المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكرما تجوز فيه اليمين بين الركن والمقام وتعظيم ذلكوالتشديد في اليمين بينهما - أخبار مكة - الفاكهي - ط ٤ - جـ ١

[أبو عبد الله الفاكهي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الرابعة

- ‌المبحث الأولحياة الفاكهي

- ‌أولا: اسمه ونسبه:

- ‌ثانيا: ولادته، ونشأته:

- ‌ثالثا: طلبه للعلم، ورحلاته:

- ‌رابعا: مكانته الاجتماعية:

- ‌خامسا: مشايخه:

- ‌حرف الهمزة

- ‌حرف الباء

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الجيم والحاء

- ‌حرف الراء والزاي

- ‌حرف السين والشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف العين

- ‌حرف الفاء والقاف والكاف

- ‌حرف الميم

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الياء

- ‌الكنى والألقاب من شيوخه

- ‌سادسا: تلاميذه:

- ‌سابعا: وفاته:

- ‌المبحث الثانيأهميّة كتاب الفاكهي

- ‌أولا: النصوص التي احتفظ لنا بها الفاكهي، لأصول مفقودة:

- ‌ثانيا: الكتب التي أخذت عن الفاكهي:

- ‌ثالثا: عرض موجز لأهم الفصول والأبحاثالتي تضمنها هذا المجلد من كتاب الفاكهي:

- ‌المبحث الثالثمنهج الفاكهي في كتابه

- ‌أولا: منهجه الحديثي:

- ‌ثانيا: منهجه العام في كتابه «أخبار مكة» مقارنا بكتاب الأزرقي:

- ‌تقييم الجزء الأول-الجزء الضائع-من كتاب الفاكهي

- ‌المبحث الرابعموارده في هذا الكتاب

- ‌حول اسم الكتاب:

- ‌وصف النسخة المعتمدة في التحقيق:

- ‌عملنا في هذا الكتاب:

- ‌ذكرفضل الركن الأسود وما جاء فيه وأنه من حجارة الجنة

- ‌ذكرما يقال عند استلام الركن الأسود واستلامهومن لم يستلمه ورفع الأيدي عنه والرمل بالبيت

