الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوعُ السَّابِعُ والعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ آدابِ المُحَدِّث
811 -
وينبغي لطالبِ الحديثِ أنْ
…
يُطَهِّرَ القلبَ كتطهيرِ الدَّرَنْ (1)
812 -
ولْيَتَصَدَّ بعد خمسين سنهْ
…
وبعضُهم للأربعينَ استحْسَنَهْ
813 -
والحقُ أنْ ليس له أوانُ
…
بل حين يُحتاجُ له (2)؛ إذ (3) كانوا
814 -
ينتصبون في ابتداءِ العُمْرِ
…
كمالكٍ والشافعيِّ فادرِ (4)
815 -
وليتركِ الإسماع إن خاف الزلل
…
لخَرَفٍ أو هَرَمٍ به نزل
816 -
وما له حدٌ إليه ينتهي
…
وربما قيل الثمانون به
817 -
يُحَدُّ فهو موطنٌ للخَرَفِ
…
أو ما دنا منه وذا لا يختفي
818 -
والحقُ أنَّ وقتهُ لا حدَّ له
…
فبعد ذا السّنِ تصدت حَمَلَهْ (5)
(1) الدَّرَنُ: الوسَخ. "لسان العرب، مادة: درن"
(2)
في (ش): إليه
(3)
في (هـ): إذا
(4)
اخْتُلِفَ في السِّنِّ الذي إذا بلغَهُ اسْتُحِبَّ لهُ التَّصَدِّي لإسْماعِ الحديثِ والانْتِصَابِ لرِوايتِهِ:
فقيل: أنْ يَسْتَوفِيَ الخمسينَ؛ لأنَّها انْتِهاءُ الكُهُولَةِ وفيها مُجْتَمَعُ الأشُدِّ، وهو قول الرامهرمزي.
وقيل: عِندَ اسْتِيْفاءِ الأرْبَعينَ، وذكره الرامهرمزي أيضاً فقال:" وليسَ بِمُنْكَرٍ أنْ يُحَدِّثَ عِندَ اسْتِيْفاءِ الأرْبَعينَ؛ لأنَّها حَدُّ الاسْتواءِ ومُنْتَهى الكَمالِ؛ نُبِّئَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهوَ ابنُ أربعينَ، وفي الأربعينَ تَتَناهَى عَزِيْمَةُ الإنْسَانِ وقُوَّتُهُ ويَتَوَفَّرُ عَقْلُهُ ويَجُودُ رَأْيُهُ".
وقيل: متى احْتِيجَ إلى ما عِنْدَهُ، اسْتُحِبَّ لهُ التَّصَدِّي لرِوايتِهِ ونَشْرِهِ في أيِّ سِنٍّ كانَ، فقد جَلَسَ مَالِكٌ لِلنَّاسِ ابْن نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ، أو ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَالنَّاسُ مُتَوَافِرُونَ وَشُيُوخُهُ أَحْيَاءٌ، وَكَذَلِكَ فعل الشَّافِعِيُّ، وهو اختيار القاضي عياض وابن الصلاح.
انظر: "المحدث الفاصل ص 352""الإلماع ص 171 ""علوم الحديث ص 236"
(5)
يَنْبَغِي أَنْ يُمْسِكَ عَنِ التَّحْدِيثِ إِذَا خَشِيَ التَّخَلِيطَ بِهَرَمٍ، أَوْ خَرَفٍ أَوْ عَمًى، والنَّاسُ في بُلُوغِ هذا السِّنُّ يَتَفاوتُونَ بحسبِ اخْتِلافِ أحْوَالِهِمْ.
واختار الرامهرمزي أن يمسك عن التحديث ابتداءً من الثمانين، فقال:" أعْجَبُ إليَّ أنْ يُمْسِكَ في الثمانينَ؛ لأنَّهُ حَدُّ الْهَرَمِ؛ فإنْ كانَ عَقْلُهُ ثَابِتاً ورَأْيُهُ مُجْتَمِعاً يَعْرِفُ حديثَهُ ويَقُومُ بهِ وتَحرَّى أنْ يُحَدِّثَ احْتِسَاباً رَجَوْتُ لهُ خَيْراً"
قال ابن الصلاح: "وقدْ حدَّثَ خَلْقٌ بَعْدَ مُجاوزَةِ هذا السِّنِّ فَسَاعَدَهُمُ التَّوْفِيقُ وصَحِبَتْهُمْ السَّلامَةُ، مِنْهُم: أنَسُ بنُ مالِكٍ وسَهْلُ بنُ سَعْدٍ، وعبدُ اللهِ بنُ أبي أوْفَى مِنَ الصحابةِ، ومالِكٌ، واللَّيثُ، وابنُ عُيينةَ، وعليُّ ابنُ الجعْدِ، في عددٍ جَمٍّ مِنَ المتَقَدِّمينَ والمتَأَخِّرينَ.
وفيهم غيرُ واحدٍ حَدَّثُوا بعدَ اسْتِيْفاءِ مئةِ سَنَةٍ، مِنْهُم: الحسَنُ بنُ عَرَفةَ، وأبو القاسمِ البَغَويُّ، وأبو إسحاقَ الْهُجَيْمِيُّ، والقاضي أبو الطَّيِّبِ الطَّبَريُّ".
انظر: "المحدث الفاصل ص 354""علوم الحديث ص 238"
819 -
ومايةً جاوزَ قومٌ أخبروا
…
من بعدها فمنهمُ مَن أذكُرُ
820 -
الحَسَنُ المعروف بابن عَرَفَهْ (1)
…
ثم أبو القاسمِ (2) أيضاً بالصِّفه
821 -
كذا الهُجَيْمِيُّ (3) معاً والطبري (4)
…
جاوَزَ كلٌ مايةً من عُمُر
(1) هو أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ بنِ يَزِيْدَ العَبْدِيُّ البَغْدَادِيُّ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، مُسْنِدُ وَقْتِهِ، المُؤَدِّبُ، (150 - 257 هـ).
انظر: "سير أعلام النبلاء 11/ 547""الوافي بالوفيات 12/ 64"
(2)
أَبُو القاسِم عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن المَرْزُبان بْن سابور البغوي، مُسْنِد الدّنيا وبقيّة الحُفّاظ (213 - 317 هـ) مولده ووفاته ببغداد، روى عَنْهُ خلْق لَا يُحصيهم إلّا اللَّه تعالى، لأنّه طال عمره، وتفرد في الدنيا بعلو السند.
انظر: "الإرشاد للخليلي 2/ 610""تاريخ الإسلام 7/ 323"
(3)
أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن عبد الأعلى الهُجَيُمي البصري، (المتوفى: 351 هـ) كان معمرًا من أبناء المائة، وهو مقبول الحديث.
انظر: "تاريخ الإسلام 8/ 28""الوافي بالوفيات 6/ 39"
(4)
أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ الطَّبَرِيّ، الإِمَامُ، العَلَاّمَةُ، شَيْخُ الإِسْلَامِ، القَاضِي، الشَّافِعِيُّ، فَقِيْهُ بَغْدَادَ (348 - 450 هـ) استَوطَنَ بَغْدَادَ، وَدرَّسَ، وَأَفتَى، وَأَفَادَ، وَوَلِيَ قَضَاءَ رُبُعِ الكَرْخِ، تُوُفِّيَ عَنْ مائَةٍ وَسنتينَ، لَمْ يَختَلَّ عَقلُهُ، وَلَا تَغيَّرَ فَهمُهُ، يُفْتِي مَعَ الفُقَهَاءِ، وَيَستدرِكُ عَلَيْهِمُ الخَطَأَ، وَيَقْضي، وَيَشهَدُ، وَيَحضُرُ المَوَاكِبَ إِلَى أَنْ مَاتَ.
