المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم - الثمر الداني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني

[صالح بن عبد السميع الأزهري]

فهرس الكتاب

- ‌مدخل

- ‌باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات

- ‌باب ما يجب منه الوضوء والغسل

- ‌باب طهارة الماء والثوب

- ‌باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه

- ‌باب في الغسل

- ‌باب فيمن لم يجد الماء وصفة التيمم

- ‌باب في المسح على الخفين

- ‌باب في أوقات الصلاة وأسمائها

- ‌باب في الأذان والإقامة

- ‌باب صفة العمل في الصلوات المفروضة وما يتصل بها من النوافل والسنن

- ‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم

- ‌باب جامع في الصلاة

- ‌باب في سجود القرآن

- ‌باب في صلاة السفر

- ‌باب في صلاة الجمعة

- ‌باب في صلاة الخوف

- ‌باب في صلاة العيدين والتكبير أيام منى

- ‌باب في صلاة الخسوف

- ‌باب في صلاة الاستسقاء

- ‌باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت

- ‌باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت

- ‌باب في الدعاء للطفل والصلاة عليه وغسله

- ‌باب في الصيام

- ‌باب في الاعتكاف

- ‌باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن وذكر الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين

- ‌باب في زكاة الماشية وزكاة الإبل والبقر والغنم

- ‌باب في زكاة الفطر

- ‌باب في الحج والعمرة

- ‌باب في الضحايا والذبائح والعقيقة والصيد والختان وما يحرم من الأطعمة والأشربة

- ‌باب في الجهاد

- ‌باب في الأيمان والنذور

- ‌باب في النكاح والطلاق والرجعة والظهار والإيلاء واللعان والخلع والرضاع

- ‌باب في العدة والنفقة والاستبراء

- ‌باب في البيوع وما شاكل البيوع

- ‌باب في الوصايا والمدبر والمكاتب والمعتق وأم الولد والولاء

- ‌باب في الشفعة والهبة والصدقة والحبس والرهن والعارية والوديعة واللقطة والغصب

- ‌باب في أحكام الدماء والحدود

- ‌باب في الأقضية والشهادات

- ‌باب في الفرائض

- ‌باب جمل من الفرائض والسنن الواجبة والرغائب

- ‌باب في الفطرة والختان وحلق الشعر واللباس وستر العورة وما يتصل بذلك

- ‌باب في الطعام والشراب

- ‌باب في السلام والاستئذان والتناجي والقراءة والدعاء وذكر الله والقول في السفر

- ‌باب في التعالج وذكر الرقى والطيرة والنجوم والخصاء والوسم والكلاب والرفق بالمملوك

- ‌باب في الرؤيا والتثاوب والعطاس واللعب بالنرد وغيرها والسبق بالخيل والرمي وغير ذلك

الفصل: ‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم

إلى طلوع الشمس.

ــ

قبل الإسفار ففعلهما فيه مكروه وأما التي يخشى عليها التغير فلا تحرم الصلاة عليها وقت المنع ولا تكره وقت الكراهة وإذا خشي عليها التغير وصلى عليها وقت منع أو وقت الكراهة لا تعاد الصلاة عليها وقت الجواز دفنت أم لا وأما إن لم يخش عليها التغير فلا إعادة إن صلى عليها بوقت كراهة دفنت أو لا وكذا بوقت منع إن دفنت وإلا أعيدت "إلى طلوع الشمس" فإذا أخذت في الطلوع حرمت النافلة الشاملة للجنازة وسجود التلاوة والنفل المنذور رعيا لأصله حتى يتكامل طلوعها فتعود الكراهة حتى ترتفع قدر رمح من الرماح التي قدرها اثنا عشر شبرا.

ص: 147

‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم

ويؤم الناس أفضلهم وأفقههم ولا تؤم المرأة في فريضة

ــ

"باب في الإمامة" وفي بيان من هو أولى بالإمامة ومن يصح الائتمام به ومن لا تكره إمامته "و" في بيان "حكم الإمام" من أنه إذا صلى وحده يقوم مقام الجماعة ومن أنه يجمع وحده ليلة المطر "و" في بيان حكم "المأموم" من أنه يقرأ مع الإمام فيما يسر فيه ومن أنه يقف على يمين الإمام إن كان وحده "ويؤم الناس أفضلهم" أي أكثرهم فضلا يعني لو اجتمع جماعة اشتركوا في الفضل وزاد أحدهم فيه كان أولى بالإمامة هذا إذا كان أفعل التفضيل على بابه ويحتمل أن أفعل التفضيل ليس على بابه وحينئذ يكون المعنى ويؤم الناس فاضلهم فيقدم الفاضل على غيره ممن ليس فاضلا "وأفقههم" يقال فيه ما قيل في أفضلهم "ولا تؤم المرأة في فريضة

ص: 147

ولا نافلة لا رجالا ولا نساء.