- ‌ذكرالسجود على الركن والتزامه وتقبيله

- ‌ذكر/استلام الركنين الأسود واليماني وفضل ذلك

- ‌ذكراستلام النساء الركن

- ‌ذكرمن أي جانب يستلم الحجر الأسود

- ‌ذكرالاستلام عند دخول المسجد وعند الخروج منه

- ‌ذكرالزحام على الركن الأسود واليماني، من فعل ذلك ومن كرههوذكر استلامهما

- ‌ذكرأول من استلم الركن من الأئمة بعد الصلاة

- ‌ذكرما أصاب الركن من الحريق وذرع ما يدور الحجرالأسود من الفضة وتفسيره

- ‌ذكرذرع ما بين الحجر الأسود إلى الأرض

- ‌ذكراستلام الركن اليماني وفضله وما جاء فيه

- ‌ذكراستلام الركنين: الحجر واليماني في كل وتر

- ‌ذكرما يقال بين الركنين الأسود واليماني

- ‌ذكرمن كان يطوف بالبيت ولا يستلم

- ‌ذكراستلام الركنين الغربيين [اللذين](4)يليان الحجر

- ‌ ذكراستلام الأركان كلها وتقبيلها ومسحها ومن لميمسحها وتفسير ذلك

- ‌ذكرتقبيل الأركان وتقبيل الأيدي إذا مسحت بها والتصويتبالقبلة وما جاء في ذلك

- ‌ذكرالملتزم والتزامه والدعاء فيه وفضل ذلك وماجاء فيه

- ‌ذكرالتزام دبر الكعبة ومن كان يفعله

- ‌ذكرمن كان يلتزم البيت ومن كان لا يلتزمه

- ‌ذكرالدعاء بين الركن والمقام

- ‌ذكرالصلاة في وجه الكعبة

- ‌ذكرحد قبلة الكعبة

- ‌ذكرالطواف بالكعبة والصلاة وما يؤمر بهفيه من الصمت

- ‌ ذكركثرة الطواف والثواب عليه

- ‌ذكركراهية الكلام بالفارسية في الطوافوالاضطباع فيه

- ‌ذكرما ينزل على الطوّاف وأهل مكة من الرحمةفي كل يوم وتفسيره

- ‌ذكراحصاء الطواف فيه وما يؤمر به من الصمتوالسكوت فيه والتواضعوالخشوع

- ‌ذكرمن رخّص في الكلام في الطواف بالخير والدعاء

- ‌ذكرالتؤدة والسرعة في الطواف

- ‌ذكرالإقران في الطواف ومن رخص فيه وفعله، ومنلم يفعله، وتفسير ذلك

- ‌ذكرمن رخص في الإقران في الطواف

- ‌ذكرالقراءة في الطواف وذكر اللهعز وجل

- ‌ذكرما يقال في الطواف وتفسير ذلك

- ‌ذكرالقيام في الطواف وحدّ الطواف

- ‌ذكرالقيام على باب الكعبة

- ‌ذكرطواف النساء بالبيت متنقبات

- ‌ذكرمن نذر أن يطوف بالبيت على أربع قوائم،أو مقرونا كيف يصنع

- ‌ذكرالصلاة والطواف للغرباء أيهما أفضل

- ‌ذكرالطواف بالبيت على الدواب راكبا ومن فعلهورخص فيه

- ‌ذكرالطواف في المطر وفضله

- ‌ذكرالطواف بالبيت سباحة في السيل العظيم ومنفعله

- ‌ذكرأول من فرق بين الرجال والنساء في الطواف

- ‌ذكرفضل الطواف عند طلوع الشمس وعندغروبها

- ‌ذكرالصلاة بمكة في كل وقت

- ‌ذكرمن رخّص في الصلاة بعد العصر، ومن كان يصليويأمر بالصلاة حينئذ

- ‌ذكرمن لم ير الصلاة بعد العصر وبعد الصبح بمكة

- ‌ذكرمن قال تجزيء المكتوبة من ركعتي الطواف

- ‌ذكرالانصراف من الطواف على وتر

- ‌ذكرالانصراف من الطواف لحاجة تبدو

- ‌ ذكرمن كان يصلي خلف كل سبع أربع ركعات، وابتلالالكعبة من جوانبها في المطر

- ‌ذكرتغميض العينين في الطواف والطواف في القلانس

- ‌ذكرالتوقيت في الصلاة والصلاة بالليل والنهار

- ‌ذكرالمريض والكبير يطاف به بالبيت على أيدي الرجال

- ‌ذكرما يستحب من الذكر لله-تبارك وتعالى-في الطواف

- ‌ذكرالرجل يقرأ السجدة وهو يطوف بالبيت

- ‌ذكرالطواف في الخفاف والنعال وتفسير ذلك

- ‌ذكرالمقيد يطوف بالبيت

- ‌ذكرالشرب في الطواف

- ‌ذكرالاستراحة في الطواف

- ‌ذكرأين تصلّى ركعتا الطواف من المسجد

- ‌ذكرالرجل يطوف عن الحي والميت ومن فعله

- ‌ذكرالتحفّظ في الطواف والتشديد في الطوافعلى غير وضوء

- ‌ذكرمن يقطع عليه الطواف بصلاة مكتوبة أو غيرها

- ‌ذكرالطواف في الثياب الموردة وكراهية أن تمس الكعبةعلى غير وضوء

- ‌ذكركراهية أن يقال للطواف شوط أو دور

- ‌ذكرالاقلف يطوف بالكعبة

- ‌ذكرالطواف بالصبيان إذا ولدوا، وإذا اختتنوا،وإذا ختموا

- ‌ذكرإنشاد الشعر في الطواف وفي المسجد الحرام وتفسير ذلك

- ‌ذكرطواف النساء الغرباء بالبيت في المواسم في الإسلام والجاهليةوالطواف بالجواري الأحرار والإماء بمكة إذا بلغن وتفسير ذلك

