الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
259 -
وليس كلَّ شاهدٍ مُتابِعا
…
لكنَّما العكسُ تَراهُ واقِعا (1)
النَّوعُ السَّادِسَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ زِيادَاتِ الثِّقَات
260 -
ثم زياداتُ الثِّقاتِ (2) في الخبرْ
…
من بعضِ أنواِع الحديثِ تُعتبَرْ
261 -
واختلفوا في أنها هل تُقبلُ
…
قيل: نعم، وقيل: لا، وفَصَّلوا
262 -
فقيل: إنْ زادَ الذي كانَ نَقَصْ
…
فالرَّدُّ بالمزيدِ من هذا يُخصْ (3)
(1) قال ابن حجر: " وقد تُطلقُ المتابعةُ على الشاهدِ وبالعكس، والأمرُ فيه سهلٌ""نزهة النظر ص 41"
(2)
وهي رواية الحافظ الثقة العدل حديثاً مَّا مرتين، ووقعت في إحدى روايتيه زيادة لم يروها هو في الرواية الأخرى، أو روى حافظان ثقتان عدلان حديثاً واحداً ووقعت في رواية أحدهما لهذا الحديث زيادة لا يرويها الآخر.
(3)
ذكر الناظم ثلاثة أقوال تبعا للأصل:
الأول: قَبُولُهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ وَقَعَتْ مِمَّنْ رَوَاهُ أَوَّلًا نَاقِصًا أَمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ غَيَّرَتِ الْحُكْمَ الثَّابِتَ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَوْجَبَتْ نَقْضَ أَحْكَامٍ ثَبَتَتْ بِخَبَرٍ لَيْسَتْ هِيَ فِيهِ أَمْ لَا، هذا القول كما حكاه الخطيب هو الذي مشى عليه الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث كابن حبان والحاكم وجماعة من الأصوليين والغزالي في المستصفى وجرى عليه النووي في مصنفاته وهو تصرفات مسلم في صحيحه.
وقيده ابن خزيمة باستواء الطرفين في الحفظ والإتقان وصرح به أيضاً ابن عبد البر في التمهيد، فقال: إنما تقبل إذا كان راويها أحفظ وأتقن ممن قصر أو مثله في الحفظ وإلا فلا، ونحوه عن الخطيب والترمذي وأبي بكر الصيرفي وقال ابن طاهر: إنما تقبل عند أهل الصنعة من الثقة المجمع عليه.
الثاني: لَا تُقْبَلُ مُطْلَقًا، لَا مِمَّنْ رَوَاهُ نَاقِصًا، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ، وهذا القول حكاه الخطيب وابن الصباغ عن قوم من أصحاب الحديث.
الثالث: التفصيل، وفيه زيادة آراء أضفتها من غيره:
أ - أنها تقبل من غير من رواه ناقصاً من الثقات ولا تقبل إن زادها من رواه ناقصاً وهو محكى عن فرقة من الشافعية كما حكاه الخطيب، منهم أبو نصر القشيري قال بعضهم سواء كانت روايته للزيادة سابقة أو لاحقة.
ب - قول ابن الصباغ، وحاصله: أنه ذهب إلى أن راوي الزيادة إن كان قد روى الحديث بدونها قبلت زيادته بأحد شرطين: إما أن يذكر أنه سمع الحديث مرتين مرة معها ومرة بدونها، وإما أن يذكر أن روايته الحديث بدونها وقعت منه لنسيانها فإن لم يذكر واحداً منهما تعارضت الروايتان ووجب ترجيح إحداهما بأحد المرجحات.
ج - أن العبرة بما يرويه أكثر؛ فإن كان مع الزيادة قبلت، وإلا لم تقبل، وإن تساوى الأمران قبلت، وهذا القول عن الرازي.
د - إِنْ زَادَهَا وَاحِدٌ، وَكَانَ مَنْ رَوَاهُ نَاقِصًا جَمَاعَةً لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْوَهْمُ، لا تقبل. وهذا القول للآمدي وابن الحاجب، وهذا القول محكي أيضاً عن ابن الصباغ، وقال ابن السمعاني مثله، وزاد: أن يكون مما تتوفر الدواعي على نقله، واختاره السبكي في جمع الجوامع.
هـ - قبول الزيادة إذا أفادت حكماً شرعياً، وكذا إذا كانت في اللفظ خاصة كما قال السخاوي. وإلا فلا تقبل، وهذا القول حكاه الخطيب عمن لم يُعَيِّنْهم.
و- إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مُغَيِّرَةً لِلْإِعْرَابِ، لا تقبل، وَإِلَّا قُبِلَتْ، حَكَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، عَنِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَالصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ عَنِ الْأَكْثَرِينَ.