انظر: "وفيات الأعيان 2/ 512""سير أعلام النبلاء 17/ 668"
822 -
ولا يُحدّث وهناكَ أَكْمَلُ (1)
…
كذاك كان ابن معينٍ (2) يَفعَلُ
823 -
وإن يَسَلْهُ سايلٌ عن أرْجَحَا
…
مما لديه من حديثٍ نصحا (3)
824 -
ولا يُمانِع طالباً مُعْتَلَاّ
…
بأن رأى مَقْصَدَهُ مُخْتَلا (4)
825 -
وليبذُلِ العِلْمَ لنَيْلِ أجرِهِ
…
وليجتهد في بَثّه ونشرهِ (5)
826 -
وليتوضّا للجلوسِ مُسْمِعا
…
مُوَقَّراً في دستِهِ (6) مُرَفّعا
(1) لِحَدِيثِ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ: "لَقَدْ كُنْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غُلَامًا، فَكُنْتُ أَحْفَظُ عَنْهُ، فَمَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا أَنَّ هَا هُنَا رِجَالًا هُمْ أَسَنُّ مِنِّي"(أخرجه مسلم -كتاب الجنائز-باب: أين يقوم الإمام من الميت-حديث: 964)
وقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: "مَا لَكَ لَا تُحَدِّثُ؟ فَقَالَ: أَمَا وَأَنْتَ حَيٌّ فَلَا"
وقال يحيى بن معين: "إِذَا حَدَّثْتُ فِي بَلْدَةٍ فِيهَا مِثْلُ أَبِي مُسْهِرٍ فَيَجِبُ لِحْيَتِي أَنْ تُحْلَقَ" وقال أيضاً: "إِنَّ الَّذِي يُحَدِّثُ بِالْبَلْدَةِ وَبِهَا مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالتَّحْدِيثِ مِنْهُ أَحْمَقُ".
انظر: "الجامع لأخلاق الراوي 1/ 318 - 319""علوم الحديث ص 239""فتح المغيث 3/ 240"
(2)
يحيى بن معين ابن عون الغطفاني مولاهم، أبو زكريا البغدادي، ثقة حافظ مشهور، إمام الجرح والتعديل، من العاشرة مات سنة ثلاث وثلاثين ومائتين بالمدينة النبوية، وله بضع وسبعون سنة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. "التقريب 7701"
(3)
يَنْبَغِي للمحدِّثِ إذا التُمِسَ منهُ ما يَعْلَمُهُ عندَ غيرِهِ في بَلَدِهِ أوْ غيرِهِ بإسنادٍ أعلى مِنْ إسنادِهِ، أوْ أرْجَحَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أنْ يُعْلِمَ الطَّالِبَ بهِ ويُرْشِدَهُ إليهِ، لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم:"الدينَ النصيحةُ"(أخرجه مسلم - كتاب الإيمان -بَابُ بَيَانِ أَنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ- حديث 55). انظر: "علوم الحديث ص 239"
(4)
"ولَا يَمْتَنِعُ مِنْ تَحْدِيثِ أحَدٍ لِكَوْنِهِ غيرَ صحيحِ النِّيَّةِ فيهِ؛ فإنَّهُ يُرجَى لهُ حُصُولُ النِّيَّةِ مِنْ بَعْدُ"
قال مَعْمَرُ بنُ رَاشِدٍ "كَانَ يُقَالُ: إِنَّ الرَّجُلَ يَطلُبُ العِلْمَ لِغَيْرِ اللهِ، فَيَأْبَى عَلَيْهِ العِلْمُ حَتَّى يَكُوْنَ للهِ"
انظر: "علوم الحديث ص 239""سير أعلام النبلاء 7/ 17"
(5)
أي: ليكُنْ حريصاً عَلَى نَشْرِهِ مُبْتَغِياً جَزِيْلَ أجْرِهِ، وقدْ كانَ في السَّلَفِ مَنْ يَتألَّفُ الناسَ عَلَى حديثِهِ.
قال الزهري: "كَانَ عروة بن الزبير يَتَأَلَّفُ النَّاسَ عَلَى حَدِيثِهِ" وقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: أَتَيْنَاهُ فَقَالَ: "ائْتُونِي فَتَلَقَّوْا مِنِّي"
انظر: " حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت 430 هـ)، بيروت، دار الكتب العلمية 2/ 176 ""علوم الحديث ص 240"
(6)
قال في " تاج العروس من جواهر القاموس، لأبي الفيض محمد الحسيني، الملقب: بالمرتضى الزبيدي، تحقيق: مجموعة من المحققين، دار الهداية 4/ 518 (مادة: دست) ": " الدَّسْتُ: بِمَعْنى اللِّبَاس، والرِّياسة، والحِيلة"
827 -
مستجمعَ الهَيْبةِ والوقارِ
…
كمالكٍ إمامِ أهل الدارِ (1)
828 -
وليزجرِ الرافعَ صوتاً عِنْدَهُ (2)
…
وليجتنب عند الحديثِ سَرْدَهُ (3)
829 -
وليفتتح مَجْلِسَهُ ويَخْتِمِ
…
بالذّكْرِ مِنْهُ والدُّعاءِ الملْهَم
830 -
وإن يكن أهلاً لإملاءٍ عقد
…
لأجل ذاك مَجْلساً ثم اعتمد
831 -
مُسْتَمْلياً يَعْرِفُ ما يَسْتَملي
…
مُستجمعاً لفِطّنَةٍ وفَضْل
832 -
مُتَرْبعاً (4) على شبيه الكُرْسِي
…
لِيُسْمِعَ الناس بغير لَبْسِ (5)
(1) أي: ليقتَدِ بِالإمام مَالِكٍ بن أنس فإنه كان إذا أرادَ أنْ يُحَدِّثَ تَوَضَّأَ وجَلَسَ عَلَى صَدْرِ فِراشِهِ وسَرَّحَ لِحْيَتَهُ، وتَمَكَّنَ في جُلُوسِهِ بِوَقارٍ وهَيْبَةٍ، وحدَّثَ، فقِيلَ لهُ في ذَلِكَ؟ فقالَ: أُحِبُّ أنْ أُعَظِّمَ حديثَ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ورُوِيَ أيضاً عنهُ أنَّهُ كانَ يَغْتَسِلُ لِذَلِكَ ويَتَبَخَّرُ، ويَتَطَيَّبُ. انظر:"علوم الحديث ص 240"
(2)
كان الإمام مالك إذا رَفَعَ أحدٌ صَوْتَهُ في مَجْلِسِهِ زجره، وقالَ: قالَ اللهُ تَعَالَى: {يَا أيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} ، فَمَنْ رَفَعَ صَوتَهُ عِنْدَ حديثِ رسولِ اللهِ فكأنَّما رَفَعَ صَوْتَهُ فوقَ صَوتِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
انظر: "الجامع لأخلاق الراوي 1/ 406""علوم الحديث ص 240"
(3)
لئلا يَمْنَع السامِعَ مِنْ إدْراكِ بَعْضِهِ، ولقول عائشة:" إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ"
أخرجه البخاري في كتاب: المناقب، باب: صفة النبي صلى الله عليه وسلم، حديث:3568. وأخرجه مسلم، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي هريرة، حديث: 2493.