ــ

ولا نافلة لا رجالا ولا نساء" وكما لا تؤم المرأة لا يؤم الخنثى المشكل فإن ائتم بهما أحد أعاد أبدا على المذهب سواء كان من جنسهما أولا وأما صلاتهما فصحيحة ولو نويا الإمامة وخالف في ذلك أبو إبراهيم الأندلسي حيث قال من أمته المرأة ومثلها الخنثى المشكل من النساء أعدن في الوقت وروى ابن أيمن أنها تؤم أمثالها من النساء إذا علمت ذلك فاعلم أن الذكورة المحققة شرط في صحة الإمامة ويزاد على هذا الشرط شروط أخر وهي الإسلام فلا تصح إمامة الكافر والبلوغ فلا تصح إمامة الصبي للبالغ في الفرض لأن الصبي متنفل ولا يصح نفل خلف فرض والعقل فلا تصح إمامة المجنون والعلم بما لا تصح الصلاة إلا به من قراءة وفقه وعدالة وقدرة على الأركان فالجاهل بالقراءة أو الفقه لا تصح صلاة المقتدي العالم به وأما الأمي بمثله فتصح عند فقد القارىء لا عند وجوده ويراد بالعدالة عدم الفسق المتعلق بالصلاة فالفاسق فسقا متعلقا بها كمن يقصد بإمامته الكبر لا تصح إمامته وأما فسق الجارحة كالزنى فتكره إمامته وصلاته صحيحة خلافا لما مشى عليه صاحب المختصر من بطلانها بفسق الجارحة وكذا لا تصح إمامة العاجز عن بعض الأركان في الفرض للقادر ولا بد من الاتفاق في المقتدى فيه أي شخصا ووضعا وزمانا فلا يصح ظهر خلف عصر ولا عكسه ولا أداء خلف قضاء ولا عكسه ولا ظهر سبت خلف ظهر أحد ولا عكسه وموافقة مذهب المأموم مع الإمام في الواجبات فلا يصح الاقتداء بمن يسقط القراءة من الأخيرتين أو يترك الرفع من الركوع أو السجود مثلا والإقامة والحرية في الجمعة فلا تصح إمامة المسافر إلا إذا كان الخليفة والمراد بالمسافر الخارج عن بلد الجمعة بكفرسخ ولا تصح إمامة

ص: 148

ويقرأ مع الإمام فيما يسر فيه ولا يقرأ معه فيما يجهر فيه ومن أدرك ركعة فأكثر فقد أدرك الجماعة

ــ

العبد في الجمعة وتعاد جمعة إن أمكن "ويقرأ" أي المأموم مع الإمام "فيما يسر فيه" ويروى به يعني أن حكم المأموم مع الإمام فيما يسر فيه الإمام استحباب القراءة وذلك أن عدم القراءة ذريعة إلى التفكر والوسوسة "ولا يقرأ معه فيما يجهر فيه" أي يكره له ذلك ظاهره ولو كان لا يسمع صوته وهو كذلك على المنصوص فإن قرأ معه فبئس ما صنع ولا تبطل صلاته والأصل في هذا قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} قال البيهقي عن مجاهد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فسمع قراءة فتى من الأنصار فنزل قوله تعالى: " {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} ورويناه عن مجاهد من وجه آخر أنه قال في الخطبة يوم الجمعة ومن وجه آخر في الصلاة وفي الخطبة "ومن أدرك" أي مع الإمام من الصلاة المفروضة وأولى غيرها مما شرعت فيه الجماعة كالعيدين "ركعة فأكثر فقد أدرك الجماعة" أي حكمها وفضلها ولفظ الموطأ من قوله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" أي فيلزمه ما يلزم الإمام من السجود للسهو ولا يقتدي به غيره ولا يعيد صلاته في جماعة أخرى ويسلم على إمامه وعلى من على يساره ويحصل له من الثواب مثل ثواب من حضرها من أولها وهو سبع وعشرون درجة وهذا إذا فاتته بقيتها اضطرارا لا اختيارا وعن أبي حنيفة أنه يحصل له فضل الجماعة وهو ظاهر كلام المصنف وارتضاه في شرحه قال ويدل لما قلنا أن إدراك ركعة من الوقت الاختياري بمنزلة إدراك جميع الصلاة في نفي الإثم ولو أخر اختيارا وأيضا لم يقل أحد إن من فاته بعض الصلاة مع الإمام اختيارا يعيد لتحصيل فضل الجماعة هذا

