الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو واضح. الفرع الثاني: في نقض الاجتهاد، فنقول: إذا أداه اجتهاده إلى أن الخلع فسخ فنكح امرأة كان قد خالعها ثلاثا ثم تغير اجتهاده إلى أن الخلع طلاق، نظر إلى تغير بعد قضاء القاضي بمقتضى الاجتهاد الأول، وهو صحة النكاح فلا يجوز نقضه بالاجتهاد الثاني، بل يستمر على نكاحه لتأكده بالحكم، وإن تغير حكم الحاكم بالصحة وجب عليه مفارقتها؛ لأنه يظن الآن أن اجتهاده خطأ والعمل بالظن واجب، وإليه أشار المصنف بقوله: وينقض قبله، وكأنه أراد بالنقض ترك العمل بالاجتهاد الأول، وإلا فالاتفاق على أن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، وهذا التفصيل بعينه يجري في زوجة المقلد لهذا المجتهد، وكلام المصنف يحتمل كلا من المسألتين، وحكى الإمام قولا: أنه لا يجب على المقلد المفارقة مطلقا.
الباب الثاني: في الإفتاء
قال: "الباب الثاني: في الإفتاء، وفيه مسائل، الأولى: يجوز الإفتاء للمجتهد ومقلد الحي، واختلف في تقليد الميت لأنه لا قول له؛ لانعقاد الإجماع على خلافه، والمختار جوازه للإجماع عليه في زماننا". أقول: مقصود هذا الباب منحصر في المفتي والمستفتي وما فيه الاستفتاء، فلذلك ذكر المصنف فيه ثلاث مسائل لهذه الأمور الثلاثة، المسألة الأولى: في المفتي، فيجوز للمجتهد أن يفتي إذا اتصف بالشروط المعتبرة في الراوي، وهل يجوز للمقلد أن يفتي بما صح عنده من مذهب إمامه، سواء كان سماعا منه أو رواية عنه أو مسطورا في كتاب معتمد عليه، ينظر فيه. فإن كان إمامه حيا ففيه أربعة مذاهب حكاها ابن الحاجب، يجوز مطلقا وهو مقتضى اختيار الإمام والمصنف لأنه ناقل فجاز كنقل الأحاديث. والثاني: يمتنع مطلقا؛ لأنه إنما يسأل عما عنده لا عما عند مقلده، وأما القياس على نقل الأحاديث فممنوع، قال ابن الحاجب: لأن الخلاف ليس في مجرد النقل، أي: إنما الخلاف في أن غير المجتهد هل له الجزم بالحكم؟ وذكره لغيره ليعلم بمقتضاه. والثالث: لا يجوز عند وجود المجتهد، ويجوز عند عدمه للضرورة. ورابعها: أنه إن كان مطلعا على المآخذ أهلا للنظر جاز لوقوع ذلك على ممر الأعصار من غير إنكار. وإن لم يكن كذلك فلا يجوز لأنه يفتي بغير علم، وهذا هو المختار عند الآمدي وابن الحاجب وغيرهما، وإن كان إمامه ميتا ففي الإفتاء بقوله خلاف ينبني على جواز تقليده؛ فلذلك عدل المصنف عما ساق الكلام له وهو الإفتاء بقوله: إلى حكاية الخلاف في تقليده وهو حسن، لكن حكايته الخلاف في هذا دون مقلد الحي يوهم الاتفاق على الجواز فيه، وليس كذلك لما عرفت. قوله:"لأنه" أي: الدليل على أنه لا يجوز إفتاء المقلد للميت، أن الميت لا قول له بدليل انعقاد الإجماع على خلافه، ولو كان له قول لم ينعقد على خلاف قول الحي، وإذا لم يكن له قول لم يجز تقليده ولا الإفتاء بما كان ينسب إليه. قالوا: وإنما صنفت كتب الفقه لاستفادة طريق الاجتهاد من تصرفهم في الحوادث وكيفية بناء بعضها على بعض، ومعرفة المتفق عليه من المختلف فيه. هذا ما نقله الإمام في تقليد الميت حكما وتعليلا ثم
مال إلى الجواز فقال: ولقائل أن يقول: قد انعقد الإجماع في زماننا على جواز العمل بهذا النوع من الفتوى؛ لأنه ليس في هذا الزمان مجتهد، والإجماع حجة، وهذا الذي مال إليه قد صرح المصنف باختياره واستدل له مما ذكرناه، وهو دليل ضعيف فإن الإجماع إنما يعتبر من المجتهدين، فإذا لم يوجد مجتهد في هذا الزمان لم يعتبر إجماع أهله، والأولى في الاستدلال أن يقال: لو لم يجز ذلك لأدى إلى فساد أحوال الناس وتضررهم، ولو بطل قول القائل بموته لم يعتبر شيء من أقواله لروايته وشهادته ووصاياه، وما استدل به الخصم من