الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن التخيير في ثلاث خصال بعد التخيير في خصلتين يكون نسخا أيضا، وهو وارد على المصنف والإمام، ونقل ابن الحاجب عنه أن زيادة الأسواط على حد القذف يكون نسخا وهو سهو وقال أبو الحسين البصري: إن كان الزائد رافعا لحكم ثابت بدليل شرعي كان نسخا، سواء كان ثبوته بالمنطوق أو بالمفهوم وجعلناه حجة كما صرح به الآمدي والإمام في أثناء المسألة، وإن كان رافعا لما ثبت بدليل عقلي أي: البراءة الأصلية فلا. قال في المحصول: وهذا التفصيل أحسن من غيره، وقال الآمدي وابن الحاجب: إنه المختار وما قاله في المفهوم مبني على أن تقرير النفي الأصلي حكم شرعي، وفيه بحث. ثم مثل المصنف لهذا المذهب بمثالين الأول منه، والثاني للقسم الثاني، فقال: إن زيادة ركعة على ركعتين يكون نسخا؛ لأنها رفعت حكما شرعيا وهو وجوب التشهد عقب الركعتين، وزيادة التغريب على الجلد ليس بنسخ لأن عدم التغريب كان ثابتا بمقتضى البراءة الأصلية، ونقل في الأحكام عن صاحب هذا التفصيل وهو أبو الحسين البصري أن المثالين جميعا ليسا بنسخ. أما الثاني فواضح، وأما الأول فلأن التشهد إنما محله آخر الصلاة لا بعد الركعتين بخصوصهما، وكلام المصنف يوهم أن التمثيل من تتمة كلام أبي الحسين وليس كذلك فاجتنبه، وخالف ابن الحاجب فجعلهما معا من باب النسخ، قال: لأن الزيادة فيها كانت حراما ثم زالت، والمذكور في المحصول والأحكام هو ما ذكره المصنف تفصيلا وتعليلا، وأجابا عن التحريم بأنه مستند إلى البراءة الأصلية، ولو خيرنا الله تعالى بين المسح والغسل بعد إيجاب الغسل، أو في خصال ثلاث بعد التخيير في خصلتين. فقال الإمام: لا يكون نسخا، واختلف كلام الآمدي فقال في الأحكام: إن هذا هو الحق، وقال في منتهى السول: الحق أن الأول نسخ دون الثاني، وصرح ابن الحاجب أيضا بأن الأول نسخ ولم يصرح بحكم الثاني.
خاتمة في النسخ:
قال: "خاتمة: النسخ يعرف بالتاريخ، فلو قال الراوي: هذا سابق قبل بخلاف ما لو قال: هذا منسوخ؛ لجواز أن يقوله عنه اجتهاد ولا نراه". أقول: مقصود المصنف من هذا بيان الطرق التي يعرف بها كون الشيء ناسخا ومنسوخا. ولما كان ذلك متعلقا بجميع أنواع النسخ ذكره آخرا وسماه خاتمة. وحاصله أن النسخ قد يعرف بتنصيص الشارع عليه، ولم يتعرض له المصنف لوضوحه، وقد يعرف بالتاريخ. فإذا علمنا بطريق ما أن أحد الدليلين المتنافيين متأخر عن الآخر كان ناسخا له، فلو قال الراوي: هذه الآية نزلت قبل تلك أو هذا الحديث سابق على ذلك قبلناه، وإن كان قبوله يقتضي نسخ المتواتر بالآحاد، وسببه أن النسخ حصل بطريق التبع، أما لو قال: هذا منسوخ، فإنه لا يقبل لاحتمال أن يقوله عن اجتهاد، ونحن لا نرى ما يراه، وفي المحصول عن الكرخي أن الراوي إذا لم يعين الناسخ وجب الأخذ بقوله؛ لأنه لولا ظهور النسخ فيه لم يطلقه. "فروع" حكاها ابن الحاجب، أحدها: إذا قال: افعلوا هذا أبدا جاز نسخه عند الجمهور. الثاني: نقصان جزء العبادة كالركعة أو شرطها كالوضوء، ونسخ لذلك الجزء أو الشرط اتفاقا، وليس بنسخ للعبادة لأن وجوبها باقٍ بالإجماع، وقيل: نسخ لها؛ لأنه ثبت تحريمها بغير طهارة وبغير ركعة، ثم ثبت جوازها أو وجوبها بغيرهما، وقيل: إن كان جزءا نسخها، وإن كان شرطا فلا. الثالث: إذا نسخ حكم المقيس عليه كان ذلك نسخا لحكم المقيس على المختار. الرابع: اتفقوا على أن الناسخ لا يثبت حكمه قبل أن يبلغه جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم، واختلفوا في ثبوت حكمه بعد وصوله إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقبل تبليغه إلينا، والمختار أنه لا يثبت. الخامس: المختار جواز نسخ وجوب معرفة الله تعالى وتحريم الكفر وغيره خلافا للمعتزلة، والمختار أيضا جواز نسخ جميع التكاليف خلافا للغزالي قال: لأن المنسوخ لا ينفك عن وجوب معرفة النسخ ومعرفة الناسخ، وهو الله تعالى. وجوابه أن نقول على تقدير تسليم اللزوم، فيجوز أن نعلمهما، وينقطع التكليف بعد معرفتهما بهما وبغيرهما، والفرعان الأولان مذكوران في المحصول أيضا.