ص: 149

فليقض بعد سلام الإمام ما فاته على نحو ما فعل الإمام في القراءة وأما في القيام والجلوس ففعله كفعل الباني المصلي وحده

ــ

ما ظهر لي انتهى كلامه وإدراك الركعة مع الإمام يكون بوضع اليدين على الركبتين بمعنى أن ينحني بحيث لو أراد وضع يديه على ركبتيه لأمكنه ذلك موقنا بأن الإمام لم يرفع رأسه من الركوع قبل أن يضع يديه على ركبتيه فلو شك هل رفع الإمام رأسه من الركوع قبل أن يضع يديه على ركبتيه قطع واستأنف وحكم المسبوق الذي أدرك مع الإمام ركعة فأكثر أن يأتي بما فاته مع الإمام قاضيا في القول بانيا في الفعل وإلى الأول أشار بقوله "فليقض بعد سلام الإمام ما" أي الذي "فاته" قبل دخوله مع الإمام من القول "على نحو ما فعل الإمام في القراءة" فما قرأ فيه الإمام بأم القرآن وسورة قرأ فيه مثل ما قرأ الإمام وما أسر فيه أسر فيه وما جهر فيه جهر فيه فإن جلس في موضع يجوز له فيه الجلوس لو انفرد وحده بأن يدركه في ركعتين فإنه يقوم بتكبير وإن جلس في موضع لا يجوز له فيه الجلوس لو انفرد بأن يدرك معه ركعة أو ثلاث ركعات فإنه يقوم بغير تكبير وهو المشهور خلافا لابن الماجشون وكأنه رأى أن التكبير إنما هو للانتقال إلى ركن وذكر صاحب الطراز عن مالك في العتبية قولا أنه إذا جلس في ثانيته يقوم بغير تكبير قال بناء على أنه قاض للماضيتين والذي شرع في أولهما تكبيرة الإحرام "وأما" الثاني وهو البناء "في" الفعل كـ "القيام والجلوس ففعله" فيه "كفعل الباني المصلي وحده" وهو الذي يصلي صلاته إلى آخرها ثم يذكر ما يفسد له بعضها وله ثلاث

ص: 150

...............................................................................

ــ

صور لأنه إما أن يذكر ما يفسد له ركعة أو ركعتين أو ثلاث ركعات بترك سجدة أو ركوع أو قراءة أم القرآن وغير ذلك مما تبطل به الصلاة ووجه العمل في الباني أن يجعل ما صح عنده هو أول صلاته فيبني عليه ويأتي بما فسد له على نحو ما يفعل في انتهاء صلاته فإذا ذكر ما أفسد له الركعة الأولى في العشاء مثلا أي تذكر في التشهد الأخير فيأتي بأم القرآن خاصة ويسجد قبل السلام لأنه نقص السورة والجلوس الأول لأن جلوسه كان في غير محله لأنه كان عن ركعة واحدة فلا يعتد به وزاد الركعة الملغاة ويوازي هذا أي يقابله من حال المدرك أن تفوته الركعة الأولى فيأتي بأم القرآن وسورة جهرا لأن الإمام فعل كذلك ويخالفه في الجلوس لأن الإمام لم ويجلس عليها وجالس هو عليها لأنها رابعة له فهو بذلك الاعتبار بان لأنه جعلها آخر صلاته قال في التحقيق وإن ذكر الباني ما يفسد له ركعتين فإنه يأتي بأم القرآن خاصة وتكون صلاته كلها بأم القرآن ويسجد قبل السلام لأنه نقص السورتين ونقص أيضا الجلوس الأول لأنه ظهر الأمر أن جلوسه كان على غير شيء انظر وتأمل قوله ونقص أيضا الجلوس الأول فإنه غير ظاهر ويوازيه من حال المدرك أن تفوته الركعتان فيأتي فيهما بأم القرآن وسورة جهرا لأن الإمام كذلك قرأ فيهما ووافق الإمام أيضا في جلوسه عليهما لأن الإمام كان يجلس عليهما ويجلس هو أيضا عليهما في آخر صلاته وإن ذكر الباني ما يفسد له ثلاث ركعات فإنه يأتي بركعة بأم القرآن وسورة يجلس عليها لأنها ثانية له ويقوم ويأتي بالركعتين الباقيتين بأم القرآن خاصة ويسجد أيضا قبل السلام لأنه نقص السورة وزاد الركعة الملغاة ويوازيه حال المدرك إذا فاته ثلاث ركعات فإنه يقوم فيأتي بركعة بأم القرآن وسورة جهرا ويجعلها مع التي أدركها ويجلس عليها فوافق في هذا فعل الباني ثم يقوم

