الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن نوى الصلاة بمسجديهما وإلا فلا شيء عليه وأما غير هذه الثلاثة مساجد فلا يأتيها ماشيا ولا راكبا لصلاة نذرها وليصل بموضعه ومن نذر رباطا بموضع من الثغور فذلك عليه أن يأتيه.
ــ
يلزمه الإتيان إليهما ماشيا واستحسنه اللخمي والمازري وغيرهما لأنها طاعة يجب الوفاء بها ولا يلزمه الإتيان إليهما إلا "إن نوى الصلاة" المفروضة وقيل والنافلة "بمسجديهما" ومثل الصلاة الصوم والاعتكاف "وإلا" أي وإن لم ينو الصلاة فيهما "فلا شيء عليه" لأن مجرد المشي ليس بعبادة "وأما غير هذه الثلاثة مساجد" المفهومة من السياق "فلا يأتيها" من نذر المشي إليها "ماشيا ولا راكبا" قربت داره أو بعدت "لـ" أجل "صلاة نذرها" أي يصليها فيها "وليصلـ" ـها "بموضعه" لما في مسلم من قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى" وهذا الحديث مخصص لحديث: "من نذر أن يطيع الله فليطعه""ومن نذر رباطا بموضع من الثغور" ولو كان من أهل مكة والمدينة "فذلك" المنذور واجب عليه "أن يأتيه" لأن الرباط قربة ومن التزم قربة لزمته بلا خلاف
باب في النكاح والطلاق والرجعة والظهار والإيلاء واللعان والخلع والرضاع
ــ
"باب في النكاح والطلاق والرجعة والظهار والإيلاء واللعان والخلع والرضاع" هذه ثمانية أشياء أولها هو الأصل والباقي توابع
ولا نكاح إلا بولي وصداق وشاهدي عدل
ــ
له ولكل منها معنى لغة واصطلاحا تذكر في موضعها إن شاء الله تعالى أما النكاح لغة فهو حقيقة في الوطء مجاز في العقد من استعمال اسم المسبب في السبب واصطلاحا حقيقة في العقد مجاز في الوطء من استعمال اسم السبب في المسبب ويترتب على كونه مجازا في الوطء لا حقيقة أن من زنى بامرأة لا يحرم عليه بنتها ولا أمها وقد يستعمل عرفا مرادا به الوطء كقوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} فيفيد هذا أن الوطء يسند لكل من الرجل والمرأة بأن يقال نكحت المرأة الرجل أي وطئته كما يقال نكح الرجل امرأته أي وطئها إلا أنه ينافيه قول المصباح وطئته برجلي أطؤه وطأ علوته إلى أن قال وطىء زوجته وطأ جامعها لأنه استعلى عليها والنكاح بمعنى الوطء لا يجوز في الشرع إلا بأحد أمرين عقد نكاح أو ملك يمين لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} والأول له أركان أربعة الولي والمحل والصيغة والصداق المفروض ولو حكما وبدأ في ذكر الأركان بالولي اهتماما به فقال: "ولا نكاح إلا بولي وصداق وشاهدي عدل" أي ولا عقد نكاح إلا بولي وهو كما قال ابن عرفة من له على المرأة ملك أو أبوة أو تعصيب أو إيصاء أو كفالة أو سلطنة أو ذو إسلام ويشترط فيه الإسلام والحرية والبلوغ والعقل والذكورية ولا تشترط العدالة على المشهور في صحة العقد بل في كماله ولا الرشد فيعقد السفيه لابنته بإذن وليه عند ابن القاسم وهو شرط صحة لا يصح العقد بدونه لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تزوج المرأة المرأة ولا المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها" رواه الدارقطني وقال حسن صحيح فإن وقع بغير ولي فسخ قبل البناء وبعده وإن ولدت الأولاد وهل الفسخ بطلاق أو بغيره روايتان
فإن لم يشهدا في العقد فلا يبني بها حتى يشهدا وأقل الصداق
ــ
وأما الصداق فشرط صحة في الدخول أيضا لقوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} أي هبة من الله للنساء وأما الإشهاد فشرط صحة في الدخول لا في صحة العقد ويشترط في شاهدي النكاح العدالة لما رواه ابن حبان في صحيحه من قوله عليه الصلاة والسلام: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل الحديث فإن لم توجد العدول استكثروا من الشهود كالثلاثين والأربعين ومن شروط صحة العقد الصيغة من الولي والزوج أو وكيله فمن الولي بكل لفظ يقتضي التمليك على التأبيد في حال الحياة كأنكحتك أو زوجتك ومن الزوج ما يدل على الرضا كقبلت أو رضيت ولا يشترط الترتيب بل هو مندوب فلو بدأ الزوج بأن قال زوجني فيقول الولي زوجتك لصح نعم يشترط الفور بين القبول والإيجاب ولا يضر التفريق اليسير بخلاف الكثير إلا في صورة واحدة وهي ما إذا كان رجل مريضا وقال إن مت من مرضي هذا فقد زوجت ابنتي من فلان ومات بعد شهر مثلا وقبل الزوج بعد موته فإنه يصح.
تنبيه: يلزم النكاح بمجرد القبول والإيجاب ولو قال الأول بعد رضا الآخر لا أرضى أنا كنت هازلا لأن النكاح جد ولو قامت قرينة من الجانبين على إرادة الهزل "فإن لم يشهدا" أي الولي والزوج "في العقد فلا يبني بها حتى يشهدا" وفي نسخة حتى يشهد بالإفراد أي الزوج فلو دخل من غير إشهاد فسخ بطلقة بائنة ويحدان إن لم يفش ولم يعذرا بجهل وأقرا بالوطء أما إن فشا فلا يحدان وإن كانا عالمين والفشو بالوليمة والدف والشاهد الواحد "وأقل الصداق" بفتح الصاد وكسرها أي أقل ما يصح به العقد إما "ربع دينار" من الذهب الخالص وهو وزن ثمان عشرة
ربع دينار وللأب إنكاح ابنته البكر بغير إذنها وإن بلغت وإن شاء شاورها وأما غير الأب في البكر وصي أو غيره فلا يزوجها حتى تبلغ وتأذن وإذنها صماتها
ــ
حبة من الشعير الوسط وإما ثلاثة دراهم من خالص الفضة كل درهم خمسون حبة وخمسا حبة وإما قيمة أحدهما من العروض ولا حد لأكثره لقوله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً} "وللأب إنكاح" أي جبر "ابنته البكر" على النكاح ممن شاء بما شاء ولو كان أقل من صداق المثل فله أن يزوجها بربع دينار وإن كان صداق مثلها ألفا ولا كلام لها ولا لغيرها "بغير إذنها وإن بلغت" ولو عانسا وهي التي طال مكثها في بيت أهلها بعد بلوغها واختلف في حد التعنيس فقيل ثلاثون سنة وقيل أربعون وقيل غير ذلك "وإن شاء شاورها" التخيير من غير أرجحية على حسب ظاهره والذي في الجواهر وغيرها يستحب له استئذانها "وأما غير الأب في البكر وصي أو غيره فلا يزوجها حتى تبلغ وتأذن وإذنها صماتها" قال في المدونة لا تزوج اليتيمة التي يولى عليها حتى تبلغ وتأذن قال ابن ناجي إلا أن يكون نص الأب في الوصية على الإجبار فينزل منزلته ونص في المختصر على أن الوصي ووصيه ينزل منزلة الأب في الإجبار بشرطين على سبيل البدل أحدهما أن يعين له الزوج والآخر أن يأمره الأب بإجبار وهذا الثاني نص عليه الشيخ بعد قوله ولا يزوج الصغيرة إلا أن يأمره الأب بإنكاحها فعلى هذا يحمل قول الشيخ هنا حتى تبلغ على ما إذا لم يأمره الأب بالإنكاح وما ذكره في غير الوصي كالجد والأخ هو المعروف من المذهب وقيل له جبرها إن كانت مميزة وخيف فسادها مع بلوغ سنها عشر سنين مع مشورة القاضي المراد أن
ولا يزوج الثيب أب ولا غيره إلا برضاها وتأذن بالقول ولا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأي من أهلها كالرجل من عشيرتها أو السلطان
ــ
يثبت عند القاضي موجبات التزويج من خوف فسادها بزنى أو ضيعة لفقر وكونها بلغت عشر سنين فأكثر "ولا يزوج الثيب" البالغة العاقلة الحرة التي لم تزل بكارتها بعارض أو بزنى رشيدة كانت أو سفيهة "أب ولا غيره إلا برضاها وتأذن بالقول" وقيدنا بالبالغة احترازا من الصغيرة التي ثيبت قبل البلوغ فلا يتوقف تزويجها على رضاها بل حكمها حكم المجبرة وبالعاقلة احترازا عن المجنونة أي عن الثيب البالغ المجنونة فإن الأب يجبرها ولو كان لها أولاد وكذا الحاكم يجبر المجنونة البالغة إذا لم يكن هناك أب وبالحرة احترازا من الأمة فإن للسيد جبرها اتفاقا وبالتي لم تزل بكارتها الخ مما أزيلت بكارتها بعارض فإن للأب جبرها اتفاقا ومن أزيلت بكارتها بزنى فكذلك على ما في المدونة وما ذكر من أنها تأذن بالقول فهو كذلك لما رواه مالك والشافعي ومسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها" والمراد بالأيم الثيب والفرق بين البكر والثيب أن الحياء قائم في البكر والثيب قد زال منها ذلك أي لم يوجد بتمامه نقل عن ابن القصار أن الحياء عشرة أجزاء تسعة في النساء وجزء في الرجال فإذا تزوجت المرأة ذهب ثلثه فإذا ولدت ذهب ثلثاه فإذا زنت ذهب كله "ولا تنكح المرأة" ذات الحال "إلا بإذن وليها" أو وكيله لما تقدم أن الولي شرط في صحة العقد ولا خلاف في ذلك عندنا "أو" بإذن "ذي الرأي من أهلها كالرجل من عشيرتها أو السلطان" وذو الرأي من
