
عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمَا قَالَا فِي حَدِيث الْمِعْرَاج ثمَّ أَتَى على قوم تقْرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حَدِيد كلما قرضت عَادَتْ كَمَا كَانَت فَقلت من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل فَقَالَ هَؤُلَاءِ خطباء الْفِتْنَة
ذكر فِي شرح الْكَرْخِي قَالَ أَبُو الْحسن لَا تطول الْخطْبَة فَإِنَّهُ عليه السلام أَمر بتقصير الْخطْبَة وَقد قَالَ الْحسن عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى يخْطب
خطْبَة خَفِيفَة يفْتَتح بِالْحَمْد لله تَعَالَى ويثني عَلَيْهِ ويتشهد وَيُصلي على النَّبِي عليه السلام ويعض وَيذكر وَيقْرَأ سُورَة وَيجْلس جلْسَة خَفِيفَة ثمَّ يقوم فيخطب أُخْرَى يفْتَتح بِالْحَمْد لله ويثني عَلَيْهِ ويتشهد وَيُصلي على النَّبِي عليه السلام وَيَدْعُو للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات وَيكون قدر الْخطْبَتَيْنِ قدر سُورَة من طوال الْمفصل
ذكر فِي قوت الْقُلُوب وَمن خشِي الْفِتْنَة والآفة فِي قربه من الإِمَام بِأَن يستمع مَا يجب عَلَيْهِ إِنْكَاره أَو يرى مَا يلْزم الْأَمر فِيهِ أَو النَّهْي عَنهُ من لبس حَرِير أَو ديباج كَانَ بعده من الصُّفُوف الْمُتَقَدّمَة أصلح لِقَلْبِهِ وأجتمع لهمه وَفِي هَذَا الزَّمَان نَوْعَانِ من مُنكرَات الخطباء
أَحدهمَا أَنهم يَقُولُونَ فِي خطبهم كَلِمَات يجب النَّهْي عَنْهَا
وَالثَّانِي يلبسُونَ طيالسة الْحَرِير وَالنَّهْي عَنْهَا وَاجِب وَفِي سير الْمُحِيط حُكيَ عَن إِمَام الْهدى أبي مَنْصُور الماتريدي إِن من قَالَ لسلطان زَمَاننَا أَنه
عَادل فقد كفر وَبَعْضهمْ قَالُوا لَا يكفر قَالَ العَبْد فعلى الخطباء أَن يحترزوا عَن هَذِه الْكَلِمَات لِئَلَّا يخْتَلف فِي إِيمَانهم
سُئِلَ دَاوُد عَن الخطباء الَّذين يخطبون على المنابر يَوْم الْجُمُعَة مَا قَالُوا فِي القاب السُّلْطَان فَإِنَّهُم يَقُولُونَ السُّلْطَان الْعَادِل وَالسُّلْطَان الْعَالم الْأَعْظَم شهنشاه مَالك رِقَاب الْأُمَم سُلْطَان أَرض الله مَالك بِلَاد الله نَاصِر عباد الله معِين خَليفَة الله تَعَالَى هَل يجوز أم لَا قَالَ لَا يجوز على الْإِطْلَاق وَالتَّحْقِيق لِأَن بعض الفاظه كفر وَبَعضه كذب قَالَ أَبُو مَنْصُور الماتريدي السَّمرقَنْدِي رَحمَه الله تَعَالَى من قَالَ للسُّلْطَان الَّذِي بعض أَفعاله جور عَادل على الْإِطْلَاق فَهُوَ كَافِر لِأَنَّهُ لَو كَانَ بعض أَفعاله ظلما وجورا وَهُوَ سَمَّاهُ عادلا على الْإِطْلَاق فقد اعْتقد الظُّلم والجور عدلا وَمن اعتقدهما هَكَذَا فَهُوَ كَافِر وَأما شهنشاه الْأَعْظَم فَهِيَ من خَصَائِص أَسمَاء الله تَعَالَى بِدُونِ وصف الْأَعْظَم فَلَا يجوز وصف الْعباد بذلك وَأما مَالك رِقَاب الْأُمَم كذب لِأَن الرّقاب اسْم جمع والأمم جمع وَفِي تَسْمِيَة مَالك رِقَاب الْأُمَم مَا يتَنَاوَل الْإِنْس وَالْجِنّ وَالْمَلَائِكَة وَغَيرهَا من الْحَيَوَانَات وَأما سُلْطَان أَرض الله وَأَخَوَاتهَا على الْإِطْلَاق كذب وَلَا يجوز الْكَذِب فِي عُمُوم الْأَحْوَال فَكيف يجوز فِي مَكَان الرَّسُول سيد الْأَنَام قَالَ لَو ابتلى الْإِنْسَان بِهِ وَقَالَ السُّلْطَان الْأَعْظَم أَو قَالَ السُّلْطَان الْعَادِل واعتقد بِقَلْبِه تلقيا أَو مجَازًا يُرْجَى فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى أَن لَا يَأْثَم