ص: 151

ومن صلى وحده فله أن يعيد في الجماعة للفضل في ذلك إلا المغرب

ــ

فيأتي بركعة بأم القرآن وسورة ثم يأتي بركعة بأم القرآن فقط انتهى "ومن صلى وحده" صلاة مفروضة في غير أحد المساجد الثلاثة مسجد مكة والمدينة والمسجد الأقصى ولم يكن إماما راتبا ولم تقم الصلاة عليه وهو في المسجد "فـ" إنه يستحب "له أن يعيد" ما صلى "في الجماعة" ولو في وقت الضرورة فالإعادة لفضل الجماعة مقيدة بعدم خروج وقت الصلاة فإن خرج وقتها فلا إعادة ذكره سند ونحوه لابن عرفة والجماعة اثنان فصاعدا فلا يعيد مع الواحد إلا إن كان راتبا وما قاله صاحب المختصر ضعيف ويعيد بنية التفويض إلى الله تعالى في جعل أيهما شاء فرضه قال الفاكهاني ولا بد مع التفويض من نية الفرض فإن ترك نية التفويض ونوى الفريضة صحت وإن ترك نية الفريضة صحت إن لم يتبين عدم الأولى أو فسادها وإلا لم تصح أيضا فقول الفاكهاني لا بد من نية الفريضة مراده لإجزاء هذه إن تبين عدم الأولى أو فسادها وأما المساجد الثلاثة فإنه إذا صلى فيها منفردا ثم وجد جماعة في غيرها لا يعيد وإذا وجدهم فيها أعاد معهم وكذلك لو صلى منفردا في غيرها ثم أتاها أعاد فيها منفردا لأجل فضلها ومن أقيمت عليه الصلاة وهو في المسجد فإنها تلزمه قال في المدونة ومن سمع الإقامة وقد صلى وحده فليس بواجب عليه إعادتها إلا أن يشاء ولو كان في المسجد لدخل مع الإمام والمقصود من إعادة المنفرد في الجماعة "لـ" تحصيل "الفضل" الوارد "في ذلك" أي في صلاة الجماعة وهو ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" والصلاة التي تعاد لفضل الجماعة عامة في كل فريضة "إلا المغرب

ص: 152

وحدها ومن أدرك ركعة فأكثر من صلاة الجماعة فلا يعيدها في جماعة

ــ

وحدها" أي فإن أعادها مع الإمام قطع ما لم يركع فإن ركع شفعها وقطع وعدها نافلة وإن لم يتذكر حتى صلى معه ثلاثا فإذا سلم الإمام أتى برابعة بعدها نافلة وإن لم يتذكر حتى سلم مع الإمام فلا إعادة وقيل يعيد ذكره التتائي وإنما لم تطلب الإعادة في المغرب لأجل الجماعة لأنها إذا أعيدت صارت شفعا وهي إنما جعلت ثلاثا لتوتر عدد ركعات اليوم والليلة وظاهر المصنف أنه يعيد العشاء ولو أوتر والمشهور لا يعيد إذا أوتر لاجتماع وترين في ليلة على أحد قولي سحنون في أنه يعيد الوتر إذا أعاد العشاء وعلى القول الثاني لا يلزم عليه اجتماع وترين لكن يلزم عليه المخالفة للآخر وهو اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا "ومن أدرك ركعة فأكثر من صلاة الجماعة فلا يعيدها في جماعة" أي يحرم عليه ذلك ظاهره ولو كانت الجماعة الثانية أكثر عددا أو أزيد خيرا وتقوى وهو المشهور أي لأن الفضل الذي تشرع له الإعادة قد حصل وإن كانت الصلاة ابتداء مع الفضلاء وفي الجموع الكثيرة أفضل إلا أن هذا الفضل لا تشرع لأجله الإعادة وقال ابن حبيب تفضل الجماعة بالكثرة وفضيلة الإمام لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى" أي وحيث كان كذلك فلمن صلى مع جماعة أن يعيد مع أفضل منها أو صلى مع إمام أن يعيد مع أفضل منه هذا مراده وليس مرادا في الحديث بل إن هذا الحديث إنما يدل على الحث على إيقاع الصلاة في جماعة أو في جماعة كثيرة ثم صرح المصنف بمفهوم قوله ومن أدرك ركعة الخ زيادة في