وقد اختلف في الدنية أن تولي أجنبيا والابن أولى من الأب والأب أولى من الأخ ومن قرب من العصبة أحق
ــ
اجتمعت فيه شروط الولاية وشروطها الذكورة والحرية والعقل والبلوغ وعدم الإحرام وعدم الكفر في المسلمة وقوله كالرجل من عشيرتها تفسير لذي الرأي وقوله أو السلطان معطوف على ذي الرأي فأو للترتيب وإنما قيدنا المرأة في كلامه بذات الحال لقوله: "وقد اختلف في الدنية" وهي التي لا يرغب فيها لكونها ليست ذات جمال ولا مال ولا حال فمتى اتصفت بجمال أو مال أو حال تكون شريفة والحال ما يعد مفخرة كالنسب والحسب ككرم الآباء هل لها "أن تولي أجنبيا" وهو من له ولاية الإسلام فقط أي فلم يكن وليا ولا ذا رأي من أهلها ولا مولى ولا سلطانا مع وجود الولي الخاص فقال ابن القاسم يجوز لها أن توليه ابتداء مع وجود القريب وقال أشهب لا يجوز ذلك إلا لعدم القريب فالشيخان متفقان على الصحة وإنما الخلاف بينهما في الجواز ابتداء هذا ما أفاده بعضهم وأفاد التتائي خلاف ذلك وأن الخلاف بينهما إنما هو بالصحة وعدمها فابن القاسم يقول بالصحة أي مع الكراهة وهو المعتمد وأشهب يقول بعدمها ثم انتقل يتكلم على مراتب الأولياء بالنسبة للثيب فقال: "والابن أولى" بتزويج أمه "من الأب" أي من أبيها لأنه أقوى العصبة بدليل أنه أحق بموالي مواليها من الأب فلو كانت المرأة أعتقت عبدا والعبد أعتق عبدا فالعبد الثاني مولى لمولاها الذي هو العبد الأول الذي باشرت عتقه فالأحق بذلك الذي جعل مولى لمولاها ابنها لا أبوها وأحق بالصلاة عليها منه "والأب أولى" بنكاح ابنته "من الأخ" الشقيق أو لأب لأن الأخ يدلي بالأب والأب يحجبه عن الميراث والحاجب أولى من المحجوب ولو اقتصر على قوله: "ومن قرب من العصبة" فهو "أحق".
وإن زوجها البعيد مضى ذلك وللوصي أن يزوج الطفل في ولايته ولا يزوج الصغيرة إلا أن يأمره الأب بإنكاحها وليس ذوو الأرحام من الأولياء والأولياء من العصبة
ــ
لكفى ومعنى أحق على جهة الأولوية بدليل قوله: "وإن زوجها البعيد" كالعم مع وجود الأقرب الخاص كالأخ "مضى ذلك" التزويج لأن الترتيب بينهما إنما هو على جهة الأولوية فقط كما أفاد ذلك معظم شيوخ المدونة وأن مخالفته مكروهة فقط إن كان التزويج بكفء ولم يكن الخاص مجبرا فإن زوجها بغير كفء فإنه يرد أي يجب على الولي الأقرب رد النكاح ولو رضيت المرأة بذلك فإن لم يرده رفعت ذلك للإمام أي وجوبا لرده ولا يجوز لها الرضا وإن زوجها مع وجود المجبر فسخ "وللوصي أن يزوج الطفل" الذكر الذي "في ولايته" أي له جبره على التزويج كالأب حيث كان في ذلك مصلحة كنكاحه من المرأة الموسرة أو الشريفة "ولا يزوج الوصي الصغيرة إلا أن يأمره الأب بإنكاحها" وأن يعين له الزوج كما لبعضهم كأن يقول له زوجها من فلان وعلى ما في المختصر يكفي إذا أمره بالإجبار أن يزوجها ممن شاء "وليس ذوو الأرحام من الأولياء" في النكاح وهم من كان من جهة الأم سواء كان وارثا كالأخ للأم أو غير وارث كالخال "والأولياء من العصبة" جمع عاصب وهو كل ذكر يدلي بنفسه أو بذكر مثله والأقوى تعصيبا يقدم فيقدم الأخ الشقيق مثلا على الأخ للأب قال ابن عمر ظاهر كلامه أن الولي لا يكون إلا من العصبة وقد قال قبل هذا أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان فتنافى كلامه سابقا ولاحقا ويجاب بمنع المنافاة برد ما هنا إلى ما تقدم بأن نقول الولي لا يكون إلا من العصبة أي لا من ذوي الأرحام فلا ينافي أنه قد
ولا يخطب أحد على خطبة أخيه ولا يسوم على سومه وذلك إذا ركنا وتقاربا
ولا يجوز نكاح الشغار وهو البضع بالبضع
ــ
يكون غير عاصب بأن يكون كافلا أو حاكما فالحصر إضافي واختلف في قدر الكفالة التي يستحق بها الكافل تزويج المكفولة فقيل عشر سنين وقيل أقله أربعة أعوام وقيل العبرة بمدة يعد فيها مشفقا "ولا يخطب أحد على خطبة أخيه" بكسر الخاء طلب التزويج "ولا يسوم على سومه" قال الفاكهاني رويناه في هذا الموضع بضم الفعلين وقال الأقفهسي الفعلان مجزومان على النهي هكذا الرواية نقلا للحديث بلفظه وعلى ما قال الفاكهاني يكون بلفظ الخبر ومعناه النهي "وذلك" النهي عن الخطبة على الخطبة والسوم على السوم حرام بشرط "إذا ركنا" بفتح الكاف وكسرها وإضافة شرط إلى ما بعده للبيان "وتقاربا" أي الزوجان أو المتبايعان والتراكن في النكاح أن تميل إليه ويميل إليها والتقارب في النكاح اشتراط الشروط بحيث لم يبق بينهما إلا الإيجاب والقبول وفي البيع أن يشترط عليه الوزن أي يشترط البائع على المشتري وزن الدنانير مثلا ويتبرأ له الآخر أي المشتري من العيوب بأن يقول إذا وجدت عيبا رددته ثم شرع يبين الأنكحة الفاسدة فقال: "ولا يجوز نكاح الشغار" بكسر الشين وبالغين المعجمتين وهو على ثلاثة أقسام صريح الشغار ووجه الشغار ومركب منهما واقتصر الشيخ على الأول فقال: "وهو البضع بالبضع" أي الفرج بالفرج والأصل فيه ما في الموطأ والصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار وهل هو مشتق من الرفع تقول شغر الكلب إذا رفع رجله للبول وإنما يفعل ذلك عند بلوغه وهو موجود في المرأة عند الجماع أو من الخلو وهو رفع الصداق بينهما تقول شغرت البلد خلت من
ولا نكاح بغير صداق ولا نكاح المتعة وهو النكاح إلى أجل
ــ
الناس ولذا استعمل في النكاح بدون مهر كما في التتائي وصريح الشغار أن يزوج الرجل ابنته لرجل على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق ووجه الشغار أن يسمي لكل واحدة صداقا مثل أن يقول زوجني ابنتك بخمسين على أن أزوجك ابنتي بخمسين والمركب منهما أن يسمى لواحدة دون الأخرى مثل أن يقول زوجني ابنتك بخمسين على أن أزوجك ابنتي بغير شيء وحكم الأول أنه يفسخ بطلاق على المشهور قبل الدخول وبعده وإن ولدت الأولاد وللمدخول بها صداق المثل ولا شيء لغير المدخول بها وحكم الثاني أنه يفسخ قبل البناء لا بعده على المشهور ولكل واحدة منهما الأكثر من المسمى وصداق المثل وحكم الثالث أنهما يفسخان ويثبت نكاح المسمى لها بعد البناء واختلف هل لها صداق المثل أو الأكثر من المسمى وصداق المثل تأويلان ويفسخ نكاح التي لم يسم لها وليس لها إلا صداق المثل "ولا" يجوز "نكاح بغير صداق" إذا شرطا إسقاطا فإن وقع فالمشهور أنه يفسخ قبل الدخول وليس لها شيء وفي فسخه بطلاق قولان ويثبت بعده بصداق المثل ويلحق به الولد ويسقط الحد لوجود الخلاف "و" كذلك "لا" يجوز "نكاح المتعة" إجماعا "وهو النكاح إلى أجل" ظاهر المصنف كخليل والمدونة وغيرها قرب الأجل أو بعد بحيث لا يدركه عمر أحدهما قال ابن رشد هو نكاح بصداق وولي وشهود وإنما فسد من ضرب الأجل وحكمه أنه يفسخ أبدا بغير طلاق فيفيد أنه من المتفق على فساده
وعليه فمن نكح امرأة نكاح متعة ولم يتلذذ بها جاز لأبيه وابنه نكاحها ويعاقب فيه الزوجان ولا يبلغ بهما الحد والولد لاحق وعليها العدة كاملة ولا صداق لها إن كان الفسخ قبل الدخول وإن كان
ولا النكاح في العدة ولا ما جر إلى غرر في عقد أو صداق ولا بما لا يجوز بيعه وما فسد من النكاح لصداقه فسخ قبل البناء فإن دخل بها مضى وكان فيه صداق المثل
ــ