- ‌ ذكرطواف الحية وغيرها من الدواب بالكعبةودخولهن المسجد الحرام

- ‌ذكرمن حدث من أهل العلم المتقدمين وهو يطوفبالبيت وتفسير ما حدثوا به

- ‌ذكرفرش الطواف بأي شيء هو

- ‌ذكرالجلوس في ظل الكعبة وفضل ذلك

- ‌ذكرالمستحاضة تدخل الكعبة وما جاء فيه

- ‌ذكرالمكتوبة تصلى في الكعبة ومن لا يدخل الكعبةمن النساء وتفسيره

- ‌ذكرمن كره ان يكون حول الكعبة بناء يشرف عليها

- ‌ذكرما يقال عند وداع الكعبة وكيف يفعل من أرادالوداع

- ‌ذكرطيب الكعبة يصيب الثوب والانتفاع به

- ‌ذكرمن حلف بالمشي إلى الكعبة كيف يصنع

- ‌ذكرجمار الكعبة ومن كان يجمرها فيما مضىمن حجبة البيت ومن فعل ذلك

- ‌ذكرالحلف بالكعبة وحدها حتى يقول ورب الكعبة ومنفعل ذلك

- ‌ذكرمن لم ير بأسا أن يحلف برب الكعبة فيقول وربّ الكعبةومن فعل ذلك وحلف به

- ‌ذكرصفة الحبشي الذي يهدم الكعبة وذكر ما يأتي مكةمن الجيوش فيخسف بهم قبل وصولهم إليها

- ‌ذكرقوله صلى الله عليه وسلم لا تغزى مكة بعد الفتحوتفسيره

- ‌ذكرفرض حج البيت الحرام على الناس

- ‌ذكرقول الله عز وجل {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ}(3)وتفسير ذلك

- ‌ذكرما يقوم من الأعمال مقام الحج

- ‌ذكرالسبيل إلى الحج وما يوجبه

- ‌ذكرالتشديد في التخلف عن الحج والواجب من غير علة

- ‌ذكرالحج بالصبيان الصغار وما جاء فيه

- ‌ذكرفضل الموت في الحج والعمرة وما جاء فيه

- ‌ذكرالرجل يحج عن أبويه وقرابته وفضل ذلك

- ‌ذكرالمشي في الحج وفضله

- ‌ذكرالأذان في الحج من السماء

- ‌ذكرالتشديد في التخلف عن الحج

- ‌ذكرالراكب في الحج وما كان الناس يركبون

- ‌ذكرمن قال يحج على أي الدواب كان

- ‌ذكرالمتابعة بين الحج والعمرة وفضل ذلك

- ‌ذكرتلبية الحاج إذا لبى وما يجيبه وانهم وفد اللهتعالى واجابة دعوته، وخلف النفقةفي الحج والثواب عليه وتفسير ذلك

- ‌ذكرالمغفرة للحجاج ولمن استغفر له الحاج

- ‌ذكرائتناف العمل بعد الحج وفضل ذلك وتفسيره

- ‌ذكرفضل حاج الكعبة يوم القيامة على الناس والترغيبفي موافاة الحج وتفسيره

- ‌ذكرسرعة السير لحجّ البيت ومن فعله

- ‌ذكرالمقام وفضله

- ‌ذكرقيام ابراهيم عليه الصلاة والسلام على المقامواذانه عليه بالحجّ وفضل المقام

- ‌ذكرالأثر الذي في المقام وموضع قدم إبراهيمعليه الصلاة والسلام فيه وتفسيره

- ‌ ذكرالجلوس خلف المقام ومن جلس خلفه

- ‌ذكرموضع المقام من أول مرّة وردّه إلى موضعهوذكر السيل الذي أصابه في الجاهلية والإسلام