ص: 153

ومن لم يدرك إلا التشهد أو السجود فله أن يعيد في جماعة والرجل الواحد مع الإمام يقوم عن يمينه

ــ

لا يضاح فقال: "ومن لم يدرك إلا التشهد أو السجود فله أن يعيد في جماعة" أخرى وهو مخير بين أمرين أن يبني على إحرامه أو يقطع ويدرك جماعة أخرى إن رجاها فإن لم يرجها كمل صلاته ولا يقطعها هذا في حق من لم يصل قبل ذلك وأما من صلى قبل ذلك ولم يدرك من صلاة الجماعة إلا هذا المقدار فإنه يشفع أي ندبا بعد سلام الإمام وإنما يشفع إذا كانت الصلاة مما يجوز النفل بعدها كما في التتائي وعند ابن القاسم يقطع مطلقا سواء أحرم بنية الفرض أو النفل أي بعد تمام الركعتين أي لا يتم صلاته ومقابله ما لمالك في المبسوط إن كانت نيته حين دخل مع الإمام أن يجعلها ظهرا أربعا وصلاته في بيته نافلة فعليه أن يتمها وأمرهما إلى الله تعالى يجعل فرضه أيتهما شاء وإن لم يرد رفض الأولى أجزأته الأولى ولم يكن عليه أن يتم هذه اه ثم إن للمأموم مع الإمام ستة مراتب معتبرة من أحواله من كونه وحده أو مع غيره نساء أو رجالا أشار إلى أولها بقوله "والرجل الواحد" فقط أو الصبي الذي يعقل الصلاة أي يدرك أن الطاعة يثاب عليها وأن المعصية يعاقب عليها أي يعاقب فاعلها إلا إن كان صبيا "مع الإمام" أي موقفه مع إمامه أنه "يقوم عن يمينه" على جهة الندب وأنه يتأخر عنه قليلا بقدر ما يتميز به الإمام من المأموم وتكره المحاذاة وهذه أولى مراتب المأموم مع الإمام أنه إن كان المأموم واحدا فقط فموقفه من الإمام على يمينه لما في الصحيح أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بت في بيت خالتي ميمونة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فقمت عن يساره فأخذ بيدي من وراء ظهره فعدلني كذلك من وراء ظهره إلى الشق الأيمن

ص: 154

ويقوم الرجلان فأكثر خلفه فإن كانت امرأة معهما قامت خلفهما وإن كان معهما رجل صلى عن يمين الإمام والمرأة خلفهما ومن صلى بزوجته قامت خلفه والصبي إن صلى مع رجل واحد خلف

ــ

والمرتبة الثانية أشار إليها بقوله: "ويقوم الرجلان فأكثر خلفه" لما في مسلم قال جابر: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي فجئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه ثم جاء جابر بن صخر فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدينا جميعا فدفعنا حتى أقامنا خلفه والمرتبة الثالثة أشار إليها بقوله: "فإن كانت امرأة معهما" أي مع الرجلين "قامت خلفهما" لما في مسلم قال أنس صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم سليم خلفنا والرابعة أشار إليها بقوله "وإن كان معهما" أي مع الإمام والمرأة "رجل صلى" الرجل ومثله الصبي الذي يعقل القربة "عن يمين الإمام و" صلت "المرأة خلفهما" لما في مسلم عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى به وبأمه أو خالته شك الراوي فأقامني عن يمينه وأقام المرأة التي هي أمه أو خالته خلفه وحكم جماعة النسوة مع الإمام والرجل حكم المرأة الواحدة معهما وقد أشار إلى ذلك في باب الجمعة بقوله وتكون النساء خلف صفوف الرجال والخامسة أشار إليها بقوله: "ومن صلى بزوجته" قال ابن العربي الأفصح فيه زوج كالرجل قال تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} "قامت خلفه" ولا تقف عن يمينه أي يكره لها ذلك وينبغي أن يشير إليها بالتأخير ولا تبطل صلاة واحد منهما بالمحاذاة إلا أن يحصل ما يبطل الطهارة والسادسة أشار إليها بقوله: "والصبي إن صلى مع رجل واحد خلف