بعد الدخول فلها صداق المثل مطلقا سمي لها صداقا أم لا "و" كذا "لا" يجوز "النكاح" بمعنى العقد على المرأة حال كونها "في العدة" سواء كانت عدة وفاة أو طلاق كان الطلاق بائنا أورجعيا لقوله تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} والإجماع على ذلك فمن عقد على معتدة فسخ بغير طلاق لأنه مجمع على فساده فإن دخل بها عوقبا والشهود إن علموا ولها المسمى ويلحق الولد ولا يتوارثان إذا حصل موت قبل الفسخ لفساد العقد ويتأبد تحريمها عليه وعلى أصوله وفروعه بشرط كونها معتدة من وفاة أو طلاق بائن ومقدمات الوطء كالقبلة والمباشرة في العدة كالوطء فيها وتخالفه إذا وقعت بعد العدة فلا تحرم بها كما إذا لم يدخل بها أصلا ولا حصل منه مقدمات لا قبل ولا بعد وإنما حصل مجرد عقد وفسخ فلا يتأبد تحريمها ويجوز له أن يتزوجها بعد العدة إن شاء "و" كذا "لا" يجوز النكاح على "ما جر إلى غرر في عقد" كالنكاح على الخيار "أو" جر إلى غرر في "صداق" كالنكاح على عبد آبق أو بعير شارد "و" كذا "لا" يجوز النكاح "بما لا يجوز بيعه" كالخمر والخنزير فإن وقع شيء من ذلك فسخ قبل البناء ولا صداق لها ويثبت بعده بصداق المثل "وما فسد من النكاح لصداقه" كالنكاح بما لا يجوز تملكه شرعا كالخمر أو يجوز لكنه لا يصح بيعه كالآبق "فسخ قبل البناء" بطلاق ولا صداق فيه وإن قبضته ردته "فإن" لم يعثر عليه إلا بعد أن "دخل بها مضى" أي ثبت "وكان فيه صداق المثل" أي
وما فسد من النكاح لعقده وفسخ بعد البناء ففيه المسمى وتقع به الحرمة كما تقع بالنكاح الصحيح ولكن لا تحل به المطلقة ثلاثا ولا يحصن به الزوجين
ــ
مثلها في الحال أي الدين والحسب والنسب "وما فسخ من النكاح لـ" أجل "عقده" كالنكاح بغير ولي فسخ قبل البناء وبعده "و" إذا فسخ قبل البناء لا صداق فيه وإذا "فسخ بعد البناء ففيه المسمى" هذا إن سمي صداقا وإلا فصداق المثل "وتقع به" أي بالنكاح الفاسد الذي يفسخ بعد البناء وكان متفقا على فساده "الحرمة كما تقع بالنكاح الصحيح" قال الأقفهسي معنى وقوع الحرمة به أن المرأة التي بنى بها بالنكاح الفاسد تحرم عليه أمها وابنتها وتحرم هي على آبائه وأبنائه كتحريم النكاح الصحيح وأما لو فسخ النكاح الفاسد المتفق على فساده قبل البناء لم تقع به حرمة إلا أن يفعل شيئا من مقدمات الوطء كالقبلة والمباشرة وأما النكاح المختلف في فساده فتقع الحرمة بعقده ولما شبه النكاح الفاسد بالصحيح في الحرمة وخشي أن يتوهم مساواته له في كل الوجوه رفع ذلك بقوله "ولكن لا تحل به المطلقة ثلاثة" أي بالنكاح الفاسد بعد البناء أي المتفق على فساده ولو تكرر وطؤه وأما المختلف في فساده وطلقت بعد الوطء فإن تكرر وطؤه بحيث ثبت النكاح حلت وأما لو طلقت بعد أول وطأة ففي حلها تردد مبني على أن النزع هل هو وطء أو لا وإنما حصل التحريم بالوطء دون التحليل احتياطا من الجانبين "ولا يحصن به الزوجين" لأن من شروط الإحلال والإحصان صحة العقد فما قاله هنا مفسر لما قاله أول الكتاب إن مغيب الحشفة يحصن الزوجين ويحل المطلقة ثلاثا للذي طلقها
وحرم الله سبحانه من النساء سبعا بالقرابة وسبعا بالرضاع والصهر فقال عز وجل: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} فهؤلاء من القرابة واللواتي من الرضاع والصهر قوله تعالى:
ــ
بأن يحمل ما تقدم على ما إذا كان صحيحا أو مختلفا في فساده ثم ما في النسخة التي بأيدينا من قوله ولا يحصن به الزوجين غير صواب والصواب ولا يحصن به الزوجان كما في نسخة التحقيق وأفاد التتائي أن للمصنف نسختين النسخة التي في التحقيق ونسخة ولا يحصن الزوجين بإسقاط به وهي ظاهرة أيضا "وحرم الله سبحانه وتعالى" على الرجال "من النساء سبعا بالقرابة وسبعا بالرضاعة والصهر فقال عز وجل: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} جمع أم وهي المرأة التي ولدتك وإن علت فأمك المباشرة للولادة محرمة عليك وكذلك أم الأب وأم الأم وأم الجد للأب وأم الجد للأم {وَبَنَاتُكُمْ} جمع بنت وهي كل من لك عليها ولادة وإن بعدت {وَأَخَوَاتُكُمْ} جمع أخت وهي كل امرأة شاركتك في رحم أو صلب أو فيهما معا {وَعَمَّاتُكُمْ} جمع عمة وهي كل امرأة اجتمعت مع أبيك في رحم أو صلب أو فيهما معا {وَخَالاتُكُمْ} جمع خالة وهي كل امرأة اجتمعت مع أمك في رحم أو صلب أو فيهما معا {وَبَنَاتُ الْأَخِ} وهي كل امرأة لأخيك عليها ولادة فهي بنت أخيك كان الأخ شقيقا أو لأب أو لأم {وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} وهي كل امرأة لأختك عليها ولادة فهي بنت أختك كانت الأخت شقيقة أو لأب أو لأم "فهؤلاء" السبعة "من القرابة و" أما السبعة "اللواتي من الرضاع والصهر" فأشار إليها
{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ
ــ
بقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} سواء كانت المرضعة بكرا أو ثيبا أو متجالة ولو كانت غير بالغ بل ولو كانت خنثى مشكلا حية كانت أو ميتة حيث كان في ثديها لبن ولو مع الشك {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} كان الرضاع في زمن واحد بأن صاحبتك في الرضاع أو في أزمنة بأن أرضعت قبل أن ترضع أو بعد أن رضعت ولم يذكر في القرآن من المحرم بالرضاع إلا الأم والأخت فالأم أصل والأخت فرع فنبه تعالى بذلك على جميع الأصول والفروع أي فروع الأصول {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} كل امرأة لها على زوجتك ولادة فهي أم امرأتك وإن علت وسواء عقد له عليها في حال بلوغه أو صباه وجمهور أهل العلم على أنها عامة فيمن دخل بها ومن لم يدخل به افالعقد على البنت يحرم أمها وكذا تحرم أم الزوجة بالرضاع وغير الجمهور كعلي وابن عباس رضي الله عنهما قالا إن قوله عز وجل: {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} شرط في هذه وفي الربيبة فعلى مذهبهما إذا تزوج رجل امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها فيجوز له أن يتزوج بأمها {وَرَبَائِبُكُمُ} جمع ربيبة فعيلة بمعنى مفعولة أو مربوبة أي مولى أمرها وهي بنت الزوجة وقوله: {اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ} خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له إجماعا إلا ما روي عن علي رضي الله عنه أنها لا تحرم إذا لم تكن في الحجر والحجر بفتح الحاء وكسرها مقدم ثوب الإنسان ثم استعمل في الحفظ والستر مجازا مرسلا من استعمال اسم السبب في المسبب لأن الحجر سبب
اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}
ــ
للستر في الجملة واختلف في معنى الدخول من قوله تعالى: {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} فقال الشافعي رضي الله عنه: هو الجماع وأفاد البيضاوي أن قوله تعالى: {دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} أي دخلتم معهن الستر وهي كناية عن الجماع أي كناية مشهورة كما أفاده الشهاب وقال مالك وأبو حنيفة رحمهما الله: هو التمتع من اللمس والقبلة الخ فإن لم يقع شيء من ذلك فالربيبة حلال وإليه الإشارة بقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} أي لا إثم عليكم حينئذ في نكاح الربيبة {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} جمع حليلة وهي زوجة الابن وإن سفل دخل بها الابن أو لم يدخل وقوله تعالى: {الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} تخصيص ليخرج من عمومه التبني أي من عموم أبنائكم الأبناء بالتبني وتحرم عليه حليلة الابن من الرضاع بالإجماع المستند إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" أي فالابن من الرضاع حكم ابن الصلب في حرمة حليلته والمشهور أن أمة الابن لا تحرم على الأب حتى يطأها الابن أو يتلذذ بها {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} سواء كان بنكاح أو ملك أو كانت واحدة بنكاح وأخرى بملك فيمتنع أيضا أما الجمع للاستخدام فلا بأس به {إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} استثناء منقطع معناه لكن ما قد سلف من ذلك ووقع وأزاله الإسلام فإن الله يغفره والإسلام يجبه أي يقطعه أي يمحوه من الصحف بحيث صار لا يؤاخذ عليه وليس هذا مثل قوله: {إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} في نكاح منكوحات الآباء لأن نكاح منكوحات الآباء
وقال تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} .