- ‌ذكرمسح المقام وتقبيله وتعظيمه

- ‌ذكرالصلاة خلف المقام وأين تستحب الصلاة فيهوالدعاء خلف المقام

- ‌ذكرالصلاة بين الركن والمقام وفضل ذلك

- ‌ذكرالبيعة التي تكون بين الركن والمقام وجامعذكر المقام

- ‌ذكرما تجوز فيه اليمين بين الركن والمقام وتعظيم ذلكوالتشديد في اليمين بينهما

- ‌ذكرذرع المقام وصفته وما كان عليه إلى اليوموتفسير ذلك

الفصل: ‌ذكرما تجوز فيه اليمين بين الركن والمقام وتعظيم ذلكوالتشديد في اليمين بينهما

مسعود-رضي الله عنه-قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت زينب بنت جحش-رضي الله عنها-فدخل منزل أم سلمة-رضي الله عنها-ثم قال صلى الله عليه وسلم: يا أم سلمة اسمعي واشهدي وهو يقاتل المارقين، والقاسطين بعدي، يا أم سلمة اسمعي وأطيعي وهو يقاتل المارقين والقاسطين بعدي، يا ام سلمة اسمعي واشهدي، لو أنّ رجلا عبد الله-تعالى-ألف عام بين الركن والمقام، وألف عام بعد ألف عام، ثم لقي الله-عز وجل-مبغضا لهذا-يعني علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-أكبّه الله-عز وجل-يوم القيامة على وجهه في نار جهنّم.

1040 -

حدّثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا أحمد بن محمد بن أيوب، قال: ثنا ابراهيم بن سعد، عن محمد بن اسحاق، قال: قال حمزة بن عبد المطلب-رضي الله عنه-في قتل عمرو بن الحضرمي يحث قريشا، ويذكر حرمة زمزم والمقام، فقال:

وقالوا: حرمة ربّهم أباحوا

فحلّت حرمة الشّهر الحرام

وهم كانوا هناك أشدّ جرما

بمكّة بين زمزم والمقام

‌ذكر

ما تجوز فيه اليمين بين الركن والمقام وتعظيم ذلك

والتشديد في اليمين بينهما

1041 -

حدّثنا محمد بن أبي عمر، ومحمد بن ميمون، قالا: ثنا سفيان،

ص: 472

قال: حدّثني وهب بن عقبة البكائي-وكان قد قلّد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان-رضي الله عنه-قال: إنّ امرأة زوّجت ابنة لها من رجل، فطلبت منه جملا فمنعها وأبى عليها، فقالت: فإني قد أرضعتكما، فرفع ذلك إلى عثمان ابن عفّان-رضي الله عنه-فقال: مروها فلتأت الكعبة، فلتحلف عندها.

قال: فكأنها تأثّمت حين أتت الكعبة، وقالت: إني [إنّما أردت يعني أن أفرق بينهما]

(1)

.

1042 -

وحدّثني ابراهيم بن أبي يوسف، قال: ثنا عبد المجيد بن أبي روّاد، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن رجل من أصحاب/النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تستحلفوا عند المقام على الشيء اليسير، أخشى أن يتهاون الناس به.

1043 -

حدّثنا ابن أبي أيوب

(2)

،قال: ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جريج، عن عكرمة بن خالد، قال: قدم عبد الرحمن بن عوف

(1)

سقطت من الأصل، وزدتها من الأزرقي.

(2)

كذا في الأصل، ولعلّها: ابن أبي يوسف.

ص: 473

- رضي الله عنه-مكة فرأى جماعة بين الركن والمقام، فقال: ما هذا؟ قالوا:

انسان يستحلف. [قال]

(1)

إلى دم؟ قالوا: لا. قال: إلى مال عظيم اقتطعه؟ قالوا: لا. قال: إني لأخشى أن يتهاون الناس هذا المقام.

والناس بمكة لا يستحلفون بين الركن والمقام في أقل من عشرين دينار إلى اليوم.