ص: 155

الإمام قاما خلفه إن كان الصبي يعقل لا يذهب ويدع من يقف معه والإمام الراتب إن صلى وحده قام مقام الجماعة

ــ

الإمام قاما" أي الصبي والرجل "خلفه" أي خلف الإمام دليله حديث أنس المتقدم لكن قيد أهل المذهب هذا بقيد أشار إليه بقوله: "إن كان الصبي يعقل" ثواب من أتم الصلاة وإثم من قطعها "لا يذهب ويدع" أي يترك "من يقف معه" فإن لم يعقل ما ذكر قام الرجل عن يمين الإمام ويترك الصبي يقف حيث شاء وحكم هذه المراتب الاستحباب فمن خالف مرتبة وصلى في غيرها لا شيء عليه إلا أن المرأة إذا تقدمت إلى مرتبة الرجل أو أمام الإمام فكالرجل يتقدم أمام الإمام يكره له ذلك من غير عذر ولا تفسد صلاة الإمام الذي تقدمت المرأة أمامه ولا صلاة من معه إلا أن يلتذ برؤيتها أو بمماستها وضعف القول بالبطلان بالتلذذ بالرؤية حيث لا مماسة ولا إنزال فلو تقدم المأموم لعذر كضيق المسجد جاز من غير كراهة "والإمام الراتب" هو من أقامه السلطان أو نائبه أو الواقف أو جماعة المسلمين على أي وجه يجوز أو يكره لأن شرط الواقف يجب اتباعه وإن كره وكذلك السلطان أو نائبه وإن أمرا بمكروه على أحد القولين وسواء كان المنتصب للإمامة في مسجد حقيقة أو حكما فدخل فيه السفينة والمكان الذي جرت العادة بالجمع فيه "إن صلى وحده قام مقام الجماعة" في حصول فضيلة الجماعة المتقدمة وفي الحكم فلا يعيد في جماعة أخرى ولا تجمع الصلاة في ذلك المسجد مرة أخرى ومن صلى وحده يعيد معه لكن بشرط صلاته في وقته المعتاد وانتظار الناس على العادة ونية الإمامة والأذان والإقامة ويجمع وحده ليلة المطر لأن المشقة حاصلة في حقه ويقول سمع

ص: 156

ويكره في كل مسجد له إمام راتب أن تجمع فيه الصلاة مرتين ومن صلى صلاة فلا يؤم فيها أحدا وإذا سها الإمام وسجد لسهوه فليتبعه من لم يسه معه ممن خلفه

ــ

الله لمن حمده ولا يزيد ربنا ولك الحمد أي يكره "ويكره" كراهة تنزيه "في كل مسجد له إمام راتب أن تجمع فيه الصلاة مرتين" قبل الراتب أو بعده أو معه على قول والمذهب أنه يحرم أن يصلي أحد صلاة حال صلاة الإمام الراتب لها انفرادا أو جماعة لأن ذلك يؤدي إلى التباغض والتشاجر بين الأئمة وتفريق الجماعة وقد أمر الشارع بالألفة "ومن صلى صلاة" من الصلوات المفروضة وحده أو مع جماعة إماما كان أو مأموما "فلا يؤم فيها أحدا" لأنه يكون في الثانية متنفلا والمعروف من المذهب أنه لا يجوز أن يأتم المفترض بالمتنفل ويعيد من ائتم به أبدا جماعة إن شاؤوا وهو معتمد المذهب أو أفذاذا وقال ابن حبيب أفذاذا وكأنه راعى مذهب المخالف لأن الصلاة الأولى تجزيهم عند الشافعي وغيره فإذا أعادوها في جماعة صاروا كمن صلى في جماعة ثم أعاد في جماعة أخرى "وإذا سها الإمام" في صلاته "فليتبعه" أي وجوبا "من لم يسه معه ممن خلفه" ظاهره ولو كان مسبوقا والمسألة ذات تفصيل وهو إن كان أدرك معه الصلاة كلها لزمه اتباعه على كل وجه سواء كان السجود قبليا أو بعديا وإن كان مسبوقا فلا يخلو إما أن يعقد معه ركعة أو لا فإن عقد معه ركعة وكان السجود قبليا سجد معه وإن كان بعديا لا يسجد معه وينتظره جالسا على ما في المدونة قالوا: ويكون ساكتا ولا يتشهد معه فإن خالف وسجد أفسد صلاته وإن جهل فقال عيسى يعيد أبدا قال في البيان وهو الأقيس