وحرم النبي صلى الله عليه وسلم بالرضاع ما يحرم من النسب ونهى أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها فمن نكح امرأة حرمت بالعقد دون أن تمس
ــ
لم يشرع قط وإنما كانت جاهلية وفاحشة شائعة ونكاح الأختين كان شرعا لمن قبلنا نسخه الله تعالى فينا "وقال تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} سواء دخل بها الأب أو لم يدخل فبالعقد تحرم على الابن وكذلك زوجة الجد لأنه أب وثبت في بعض النسخ {إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} ومعناه ما تقدم قبل الإسلام ولما لم يكن في القرآن من المحرمات بالرضاع صريحا إلا الأم والأخت وكان جميع الأصول والفروع حكمهم حكم من ذكر أتى بما يدل على ذلك عموما فقال "وحرم النبي صلى الله عليه وسلم بالرضاع ما يحرم من النسب" ولفظ الصحيحين: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة" ولما لم يكن في الآية ما يدل على تحريم الجمع بين المحارم غير الأختين وألحقت السنة بهما الجمع بين سائر المحارم نبه على ذلك بقوله "ونهى" أي النبي صلى الله عليه وسلم "أن تنكح المرأة على عمتها أو على خالتها" خرجه في الموطأ والصحيحين ابن شاس والضابط أن كل امرأتين بينهما من القرابة والرضاعة ما يمنع تناكحهما لو قدرت إحداهما ذكرا لحرم الجمع بينهما في العقد والحل أي حلية الوطء فإن جمعهما في العقد بطل النكاحان وفسخا أبدا وإن حصل دخول بهما بلا طلاق ولا مهر لمن لم يدخل بها إن جمع بينهما في الحل فإن علمت الأولى فسخ نكاح الثانية وثبت نكاح الأولى ويفسخ نكاح من ادعى أنها ثانية لكن بطلاق وإن لم تعلم الأولى من الثانية ولم يدع الزوج العلم بأولية إحداهما فإنه يفسخ نكاحهما ثم ذكر مسائل داخلة فيما تقدم على وجه التفسير فقال: "فمن نكح امرأة حرمت بـ" مجرد "العقد" عليها "دون أن تمس".
على آبائه وأبنائه وحرمت عليه أمهاتها ولا تحرم عليه بناتها حتى يدخل بالأم أو يتلذذ بها بنكاح أو ملك يمين أو بشبهة من نكاح أو ملك ولا يحرم بالزنا حلال
ــ
أي توطأ "على آبائه وأبنائه" بمجرد العقد عليها ولا تتوقف حرمتها على الوطء فقوله حرمت على آبائه تفسير لقوله: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} وقوله: "وأبنائه" تفسير لقوله: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} وقوله: "وحرمت عليه أمهاتها" تفسير لقوله: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} فبالعقد على البنت تحرم الأم دخل بها أو لم يدخل وقوله: "ولا تحرم عليه بناتها حتى يدخل بالأم أو يتلذذ بها" ولو بالنظر لغير الوجه ومثل الوجه الكفان "بنكاح أو ملك يمين" هذا خروج لغير الموضوع لأن الموضوع أنه عقد على الأم "أو" يتلذذ بها "بشبهة من نكاح أو" شبهة "من ملك" تفسير لقوله: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ} فبالعقد على الأم لا تحرم البنت وإنما يحرمها الدخول بها أي وطؤها أو التلذذ ولو بالنظر لجسدها والنظر للوجه ولو مع لذة لغو اتفاقا ومثله اليدان مثال التلذذ بالنكاح الصحيح ظاهر ومثال الشبهة من النكاح أن ينكح خامسة أو معتدة غير عالم ويتلذذ بها أو يطأ امرأة يظنها زوجته فيحرم عليه فرع كل واحدة من المذكورات وأصلها وضابط نكاح الشبهة أن ينكح نكاحا فاسدا مجمعا على فساده لكن يدرأ الحد كأن يتزوج بمعتدة أو خامسة أو ذات محرم غير عالم ويتلذذ بها أو يطأ امرأة يظنها زوجته فيحرم عليه أصل كل واحدة منهن وفرعها "ولا يحرم بالزنى حلال" المعنى أن من زنى بامرأة ولو تكرر زناه بها لا يحرم عليه به أصلها ولا فرعها بل يحل له أن يتزوج بأمها أو بنتها التي لم تتخلق من مائه
وحرم الله سبحانه وطء الكوافر ممن ليس من أهل الكتاب بملك أو نكاح ويحل وطء الكتابيات بالملك ويحل وطء حرائرهن بالنكاح
ــ
وأما هذه فتحرم عليه ومن باب أولى يجوز لأصله وفرعه أن يتزوج بتلك المرأة ومثله قول مالك في الموطأ فأما الزنى فإنه لا يحرم شيئا وظاهر قوله في المدونة خلافه ونصها وإن زنى بأم زوجته أو بنتها فليفارقها فحمل أكثر الشيوخ هذه المفارقة على الوجوب فاختلف ما في الموطأ وظاهر المدونة فأكثر الشيوخ رجح ما في الموطإ وهو المعتمد لأن كل أصحاب مالك عليه ما عدا ابن القاسم ومنهم من رجح ما في المدونة لما ذكره ابن حبيب عن مالك أنه رجع عما في الموطأ وأفتى بالتحريم إلى أن مات "وحرم الله سبحانه وتعالى" على المسلم "وطء الكوافر" جمع كافرة "ممن ليس من أهل الكتاب بملك أو نكاح" لقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} قال الفاكهاني الشرك يشمل المجوس والصابئة وهم قوم عدلوا عن اليهودية والنصرانية وعبدوا الملائكة ويشمل عبدة الأوثان وغيرهم وهم من يعبدون غير الصنم فعبدة الأوثان من يعبدون الصنم وغيرهم من يعبدون الشمس والقمر "ويحل" للمسلم "وطء" الإماء "الكتابيات بالملك" دون النكاح لعموم قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} "ويحل" للمسلم ولوكان عبدا "وطء حرائرهن" أي الكتابيات "بالنكاح" لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} وهن الحرائر أو العفائف الكتابيات قال في الذخيرة لما شرف أهل الكتاب بالكتاب ونسبتهم إلى المخاطبة من رب الأرباب أبيح نساؤهم وطعامهم وفات غيرهم هذا الشرف بحرمانهم وروي عن عبد الله
ولا يحل وطء إمائهن بالنكاح لحر ولا لعبد ولا تتزوج المرأة عبدها ولا عبد ولدها ولا الرجل أمته ولا أمة ولده وله أن يتزوج أمة والده وأمة أمه
ــ
ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عدم جواز نكاح الكتابية الحرة محتجا بآية البقرة قال لا أعلم شركا أعظم من قولها: إن ربها عيسى "ولا يحل وطء إمائهن" أي إماء الكتابيات "بالنكاح" لا "لحر ولا لعبد" مسلمين سواء خاف على نفسه العنت أم لا لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} أي فلينكح مملوكة من الإماء المسلمات فشرط الإيمان فيهن "ولا تتزوج المرأة عبدها" سواء كان كامل الرق أو مبعضا أو كان فيه بعض عقد من حرية كالمكاتب لتعارض الحقوق لأنه لو تزوجها لكان له عليها سلطنة الزوجية وهي لها عليه سلطنة الملك فإذا وقع فإنه يفسخ بغير طلاق لأنه متفق على فساده "و" كذلك "لا" تتزوج المرأة "عبد ولدها" لأنه كعبدها "و" كذلك "لا" يتزوج "الرجل أمته" أي أمة نفسه لأن النكاح إنما هو ملك المنافع وهو البضع والملك إنما هو ملك الرقبة بكمالها فملك المنافع داخل في ملك الرقبة فلا فائدة للنكاح "و" كذلك "لا" يتزوج الرجل "أمة ولده" للشبهة التي له في مال ولده ولذا لا يقطع إذا سرق من مال ولا يحد إذا وطئ أمته وتجب نفقته عليه إن احتاج فهو في معنى من تزوج أمة نفسه فإن وقع النكاح على شيء مما ذكر فسخ بغير طلاق "وله" أي ويباح للرجل "أن يتزوج أمة والده" الحر وإن علا إن لم يستمتع بها الوالد بوطء أو قبلة أو مباشرة "و" كذا يباح له أن يتزوج "أمة أمه"
