المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

آخر وتقريره من وجهين أحدهما: أن النسب والإضافات كالبنوة والأخوة - نهاية السول شرح منهاج الوصول

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌ترجمة البيضاوي صاحب منهاج الوصول إلى علم الأصول

- ‌ترجمة الإسنوي: صاحب نهاية السول شرح منهاج الوصول

- ‌خطبة الكتاب:

- ‌تعريفات:

- ‌الباب الأول في الحكم:

- ‌الفصل الأول: تعريفه

- ‌الفصل الثاني: تقسيماته

- ‌التقسيم الأول:

- ‌التقسيم الثاني:

- ‌التقسيم الثالث:

- ‌التقسيم الرابع:

- ‌التقسيم الخامس:

- ‌التقسيم السادس:

- ‌الفصل الثالث: في أحكام الحكم الشرعي

- ‌المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانية:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌الباب الثاني: فيما لا بد للحكم منه وهو الحاكم والمحكوم عليه وبه

- ‌الفصل الأول: في الحكم

- ‌مدخل

- ‌الفرع الأول:

- ‌الفرع الثاني:

- ‌الفصل الثاني: في المحكوم عليه

- ‌المسألة الأولى:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌الفصل الثالث: في المحكوم به

- ‌المسألة الأولى:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌الكتاب الأول: في الكتاب والاستدلال به يتوقف على معرفة اللغة

- ‌مدخل

- ‌الباب الأول: في اللغات

- ‌الفصل الأول:

- ‌الفصل الثاني:

- ‌الفصل الثالث

- ‌مدخل

- ‌المسألة الأولى:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌الفصل الرابع:

- ‌الفصل الخامس:

- ‌المسألة الأولى:

- ‌المسالة الثانية:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌المسالة الرابعة:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌الفصل السادس

- ‌مدخل

- ‌الفرع الأول:

- ‌الفرع الثاني:

- ‌الفرع الثالث:

- ‌الفرع الرابع:

- ‌الفرع الخامس:

- ‌الفرع السادس:

- ‌الفصل السابع:

- ‌الفصل الثامن:

- ‌الفصل التاسع:

- ‌الباب الثاني: في الأوامر والنواهي

- ‌الفصل الأول: في لفظ الأمر

- ‌الفصل الثاني: في صيغته

- ‌الفصل الثالث: في النواهي

- ‌الباب الثالث: في العموم والخصوص

- ‌الفصل الأول: في العموم

- ‌الفصل الثاني: في الخصوص

- ‌الفصل الثالث: في المخصص

- ‌الباب الرابع: في المجمل والمبين

- ‌الفصل الأول: في المجمل

- ‌الفصل الثاني: في المبين

- ‌الفصل الثالث: في المبين له

- ‌الباب الخامس: في الناسخ والمنسوخ

- ‌الفصل الأول: في النسخ

- ‌الفصل الثاني: في الناسخ والمنسوخ

- ‌خاتمة في النسخ:

- ‌الكتاب الثاني: في السنة

- ‌الباب الأول: الكلام في أفعاله

- ‌الباب الثاني: في الأخبار

- ‌الفصل الأول: فيما علم صدقه

- ‌الفصل الثاني: فيما علم كذبه

- ‌الفصل الثالث: فيما ظن صدقه وهو خبر العدل الواحد

- ‌الكتاب الثالث: في الإجماع

- ‌الباب الأول: في بيان كونه حجة

- ‌الباب الثاني: في أنواع الإجماع

- ‌الباب الثالث: في شرائطه

- ‌الكتاب الرابع: في القياس

- ‌مدخل

- ‌الباب الأول: في بيان أنه حجة

- ‌الباب الثاني: في أركانه

- ‌الفصل الأول: في العلة

- ‌الفصل الثاني: في الأصل والفرع

- ‌الكتاب الخامس: في دلائل اختلف فيها

- ‌الباب الأول: في المقبولة

- ‌الباب الثاني: في المردودة

- ‌الكتاب السادس: في التعادل والتراجيح:

- ‌الباب الأول: في تعادل الأمارتين في نفس الأمر

- ‌الباب الثاني: في الأحكام الكلية للتراجيح

- ‌الباب الثالث: في ترجيح الأخبار

- ‌الباب الرابع: في ترجيح الأقيسة

- ‌الكتاب السابع: في الاجتهاد والإفتاء

- ‌الباب الأول: في الاجتهاد

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: في الاجتهاد

- ‌الفصل الثاني: في حكم الاجتهاد

- ‌الباب الثاني: في الإفتاء

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: آخر وتقريره من وجهين أحدهما: أن النسب والإضافات كالبنوة والأخوة

آخر وتقريره من وجهين أحدهما: أن النسب والإضافات كالبنوة والأخوة أمور عدمية لا جود لها في الخارج، وإنما هي أمور اعتبارية أي: يعتبرها العقل، فلا تحتاج إلى مؤثر. الثاني: أن النسبة متوقفة على المنتسبين فقط فإذا حصلا حصلت، وتحتاج إلى مؤثر آخر، وهذا الجواب فيه التزام لحدوث التأثير، والجواب الأول مانع للحدوث والقدم معا؛ لأنهما من صفات الوجود، وقد فرضناه معدوما وأجاب في التحصيل بجوابين، أحدهما: أن الممتنع إنما هو تقدم النسبة على محلها وأما ثبوتها مع محلها عند عدم المنسوب إليه فلا استحالة فيه. ألا ترى أن تقدم البارئ على العالم نسبة بينه وبين العالم، ويستحيل القول بتوقف وجودها على المنتسبين. الثاني: أن المحال من التسلسل إنما هو التسلسل في المؤثرات والعلل، وأما التسلسل في الأثر فلا نسلم أنه ممتنع وهذا التسلسل إنما هو في الآثار. قال الأصفهاني في شرح المحصول: وفيه نظر؛ لأنه يلزم منه تجويز حوادث لا أول لها، وهو باطل على رأينا، وهذه المسألة لا ذكر لها في المنتخب قال.

ص: 103

‌الفصل الرابع:

قال: "الفصل الرابع في الترادف وهو توالي الألفاظ المفردة الدالة على معنى واحد باعتبار واحد كالإنسان والبشر، وللتأكيد يقوى الأول والتابع لا يفيد وحده" أقول: الترادف مأخوذ من الرديف وهو ركوب اثنين على دابة واحدة، وفي الاصطلاح ما قاله المصنف. فقوله: توالي الألفاظ جنس دخل فيه الترادف وغيره، وتوالي الألفاظ هو تتابعها لأن اللفظ الثاني تبع الأول في مدلوله وإنما عبر بذلك ولم يعبر بالألفاظ المتوالية لأنه شرع في حد المعنى، وهو الترادف لا في حد اللفظ وهو المترادف كما فعل الإمام وعبر بالألفاظ ليشمل ترادف الأسماء كالبر والقمح، والأفعال كجلس وقعد، والحروف كفي والباء من قوله تعالى:{مُصْبِحِينَ، وَبِاللَّيْلِ} لكن الترادف قد يكون بتوالي اللفظين فقط وأيضا فاللفظ جنس بعيد لإطلاقه على المهمل والمستعمل وهو مجتنب في الحد أو الحدود فالصواب أن يقول: توالي كلمتين فصاعدا، وقوله: المفردة احترز به عن شيئين أحدهما: أن يكون البعض مركبا والبعض مفردا كالاسم مع الحد نحو الإنسان والحيوان الناطق، فإنهما وإن دلا على ذات واحدة فليسا مترادفين على الأصح؛ لأن الحد يدل على الأجزاء بالمطابقة والمحدود يدل عليها بالتضمن والدالة بالمطابقة غير الدال بالتضمن. الثاني: أن يكون الكل مركبا كالحد والرسم نحو قولنا: الحيوان الناطق والحيوان الضاحك، فليسا مترادفين أيضا، وإن دلا على مسمى واحد وهو الإنسان؛ لأن دلالة أحدهما بواسطة الذاتيات، والآخر بواسطة الخاصة، لكن التقييد بأفراد غير محتاج إليه؛ لأن ما ذكره خارج بقوله باعتبار واحد. وأيضا فالتقييد به على تقدير الاحتياج إليه في إخراج الحد وشبهه مما قلناه يخرج به بعض المترادفات كقولنا: خمسة ونصف العشرة، وكذلك خمسة مع عشرة إلا خمسة على ما سيأتي في الاستثناء. وقوله: الدال على مسمى واحد أي: الدال كل منها على مسمى