1044 -

حدّثنا محمد بن اسحاق بن شبويه، قال: ثنا عبد الرزاق بن همّام، قال: أنا معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، قال: لما ولي معاوية بن أبي سفيان-رضي الله عنه-اتهمت بنو أسد بن عبد العزى مصعب ابن عبد الرحمن الزهري، ومعاذ بن عبيد بن معمر التيمي، بقتل اسماعيل

(2)

ابن هبار، فحجّ معاوية فاختصموا إليه، فقصر معاوية-رضي الله عنه القسامة فردّها على الذي ادّعى عليهم القتل، فجعلوا خمسين يمينا بين الركن والمقام، فبروا فكان ذاك أول من قضى بالقسامة.

1045 -

وحدّثني أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي-وسألته عنه

(1)

سقطت من الأصل، وأثبتها من الأزرقي.

(2)

اسماعيل بن هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزي. كان من فتيان أهل المدينة، مشهورا بالجلد والفتوة، فأتاه الثلاثة المذكورون ليلا، فصاحوا به، فأخرجوه في حاجة فمضى معهم، فقتلوه، ثم ألقوه في محل دبر المسجد النبوي. فقام عبد الله بن الزبير وغيره من بني أسد يطالبون بدمه، حتى حكم فيهم معاوية بالقسامة. أنظر نسب قريش لمصعب ص:219.وجمهرة نسب قريش للزبير 515/ 1.وهذا الخبر ذكره الزبير 516/ 1 - 517 مطولا.

ص: 474

فحدّثني-قال: ثنا قريش بن أنس، قال: ثنا ابن عون، عن نافع، قال:

إنّ رجلا مات فأوصى إلى ابن عمر-رضي الله عنهما-فجاءه رجل فادّعى عليه مالا، فقال: يا نافع خذ بيده فانطلق فاستحلفه بين الركن والمقام ثم أعطه، فقال الرجل: يا أبا عبد الرحمن كأنك تحبّ أن تسمع في أن الذي يراني ثم يراني

(1)

ها هنا، فقال: استحلفه وأعطه.

وذكر بعض أهل مكة عن أشياخهم أنّ المهدي أمير المؤمنين حجّ في سنة ستين ومائة، فنزل دار الندوة، فجاءه عبيد الله بن عثمان بن ابراهيم الحجبي بمقام خليل الرحمن-صلّى الله على نبيّنا محمد وعليه وسلّم-في ساعة خالية نصف النهار مشتمل عليه، فقال للحاجب: ائذن لي على أمير المؤمنين، فإن معي شيئا لم يدخل به على أحد قبله، وهو يسرّ أمير المؤمنين، فأدخله عليه، فتكشّف عن المقام، فسرّ به المهدي، وتمسّح به، وسكب فيه ماء ثم شربه، وقال له: أخرج فارسل إلى بعض أهله فشربوا فيه، وتمسّحوا به ثم أدخله فاحتمله وردّه إلى مكانه، فأمر له بجوائز عظيمة، واقطعه خيفا بنخلة

(2)

-من أعراض مكة يقال له: ذات القوبع

(3)

-فباعه من منيرة-مولاة المهدي -بعد ذلك بسبعة آلاف دينار

(4)

.

ثم رفع الحجبة بعد ذلك إلى أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله-تعالى- في سنة احدى واربعين ومائتين أن الكرسي المنصوب المقعد فيه المقام ملبس صفائح من رصاص، وانه لو عمل مكان الرصاص فضة كان أشبه وأوفق له،

(1)

هكذا العبارة في الأصل، ولعلها هكذا (أن الذي يراني هناك لا يراني ها هنا؟).

(2)

هي نخلتان، اليمانية والشامية، وكلاهما من أعراض مكة. أنظر ياقوت 277/ 5.