وله أن يتزوج بنت امرأة أبيه من رجل غيره وتتزوج المرأة ابن زوجة أبيها من رجل غيره ويجوز للحر والعبد نكاح أربع حرائر مسلمات أو كتابيات وللعبد نكاح أربع إماء مسلمات
ــ
الحرة وإن علت لأنه لا شبهة له في مالهما إذ لو سرق من مالهما قطع أو زنى بأمة إحداهما حد ولا يشترط في جواز تزويجهما خوف العنت لأن ولده يعتق على أبويه وإنما يشترط ذلك إذا كانا عبدين لأن الولد للسيد "و" يباح "له" أيضا "أن يتزوج بنت امرأة أبيه من رجل غيره" هذا واضح إذا كانت البنت معها قبل التزويج وانفصلت من الرضاع أما إذا تزوجها وهي ترضعها أو طلقها الأب ثم تزوجت بعده برجل وأولدها بنتا فهل لابن الزوج الأول أن يتزوج هذه البنت أم لا في ذلك ثلاثة أقوال استظهر منها المنع والكراهة احتياطا ثم ذكر عكس هذه المسألة بقوله: "وتتزوج المرأة ابن زوجة أبيها من رجل غيره" أي غير أبيها هذا إذا تزوجها أبوها بعد انقطاع الولد من الرضاع أما إذا تزوجها وهي ترضعه فهو أخو الربيبة من الرضاع "ويجوز للحر والعبد" المسلمين "نكاح أربع حرائر مسلمات أو كتابيات" اتفاقا في حق الحر وعلى المشهور في حق العبد وروى ابن وهب قصره على اثنتين قياسا على طلاقه وحدوده وقد يمتنع القياس بأن النكاح لذة يستوي فيها الحر والعبد كالأكل والشرب وإنما يتشطر العذاب ويمتنع نكاح الخامسة بإجماع فإن وقع فسخ قبل الدخول وبعده وتحل الخامسة بطلاق إحدى الأربع طلاقا بائنا لا رجعيا لبقاء العصمة "و" يجوز "للعبد نكاح أربع إماء مسلمات" مملوكات
وللحر ذلك إن خشي العنت ولم يجد للحرائر طولا وليعدل بين نسائه وعليه النفقة والسكنى بقدر وجده
ــ
للغير من غير اشتراط خوف العنت وبغير اشتراط أن لا يجد للحرائر طولا وإنما يشترط الإسلام "و" يجوز "للحر ذلك" أي تزويج أربع إماء مسلمات مملوكات للغير بشرطين أحدهما "إن خشي العنت" أي الزنى لقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} ويتم ذلك بغلبة الشهوة وضعف الخوف من الله تعالى فإن اشتد الخوف من الله وأمن على نفسه حرمت الأمة وسمي الزنى عنتا لأن أصله التعب والمشقة لقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لاعْنَتَكُمْ} أي ضيق عليكم "و" الآخر إذا "لم يجد للحرائر طولا" وهو ما يتزوج به الحرة "وليعدل بين نسائه" سواء كن حرائر أو إماء مسلمات أو كتابيات دل على وجوبه الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي فاختاروا واحدة أمر الله سبحانه وتعالى بالاقتصار على الواحدة إن خاف الجور فدل على أن العدل واجب وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط" رواه أصحاب السنن الأربعة وأجمعت الأمة على وجوبه فمن لم يعدل بين نسائه فهو عاص لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم لا تجوز إمامته ولا شهادته والراجح أنه يقصر العدل على المبيت فقط وأما الكسوة والنفقة فبحسب حال كل واحدة فالشريفة بقدر مثلها والدنيئة بقدر مثلها ولا يجب في الوطء ويحرم عليه أن يوفر نفسه لينشط للأخرى والقسم بيوم وليلة ولا يقسم بيومين إلا برضاهن "وعليه" أي الزوج حرا كان أو عبدا وجوبا "النفقة والسكنى" للزوجة حرة كانت أو أمة مسلمة كانت أو كتابية "بقدر وجده"
ولا قسم في المبيت لأمته ولا لأم ولده ولا نفقة للزوجة حتى يدخل بها أو يدعى إلى الدخول وهي
ــ
بضم الواو وسكون الجيم أي وسعه ظاهره أنه لا يراعى إلا حال الزوج فقط والمشهور أنه يراعى حالهما معا فينفق نفقة مثله لمثلها في عسره ويسره وكذلك الكسوة ويجوز إعطاء الثمن عما لزمه ولا يلزمها الأكل معه واتفق على أنها تطلق عليه إذا عجز عن النفقة بعد التلوم على المشهور ومقابله أنه يطلق عليه من غير تلوم ذكره بهرام وطلاقه يكون رجعيا ولو أوقعه الحاكم ولكن لا تصح رجعته لها إلا إذا وجد يسارا يظن معه دوام القدرة على الإنفاق "ولا قسم في المبيت لأمته ولا لأم ولده" مع زوجة أو مع أمة أخرى لأن القسم إنما يجب لمن له حق في الوطء وهاتان لا حق لهما فيه اتفاقا إذ الذي على سيد المملوك طعامه وكسوته ذكرا أو أنثى ولسيده عليه الخدمة التي يطيقها ولو تضررت الجارية من ترك الوطء واحتاجت للزواج لا يجبر سيدها والعبد مثلها وأما قوله عليه الصلاة والسلام: "لا ضرر ولا ضرار" فإنما هو فيما يجب للشخص ومن حقه والرق لا حق له في الوطء.
"ولا نفقة للزوجة" يتيمة كانت أو غيرها حرة أو أمة بمجرد العقد عليها على المشهور وإنما تجب بأحد شيئين أحدهما "حتى يدخل بها" المراد بالدخول هنا إرخاء الستور وطئ أم لا كانت ممن يوطأ مثلها أم لا بأن كانت غير مطيقة أو بها مانع من رتق ونحوه بشرط أن يكون الزوج بالغا وأن يكونا غير مشرفين والشيء الآخر أشار إليه بقوله: "أو يدعى إلى الدخول" ويشترط في هذه أن يكون الزوج بالغا وأن لا يشتد مرضهما بحيث أخذا في السياق والنزع وهناك شرط آخر أشار إليه بقوله: "وهي"
ممن يوطأ مثلها ونكاح التفويض جائز وهو أن يعقداه ولا يذكران صداقا ثم لا يدخل بها حتى يفرض لها فإن فرض لها صداق المثل لزمها
ــ
أن تكون "ممن يوطأ مثلها" فالصغيرة التي لا يمكن وطؤها لا نفقة لها بالدعوة بل بالدخول لأنه إذا دخل استمتع بغير الوطء وإذا اختلفا في الدعوة بأن قالت دعوتك للدخول من شهر كذا والزوج ينكر ذلك فالقول قوله: "ونكاح التفويض جائز" من غير خلاف "وهو أن يعقداه" بلفظ التثنية أي الزوج والولي ويروى يعقده بلفظ الإفراد أي الزوج "ولا يذكران صداقا" استشكل إثبات النون لأنه معطوف على المنصوب هذا الإشكال مبني على أن الواو للعطف أما لو جعلت للحال كما فعل التتائي فلا إشكال وكلام المصنف صادق بصورتين لأنهما إذا لم يذكرا صداقا إما أن يصرحا مع ذلك بالتفويض نحو أنكحتك وليتي على التفويض أولا نحو زوجتك وليتي من غير ذكر مهر وعلى كلا الوجهين النكاح صحيح.