انظر: "علوم الحديث ص 241""تدريب الراوي 2/ 573"
(4)
في (ش)(هـ): مرتفعا، وهو الموافق لما في "علوم الحديث ص 242"
(5)
ويُسْتَحَبُّ لِلْمُحَدِّثِ العارِفِ عَقْدُ مَجْلِسٍ لأملاءِ الحديثِ، فإنَّهُ مِنْ أعلى مَراتِبِ الرَّاوِينَ، والسماعُ فيهِ مِنْ أحْسَنِ وُجُوهِ التَّحَمُّلِ وأقْواهَا، فذلكَ دَأْبُ أكابِرِ المحدِّثِيْنَ المتَصَدِّيْنَ لِمِثْلِ ذَلِكَ، ولْيَتَّخِذْ مُسْتَمْلِياً -مُحَصِّلاً مُتَيَقِّظاً- يُبَلِّغُ عنهُ إذا كَثُرَ الجمعُ، وليَسْتَمْلِ عَلَى موضِعٍ مُرْتَفَعٍ مِنْ كُرْسِيٍّ أو نَحْوِهِ، فإنْ لَمْ يجدْ اسْتَمْلَى قائِماً. انظر:"علوم الحديث ص 241"
833 -
ويُستحبُ الفَتْحُ بالقرآنِ
…
لمجلسٍ صار بهذا الشانِ (1)
834 -
وبعد ما يَفْرُغُ فيه مَن تلا
…
يَشْرَعُ في استملائِهِ مُبَسْمِلا
835 -
مُحَمْدِلاً مصلياً ويَقْصِدُ
…
الأكملَ الأبْلَغَ فيما يُحْمَدُ
836 -
ثم يقولُ قل هَداكَ اللهُ
…
أو كَلِمَاً هُنَّ لذا أشباهُ (2)
837 -
وكلما مَرَّ به ذِكْرُ النَّبِي
…
صلى عليه فهو شأنُ الأدب
838 -
قال الخطيبُ: صوته يَرْفَعُهُ
…
به هنا، والحَقُ لا يدفَعُه (3)
839 -
وكلما مَرَّ به صحابي
…
أتى برضوانٍ بلا اجتنابِ (4)
840 -
وإن يَشَأْ يُثْنِ على الشَّيخِ إذا
…
حَدَّثَ (5) عنه بحديثٍ، فكذا
841 -
قد فعل الأيمَةُ الكبارُ
…
وإن دعا له فذا المختارُ
842 -
وغَيْرُ باسٍ ذِكْرُهُ باللَّقبِ
…
أو مُعْلِماً بِأُمّهِ دون الأب
843 -
أو ذِكْرُهُ بصفةٍ لا تُكْرَهُ (6)
…
وكُلُّما يَكْرَهَهُ فالأَشْبَهُ
(1) وَالْأَصْلُ فِي قِرَاءَةِ السُّورَةِ مَا رَوَاهُ الحاكم 1/ 173 (في كتاب العلم، حديث: 322) عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ:"كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اجْتَمَعُوا تَذَاكَرُوا الْعِلْمَ وَقَرَءُوا سُورَةً". وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. وقال الذهبي: على شرط مسلم.
قلت: رجاله ثقات وليس على شرط مسلم؛ فإن (عَلِيَّ بْنَ الْحَكَمِ الْبُنَانِيّ) أخرج له البخاري وأصحاب السنن ولم يخرِّج له مسلم. انظر: " تهذيب الكمال، لأبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي (ت 742 هـ)، تحقيق: الدكتور بشار عواد معروف، بيروت، مؤسسة الرسالة 20/ 413"
(2)
"ثُمَّ يُبَسْمِلُ، ويَحْمدُ اللهَ تبارك وتعالى، ويُصَلِّي عَلَى رسولِهِ ويَتَحَرَّى الأبْلَغَ في ذَلِكَ ثُمَّ يقبلُ عَلَى المحدِّثِ ويَقُولُ: مَنْ ذَكَرْتَ أو ما ذَكَرْتَ رَحِمَكَ اللهُ أو غَفَرَ اللهُ لك أو نحوَ ذَلِكَ". "علوم الحديث ص 242"
(3)
في (هـ): تقديم وتأخير مع البيت الذي يليه.
(4)
"كُلَّما انتَهَى إلى ذِكْرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عليهِ، وذَكَرَ الخطيبُ أنَّهُ يَرْفَعُ صَوتَهُ بذلكَ، وإذا انتَهَى إلى ذِكْرِ الصحابيِّ قالَ: رضي الله عنه.
انظر: "الجامع لأخلاق الراوي 2/ 103""علوم الحديث ص 243"
(5)
في (هـ): حديث
(6)
وَيَحْسُنُ بِالْمُحَدِّثِ الثَّنَاءُ عَلَى شَيْخِهِ حَالَ الرِّوَايَةِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ كَمَا فَعَلَهُ جَمَاعَاتٌ مِنَ السَّلَفِ، وَلْيَعْتَنِ بِالدُّعَاءِ لَهُ فَهُوَ أَهَمُّ، وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ مَنْ يَرْوِي عَنْهُ بِلَقَبٍ كغندر أَوْ وَصْفٍ كالأعمش أَوْ حِرْفَةٍ كالحنَّاط أَوْ أُمٍّ عُرِفَ.