انعقاد الإجماع على خلافه فممنوع، لما سبق فيه من الخلاف، وإن سلم فهو معارض بحجية الإجماع بعد موت المجمعين. قال:"الثانية: يجوز الاستفتاء العامي لعدم تكليفهم في شيء من الأعصار بالاجتهاد وتفويت معاشهم واستضرارهم بالاشتغال بأسبابه دون المجتهد لأنه مأمور بالاعتبار. قيل: معارض بعموم: {فَاسْأَلُوا} [الأنبياء: 7] {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ} [النساء: 59] وقول عبد الرحمن لعثمان: أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسيرة الشيخين، قلنا: الأول مخصوص وإلا لوجب بعد الاجتهاد، والثاني: في الأقضية، والمراد من السيرة لزوم العدل". أقول: المسألة الثانية: في المستفتي، أي: فيمن يجوز له الاستفتاء ومن لا يجوز، فنقول: اختلفوا في أن من لم يبلغ رتبة الاجتهاد هل يجوز له الاستفتاء في الفروع؟ فيه ثلاثة مذاهب حكاها الإمام أصحها عنده وعند الإمام وأتباعهما يجوز مطلقا، بل يجوز. والثاني: لا، بل يجب عليه أن يقف على الحكم بطريقة، وإليه ذهب المعتزلة البغدادية. وثالثها: قال به الجبائي: يجوز ذلك في المسائل الاجتهادية كإزالة النجاسة بالخل ونحوه، دون المسائل المنصوصة كتحريم الربا في الأشياء الستة مثلا، والخلاف كما قال ابن الحاجب جارٍ في غير المجتهد، سواء كان عاميا محضا "عاما" ثم استدل المصنف على الجواز بأمرين أحدهما: إجماع السلف عليه؛ لأن العوام لم يكلفوا في شيء من الأعصار باجتهاد، فلو كانوا مأمورين بذلك لكلفوهم به، وأنكروا عليهم العمل بفتاويهم، مع أنه لم يقع شيء من ذلك. الثاني: أن تكليفهم بالاجتهاد يؤدي إلى تفويت معايشهم واستضرارهم بالاشتغال لتحصيل أسبابه، وذلك سبب لفساد الأحوال فيكون القول باطلا. قوله:"دون المجتهد" أي: فإنه لا يجوز له الاستفتاء، أي: لا بعد الاجتهاد اتفاقا كما قاله الآمدي وابن الحاجب، ولا قبله على المختار عندهما وعند الإمام وأتباعه؛ لأنه مأمور بالاعتبار أي: الاجتهاد لقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا} فإنه عام شامل للعامي وللمجتهد، وترك العمل به بالنسبة إلى العامي تعجزه عن الاجتهاد، فيبقى معمولا به في حق المجتهد، وحينئذ فلو جاز له الاستفتاء لكان تاركا الاعتبار المأمور به، وتركه لا يجوز، وقد حكى الآمدي وابن الحاجب في المسألة سبعة مذاهب تعرض الإمام لأكثرها، وأصحها ما قاله المصنف، والثاني: يجوز مطلقا وهو مذهب أحمد،
والثالث، قاله بعض أهل العراق: يجوز فيما يخصه دون ما يفتي به، والرابع: يجوز فيما يفوت وقته أي: مما يخصه أيضا كما نبه عليه الآمدي، ولا يجوز فيما لا يفوت وقته، والخامس وهو مذهب محمد بن الحسن: يجوز تقليد الأعلم لا تقليد المساوي والأدون، والسادس: يجوز تقليد الصحابي بشرط أن يكون أرجح في نظره من غيره وما عداه لا يجوز، وقد تقدم نقله عن الشافعي، والسابع: يجوز تقليد الصحابي والتابعي دون غيرهما، وحكى الآمدي ثامنا عن ابن سريج لم يذكره ابن الحاجب: أنه يجوز تقليد الأعلم بشرط تعذر الاجتهاد، وهذا الخلاف إنما هو في الجواز لا في الوجوب، كما نبه عليه الإمام في أثناء هذه المسألة. قوله:"قيل: معارض" يعني: أن الاستدلال على المنع بقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا} [الحشر: 2] معارض بثلاثة أدلة، أحدها: قوله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7] فإنه يدل على جواز السؤال لمن لا يعلم كان مجتهدا أو غير مجتهد، والمجتهد قبل اجتهاده غير عالم، فوجب أن يجوز له ذلك. الثاني: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] فإنه يدل على قبول قول أولي الأمر على كل أحد مجتهدا كان أو غيره، والعلماء من أولي