أما لو صرحا باشتراط إسقاط المهر لما جاز وفسخ قبل الدخول واختلف قول ابن القاسم في فسخه بعد والمعتمد عدم الفسخ وأنه يمضي بصداق المثل "ثم" إذا قلنا بجواز نكاح التفويض وصحته ووقع ومنعت الزوج من الدخول فإنه "لا يدخل بها حتى يفرض لها" صداق مثلها ويعتبر صداق المثل يوم العقد لأنه يوجب الميراث وغيره من حقوق النكاح الثابتة به وليستحقه بالدخول لا بالعقد ولا بالموت فإن مات أحدهما توارثا ولا صداق إلا بفرض وأثبته بعضهم بالموت وهو ضعيف "فإن فرض" الزوج "لها" أي الزوجة المنكوحة على التفويض "صداق المثل لزمها" ما فرض
وإن كان أقل فهي مخيرة فإن كرهته فرق بينهما إلا أن يرضيها أو يفرض لها صداق مثلها فيلزمها وإذا ارتد أحد الزوجين انفسخ النكاح بطلاق وقد قيل بغير طلاق
ــ
لها على المذهب "وإن كان" ما فرض لها "أقل" من صداق مثلها مثل أن يفرض لها خمسين دينارا وصداق مثلها مائة "فهي مخيرة" في الرضا به ورده "فإن" رضيت به وكانت ثيبا رشيدة لزمها ذلك ما لم ينقص عن ربع دينار وإن لم ترض به بأن "كرهته فرق بينهما" بطلقة بائنة لأنها قبل الدخول وأما ذات الأب والوصي فاختلف هل لهما الرضا بأقل من صداق المثل على ثلاثة أقوال مشهورها الصحة من الأب قبل البناء وبعده ومن الوصي قبل البناء فقط ثم استثنى من المسألة التي تخير فيها صورتين فقال: "إلا أن يرضيها" بزيادة شيء على ما سماه مما لم يبلغ صداق المثل "أو يفرض لها صداق مثلها" بعد أن فرض لها دونه "فيلزمها" ما أرضاها به في الصورة الأولى وصداق المثل الذي فرضه ثانيا في الصورة الثانية "وإذا ارتد" أي قطع "أحد الزوجين" الإسلام أي بكلمة مكفرة ودخل في دين غير دين الإسلام "فسخ النكاح" بينهما ساعة ارتداده "بطلاق" بائن على المشهور أي فسخ بطلاق على المشهور بائن على المشهور فهو راجع للموصوف وصفته ومحل ذلك ما لم يقصد المرتد منهما بردته فسخ النكاح وإلا فلا فسخ وعليه لو أسلم المرتد فالزوجية باقية ولا تحتاج لعقد ولا رجعة لبقاء العصمة وإن قتل على ردته لا يرث الآخر وتعتبر ردة غير البالغ على المشهور فيحال ينهما واتفق على أنه لا يقتل إلا بعد بلوغه واستتابته وينبني على أن ردته معتبرة أنه لا تؤكل ذبيحته ولا يصلى عليه "وقد قيل" الفسخ "بغير طلاق"
وإذا أسلم الكافران ثبتا على نكاحهما وإن أسلم أحدهما فذلك فسخ بغير طلاق فإن أسلمت هي كان أحق بها إن أسلم في العدة وإن أسلم هو وكانت كتابية ثبت عليها
ــ
وهو رواية ابن أبي أويس وابن الماجشون ووجه بأنهما مغلوبان ومقهوران على فسخه لقوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} أي لا يكون بينكم وبينهن عصمة ولا علقة زوجية والكوافر جمع كافرة "وإذا أسلم" الزوجان "الكافران" سواء كانا كتابيين أو غيرهما أسلما قبل الدخول أو بعده سواء كان النكاح بولي وصداق أو لا "ثبتا على نكاحهما" ما لم يكن ثم مانع مثل أن يكون بينهما نسب أو رضاع أما إن كان ثم مانع من الاستدامة فسخ النكاح "وإن أسلم أحدهما" أي الزوجين فذلك فسخ "بغير طلاق" على المشهور وصوروا هذه المسألة بصور منها أن يسلم الزوج وتحته مجوسية أو نحوها ممن ليست من أهل الكتاب ولم تسلم أي لم تسلم بالقرب أي في كالشهر وأما إذا لم يبعد الزمان بين إسلاميهما بل كان قريبا كالشهر ونحوه فيقر عليها دخل بها أولا "فإن أسلمت هي" أي الزوجة كتابية أو غيرها قبل زوجها الذي بنى بها "كان أحق بها إن" كان حاضرا و "أسلم" وهي "في العدة" ولو طلقها في العدة إذ لا عبرة بطلاق الكافر وأما لو أسلم بعد انقضاء العدة فلا يقر عليها لأن إسلامه كالرجعة ولا رجعة بعد انقضاء العدة فإن أسلمت قبل زوجها الذي لم يبن بها فإنه تبين مكانها "وإن أسلم هو" أي الزوج قبلها "وكانت كتابية ثبت عليها" أي أقر على نكاحها ما لم يكن هناك مانع من الاستدامة مثل أن يكون بينهما نسب أو رضاع أو تزوجها في العدة وسواء كان إسلامه قبل
فإن كانت مجوسية فأسلمت بعده مكانها كانا زوجين وإن تأخر ذلك فقد بانت منه وإذا أسلم مشرك وعنده أكثر من أربع فليختر أربعا ويفارق باقيهن
ــ
الدخول أو بعده "فإن" لم تكن كتابية بل "كانت مجوسية" فلا يخلو إما أن تسلم في الحال أولا "فإن أسلمت بعده مكانها" كانا زوجين ما لم يكن مانع من الاستدامة كما تقدم "وإن" لم تسلم بعده مكانها بل "تأخر ذلك" أي إسلامها عن إسلامه "فقد بانت منه" وما قاله الشيخ يخالف ما في المختصر وهو أنها إن أسلمت بعد زوجها بدون أن يبعد ما بين إسلاميهما ثبت النكاح ويحد القرب بالشهر ونحوه وفي بعض الروايات الشهر إن قرب "وإذا أسلم مشرك وعنده" من النسوة "أكثر من أربع فليختر" نسوة منهن "أربعا" ممن يجوز نكاحهن في الإسلام قبل الدخول أو بعده وسواء عقد عليهن في عقد واحد أو في عقود مختلفة سواء كن أوائل أو أواخر أسلمن معه أو أسلم هو وكن كتابيات والاختيار يكون بلفظ صريح أو ما يدل عليه من لوازم النكاح كطلاق أو ظهار أو وطء "و" بعد أن يختار منهن أربعا "يفارق باقيهن" بغير طلاق على المشهور أي أن مفارقة الباقي ليست طلاقا على المشهور ومقابله يقول إنها طلاق وعليه ابن المواز وابن حبيب وفائدة الخلاف أنه لو أسلم على عشر نسوة ولم يدخل بواحدة واختار أربعا وفارق الباقي فلا مهر لهن وعند ابن المواز لكل واحدة منهن خمس صداقها لأنه لو فارق الجميع لزمه صداقان وعند ابن حبيب نصف صداقها والأصل في ذلك ما رواه الشافعي والبيهقي وغيرهما أن غيلان الثقفي أسلم وله عشر نسوة في الجاهلية فأسلمن معه فقال
ومن لاعن زوجته لم تحل له أبدا وكذلك الذي يتزوج المرأة في عدتها ويطؤها في عدتها ولا نكاح لعبد ولا لأمة إلا أن يأذن السيد ولا تعقد امرأة ولا عبد ولا من على
ــ
النبي صلى الله عليه وسلم: "أمسك أربعا وفارق باقيهن""ومن لاعن زوجته لا تحل له أبدا" زاد في الموطأ وإن كذب نفسه جلد الحد وألحق به الولد ولم ترجع إليه أبدا "وكذلك" مثل تأبيد الزوجة الملاعنة "الذي يتزوج المرأة" بمعنى يعقد عليها وهي "في عدتها" من غيره سواء كانت عدة وفاة أو طلاق وإنما قيدنا العدة بكونها من غيره لأنه لو تزوج بمبتوتته وإن كان حراما قبل زوج ويفسخ ويحد إلا أنه لا يتأبد تحريمها عليه "ويطؤها في عدتها" ظاهر كلامه أنه لو عقد في العدة ودخل بعدها لا تحرم والمشهور تأبيد الحرمة وظاهره أيضا أن القبلة ونحوها إذا وقعت في العدة لا تحرم وخالفه صاحب المختصر قائلا إذا وقعت القبلة ونحوها في العدة تأبد التحريم "ولا نكاح" جائز لازم "لعبد ولا لأمة إلا أن يأذن السيد" فلو تزوج العبد بغير إذن السيد ثم علم بعد ذلك فله الخيار إن شاء أمضاه وإن شاء فسخه بطلقة بائنة لأنه أدخل على ملكه نقصا ثم إن كان الفسخ قبل البناء فلا شيء على العبد وإن كان بعده استرد السيد ما أخذته الزوجة من الصداق إلا ربع دينار فإن عتق العبد أتبعته بما أخذه السيد وأما الأمة إذا تزوجت بغير إذن السيد فإن وكلت رجلا في عقد نكاحها فحكمها حكم العبد إن شاء السيد أمضاه وإن شاء فسخه وإن باشرت العقد بنفسها فليس للسيد الإجازة بحال بل يجب الفسخ اتفاقا "ولا تعقد امرأة ولا عبد ولا من على