انظر: "تدريب الراوي 2/ 579"
844 -
مَنْعٌ من الذّكرِ به (1)، ويُسْتَحَبْ
…
للشيخِ أن يُمْلِيَ مَن عنه (2) كَتَبْ
845 -
عن كُلّ شيخٍ مِن شيوخٍ أخبرا (3)
…
عنهم حديثاً حسناً قد قَصُرا
846 -
يختارُ عنه ما علا إسنادا
…
وَينْتَقي (4) أحْسَنَ ما استفادا (5)
847 -
ويَخْتِمُ الإملاءَ وهو العادَهْ
…
بما يَرى مِن طُرْفَةٍ مُفادَهْ
848 -
حكايةٍ مُسْنَدَةٍ أو شِعْرِ
…
لا يُخْلِ مَن أنْشَدَهُ عن ذِكْرِ (6)
849 -
وجايزٌ أن يستعين الممْلي
…
بحافظٍ في وَقْتِهِ ذي فَضْلٍ
850 -
مُلْتَمِساً تخريجَ ما يُمْليهِ (7)
…
له إذا كان قصورٌ فيه
851 -
ولْيُتْقِنِ الإملاءَ بالمقابَلَهْ
…
لتغتدي الزَّلْةُ عَنْهُ زايلَهْ (8)
(1) عن عَبْدِاللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قال: سَمِعْتُ أَبِيَ يَقُولُ، لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ:" يَا أَبَا زَكَرِيَّا بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ: نَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، فَقَالَ يَحْيَى: نَعَمْ أَقُولُ هَكَذَا. قَالَ أَحْمَدُ فَلَا تَقُلْهُ! قُلْ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى أُمِّهِ. قَالَ يَحْيَى لِأَبِي: قَدْ قَبَلْنَا مِنْكَ يَا مُعَلِّمَ الْخَيْرِ". "الجامع لأخلاق الراوي 2/ 79"
(2)
في (ش): عنه من
(3)
في (ش)(م): أخرا
(4)
في (ش)(م): أو ينتفي
(5)
"وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْمَعَ فِي إِمْلَائِهِ جَمَاعَةً مِنْ شُيُوخِهِ مُقَدِّمًا أَرْجَحَهُمْ، ويرَوِيَ عَنْ كُلِّ شَيْخٍ حَدِيثًا ويخَتَارَ مَا عَلَا سَنَدُهُ وَقَصُرَ مَتْنُهُ، وَالْمُسْتَفَادُ مِنْهُ، وَيُنَبِّهَ عَلَى صِحَّتِهِ وَمَا فِيهِ مِنْ عُلُوٍّ وَفَائِدَةٍ، وَضَبْطِ مُشْكِلٍ، وَلْيَجْتَنِبْ مَا لَا تَحْتَمِلُهُ عَقُولُهُمْ وَمَا لَا يَفْهَمُونَهُ". "التقريب ص 81"
(6)
"وَيَخْتِمَ الْإِمْلَاءَ بِحَكَايَاتٍ وَنَوَادِرَ وَإِنْشَادَاتٍ بِأَسَانِيدِهَا، وَأَوْلَاهَا مَا فِي الزُّهْدِ، وَالْآدَابِ، وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ". "المصدر السابق"
(7)
في (هـ): يخرج ما عليه
(8)
"وَإِذَا قَصَرَ الْمُحَدِّثُ عَنْ تَخْرِيجِ الْإِمْلَاءِ لِقُصُورِهِ عَنِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، وَعِلَلِهِ، وَاخْتِلَافِ وُجُوهِهِ أَوِ اشْتَغَلَ عَنِ تَخْرِيجِ الْإِمْلَاءِ اسْتَعَانَ بِبَعْضِ الْحُفَّاظِ فِي تَخْرِيجِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يُرِيدُ إِمْلَاءَهَا قَبْلَ يَوْمِ مَجْلِسِهِ، فَقَدْ فَعَلَهُ جَمَاعَةٌ كَأَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ بِشْرَانَ، وَأَبِي الْقَاسِمِ السَّرَّاجِ، وَخَلَائِقَ، وَإِذَا فَرَغَ الْإِمْلَاءُ قَابَلَهُ وَأَتْقَنَهُ لِإِصْلَاحِ مَا فَسَدَ مِنْهُ بِزَيْغِ الْقَلَمِ وَطُغْيَانِهِ". "تدريب الراوي 2/ 581"
النَّوعُ الثَّامِنُ والعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ آدَابِ طَلَبِ (1) الحَدِيث
852 -
ومَن يُرد عِلْمَ الحديثِ قدَّما
…
إخلاصَهُ فيما ابتغى ويَمَّمَا (2)
853 -
ولم يُرد غَيْرَ ثوابِ الآخِرهْ
…
فإنها ذاتُ المعالي الفاخِرَهْ (3)
854 -
وَلْيَنْوِ أنَّ الصالحينَ تنزِلُ (4)
…
-إن (5) ذُكروا- رحمةُ ربٍ يُفْضِلُ
855 -
وأصْلَحُ الخَلْقِ نَبيُّ الأمهْ
…
فذِكْرُهُ أصلُ نزولِ الرحمهْ (6)
(1) في (ش)(م): طالب
(2)
في (هـ): متمما
(3)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ النخعي: "مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ آتَاهُ اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ" أخرجه ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله (1/ 707)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عز وجل لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" أَيْ: رِيحَها الطَّيِّبة. "النهاية في غريب الحديث والأثر، لأبي السعادات المبارك بن محمد، ابن الأثير الجزري (ت 606 هـ)، تحقيق: علي بن الحسين الحلبي، الدمام، دار ابن الجوزي ص 607".
أخرجه أبو داود في أول كتاب العلم، باب في طلب العلم لغير الله عز وجل، حديث 3664، وأخرجه ابن ماجه في افتتاح كتابه، باب: الِانْتِفَاع بِالْعِلْمِ وَالْعَمَل بِهِ، حديث: 252، وأخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة 14/ 169 حديث: 8457، وصححه الألباني.
(4)
في (هـ): ينزل
(5)
في (ش)(م): إذ
(6)
عَنْ أبي عَمْرٍو إسْماعِيلَ بنِ نُجَيْدٍ أنَّهُ سَأَلَ أبا جَعفَرٍ أحمدَ بنِ حَمْدانَ، وكانا عَبْدَيْنِ صالِحَيْنِ، فقالَ لهُ: بأيِّ نِيَّةٍ أكْتُبُ الحديثَ؟ فقالَ: ألَسْتُمْ تَرْوونَ أنَّ عِنْدَ ذِكْرِ الصالِحِينَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ؟ قالَ: نَعَمْ. قالَ: فرسُول الله صلى الله عليه وسلم رأسُ الصَّالِحينَ.
قلت: "عِنْدَ ذِكْرِ الصالِحِينَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ" لا أصل له مرفوع؛ إنما هو من كلام ابن عيينة، قاله العراقي وابن حجر والسخاوي.
انظر: "علوم الحديث ص 245"" المغني عن حمل الأسفار في الأسفار، لأبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت 806) تحقيق: أشرف بن عبد المقصود، الرياض، دار طبرية 1/ 545"" المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، لأبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت 902 هـ)، تحقيق: عبد الله محمد الصديق، بيروت، دار الكتب العلمية ص 292""كشف الخفاء 2/ 92".
856 -
وليأخذِ النَّفْسَ بحُسْنِ الخُلُقِ
…
وكل ما به اتصافُ المتقي (1)
857 -
وليتحمل عن شيوخِ البلدِ
…
مُقدّما أعلاهمُ في السَّنَد
858 -
وكُلُّ أمرٍ موجِبُ التقدُّمِ
…
وليرْتَحِلْ من بعدُ للتَّعَلُّمِ (2)
859 -
وليتَجَنَّبْ كُلُّ ما يُخِلُّ
…
بعلمه (3)، فالعلمُ لا يُمَلُّ
860 -
ولا يدع بما رواه العملا
…
فهو زكاةُ العِلْم لا يتركْهُ لا (4)
861 -
ثم ليكن (5) لشيْخِهِ مُعَظّما
…
مُمْتَثِلاً لأمْرِهِ مُسَلّما (6)
(1) قال أبو عاصم النبيل: "مَنْ طَلَبَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَدْ طَلَبَ أَعْلَى أُمُورِ الدُّنْيَا، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ النَّاسِ".