ص: 157

ولا يرفع أحد رأسه قبل الإمام

ــ

على أصل المذهب لأنه أدخل في صلاته ما ليس منها وعذره ابن القاسم في الجهل فحكم له بحكم النسيان مراعاة لمن يقول عليه السجود مع الإمام اه وإن لم يعقد معه ركعة لم يترتب عليه سجوده البعدي وأما القبلي فقال ابن القاسم لا يتبعه وعليه إذا خالف وتبعه بطلت صلاته اه أي عمدا أو جهلا لا سهوا والأصل فيما قال ما رواه الدارقطني أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على من خلف الإمام سهو وإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه" وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" أي ليقتدى به في أحوال الصلاة فتنتفي المقارنة والمسابقة والمخالفة كما قال فلا تختلفوا عليه فالرفع قبله والخفض قبله من الاختلاف عليه فيرجع ليرفع بعد رفعه ويخفض بعد خفضه قاله شارح الحديث "ولا يرفع أحد" من المأمومين "رأسه" من ركوع أو سجود أي تحريما فلو خالف فإنه يرجع له إن ظن إدراكه قبل الرفع وهل الرجوع سنة أو واجب اقتصر المواق على الثاني ولو ترك الرجوع صحت صلاته حيث أخذ فرضه مع الإمام قبل رفعه وإلا وجب عليه الرجوع فإن تركه عمدا أو جهلا بطلت صلاته لا سهوا وكان بمنزلة من زوحم ويقاس عليه الخفض "قبل الإمام" لما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله وجهه وجه حمار أو يجعل صورته صورة حمار" الشك من الراوي وقوله في الحديث: "يحول الله وجهه" إما حقيقة بأن يمسخ إذ لا مانع من وقوع المسخ في هذه الأمة كما يشهد له حديث أبي مالك الأشعري الذي في البخاري في باب الأشربة أو يحول هيئته الحسية يوم القيامة ليحشر على تلك الصورة أي أو المعنوية كالبلادة الموصوف بها الحمار فاستعير

ص: 158

ولا يفعل إلا بعد فعله ويفتتح بعده

ــ

ذلك للجاهل ورد هذا المعنى الأخير بأن الوعيد بأمر مستقبل وهذه الصفة حاصلة في فاعل ذلك عند فعله ذلك وفي لفظ لمسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف""ولا يفعل" أحد فعلا من أفعال الصلاة "إلا بعد فعله" أي إلا بعد الشروع في فعله أي فالأولى أن يفعل بعد الشروع في الفعل ويدركه فيه وهذا في غير القيام من اثنتين وأما فيه فيطلب منه أن لا يفعل حتى يستقل الإمام قائما والأصل في ذلك أن البراء قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: "سمع الله لمن حمده" لم يحن أحد منا ظهره أي لم يقوس حتى يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدا ثم نقع سجودا بعده أي بحيث يتأخر ابتداء فعلهم عن ابتداء فعله عليه الصلاة والسلام ويتقدم ابتداء فعلهم على فراغه عليه الصلاة والسلام من السجود قاله شارح الحديث فإن قيل قوله ولا يفعله الخ تكرار مع ما قبله فالجواب من وجهين أحدهما أنه من باب ذكر العام بعد الخاص الثاني أن الأول نهي عن السبق وهذا نهي عن المصاحبة وملخصه أن السبق حرام كالتأخر عنه حتى ينتقل إلى ركن آخر والمصاحبة مكروهة "ويفتتح" أي المأموم بالتكبير "بعده" أي بعد تكبير الإمام على جهة الوجوب أي بعد الفراغ من التكبير فإن سبقه به أو ساواه فيه بطلت صلاته ختم قبله أو معه أو بعده فهذه ست صور وإذا ابتدأ بعده إن ختم قبله بطلت ومعه أو بعده صحت فالصور تسع ومثلها في السلام إلا أنه في الإحرام لا فرق بين العمد والسهو وفي السلام يقيد بالعمد لا بالسهو فلا يعتد بذلك السلام ولا تبطل الصلاة به.