غير دين الإسلام نكاح امرأة ولا يجوز أن يتزوج الرجل امرأة ليحلها لمن طلقها ثلاثا ولا يحلها ذلك
ــ
غير دين الإسلام نكاح امرأة" فالذكورية والحرية والإسلام شروط في صحة العقد إذ المرأة لما لم يجز لها أن تتولى العقد لنفسها فعقدها لغيرها أحرى وأما العبد فلا ولاية له إلا المكاتب في أمته فإنه يتولى عقد نكاحها ولا ولاية لكافر على مسلمة وله الولاية على الكافرة زوجها لمسلم أو كافر "ولا يجوز أن يتزوج رجل امرأة ليحلها" أي فالباعث له على التزويج قصد الإحلال أو قصد الإحلال مع نية إمساكها إن أعجبته والعبرة بالنية وقت العقد فلو طرأت له نية التحليل عند الوطء لا يضر "لمن طلقها ثلاثا" لقوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بالتيس المستعار" قالوا: بلى يا رسول الله قال: "هو المحلل" ثم قال: "لعن الله المحلل والمحلل له" رواه الدارقطني ففي قوله التيس تشبيه الرجل بالتيس واستعارة اسمه له على طريق التصريح بجامع الدناءة إشارة إلى أنه بمثابة حيوان بهيمي دنيء ثم قوله: "لعن الله المحلل والمحلل له"، سماه محللا بحسب زعمهم والمحلل بكسر اللام الأولى الذي يتزوج مطلقة ثلاثا بعد العدة والمحلل له هو الزوج الأول قال في التحقيق وسكت صلى الله عليه وسلم عن الولي والمرأة والشهود مع أن الحرمة لاحقة للكل لتعلق الحرمة بالزوجين أشد ولذلك أخبر صلى الله عليه وسلم: بأن الله لعنهما أي طردهما من رحمته "ولا يحلها ذلك" الزوج لمن طلقها البتات وإذا عثر على هذا النكاح فسخ قبل البناء وبعده وعبارة بعضهم ويفرق بينهما بتطليقة بائنة ولها بالبناء صداق المثل فإن تزوجها الأول بهذا النكاح فسخ بغير طلاق ويعاقب من عمل بنكاح المحلل من زوج وولي وشهود وزوجة وظاهر كلامه إن قصد المطلق أو الزوجة التحليل
ولا يجوز نكاح المحرم لنفسه ولا يعقد نكاحا لغيره ولا يجوز نكاح المريض ويفسخ وإن بنى بها فلها الصداق في الثلث مبدأ
ــ
بنكاح الثاني لا يضر وتحل به وهو كذلك "ولا يجوز نكاح المحرم" بحج أو عمرة "لنفسه ولا يعقد نكاحا لغيره" لما صح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب" فإن وقع نكاحه أو إنكاحه فسخ أبدا قبل الدخول وبعده بطلاق على المشهور ولا يتأبد التحريم وإذا فسخ قبل الدخول فلا شيء لها وإذا فسخ بعده فلها الصداق لأن كل مدخول بها لها الصداق "ولا يجوز نكاح المريض" والمريضة مرضا مخوفا وهو الذي يحجر فيه عن ماله ويلحق به كل من حكم عليه بقطع أو محبوس لقتل وظاهر كلامه أن نكاح المريض لا يجوز ولو احتاج إلى امرأة تقوم به وهو كذلك على أحد المشهورين والمشهور الآخر يجوز مع الحاجة "و" إذا قلنا لا يجوز نكاح المريض فإنه "يفسخ" ظاهره قبل البناء وبعده عثر عليه قبل الصحة أو بعدها والراجح ما في المختصر أنه إذا عثر عليه بعد الصحة لا يفسخ وظاهره أيضا كانت الزوجة حرة أو أمة مسلمة أو كتابية أجازه الورثة أم لا وهو المشهور لأن العلة وهي إدخال وارث لم تؤمن لجواز عتق الأمة وإسلام الكتابية فيصيران من أهل الميراث لا يقال الحق للوارث فينبغي جوازه بإجازته كالتبرع بزائد الثلث لأنا نقول إخراج المال موقوف حتى يعلم الوارث بعد الموت فيحتمل موت المجيز وحدوث وارث غيره والراجح أن الفسخ بطلاق لأنه من المختلف فيه فإن لم يبن بها فلا شيء لها "وإن بنى بها فلها الصداق في الثلث مبدأ" قال ابن عمر يريد صداق المثل وهو قول ابن القاسم وقال
ولا ميراث لها ولو طلق المريض امرأته لزمه ذلك وكان لها الميراث منه إن مات في مرضه ذلك ومن طلق امرأته ثلاثا لم تحل له بملك ولا نكاح حتى تنكح زوجا غيره
ــ
ابن ناجي ظاهر كلام الشيخ أن لها المسمى وإن كان أكثر من صداق المثل يقضى لها به من رأس ماله قل أو كثر "ولا ميراث لها" أي لمن تزوجها في المرض لنهيه عليه الصلاة والسلام عن إدخال وارث وإخراجه وليعامل بنقيض مقصوده "ولو طلق المريض امرأته لزمه ذلك" الطلاق بلا خلاف لأنه عاقل مكلف "وكان الميراث لها منه إن مات في مرضه ذلك" كان الطلاق بائنا أو رجعيا ولا يرثها هو إن كان الطلاق ثلاثا ويرثها إن كان رجعيا ما لم تخرج من العدة ومفهوم الشرط أنه إذا صح من مرضه ومرض مرضا آخر فلا ترثه لأنه قد زال الحجر عنه الذي هو سبب ميراثها "ومن طلق" من المسلمين الأحرار "امرأته" حرة كانت أو أمة مسلمة كانت أو كتابية مدخولا بها أو غير مدخول بها "ثلاثا لم تحل له بملك ولا نكاح حتى تنكح زوجا غيره" للآية والمراد بالنكاح في كلام الشيخ وفي الآية الوطء دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث امرأة رفاعة: "لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك" ويشترط في الزوج أن يكون مسلما فلو كان المسلم متزوجا يهودية أو نصرانية وطلقها ثلاثا ثم تزوجها يهودي أو نصراني وطلقها أو مات عنها فلا تحل لزوجها المسلم بذلك بالغا فالصبي وطؤه كالعدم فلا تحل به ويعتبر البلوغ عند الوطء فلو عقد قبل البلوغ ولم يدخل حتى بلغ حلت وأن يكون النكاح لازما احترازا عن نكاح الخيار لأنه غير لازم كنكاح العبد بغير إذن سيده وأن يولج حشفته أو مثلها من مقطوعها
وطلاق الثلاث في كلمة واحدة بدعة
ــ
في قبلها بانتشار احترازا من الإيلاج بغير انتشار فإنه لا عسيلة معه إيلاجا مباحا فالوطء في الحيض أو العدة غير معتبر وكذا وطء المحلل من غير تناكر فيه وإن تعلم الخلوة المعتادة بينهما وتثبت بامرأتين فلا بد من ثبوت الخلوة وإلا لم تحل قال أشهب ولو صدقها الثاني على الوطء لأنها تتهم على الوطء لتملك الرجعة لمن طلقها ويتهم الثاني ليملك الرجعة وأن تكون عالمة بالوطء فلا يعتبر وطء المغمى عليها أو المجنونة ويشهد لذلك حديث امرأة رفاعة فإنه يقتضي أنه لا بد من علمها لأنه قال لها "حتى تذوقي عسيلته" الخ ثم شرع يتكلم على الطلاق وهو لغة الإرسال من قولك أطلقت الناقة واصطلاحا حل العصمة المنعقدة بين الزوجين وله أربعة أركان الزوج والزوجة والقصد فمن سبق لسانه إلى الطلاق لم يقع عليه طلاق يعني من أراد أن يتكلم بغير الطلاق فالتوى لسانه فتكلم بالطلاق فلا شيء عليه وكذلك من أكره على الطلاق إلا أن يترك التورية مع العلم بها والتورية لفظ له معنيان قريب وبعيد ويريد البعيد كقوله هي طالق ويريد من وثاق ومعناه القريب إبانة العصمة والرابع الصيغة وتنقسم إلى صريح وهو ما فيه لفظ الطلاق ولا يحتاج إلى نية وإلى كناية وهي صريحة وستأتي ومحتملة فتقبل دعواه في نيته وعدده فإذا قال اذهبي أو انصرفي مثلا وقال لم أرد بذلك طلاقا فإنه يحلف على ذلك ولا شيء عليه وإن قال نويت بذلك الطلاق فإنه يلزمه فإن كانت له نية بطلقة أو أكثر عمل بها وإن لم تكن له نية في عدد لزمه الثلاث وقد قسم الشيخ الطلاق باعتبار أنواعه إلى قسمين بدعي وسني فالأول قوله: "وطلاق الثلاث في كلمة واحدة بدعة" أي محدثة أي لم يؤمر بها بل أمر بخلافها فلا ينافي