الأمر لأن أمرهم ينفذ على الأمراء والولاة، فيكون قولهم معمولا به في حق المجتهد والمقلد. الثالث: الإجماع، فإن عبد الرحمن بن عوف قال لعثمان رضي الله عنهما حين عزم على مبايعته: أبايعك على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيره الشيخين، فالتزمه عثمان، وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليهما أحد، فكان ذلك إجماعا على جواز أخذ المجتهد بقول المجتهد الميت. وإذا جاز ذلك جاز الأخذ بقول الحي بطريقة الأولى، وأجاب المصنف عن الأول وهو قوله:{فَاسْأَلُوا} بأنه مخصوص بالعوام، ولو كان شاملا للمجتهدين غير العاملين لكان يجوز للمجتهد ذلك بعد الاجتهاد أيضا؛ لكونه ظانا بالحكم لا عالما به، لكنه لا يجوز اتفاقا كما تقدم. قال الإمام: ومقتضاه وجوب السؤال وهو غير واجب بالإجماع، ولأنه أمر بالسؤال من غير تعيين المسئول عنه، وهو مطلق يصدق بصورة، وقد قلنا بهذا السؤال عند الأدلة عن الثاني، وهو قوله تعالى:{أَطِيعُوا اللَّهَ} الآية بأن ذلك إنما ورد في الأقضية دون المسائل الاجتهادية، أو نقول: إنه مطلق ولا عموم فيه فيكفي حمله على الأقضية، وعن الثالث وهو الإجماع أن المراد بالسيرة إنما هو لزوم العدل والإنصاف بين الناس، والبعد عن حب الدنيا لا الأخذ بالاجتهاد. قال:"الثالثة: إنما يجوز في الفروع، وقد اختلف في الأصول. ولنا فيه نظر، وليكن هذا آخر كلامنا، والله الموفق والهادي للرشاد". أقول: المسألة الثالثة: فيما يجوز فيه الاستفتاء وما لا يجوز، فنقول: يجوز للعامي الاستفتاء في الفروع على ما فيه من الخلاف المذكور في المسألة السابقة، واختلفوا في الأصول كوجود الصانع ووحدته، وإثبات الصفات ودلائل النبوة، فالأكثرون على ما نقله الآمدي واختاره هو والإمام
وابن الحاجب أنه لا يجوز لا للمجتهد ولا للعامي؛ لأن تحصيل العلم في الأصول واجب على الرسول لقوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19]، وإذا وجب عليه وجب علينا لقوله تعالى:{فَاتَّبِعُوهُ} [الأعراف: 158] .
واعترض عليه بأن الدليل خاص بالتوحيد، والدعوى عامة فلا يفيد المطلوب، واستدل المجوز بالقياس على جواز التقليد في المسائل الفروعية، وأجاب الأولون بأن المسائل الفروعية غير متناهية، فيعسر على العامي الوقوف عليها بخلاف المسائل الأصولية فإنه لا عسر فيها لقلتها. وتوقف المصنف في هذه المسألة لتعارض الأدلة من الجانبين عنده من غير ترجيح؛ فلهذا قال: ولنا فيه نظر، ونقل الآمدي وابن الحاجب عن بعضهم أن النظر فيه حرام وهو ظاهر كلام الشافعي، وهذه المسألة محلها علم الكلام؛ فلذلك اختصر فيه المصنف. "فرعان" حكاهما الإمام، الأول: إذا وقعت للمجتهد حادثة فاجتهد فيها وأفتى ثم وقعت له ثانيا، فإن كان ذاكرا لما مضى من طريق الاجتهاد فهو مجتهد، ويجوز له الإفتاء به، وإن نسيه لزمه استئناف الاجتهاد، وحينئذ فإذا تغير اجتهاده لزمه العمل بالثاني، والأحسن تعريف المستفتي بالتغير لئلا يعمل به، قال: ولقائل أن يقول: لما كان الغالب على ظنه أن الطريق الذي تمسك به أولا كان طريقا قويا، لزم بالضرورة أن يحصل له الظن بأن تلك الفتوى حق، وحينئذ فيجوز له الفتوى به؛ لأن العمل بالظني واجب، وقد صحح ابن الحاجب أن تجديد الاجتهاد لا يجب، ولم يفصل بين الذاكر وغيره، مع أن الآمدي حكى فيه أقوالا ثلاثة، وصحح التفصيل. "الثاني": اتفقوا على أن العامي لا يجوز له أن يستفتي إلا من غلب على ظنه أنه من أهل الاجتهاد والورع، وذلك بأن يراه منتصبا للفتوى بمشهد الخلق، ويرى إجماع المسلمين على سؤاله، فإن سأل جماعة فاختلفت فتاويهم، فقال قوم: يجب عليه الاجتهاد في أورعهم وأعلمهم، وقال آخرون: لا يجب ذلك، ثم إذا اجتهد فإن ترجح أحدهما مطلقا في ظنه تعين العمل بقوله، وإن ترجح أحدهما في الدين واستويا في العلم وجب القول بأخذ الأدين، وإن ترجح في العلم واستويا في الدين فمنهم من خيره، ومنهم من أوجب الأخذ بقول الأعلم وهو الأقرب، وإن ترجح أحدهما في الدين وترجح الآخر في العلم فقيل بقول الأدين، والأقرب الأخذ بقول الأعلم، وإن استويا مطلقا فقد يقال: لا يجوز وقوعه، كما قد قيل في استواء الأمارتين، وقد يقال بجوازه وحينئذ فإذا وقع ذلك يخير، ورجح ابن الحاجب جواز تقليد المفضول مع وجود الفاضل، وحكى خلافا في استفتاء المفضول سبقه إليه الغزالي ثم الآمدي، وهو وارد على الإمام في دعواه الاتفاق على المنع كما تقدم. "فرعان" حكاهما ابن الحاجب، أحدهما: يجوز خلو الزمان عن المجتهد خلافا للحنابة، لنا قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه، ولكن يقبض
العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الله رؤساء جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا" 1 "الثاني": إذا قلد مجتهدا في مسألة فليس له تقليد غيره فيها اتفاقا، ويجوز ذلك في حكم آخر على المختار، فلو التزم مذهبا معينا كالطائفة الشافعية والحنفية، ففي الرجوع إلى غيره من المذاهب ثلاثة أقوال، ثالثها: يجوز الرجوع فيما لم يعمل به ولا يجوز في غيره. "فائدتان" إحداهما: ذكر القرافي في شرح المحصول أن تقليد مذهب الغير حيث جوزناه فشرطه أن لا يكون موقعا في أمر يجتمع على إبطاله الإمام الذي كان على مذهبه، والإمام الذي انتقل إليه. فمن قلد مالكا مثلا في عدم النقض باللمس الخالي عن الشهوة فصلى، فلا بد أن يدلك بدنه ويمسح جميع رأسه، وإلا فتكون صلاته باطلة عند الإمامين. "الفائدة الثانية": تقليد الصحابة رضي الله عنهم ينبني على جواز الانتقال في المذاهب، كما حكي عن ابن برهان في الأوساط؛ لأن مذاهبهم غير مدونة ولا مضبوطة حتى يمكن المقلد الاقتداء بها فيؤديه ذلك إلى الانتقال، وقال إمام الحرمين في البرهان: أجمع المحققون على أن العوام ليس لهم أن يتعلقوا بمذهب أعيان الصحابة رضي الله عنهم بل عليهم أن يتبعوا مذاهب الأئمة الذين سبروا ونظروا وبوّبوا الأبواب، وذكروا أوضاع المسائل لأنهم أوضحوا طرق النظر وهذبوا المسائل وبينوها وجمعوها، وذكر ابن الصلاح أيضا ما حاصله: أنه يتعين تقليد الأئمة الأربعة دون غيرهم؛ لأن مذاهب الأربعة قد انتشرت وعلم تقييد مطلقها وتخصيص عامها، ونشرت فروعها بخلاف مذهب غيرهم، فرضي الله عنهم وأرضاهم، وحشرنا في زمرتهم، والله رحيم ودود.
تم الكتاب والله الموفق إلى الصواب، وإليه المرجع والمآب، وله الحمد ظاهرا وباطنا، وهو حسبنا ونعم الوكيل. قال مؤلفه العبد الفقير إلى عفو الله وغفرانه، عبد الرحيم بن الحسن القرشي الإسنوي الشافعي، عامله الله بلطفه: فرغت من هذا الكتاب المبارك عند فراغ السنة المباركة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، أحسن الله تعالى خاتمتها وعقباها بمنه وكرمه، وابتدأت فيه في شهر صفر سنة أربعين وسبعمائة، وكان تأليفه في المدرسة المباركة الشريفة، رحم الله واقفها، من القاهرة المعزية حماها الله وسائر بلاد الإسلام، اللهم فكما أرشدت إلى ابتدائه، وأعنت على انتهائه، فاجعله خالصا لوجهك، موجبا للفوز لديك، وأنفع به مؤلفه، وكاتبه، والناظر فيه، وجميع المسلمين، وصلواته وسلامه على سيدنا محمد، وآله أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
1 أخرجه البخاري في صحيحه "1/ 36" ومسلم في صحيحه، كتاب العلم "13" والدارمي "1/ 77" والهندي في كنز العمال "29095" والهيثمي في مجمع الزوائد "1/ 201".