انظر: "معرفة علوم الحديث ص 417""الكفاية ص 456 ""علوم الحديث ص 85 ""النكت 2/ 163""فتح المغيث 2/ 28""تدريب الراوي 1/ 285""شرح ألفية السيوطي 1/ 233"
263 -
ثم الزِّياداتُ على أقسامِ
…
فبعضُها يُرَدُّ في الأَحْكَام
264 -
وهي التي من ثقةٍ تُخالفُ
…
ما قد رواهُ كلُ عدلٍ عارفُ
265 -
وفوقَها زيادةٌ لم يُعرَفِ (1)
…
خلافُها فحكمُها لا يَنْتَفِي
266 -
وربما تكونُ (2) لفظاً واحِدا
…
فاسأَلْ تجدْ لها المثالَ وارِدا (3)
(1) في (ش): تعرف
(2)
في (ش): تكون
(3)
وهذا التقسيم هو الذي رآه ابن الصلاح قال: " وقد رأيتُ تقسيم ما ينفرد به الثقةُ إلى ثلاثة أقسام":
أ - زِيَادَةٌ تُخَالِفُ الثِّقَاتِ فِيمَا رَوَوْهُ، فَتُرَدُّ كَمَا سَبَقَ فِي نَوْعِ الشَّاذِّ.
ب - مَا لَا مُخَالَفَةَ فِيهِ لِمَا رَوَاهُ الْغَيْرُ أَصْلًا، كَتَفَرُّدِ ثِقَةٍ بِجُمْلَةِ حَدِيثٍ لَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِمَا رَوَاهُ الْغَيْرُ بِمُخَالَفَةٍ أَصْلًا، فيُقْبَلُ.
قَالَ الْخَطِيبُ: بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.
ج - ما يقعُ بينَ هاتينِ المرتبتينِ، مثلُ زيادةِ لفظةٍ في حديثٍ لَمْ يَذكرْها سائرُ مَنْ رَوَى ذلكَ الحديثَ، وتلك اللفظة توجب قيدا في إطلاق أو تخصيصا لعموم:
مثاله: حديثُ حذيفة: "جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا". رواه مسلم (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةَ، حديث رقم 1165) فهذهِ الزيادةُ: "جُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا " تفَرَّدَ بها أبو مالكٍ سعدُ بنُ طارقٍ الأشجعيُّ، وسائرُ الرواياتِ لَفظُهَا:"وجُعِلَتْ لنا الأرضُ مَسْجِداً وطَهُوراً" رواه البخاري (كتاب التيمم، حديث 335) وأخرجه في (كتاب الصلاة، باب جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، حديث 438) ورواه مسلم (كتاب الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةَ، حديث رقم 1163 - 1167) فهذا وما أشبَهَهُ يُشْبِهُ القسمَ الأوَّلَ؛ مِنْ حيثُ إنَّ ما رواهُ الجماعةُ عامٌّ، وما رواهُ المنفردُ بالزيادةِ مخصوصٌ، وفي ذلكَ مغايرةٌ في الصفةِ ونوعٌ مِنَ المخالفةِ يختَلِفُ بها الحكمُ، ويُشْبِهُ أيضاً القسمَ الثاني؛ مِنْ حيثُ إنَّهُ لا منافاةَ بينَهُما.
قال ابن حجر: " والذي يجري على قواعد المحدثين أنهم لا يحكمون عليه -أي: الزيادة- بحكم مستقل من القبول والرد، بل يرجحون بالقرائن"، قلت: وهذا الصواب -والله أعلم-؛ لأنك لا تجد في كلام إمام من الأئمة -كالبخاري مثلا- يكون ثابتاً على رأي واحد مما سبق، بل يتغير بحسب ما يعرض له من حال الراوي والمروي.
انظر: "علوم الحديث ص 86"" محاسن الاصطلاح ص 255""النكت 2/ 164""تدريب الراوي 1/ 285"
267 -
واختلفوا في الوصلِ والإرسالِ (1)
…
فقيلَ: لم يختلِفا بحالِ (2)
(1) تقدم ذكر أحكام الوصل والإرسال والوقف والرفع عند البيت (219).
(2)
أي: مسألة حكم زيادات الثقات كحكم مسألة تعارض الوصل والإرسال والوقف والرفع.
وقد جزم ابن الحاجب أن الكل بمعنى واحد، فقال:"وإذا أسند الحديث وأرسلوه أو رفعه ووقفوه أو وصله وقطعوه، فحكمه حكم الزيادة على التفصيل السابق".
لكن ابن الصلاح حكى عن الخطيب "علوم الحديث ص 71" عن جمهور أهل الحديث أنهم يقدمون الإرسال والوقف، وفي باب زيادات الثقات "ص 85" الباب حكى أن الجمهور يرون الحكم لمن أتى بالزيادة.
قال ابن حجر: " حكى ابن الصلاح عن الخطيب فيما إذا تعارض الوصل والإرسال أن الأكثر من أهل الحديث يرون أن الحكم لمن أرسل، وحكى عنه هنا أن الجمهور من أئمة الفقه والحديث يرون أن الحكم لمن أتى بالزيادة إذا كان ثقة، وهذا ظاهره التعارض، ومن أبدى فرقا بين المسألتين فلا يخلو من تكلف وتعسف.
ويمكن الجواب عن الخطيب، بأنه لما حكى الخلاف في المسألة الأولى عن أهل الحديث خاصة عبر بالأكثر وهو كذلك، ولما حكى الخلاف في المسألة الثانية عنهم وعن أهل الفقه والأصول وصار الأكثر في جانب مقابله ولا يلزم من ذلك دعوى فرق بين المسألتين- والله أعلم -".
انظر: "النكت لابن حجر 2/ 171""فتح المغيث 2/ 36"