"الجامع لأخلاق الراوي 1/ 78"
(2)
"يَبْدَأُ بِالسَّمَاعِ مِنْ أَرْجَحِ شُيُوخِ بَلَدِهِ إِسْنَادًا، وَعِلْمًا، وَشُهْرَةً، وَدِينًا، وَغَيْرَهُ إِلَى أَنْ يَفْرَغَ مِنْهُمْ، وَيَبْدَأُ بِأَفْرَادِهِمْ فَمَنْ تَفَرَّدَ بِشَيْءٍ أَخَذَهُ عَنْهُ أَوَّلًا؛ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ مُهِمَّاتِهِمْ وَسَمَاعِ عَوَالِيهِمْ فَلْيَرْحَلْ إِلَى سَائِرِ الْبُلْدَانِ عَلَى عَادَةِ الْحُفَّاظِ الْمُبَرِّزِين وَلَا يَرْحَلْ قَبْلَ ذَلِكَ".
"تدريب الراوي 2/ 585"
(3)
" وَلَا يَحْمِلَنَّهُ الشَّرَهُ وَالْحِرْصُ عَلَى التَّسَاهُلِ فِي التَّحَمُّلِ فَيُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ شُرُوطِهِ السَّابِقَةِ، فَإِنَّ شَهْوَةَ السَّمَاعِ لَا تَنْتَهِي، وَنَهْمَةَ الطَّلَبِ لَا تَنْقَضِي، وَالْعِلْمُ كَالْبِحَارِ الَّتِي يَتَعَذَّرُ كَيْلُهَا، وَالْمَعَادِنِ الَّتِي لَا يَنْقَطِعُ نَيْلُهَا"
"تدريب الراوي 2/ 587"
(4)
قال ابن الصلاح: " ولْيَسْتَعْمِلْ ما يَسْمَعُهُ مِنَ الأحَادِيثِ الوارِدَةِ بالصَّلاةِ والتَّسْبيحِ وغيرِهِما مِنَ الأعمالِ الصَّالِحَةِ فذَلِكَ زَكاةُ الحديثِ عَلَى ما رُوِّيْناهُ عَنْ العَبْدِ الصالِحِ بِشْرِ بنِ الحارِثِ الحافِي
…
أنَّهُ قالَ: "يا أصحابَ الحديثِ! أدُّوا زكاةَ هذا الحديثِ، اعْمَلُوا مِنْ كُلِّ مِئَتَي حديثٍ بِخَمْسةِ أحاديثَ".
انظر: "الجامع لأخلاق الراوي 1/ 144""علوم الحديث ص 247"
(5)
في (ش): يكن
(6)
"وَلْيُعَظِّمْ شَيخَهُ ومَنْ يَسْمَعُ منهُ، فذَلِكَ مِنْ إجْلالِ الحديثِ والعِلْمِ، ولَا يُثْقِلُ عليهِ ولَا يُطَوِّلُ بحيثُ يُضْجِرُهُ، فإنَّهُ يُخْشَى عَلَى فاعِلِ ذَلِكَ أنْ يُحْرَمَ الانْتِفاعَ". "علوم الحديث ص 247"
862 -
لا يَكْتُمَنَّ الغَيْرَ علماً وَجَدَهْ
…
فَبِيسَتِ العادةُ غيرُ الجَيّدَهْ
863 -
وفي إفادةِ الحديثِ البَرَكَهْ
…
كذى (1) روي (2) مَن نَهْجَهُ قد سَلَكَهْ (3)
864 -
ولْيَحْذَرِ الحياءَ في اخْتلافِهِ
…
للعلمِ ولْيبرَأْ مِن استنكافِهِ (4)
865 -
ولا يُضِعْ أوقاتَهُ ليُكْثِرا
…
شيوخَهُ -لا غيرُ- فيما أخبرا (5)
866 -
ولْيَسْمَعِ الكُلَّ ولا ينتخِبِ
…
فكم نداماتٍ بهذا السَّبَبِ (6)
(1) في (ش)(هـ): كذا، وفي (م): لذا
(2)
في (م): روى
(3)
ومَنْ ظَفِرَ مِنَ الطَّلَبةِ بِسَماعِ شَيْخٍ فَكَتَمَهُ غيرَهُ لِيَنْفردَ بهِ عَنْهُم، كانَ جَدِيْراً بأنْ لا يَنْتَفِعَ بهِ، وذَلِكَ مِنَ اللُّؤْمِ الذي يَقَعُ فيهِ جَهَلَةُ الطَّلَبَةِ الوُضَعاءِ، ومِنْ أوَّلِ فائِدَةِ طَلَبِ الحديثِ الإفادةُ، رُوِّيْنا عَنْ مالِكٍ رضي الله عنه أنَّهُ قالَ: "مِنْ بَرَكَةِ الحديثِ إفادَةُ بَعضِهِمْ بَعْضاً.
انظر: "الكامل في ضعفاء الرجال 1/ 178""علوم الحديث ص 248"
(4)
ولَا يَمْنَعُهُ الحياءُ أو الكِبَرُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الطَلَبِ، قال مُجَاهِدٍ:"لَا يَتَعَلَّمُ مَنِ اسْتَحْيَا وَاسْتَكْبَرَ".
انظر: "سنن الدارمي، كتاب العلم، بابُ الْبَلَاغِ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَتَعْلِيمِ السُّنَنِ، حديث: 592""علوم الحديث ص 248"
(5)
"وليسَ بِمُوَفَّقٍ مِنْ ضَيَّعَ شيئاً مِنْ وَقْتِهِ في الاسْتِكْثارِ مِنَ الشُّيُوخِ لِمُجَرَّدِ اسمِ الكَثْرَةِ وصِيْتِها".
"علوم الحديث ص 249"
(6)
أي: "وَلْيَكْتُبْ وَلْيَسْمَعْ ما يَقَعُ إليهِ مِنْ كِتابٍ أوْ جُزْءٍ عَلَى التمامِ، ولَا يَنْتَخِبْ"
قال ابن المبارك: " مَا انْتَخَبْتُ عَلَى عَالِمٍ قَطُّ إِلَّا نَدِمْتُ".
والانتخاب: هو اختيار الطالب بعض أحاديث الشيخ ليسمعها ويكتبها عنه.
وقال أبو حاتِمٍ الرَّازِيِّ: "إذا كَتَبْتَ فَقَمِّشْ، وإذا حَدَّثْتَ فَفَتِّشْ" والقَمْش: جمع الشيء من هاهنا وهاهنا. (لسان العرب، مادة: قمش).
قال الخطيب البغدادي: " إِذَا كَانَ الْمُحَدِّثُ مُكْثِرًا وَفِي الرِّوَايَةِ مُتَعَسِّرًا فَيَنْبَغِي لِلطَّالِبِ أَنْ يَنْتَقِيَ حَدِيثَهُ وَيَنْتَخِبَهُ فَيَكْتُبُ عَنْهُ مَا لَا يَجِدُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ وَيَتَجَنَّبُ الْمُعَادَ مِنْ رِوَايَاتِهِ وَهَذَا حُكْمُ الْوَارِدِينَ مِنَ الْغُرَبَاءِ الَّذِينَ لَا يُمْكِنُهُمْ طُولَ الْإِقَامَةِ وَالثَّوَاءِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ لِلطَّالِبِ مُعَادٌ حَدِيثِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَمَا يُشَارِكُ فِي رِوَايَتِهِ مِمَّا يَتَفَرَّدُ بِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكْتُبَ حَدِيثَهُ عَلَى الِاسْتِيعَابِ دُونَ الِانْتِقَاءِ وَالِانْتِخَابِ".