(3)

كذا في الأصل (ذات القوبع) وقد قال ياقوت 411/ 4:القوبع: موضع في عقيق المدينة. إلا أن الأستاذ ملحس أفاد في تعليقه على الأزرقي: أن ياقوتا وهم في هذا، وظنّ أنه موضع في عقيق ذات عرق المسمّى (عقيق ذي الحليفة).

(4)

رواه الأزرقي 36/ 2 - 37.

ص: 475

فأمر أمير المؤمنين بعمل ذلك، فوجّه اسحاق بن سلمة، فخرج في صنّاع جاء بهم من العراق من الصواغ والرخّاميين وغيرهم نيف وثلاثين رجلا، فأخذ في عمل المقام، فجعل الفضة على كرسي المقام مكان الرصاص الذي كان عليه، واتخذ له قبة من خشب الساج مقبوة الرأس بضبات قد جعلها لها من حديد ملبسة الداخل بالأدم، وكانت القبة/قبل ذلك مسطحة، ودخل في ذلك من الفضة آلاف الدراهم

(1)

.

وقد كان المقام في سنة احدى وستين ومائة وعلى مكة جعفر بن سليمان قد وهي، فذهب الحجبة يرفعونه فانثلم، وذلك أنّ المقام حجر رخو يشبه الشنان في المنظر، وهو أغبش ومكسره مكسر الرخام الأبيض، فخشوا أن يتفتّت أو يتداعى، فكتبوا إلى أمير المؤمنين المهدي، فبعث إليه بألف دينار أو أكثر، فضببوا بها أعلى المقام وأسفله

(2)

،وهو الذهب الذي كان عليه إلى خلافة أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله، ثم أمر به أمير المؤمنين جعفر أن يجعل عليه ذهب فوق ذلك الذهب، ويعمل أحسن من ذلك العمل، فعمل في مصدر الحاج سنة ست وثلاثين، فعمل، ولم يقلع عنه الذهب الأول

(3)

،فلم يزل ذلك الذهب حتى كان زمن الفتنة في سنة احدى وخمسين ومائتين

(4)

،فأخذ جعفر ابن الفضل، ومحمد بن حاتم فضرباه دنانير وأنفقاه على حرب اسماعيل فيما ذكروا.

(1)

ذكره ذلك ابن فهد المكي في إتحاف الورى 314/ 2 وما بعدها.

(2)

الفاسي في شفا الغرام 202/ 1 وابن فهد في إتحاف الورى 212/ 2.

(3)

الأزرقي 36/ 2،والمصدران السابقان.

(4)

في هذه السنة خرج اسماعيل بن يوسف بن ابراهيم العلوي، في مكة ومعه جماعة، فهرب عامل مكة: جعفر بن الفضل بن عيسى بن موسى العبّاسي، فنهب اسماعيل منزل جعفر، ومنازل أصحاب السلطان، وقتل الجند، وجماعة من أهل مكة، وفعل بمكة أفعالا قبيحة، من القتل والنهب والإحراق، وبلغ به الأمر أن أخذ المال المعدّ لإصلاح (عين زبيدة) ونهب ما على الكعبة وما في-

ص: 476

وبقي الذهب الذي عمله المهدي أمير المؤمنين، فلم يزل عليه حتى دخلت سنة ست وخمسين ومائتين، ثم ولي مكة علي بن الحسن عام

(1)

،إذ دخل عليه قوم من الحجبة وأنا عنده، فكلّموه في المقام، وقالوا: انه قد وهي وتسلّلت أحجاره، ونحن نخاف عليه، فإن رأيت أن تجدد عمله وتضبيبه حتى يشتدّ، فأجابهم إلى ما طلبوا من ذلك، فأخذ في عمل المقام في المحرم، فاحضر علي بن الحسن عامة الحجبة، فقلع الذهب والفضة عن المقام وخلوه عنه، فإذا الحجر سبع قطع قد كانت ملصقة بعضها إلى بعض، فزال عنها الإلصاق، فأخذت القطع فجعلت في ثوب، وختم عليه بخاتم، ثم دعا الصاغة إلى دار الإمارة، وأخذ في عمله، وحضرته في ذلك نية، فأمر أن يعمل له طوقان من ذهب طوق للأعلى وطوق للأسفل، وتحت الطوق الأسفل طوق من فضة يشد الطوق الأعلى وهو قطعتان يدخل المقام في احداهما، ثم يلصق عليه الأخرى، ثم يعلا عليها بالطوق الذهب من فوق الفضة، ثم تضبّب جوانبه بضباب من ذهب، ثم يسمّر بمسامير ذهب، وجعل في الطوق كما يدور أربع حلق من فضة يرفع بها المقام.