ص: 103

واحد واحترز به المتباينة كالإنسان والفرس. وقوله: باعتبار واحد قال في المحصول: احترزنا به عن الألفاظ المفردة الدالة على مسمى واحد، لكن باعتبارين كالسيف والصارم فإن كلا منهما يدل على الذات المعروفة، لكن دلالة السيف باعتبار الشكل سواء كان كالا أو قاطعا، والصارم باعتبار شدة القطع وكذلك الصفة وصفة الصفة كالناطق والفصيح، وهذا القيد لا يحتاج إليه، فإن هذه الأشياء لم تدل على مسمى واحد بل على معنيين مجتمعين في ذات واحدة، وكيف لا وقد تقدم في كلامه في تقسيم الألفاظ أن هذه ألفاظ متباينة والمتباين هو الذي تغاير لفظه ومعناه، ويمكن أن يقال: احترز به على الألفاظ المفردة الدالة على معنى واحد لكن أحدهما يدل بطريق الحقيقة، والآخر بطريق المجاز كالأسد والشجاع، وهذا الحد منطبق على تكرار اللفظ الواحد كقولنا: قام زيد زيد وليس ذلك من الترادف، بل من التأكيد اللفظي كما سيأتي فلا بد أن يقول: توالي الألفاظ المفردة المتغايرة. قوله: "كالإنسان والبشر" مثال للمترادف من جهة اللغة، فإن الإنسان يطلق على الواحد، رجلا كان أو امرأة كما قال الجوهري، وكذلك البشر يطلق أيضا على الواحد، قال الله تعالى:{مَا هَذَا بَشَرًا} وقد يكون الترادف بحسب العرف كالأسد والسبع، أو بحسب لغتين كالله وخداي بالفارسية. قوله:"والتأكيد يقوي الأول" لما كان التأكيد والتابع فيهما شبه بالمترادف حتى ذهب بعضهم إلى أن التابع منه أي: من المترادف شرع في الفرق بما قاله في المحصول، وحاصل ما قاله في الفرق بين المترادف والمؤكد أن المترادفين يفيدان فائدة واحدة من غير تفاوت أصلا، وأما المؤكد فإنه لا يفيد عن فائدة المؤكد بل تفويته، والأولى للمصنف أن يقول: والتأكيد تقوية الأول أو يقول: والمؤكد يقوي الأول قال: وأما الفرق بين المترادف والتابع كقولنا: شيطان ليطان وحسن بسن وخراب يباب وجيعان نيعان وشبه ذلك، فهو أن التابع وحده لا يفيد شيئا البتة، فإن تقدم المتبوع عليه أفاد تفويته بخلاف المترادف فإنه يفيد وحده كالإنسان، ومقتضى كلام المصنف أن التابع لا فائدة له أصلا، وبه صرح الآمدي في الأحكام ولم يتعرض ابن الحاجب لفائدته، وقد عرفت مما قلناه أن التأكيد والتابع، كل منهما يفيد التقوية، ولكن يفترقان من جهة أن التابع يشترط فيه أن يكون على زنة الأصل كشيطان ليطان بخلاف التأكيد.

قال: "وأحكامه في مسائل: الأولى في سببه: المترادفان إما من واضعين والتبسا أو واحد لتكثير الوسائل والتوسع في مجال البديع. الثانية: أنه خلاف الأصل؛ لأنه تعريف المعرف ومحوج إلى حفظ الكل. الثالثة: اللفظ يقوم بدل مرادفه من لغته إذ التركيب يتعلق بالمعنى دون اللفظ. الرابعة: التوكيد تقوية مدلول ما ذكر بلفظ ثانٍ، فإما أن يؤكد بنفسه مثل قوله عليه الصلاة والسلام: "والله لأغزون قريشا" ثلاثا 1 أو بغيره للمفرد كالنفس والعين وكلا وكلتا وكل وأجمعين وأخواته أو الجملة كإن، وجوازه ضروري ووقوعه في

1 أخرجه ابن حبان في صحيحه عن ابن عباس "10/ 6612"، والهيثمي في مجمع الزوائد "4/ 182".