انظر: "الجامع لأخلاق الراوي 2/ 155، 220""علوم الحديث ص 249""معجم المصطلحات ص 170"
867 -
ولْيَشْتَغِلْ بفهم ما قد سَمِعا
…
وعِلمِهِ (1)، ولا يكن مُقتنِعا
868 -
بأنَّهُ قد صار ذا سماعِ
…
وليس بالعِلْمِ له يُرَاعي (2)
869 -
وليبتدي بما هو الأهَمُّ
…
وهو الصحيحانِ، وبَعْدُ يَسْمو
870 -
إلى بواقي الخَمْسَةِ المشهورهْ (3)
…
والبيهقي ذي السُّنَنِ الكثيرهْ
871 -
ثم المسانيدُ مع الأحكام (4)
…
منها موطأُ الرضي الإمام
872 -
وليشتغِلْ أيضاً بكُتْبِ العللِ
…
للدارقطني ولإبن حنبل
873 -
وكُتُبِ التاريخِ والرجالِ
…
ومُشكِلِ الأسماء كالإكمالِ (5)
874 -
وجامعِ التجريحِ والتعديل
…
لابن أبي حاتمٍ الجَلِيلِ (6)
(1) في (ش)(م): بعلمه
(2)
لا ينْبَغِي لطالبِ الحديثِ أن يقتصرَ عَلَى سَماعِ الحديثِ وكَتْبِهِ دونَ مَعْرِفَتِهِ وَفَهْمِهِ، فيكونَ قد أتعبَ نَفْسَهُ مِنْ غيرِ أن يظفرَ بطائلٍ وبغيرِ أنْ يحصلَ في عدادِ أهلِ الحديثِ، فَلْيَتَعَرَفْ صِحَّتَهُ وَضَعْفَهُ وَفِقْهَهُ وَمَعَانِيَهُ وَلُغَتَهُ وَإِعْرَابَهُ وَأَسْمَاءَ رِجَالِهِ مُحَقِّقا كُلَّ ذَلِكَ، معْتَنِيًا بِإِتْقَانِ مُشْكِلِهَا حِفْظًا وَكِتَابَةً، ولا يكن مشابهاً لليهود في ذلك؛ كما قال تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} يَعْنِي: كَمَا أَنَّ الْحِمَارَ يَحْمِلُهَا وَلَا يَدْرِي مَا فِيهَا وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا كَذَلِكَ الْيَهُودُ يَقْرَؤُنَّ التَّوْرَاةَ وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِهَا.
انظر: "معالم التنزيل في تفسير القرآن، لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت 510 هـ)، تحقيق: مجموعة من المحققين، الرياض، دار طيبة 8/ 115""علوم الحديث ص 250""التقريب ص 82"
(3)
أي: بسُنَنِ أبي داودَ، وسنن التِّرمذِيِّ، وسُنَنِ النَّسائِيِّ. انظر:"علوم الحديث ص 251"
(4)
قال السيوطي: "الْكُتُبُ الْمُصَنَّفَةُ فِي الْأَحْكَامِ، كَكِتَابِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرِهِمْ". "تدريب الراوي 2/ 596"
(5)
أي: "الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف من الأسماء والكنى والأنساب"، ألّفه: الأمير أبو نصر علي بن الوزير أبي القاسم هبة الله بن علي بن جعفر البغدادي العجلي الحافظ المعروف بابن ماكولا، المتوفى: سنة خمس وسبعين وأربعمائة، وقيل: سنة ست وثمانين أو سبع وثمانين أو تسع وثمانين. انظر: "الرسالة المستطرفة ص 116"
(6)
أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران التّميميّ الحنّظليّ، الإمام ابن الإمام حافظ الرّيّ وابن حافظها (المتوفى: 327 هـ) رحَلَ مع أبيه صغيراً وبنفسه كبيراً، أخذ علم أبيه وأبي زُرْعة، وكان بحرًا في العلوم ومعرفة الرّجال، قال الذهبي: له كتابٌ في " الجرح والتعديل " في عدة مجلدات، يدل على سعة حفظ الرجل وإمامته.
انظر: "الإرشاد للخليلي 2/ 683""تاريخ الإسلام 7/ 533"
875 -
وكلما مَرَّ به ما يُشْكِلُ
…
يبحثُ عنه وله يُحَصّلُ
876 -
فيَحْصُلُ العلمُ له في يُسْرِ
…
على الليالي واعتقاب الدَّهرِ (1)
877 -
ولا يَرُم تحصيلَهُ في دُفْعَهْ
…
فإنَّه من الأماني خُدْعَهْ
878 -
وَلْيَكُ أعلى هَمّهِ الإتْقَانُ
…
فالعالِمُ الذي له ذا الشانُ (2)
879 -
ولا يزلْ مذاكراً بما عَلِمْ
…
مَن لا يُذاكِرْ يَنْسَ محفوظَ الكَلِمْ (3)
880 -
وليشتغِلْ بالجمع والتأليفِ
…
فيه، وبالتَّخْريجِ والتَّصْنيف
881 -
فإنَّهُ يُمَهِّرُ المشْتَغِلا
…
ويُثبِتُ الحِفْظَ إذا ما فَعَلا (4)
882 -
وأنت إنْ صَنَّفْتَ بالخيارِ
…
إذا جمعتَ سُنَنَ المختار
883 -
فإن تشأْ رتّبْ على الأبوابِ
…
مثلَ الصحيحين وكم كتاب
(1)"وليكُنْ كلّما مَرَّ بهِ اسمٌ مُشْكِلٌ، أو كلمةٌ منْ حديثٍ مشْكِلَةٌ بَحَثَ عنها وأودعَها قَلْبَهُ، فإنهُ يجتمِعُ لهُ بذلكَ عِلْمٌ كثيرٌ فيُ يُسْرٍ". "علوم الحديث ص 251"
(2)
"وليَكُنْ تحفُّظُهُ للحديثِ عَلَى التدريجِ، قَليلاً قليلاً معَ الأيامِ والليالي فذلكَ أحرى بأنْ يُمَتَّعَ بِمحفوظهِ، قال الزهري: "منْ طلَبَ العِلْمَ جُمْلَةً، فاتهُ جُملةً، وإنَّما يُدْرَكُ العِلمُ حديثٌ وحديثانِ".
وليكنِ الإتقانُ منْ شأنهِ، فقدْ قالَ عبدُ الرحمنِ بنِ مَهْدِيٍّ:"الحِفْظُ الإتقانُ".