تنبيه: إذا علم أنه أحرم قبل إمامه وأراد أن يحرم بعده فقال مالك

ص: 159

ويقوم من اثنتين بعد قيامه ويسلم بعد سلامه وما سوى ذلك فواسع أن يفعله معه وبعده أحسن وكل سهو سهاه المأموم فالإمام يحمله عنه إلا ركعة أو سجدة أو تكبيرة

ــ

يكبر ولا يسلم لأنه كأنه لم يكبر لمخالفته ما أمر به وقال سحنون يسلم لأنه اختلف في صحة الإحرام الأول "ويقوم من اثنتين بعد قيامه" أي بعد قيام الإمام مستقلا على جهة الاستحباب "ويسلم بعد سلامه" على جهة الوجوب فإن سبقه به أو ساواه فيه بطلت صلاته إلا أن يكون ناشئا عن السهو وإلا فلا وينتظر الإمام حتى يسلم ويسلم بعده وما سوى ذلك أي الافتتاح والقيام من اثنتين والسلام بعده كالانحناء للركوع والسجود والقيام إلى الثانية والرابعة "فواسع" أي جائز أي ليس بممتنع فلا ينافي أنه مكروه بقرينة قوله وبعده أحسن فأفعل التفضيل ليس على بابه "أن يفعله معه وبعده أحسن" أي أفضل "وكل سهو سهاه المأموم" في حال قدوته بالإمام "فالإمام يحمله عنه" أي كالتكبير ولفظ التشهد أو زيادة سجدة أو ركوع ولا مفهوم للسهو بل يحمل عنه بعض العمد كترك التكبير أو لفظ التشهد وذلك إذا كان في حال القدوة وأما إذا كان مسبوقا وسها في حال قضاء ما فاته مع الإمام فإن الإمام لا يحمله عنه لأن القدوة قد انقطعت وصار حكمه حكم المنفرد ثم استثنى من الكلية التي ذكرها مسائل فقال: "إلا ركعة" أي إلا كركعة أي من كل ما كان فرضا غير الفاتحة ولم يرد المصنف الحصر لأن إلا لا تكون للحصر إلا إذا سبقها نفي إذ بقي الجلوس للسلام والرفع وترتيب الأداء وغير ذلك "أو سجدة أو تكبيرة

ص: 160

الإحرام أو السلام أو اعتقاد نية الفريضة وإذا سلم الإمام فلا يثبت بعد سلامه ولينصرف إلا أن يكون في محله فذلك واسع

ــ

الإحرام أو السلام أو اعتقاد نية الفريضة" لأن هذه كلها فرائض والفرائض لا تسقط بالسهو ولا يجزئ عنها السجود "و" من فضائل الصلاة أنه "إذا سلم الإمام" من الفريضة "فلا يثبت" في مكانه "بعد سلامه" سواء كانت الصلاة مما يتنفل بعدها أم لا "ولينصرف" وهل ينصرف جملة وهو ظاهر كلام المصنف أو يتحول ليس إلا والمراد بانصرافه خروجه من المحراب والمراد بتحويله أي يمينا أو شمالا ورجح القول بالتحويل قال الأجهوري ويكفي تغيير هيئته قال الثعالبي وهذا هو السنة واختلف في علته فقيل لأن الموضع لا يستحقه إلا من أجل الصلاة فإذا فرغ لا يستحقه بعدها وقيل إن العلة التلبيس على الداخل ونقل عن الشافعي رضي الله عنه أنه يثبت بعد سلامه قليلا لما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: "اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام" ثم استثنى من انصراف الإمام بعد سلامه مسألة فقال: "إلا أن يكون في محله" وهو داره في الحضر ورحله في السفر أو كان بفلاة من الأرض "فذلك" يعني الجلوس بعد سلامه "واسع" أي جائز لا كراهة فيه لأنه مأمون مما يخاف منه "فائدة" كره مالك رضي الله عنه وجماعة من العلماء لأئمة المساجد والجماعات الدعاء عقب الصلوات المكتوبة جهرا للحاضرين فيجتمع لهذا الإمام التقديم وشرف كونه نصب نفسه واسطة بين الله تعالى وبين عباده في تحصيل مصالحهم على يديه في الدعاء فيوشك أن تعظم نفسه ويفسد

ص: 161