ص: 104

اللغات معلوم" أقول: حصر المصنف أحكام الترادف في أربع مسائل؛ الأولى: في سبب وقوعه، وهو أمران أحدهما: أن يكون من واضعين، قال الإمام: ويشبه أن يكون هو السبب الأكثري، وذلك بأن تضع قبيلة لفظ القمح مثلا للحب المعروف، وقبيلة أخرى لفظ البر له أيضا. ثم يشتهر الوضعان، ويخفى الواضعان أو يعلمان ولكن متلبس وضع أحدهما بوضع الآخر، وهذا الشرط يقتضي أنا إذا علمنا الواضعين بأعيانهما لا يكون اللفظ مترادفا بل ينسب كل لغة إلى قوم وفيه نظر، ثم إن هذا إنما يتأتى إذا قلنا: اللغات اصطلاحية والمصنف لم يختره بل اختار الوقف. والثاني: أن يكون من واضع وحد إما لتكثير الوسائل والإخبار عما في النفس، فإنه ربما نسي أحد اللفظين أو عسر عليه النطق به كالألثغ الذي يعسر عليه النطق بالراء فيعبر بالقمح، أو تعذرت القافية أو الوزن به فيبقى الآخر وسيلة للمقصود، وإما للتوسع في مجال البديع، والبديع هو اسم لمحاسن الكلام كالسجع والمجانسة والقلب، والواضع له بإزاء هذه المعاني هو ابن المعتز1 كما قال ابن أبي الإصبع في تحرير التحبير2. قال السكاكي: فالسجع يكون في النثر كالقافية في الشعر كقولك: ما أبعد ما فات، وما أقرب ما هو آت، فلو عبرت بمضي ونحوه لما حصل هذا المعنى والمجانسة كقولك: اشتريت البر وأنفقته في البر فلو عبرت بالقمح لفات المطلوب، والقلب كقوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3] فلو عبر بالله تعالى ونحوه لفات هذا المطلوب. "المسألة الثانية": الترادف على خلاف الأصل أي: خلاف الراجح حتى إذا تردد لفظ بين كونه مترادفا وكونه غير مترادف فحمله على عدم الترادف أولى، وإن كان خلاف الأصل؛ لأنه تعريف لما سبق تعريفه، ولأنه محوج إلى ارتكاب مشقة وهي حفظ الكل لاحتمال أن يكون الذي يقتصر على حفظه خلاف الذي يقتصر عليه غيره، فعند التخاطب لا يعلم كل واحد منهما مراد الآخر، وهذان الدليلان إنما ينفيان الوضع من واحد، وهو السبب الأقلي كما تقدم فلا يحصل المدعى، لا جرم أن الإمام في المحصول والمنتخب لم يحرم بكونه على خلاف الأصل بل نقله عن بعضهم فقال في المنتخب: وقيل، وقال في المحصول: ومن الناس وكذلك في الحاصل والتحصيل وأيضا فتعريف المعرف يستدلون به على استحالة الشيء، وقد صرح به صاحب الحاصل وجعله ابن الحاجب دليلا للقائل باستحالته، وأشار إليه الآمدي أيضا ولم يتعرض هو ولا ابن الحاجب لهذه المسألة. المسألة الثالثة: هل يجب صحة إقامة كل واحد من

1 ابن المعتز: عبد الله بن محمد بن المعتز بالله المتوكل بن المعتصم بن الرشيد العباسي، أبو العباس، الشاعر المبدع، ولد في بغداد سنة "247هـ" وله: الزهر والرياض والبديع وغيرها، توفي عام "286هـ" "الأعلام: 1/ 51".

2 التحبير في علم البديع: لزكي الدين عبد السلام بن عبد الواحد الشهير بابن أبي الإصبع، المتوفى سنة "654هـ" ثم لخصه وسماه التحرير "كشف الظنون: 355".