"الجامع لأخلاق الراوي 1/ 232، 2/ 13""علوم الحديث ص 252"
(3)
عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، قَالَ:"مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَحْفَظَ الْحَدِيثَ فَلْيُحَدِّثْ بِهِ، وَلَوْ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ مَنْ لَا يَشْتَهِيهِ! ، فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ كَالْكِتَابِ فِي صَدْرِهِ". "الجامع لأخلاق الراوي 2/ 268"
(4)
قال الخطيب البغدادي: قَلَّ مَا يَتَمَهَّرُ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ وَيَقِفُ عَلَى غَوَامِضِهِ وَيَسْتَثِيرُ الْخَفِيَّ مِنْ فَوَائِدِهِ إِلَّا مَنْ جَمَعَ مُتَفَرِّقَهُ وَأَلَّفَ مُتَشَتِّتَهُ وَضَمَّ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ وَاشْتَغَلَ بِتَصْنِيفِ أَبْوَابِهِ وَتَرْتِيبِ أَصْنَافِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ مِمَّا يُقَوِّي النَّفْسَ وَيُثَبِّتُ الْحِفْظَ وَيُذَكِّي الْقَلْبَ وَيَشْحَذُ الطَّبْعَ وَيَبْسُطُ اللِّسَانَ وَيُجِيدُ الْبَيَانَ وَيَكْشِفُ الْمُشْتَبِهَ وَيُوَضِّحُ الْمُلْتَبِسَ وَيُكْسَبُ أَيْضًا جَمِيلَ الذِّكْرِ وَتَخْلِيدَهُ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
يَمُوتُ قَوْمٌ فَيُحْيِي الْعِلْمُ ذِكْرَهُمُ ** وَالْجَهْلُ يُلْحِقُ أَمْوَاتًا بِأَمْوَاتِ
"الجامع لأخلاق الراوي 2/ 280"
884 -
وإن تشأ رتب على الأسماء
…
نحْوَ مسانيدَ أُولي العلياء
885 -
مُرتباً على حروفِ المعْجَمِ
…
أسماءهم كالطبراني فاعلم
886 -
أو ذاكِرَ الأفضلِ ثم الأَفضلِ
…
وما رُوِي عن النبي المرْسَل
887 -
أو ذاكِراً قبيلَةً قبيلهْ
…
مُقَدّماً مَن كثُرَتْ فضيلهْ (1)(2)
888 -
ومَن يصَنّفْهُ (3) بذكر الطُّرُقِ
…
كفِعْلِ يعقوبَ (4) الرِّضى يُوَفَّق
(1) في (ش): كثّر الفضيلة
(2)
لِلْعلماءِ بالحديثِ في تَصْنيفِهِ طُرُقٌ:
الأولى: التَّصْنيفُ عَلَى الأبوابِ الْفِقْهِيَّةِ، كَالْكُتُبِ السِّتَّةِ وَنَحْوِهَا، أَوْ غَيْرِهَا كَشُعَبِ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ، وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ لَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَيَذْكُرُ فِي كُلِّ بَابٍ مَا حَضَرَهُ مِمَّا وَرَدَ فِيهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى حُكْمِهِ.
الثانية: تَصنيفُهُ عَلَى المسانِيدِ، وجمعُ حديثِ كُلِّ صَحابيٍّ وَحْدَهُ وإنِ اخْتَلَفتْ أنواعُهُ، وَأَهْلُ هذه الطريقة:
مِنْهُمْ مَنْ يُرَتِّبُ أَسْمَاءَ الصَّحَابَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَتِّبُ عَلَى الْقَبَائِلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَتِّبُ عَلَى السَّابِقَةِ فِي الْإِسْلَامِ، ومَنْهم من يَجْمَعُ فِي تَرْجَمَةِ كُلِّ صَحَابِيٍّ مَا عِنْدَهُ مِنْ حَدِيثِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِصِحَّةٍ وَغَيْرِهَا-وَهُمُ الْأَكْثَرُ-، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى الصَّالِحِ لِلْحُجَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى صَحَابِيٍّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى طَرَفِ الْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى بَقِيَّتِهِ، ومنهم مَن جمَعَه -معللا- في كُلِّ حديثٍ طُرُقَهُ واخْتِلافَ الرواةِ فيهِ، كما فَعَلَ يَعْقُوبُ بنُ شَيْبَةَ في "مُسندِهِ"، ومنهم جَمع حديثَ شُيوخٍ مَخْصُوصِينَ كُلُّ واحِدٍ مِنْهُم عَلَى انفرَادِهِ.
الثالثة: مَسْلَكُ ابْنِ حِبَّانَ وطَرِيقَته، إذ رَتَّبَ صَحِيحَهُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ، وَهِيَ: الْأَوَامِرُ، وَالنَّوَاهِي، وَالْإِخْبَارُ عَمَّا احْتِيجَ لِمَعْرِفَتِهِ، (كَبَدْءِ الْوَحْيِ، وَالْإِسْرَاءِ، وَمَا فُضِّلَ بِهِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ)، وَالْإِبَاحَاتِ، وَأَفْعَالِهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي انْفَرَدَ بِفِعْلِهَا مِمَّا اخْتُصَّ بِهِ وَشَبَهُهُ، وَنَوَّعَ كُلَّ قِسْمٍ مِنْهَا أَنْوَاعًا.
الرابعة: جَمْعُ المتون عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ.
الخامسة: مَنْ رَتِّبَ عَلَى الْكَلِمَاتِ، لَكِنْ غَيْرُ مُتَقَيِّدٍ بِحُرُوفِ الْمُعْجَمِ، مُقْتَصِرًا عَلَى أَلْفَاظِ النُّبُوَّةِ فَقَطْ.
انظر: "علوم الحديث ص 253""فتح المغيث 3/ 332""تدريب الراوي 2/ 598"
(3)
في (هـ): تصنيفه
(4)
الحافظ الكبير العَلَاّمَةُ الثِّقَةُ أبو يوسف يعقوب بن شَيْبَة بن الصَّلْت بن عُصْفُور السَّدُوسيّ البَصْريُّ، مَوْلِدُهُ: فِي حُدُوْدِ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ، وتوفي سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، صنَّف مسندًا مُعللاً كبيرًا إِلَى الغاية القُصْوى لم يُتمّه، ولو تمّ لجاء فِي مائتي مجلد.
انظر: "تاريخ بغداد 2/ 248""سير أعلام النبلاء 12/ 476"
889 -
وربما يَجْعَلُ ما رواهُ
…
شيخٌ لفضلٍ دون ما سواهُ
890 -
كمثل ما قد جمعوا لخَمْسَهْ (1)
…
أذكرهم نصاً بغير دِلْسَهْ
891 -
حمادُ زيدٍ (2)، معه سُفيانُ (3)
…
وشُعْبَةٌ، ومالكٌ، شيْبَانُ (4)
(1) قال عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيَّ: "يُقَالُ: مَنْ لَمْ يَجْمَعْ حَدِيثِ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ فَهُوَ مُفْلِسٌ فِي الْحَدِيثِ: سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَهُمْ أُصُولُ الدِّينِ".
"الجامع لأخلاق الراوي 2/ 297"
(2)
أَبُو إِسْمَاعِيْلَ حَمَّادُ بنُ زَيْدِ بنِ دِرْهَمٍ الأَزْدِيُّ الجهضميّ مولاهم، العَلَاّمَةُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، مُحَدِّثُ الوَقْتِ (98 - 179 هـ) مولده ووفاته في البصرة، قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ أَحَدٌ أَثْبَتَ مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، مِنْ أَهْلِ الدِّيْنِ.
قال الذهبي: لَا أَعْلَمُ بَيْنَ العُلَمَاءِ نِزَاعاً، فِي أَنَّ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ، وَمِنْ أَتقَنِ الحُفَّاظِ وَأَعْدَلِهِم، وَأَعْدَمِهِم غَلَطاً، عَلَى سَعَةِ مَا رَوَى رحمه الله.