وزاد فيها علي بن الحسن ما يصلحها من الذهب والفضة من عنده

(2)

، وذلك أنّ الفضة عجزت بهم، فكان في الطوق الأسفل من الفضة ألف

(1)

كذا في الأصل، وقد نقل الفاسي في العقد الثمين 151/ 6، هذه العبارة بالمعنى وأفاد أن ولايته كانت سنة 256.

(2)

أنظر العقد الثمين 152/ 6.

ص: 477

وستمائة وأربعة وتسعون درهما، وفي الطوق الذهب الذي فوقه سبعمائة وأربعون مثقالا، وجعل الطوق الأعلى أيضا قطعتين يدخل المقام في إحداهما، ثم يلصق عليها الأخرى، ثم يذاب عليهما الرصاص، ثم تضبّب أركانها بضباب من ذهب، ثم يسمّر بعد ذلك. وجعل الطوق الأعلى ذهبا مضمنا وحده، فكل ما في الطوق من الذهب ألف دينار ومائة وتسعة وخمسين مثقالا، وجعل على الطوق الأعلى نجوما وهي مسامير من ذهب كما يدور الطوق، عدد النجوم ستون مسمارا إلا واحدا، ووزنها ثلاثة وتسعون مثقالا تجمع ما في الطوق الأعلى والأسفل/من الذهب بالنجوم ألفا مثقال إلا ثمانية مثاقيل

(1)

،وعمل على جنس من الصناعة يقال له: الألسن، فأقام الصاغة يعملونه بقية المحرم وصفر، حتى إذا كان يوم الاثنين، وذلك أول يوم من شهر ربيع الأول، أرسل علي بن الحسن إلى الحجبة يأمرهم بحمل المقام إلى دار الإمارة ليركبوا عليه الطوقين اللذين عملا له على ما وصفنا ليكون أقل لزحام الناس، فأتوا به إلى دار الإمارة وأنا عنده، وعنده جماعة من الناس من حملة العلم وغيرهم، في ثوب يحملونه حتى وضعوه بين يديه، فجاء بشر الخادم-مولى أمير المؤمنين- وقد قدم في هذه السنة على عمارة المسجد الحرام، ومسجد النبي-عليه أفضل الصلاة والسلام-واصلاحهما، فأمر علي بن الحسن الفعلة أن يذيبوا العقاقير، فأذابوها بالزئبق، ثم أخرج المقام وما سقط منه من الحجارة، فألصقها بشر بيده بذلك العلك حتى التأمت وأخذ بعضها بعضا، وتمسّح الناس بالمقام، ودعوا الله-تعالى-وذكروه، وذكروا خليله ابراهيم-عليه الصلاة والسلام وقلبوه ونظروا ونظرت معهم، فإذا في جوانب المقام كلها كما يدور خطوطا، في طول الجانب المستدق منه البارز عن الذهب سبع خطوط مستطيلة، ثم ترجع

(1)

إتحاف الورى 233/ 2.

ص: 478

الخطوط في أسفله حتى ترجع إلى الجانب الآخر حتى تستبين فيه من الجانب الاخر، وذلك في الترابيع ستة خطوط. وفيه حفر قياسه هذا الخط الذي أخطّه

(1)

.وذلك في عرضه، وفيه أيضا دواوير قياسها هذا الذي أخطّه

(2)

؛ وفي وسطه نكية من الحجر وفيه أيضا دوارة في عرضه من الجانب الآخر قياسها هذا الذي أخطّه

(3)

،وإذا فيه كتاب بالعبرانية ويقال بالحميرية وهو الكتاب الذي وجدته قريش في الجاهلية فأخذت ذلك الكتاب من المقام بأمر علي بن الحسن بيدي وحكيته كما رأيته مخطوطا فيه ولم آل جهدي وهو الذي خططته الآن

(4)

.