ص: 105

المترادفين مقام الآخر؟ فيه ثلاثة مذاهب، أصحها عند ابن الحاجب: الوجوب؛ لأن المقصود من التركيب إنما هو المعنى دون اللفظ، فإذا صح المعنى مع أحد اللفظين وجب بالضرورة أن يصح مع اللفظ الآخر؛ لأن معناهما واحد. والثاني: لا يجب مطلقا واختاره في الحاصل والتحصيل، وقال في المحصول: إنه الحق؛ لأن صحة الضم قد تكون من عوارض الألفاظ أيضا؛ لأنه يصح قولك: خرجت من الدار ولو أبدلت لفظه من وحدها بمرادفها من الفارسية لم يجز قال: وإذا عقلنا ذلك في لغتين فلم لا يجوز مثله في لغة؟ والثالث وصححه المصنف: التفصيل، فيجب إن كانا من لغة واحدة لما قلناه أو لا بخلاف اللغتين، والفرق أن اختلاف اللغتين يستلزم ضم مهمل إلى مستعمل، فإن لفظة إحدى اللغتين بالنسبة إلى الأخرى مهملة. وقوله:"إذ التركيب يتعلق بالمعنى" إشارة إلى أن الخلاف إنما هو في حال التركيب، وأما في حال الإفراد كما في تعديد الأشياء من غير عامل ملفوظ به، ولا مقدر فيجوز اتفاقا، ولم يذكر الإمام هذه المسألة في المنتخب الآمدي في كتبه أيضا، ومن فوائدها نقل الحديث بالمعنى وسيأتي إيضاحها. المسألة الرابعة: في التوكيد قال في المحصول والمنتخب: هو اللفظ الموضوع لتقوية ما يفهم من لفظ آخر ويرد عليه أمور، أحدها: أن التأكيد ليس هو اللفظ بل التقوية باللفظ، إنما اللفظ هو المؤكد. الثاني: أن التأكيد قد يكون بغير لفظ موضوع له، بل بالتكرار كقولنا: قام زيد قام زيد، وكذلك بالحروف الزوائد كما في قوله تعالى:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} [المائدة: 13] أي: فينقضهم، والباء من قوله تعالى:{وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الفتح: 28] أي: كفى الله شهيدا، قال ابن جني: كل حرف زِيد في كلام العرب فهو التوكيد. الثالث: أن التعبير آخر فيه إشعار بالمغايرة، فيخرج من الحد التأكيد بالتكرار نحو: جاء زيد كما مثلنا، وقد تفطن صاحب الحاصل لما أوردناه، فعدل إلى قوله: تقوية مدلول اللفظ المذكور أولا بلفظ مذكور ثانيا، والباء التي في اللفظ متعلقة بالتقوية وقد تبعه المصنف على هذه الحدود ويرد عليه أمران، أحدهما: القسم وإن واللام فإنها تؤكد الجملة، وليس ذلك بلفظ ثانٍ بل بلفظ أول، فحقه أن يقول بلفظ آخر، وهذا لا يرد على الإمام، وفي بعض الشروح أن الثاني هنا بمعنى واحد كهو في قوله تعالى:{ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التوبة: 40] وعلى هذا فلا إيراد وهو غلط، فإن شرط ذلك أن يضاف إلى مثله. الثاني: أن التابع يدخل في هذا الحد، فإنه يعيد التأكيد كما تقدم، فينبغي أن يقول: بلفظ ثان مستقل بالإفادة أو نحو ذلك، إذا علمت ذلك فاعلم أن اللفظ تارة يؤكد بنفسه أي: بأن يكرر مثل قوله عليه الصلاة والسلام: "والله لأغزون قريشا" بتكراره ثلاثا1، وهذا الحديث رواه أبو داود عن عكرمة مرسلا وتارة يؤكد بغيره، وهو على قسمين، أحدهما: أن يكون مؤكدا للمفرد. والثاني: أن يكون مؤكدا للجملة، والمؤكد للمفرد إما أن يكون مؤكدا للواحد كقولك: جاء زيد نفسه أو عينه، وإما للمثنى كقولك: جاء الزيدان كلاهما والمرأتان كلتاهما، وإما للجمع كقوله تعالى:

ص: 106