انظر: "تهذيب الكمال 7/ 239 ""سير أعلام النبلاء 2/ 271"
(3)
أبو محمد سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ بنِ أَبِي عِمْرَانَ مَيْمُوْنٍ الهِلَالِيُّ، الإِمَامُ الكَبِيْرُ، حَافِظُ العَصْرِ، شَيْخُ الإِسْلَامِ، الكُوْفِيُّ، ثُمَّ المَكِّيُّ (107 - 198 هـ) ولد بالكوفة، وسكن مكة وتوفي بها، طَلَبَ الحَدِيْثَ وَهُوَ حَدَثٌ، بَلْ غُلَامٌ، وَلَقِيَ الكِبَارَ، وَحَمَلَ عَنْهُم عِلْماً جَمّاً، وَأَتقَنَ، وَجَوَّدَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَعُمِّرَ دَهْراً، وَازدَحَمَ الخَلْقُ عَلَيْهِ، وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَادِ، وَرُحِلَ إِلَيْهِ مِنَ البِلَادِ، وَأَلْحَقَ الأَحْفَادَ بِالأَجدَادِ، قَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: لَوْلَا مَالِكٌ وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، لَذَهَبَ عِلْمُ الحِجَازِ.
انظر: "تاريخ بغداد 10/ 244 ""سير أعلام النبلاء 8/ 454"
(4)
أبو عبدالله سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ الكُوْفِيُّ، شَيْخُ الإِسْلَامِ، إِمَامُ الحُفَّاظِ، أمير المؤمنين في الحديث، سَيِّدُ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ فِي زَمَانِهِ، المُجْتَهِدُ (97 - 161 هـ) ولد ونشأ في الكوفة ومات في البصرة، قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: كَتَبتُ عَنْ أَلفٍ وَمائَةِ شَيْخٍ، مَا كَتَبتُ عَنْ أَفْضَلَ مِنْ سُفْيَانَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: قَالَ لِي ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَنْ تَرَى بِعَيْنَيْكَ مِثْلَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ حَتَّى تَمُوْتَ.
انظر: "وفيات الأعيان 2/ 386 ""سير أعلام النبلاء 7/ 229"
* أما ما جاء في المتن أعلاه من تسميته "شيبان"، فإنه على أحد ثلاث احتمالات:
الأول: أنها تصحيف، فرسم "شيبان" قريب من رسم "سفيان" وهذا أقرب الاحتمالات.
الثاني: أنه نُسب إلى العابد "شيبان الراعي"(انظر ترجمة شيبان في: تاريخ الإسلام 4/ 410) لقصة حدثت بينهما أوردها الذهبي في السِّير وغيرُه: قال زَيْدُ بنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ: خَرَجْتُ حَاجّاً أَنَا وَشَيْبَانُ الرَّاعِي مُشَاةً، فَلَمَّا صِرنَا بِبَعْضِ الطَّرِيْقِ، إِذَا نَحْنُ بِأَسَدٍ قَدْ عَارَضَنَا، فَصَاحَ بِهِ شَيْبَانُ، فَبَصْبَصَ (أي: حرّك ذيله طمعاً أو خوفاً)، وَضربَ بِذَنْبِه مِثْلَ الكَلْبِ، فَأَخَذَ شَيْبَانُ بِأُذُنِهِ، فَعَرَكَهَا، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الشُّهرَةُ لِي؟
قَالَ: وَأَيَّ شُهْرَةٍ تَرَى يَا ثَوْرِيُّ؟ لَوْلَا كَرَاهِيَةُ الشُّهرَةِ، مَا حَملتُ زَادِي إِلَى مَكَّةَ إِلَاّ عَلَى ظَهْرِهِ! ".
الثالث: نُسب إلى "شيبان بن ذهل" إذ يلتقي معه في "نِزَارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ" وهذا احتمالٌ بعيد.
انظر: "الأنساب للسمعاني 3/ 152، 8/ 198 ""سير أعلام النبلاء 7/ 268"
892 -
وجمعوا ما منه يروى بسندْ
…
وربما كان كثيراً في العددْ (1)
893 -
مِثْلَ حديثِ مالكٍ عن نافعِ
…
عن ولد الفاروق خيرِ بارع
894 -
أو كسهيلٍ (2) عن أبيه (3) عن أبي
…
هريرةٍ ذاك الرِّضى عن النبي
895 -
أو كهِشَامٍ (4) عن أبيه عروهْ (5)
…
عن زوجةِ المختارِ خير النّسْوَهْ (6)
896 -
وجعلوا حديث بابٍ منفردْ
…
مُصَنَّفاً حَسْبَ مُرَادِ المعْتَمِدْ
897 -
ولْيَكُ في الكُلّ صحيحَ القصدِ
…
ولْيَحْذَرِ الفَخْرَ بِحَسْبِ الجُهد (7)
(1) أي: "ويَجْمَعُونَ أيضاً التَّراجِمَ، وهيَ أسانِيدُ يَخصُّونَ ما جاءَ بها بالجمْعِ والتأليفِ". "علوم الحديث ص 254"
(2)
سهيل ابن أبي صالح ذكوان السمان، أبو يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بأخرة، روى له البخاري مقرونا وتعليقا، من الطبقة السادسة، مات في خلافة المنصور، روى له أصحاب الكتب الستة. "التقريب 2690"
(3)
ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدني، ثقة ثبت، وكان يجلب الزيت إلى الكوفة، من الثالثة مات سنة إحدى ومائة، روى له أصحاب الكتب الستة. "التقريب 1850"
(4)
هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، ثقة فقيه، ربما دلس، من الخامسة مات سنة خمس أو ست وأربعين ومائة، وله سبع وثمانون سنة، روى له أصحاب الكتب الستة. "التقريب 7352"
(5)
عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة مات سنة أربع وتسعين على الصحيح ومولده في أوائل خلافة عثمان، روى له أصحاب الكتب الستة. "التقريب 7352"
(6)
عائشة بنت أبي بكر الصديق، أم المؤمنين، الحميراء، أفقه النساء مطلقا، وأفضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إلا خديجة ففيهما خلاف شهير، ماتت سنة سبع وخمسين على الصحيح، روى لها أصحاب الكتب الستة. "التقريب 8732"
(7)
"ويَجْمَعُونَ أيْضاً أبواباً مِنْ أبوابِ الكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ الجامِعَةِ للأحْكامِ فَيُفْرِدونَها بالتَّأْلِيفِ، فَتَصِيْرُ كُتُباً مُفْرَدَةً، نحوُ: بابِ رُؤْيةِ اللهِ - عَزَّوَجَلَّ -، وبابِ رَفْعِ اليدينِ، وبابِ القراءةِ خَلْفَ الإمامِ، وغيرِ ذَلِكَ، ويُفْرِدونَ أحاديثَ فَيَجْمَعُونَ طُرُقَها في كُتُبٍ مُفْرَدةٍ، نحوُ: طُرُقِ حديثِ قَبْضِ العِلْمِ، وحديثِ الغُسْلِ يَومَ الْجُمُعَةِ، وغيرِ ذَلِكَ، وعليهِ في كُلِّ ذَلِكَ، تَصْحِيحُ القَصْدِ والْحَذَرُ مِنْ قَصْدِ المكاثَرَةِ ونَحْوِهِ". "علوم الحديث ص 254"