فهذا ما استبان لي من الخطوط وقد بقيت منه بقية لم تستبن لي، فلم أكتبها. ثم أتى بالطوقين فقدرا على المقام فضاقا عنه، فأمر برد المقام إلى موضعه، وأمرهما أن يوسعا حتى يأتي ذلك على القدر، فأقام ثلاثة أيام، فلما كان يوم السبت وذلك لست ليال خلون من شهر ربيع الأول/أرسل علي بن الحسن إلى الحجبة فأحضروا المقام، وحضره أيضا جماعة من الناس، فمسحوا المقام، وصبّوا فيه من ماء زمزم فشربوا وأخذوا في القوارير والكيزان. ودعوا الله -تعالى-وذكروه، وذكروا خليله إبراهيم-عليه السلام-ثم ركب الطوق الأسفل فحضرت الصلاة، فردّ المقام إلى موضعه حتى كان الغد من يوم الأحد، فأمرهم بإحضاره، فأحضروه يوم الأحد، فركب الطوق الأعلى عليه، وحمل إلى موضعه يوم الاثنين لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين ومائتين وكانت فيه مجالس حسنة ومشاهد جميلة والحمد لله على كل حال.

(1)

أنظر صورة اللوحة التي فيها صورة هذه الخطوط في أول هذا الجزء ص:76.

(2)

أنظر صورة اللوحة التي فيها صورة هذه الخطوط في أول هذا الجزء ص:76.

(3)

أنظر صورة اللوحة التي فيها صورة هذه الخطوط في أول هذا الجزء ص:76.

(4)

أنظر صورة اللوحة التي فيها صورة هذه الخطوط في أول هذا الجزء ص:76.

ص: 479

1046 -

فحدّثني أبو الحسن علي بن زيد الفرائضي، وأخذ مني هذا الكتاب على المقام، فقال: حدّثني أبو زكريا المغربي-بمصر-وقد أخذ مني هذه النسخة-يعني نسخة هذا الكتاب فقرأتها عليه-فقال لي: أنا أعرف تفسير هذا، أنا أطلب البرابي-والبرابي: كتاب في الحجارة بمصر من كتاب الأولين-قال: فأنا أطلبه منذ ثلاثين سنة، وأنا أرى أي شيء هذا المكتوب في المقام، في السطر الأول: إني أنا الله لا إله إلا أنا. والسطر الثاني: ملك لا يرام. والسطر الثالث: أصباوت، وهو اسم الله الأعظم، وبه تستجاب الدعوات.

قال لي أبو الحسن علي بن زيد الفرائضي: وفي تفسير سنيد

(1)

قال: لما خلق الله-تبارك وتعالى-آدم أقعده بين يديه، فقال: من أنا يا آدم؟ فقال:

أنت أصباوت أدناني. قال له الربّ-تبارك وتعالى:صدقت يا آدم، يعني أنت الله الصمد-يقول: اصباوت، الله الصمد.

قال لي أبو الحسن علي بن زيد: وزعم أن هذا الكتاب الذي في المقام بالحميرية.

1047 -

حدّثنا أبو العباس الكديمي، قال: ثنا سهل [أبو]

(2)

عتّاب،

(1)

سنيد، هو: ابن داود، أبو علي المصيصي. مات سنة 226.صاحب تفسير معروف، إلا أنه مع إمامته ومعرفته ضعيف في الحديث. التقريب 335/ 1.

(2)

في الأصل (ابن) وهو خطأ، انما هو سهل بن حمّاد أبو عتّاب.

ص: 480