ويلزمه إن وقع وطلاق السنة مباح وهو أن يطلقها في طهر لم يقربها فيه طلقة ثم لا يتبعها طلاقا حتى تنقضي العدة وله الرجعة في التي تحيض ما لم تدخل في الحيضة الثالثة في الحرة أو الثانية في الأمة فإن كانت ممن لم تحض أو ممن قد يئست من المحيض طلقها متى شاء
ــ
وقوعها في زمنه صلى الله عليه وسلم فمن ذلك ما بلغه أن رجلا طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام غضبان ثم قال: "أتلعبون بكتاب الله عز وجل وأنا بين أظهركم""ويلزمه" الطلاق الثلاث "إن وقع" في كلمة واحدة على المعروف من المذهب وقيل واحدة "و" أما الثاني فهو "طلاق السنة" أي الذي أذنت فيه السنة وحكمه أنه "مباح" ثم فسره بقوله: "وهو أن يطلقها في طهر لم يقربها" أي لم يجامعها "فيه طلقة" واحدة "ثم لا يتبعها طلاقا حتى تنقضي العدة" فهذه أربعة قيود متى فقد واحد منها لم يكن سنيا "وله الرجعة في التي تحيض ما لم تدخل في الحيضة الثالثة في" حق "الحرة أو" في الحيضة "الثانية في" حق "الأمة" لأن أسباب الزوجية باقية بينهما ما عدا الوطء والرجعة تكون بالنية مع القول كراجعتها وأمسكتها أو ما يقوم مقام القول كالوطء ومقدماته إلا أنه لا بد من النية مع الوطء فالوطء بدون النية ليس برجعة "فإن كانت" المطلقة "ممن لم تحض" لصغر "أو ممن يئست من المحيض" قال ابن ناجي أراد بها من أيس الحيض منها فتصدق ببنت ثلاثين سنة وليس المراد من جاوز سنها الخمسين أو الستين أو السبعين سنة كما قال في غير هذا الموضع "طلقها متى شاء" أي في أي وقت شاء
وكذلك الحامل وترتجع الحامل ما لم تضع والمعتدة بالشهور ما لم تنقض العدة والأقراء هي الأطهار وينهى أن يطلق في الحيض فإن طلق لزمه
ــ
قال التتائي ولو بعد وطئها اه لأن طلاق ذوات الأشهر لا يوجب تطويل عدة "وكذلك الحامل" أي للأمن من التطويل وكذلك الزوجة غير المدخول بها ولو في حال حيضها بناء على أن النهي لتطويل العدة ولو قدم قوله فإن كانت الخ على قوله وله الرجعة الخ لكان أنسب لأنه من جملة مسائل الطلاق لا الرجعة "وترتجع الحامل ما لم تضع" حملها كله فترتجع بعد وضع بعضه فإن وضعت جميعه انقضت عدتها فلا رجعة وتنقضي العدة بما أسقطته من مضغة أو علقة فإن أشكل الأمر ولم يعلم أهو ولد أو دم منعقد اختبر بالماء الحار فإن كان دما انحل وإن كان ولدا لا يزيده ذلك إلا شدة "والمعتدة بالشهور" وهي المستحاضة واليائسة ترجع "ما لم تنقض العدة" وعدة الأولى سنة يعتبر منها تسعة أشهر استبراء والثلاثة الباقية هي العدة فالعدة في الحقيقة ثلاثة أشهر وعدة الثانية ثلاثة أشهر ومثلها الصغيرة المطيقة للوطء ولا فرق في الاعتداد بالشهور بين الزوجة الحرة والأمة كالاعتداد بوضع الحمل وإنما يفترقان بالإقراء "والأقراء" أي في الآية لا في المصنف لأنه لم يتقدم لها ذكر وعندنا وعند الشافعي "هي الأطهار" وعند أبي حنيفة هي الحيض وثمرة الخلاف حلها بمجرد رؤية الدم الأخير على أن المراد الأطهار وعدم حلها حتى تتم الحيضة على أن المراد بالأقراء الحيض "وينهى" بمعنى ونهى نهي تحريم "أن يطلق" الرجل زوجته وهي "في الحيض" أي والفرض أنها غير حامل "فإن طلق لزمه" لما صح أن
ويجبر على الرجعة ما لم تنقض العدة والتي لم يدخل بها يطلقها متى شاء والواحدة تبينها والثلاث تحرمها إلا بعد زوج ومن قال لزوجته أنت طالق فهي واحدة حتى
ــ
ابن عمر رضي الله عنهما طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم: "مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء" قال ابن عمر: حسبت علي بتطليقة أي الطلقة التي طلقها في الحيض والذي حسبها عليه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قال لعمر: "مره فليراجعها" والمراجعة بدون الطلاق محال "و" إن لم يراجعها "أجبر على الرجعة" وصفة الجبر أن يأمره الحاكم بها فإن أبى هدده بالسجن فإن أبى سجن فإن أبى هدده بالضرب فإن أبى ضرب ويكون ذلك قريبا بعضه من بعض "والتي لم يدخل بها" يباح له أن "يطلقها متى شاء" في طهر أو حيض على المشهور إذ لا عدة عليها ومنعه أشهب في الحيض لأن العلة عنده محض التعبد "والواحدة تبينها" أي غير المدخول بها لأنها لا عدة عليها ومثل طلاقها قبل الدخول ما إذا دخل بها ووطئها وطأ غير مباح كما لو كان في حيض أو نفاس مثلا فإنها بائنة أيضا "والثلاث تحرمها إلا بعد زوج" أي الثلاث في كلمة أو ما في حكمها كالبتة أو بتكرر لفظ الطلاق نسقا "ومن قال لزوجته أنت طالق فهي واحدة" أي يلزمه طلقة واحدة ولو لم ينو حل العصمة لأنه صريح يلزم به الطلاق ولو هزلا وأما أنت منطلقة أو مطلوقة فلا يلزم به الطلاق إلا بالنية لأنه من الكنايات الخفية "حتى
ينوي أكثر من ذلك والخلع طلقة لا رجعة فيها وإن لم يسم طلاقا إذا أعطته شيئا فخلعها به من نفسه ومن قال لزوجته أنت طالق البتة فهي ثلاث دخل بها أو لم يدخل وإن قال برية أو خلية أو حرام أو حبلك على غاربك فهي ثلاث في التي دخل بها وينوى في التي لم يدخل بها والمطلقة
ــ
ينوي أكثر من ذلك" فيلزمه ما نوى اثنتين أو ثلاثا ثم انتقل يتكلم على الخلع وهو لغة الإزالة وشرعا إزالة العصمة بعوض من الزوجة أو غيرها وهو معنى قوله: "والخلع طلقة لا رجعة فيها وإن لم يسم طلاقا إذا أعطته شيئا فخلعها به من نفسه" فقوله طلقة إشارة للرد على من يقول إنه فسخ وإن صرح بلفظ الطلاق فعلى الأول لو طلقها قبل الخلع طلقتين لا تحل له إلا بعد زوج وعلى الثاني له مراجعتها قبل أن تتزوج وقوله لا رجعة فيها إشارة لمن يقول إنه رجعي لا بائن وقوله وإن لم يسم طلاقا إشارة لمن يقول إن الخلع لا يكون طلاقا إلا إذا سمي طلاقا وإلا فلا يلزمه الطلاق ثم انتقل يتكلم على ألفاظ الكناية فقال: "ومن قال لزوجته أنت طالق البتة فهي ثلاث دخل بها أو لم يدخل" ولا ينوي في البتة مطلقا مدخولا بها أم لا "وإن قال" لها أنت "برية أو خلية أو حرام أو حبلك على غاربك فهي ثلاث في التي دخل بها وينوي" في عدد الطلاق لا في إرادة غير الطلاق "في التي لم يدخل بها" خلاف المشهور والمشهور أن في قوله حبلك على غاربك الثلاث مطلقا دخل بها أو لم يدخل "والمطلقة" التي سمى لها
قبل البناء لها نصف الصداق إلا أن تعفو عنه هي إن كانت ثيبا وإن كانت بكرا فذلك إلى أبيها وكذلك السيد في أمته ومن طلق فينبغي له أن يمتع ولا يجبر والتي لم يدخل بها وقد فرض لها فلا متعة لها ولا للمختلعة وإن مات عن التي لم يفرض لها
ــ
الزوج صداقا "قبل البناء" يجب "لها نصف الصداق" الذي سماه لها لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} أي الثيبات الرشيدات أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وهو الأب في ابنته البكر والسيد في أمته وهو معنى قوله: "إلا أن تعفو" أي عن نصف الصداق "هي إن كانت ثيبا" رشيدة "وإن كانت بكرا فذلك" أي العفو راجع "إلى أبيها" ومن طلق امرأته طلاقا بائنا أو رجعيا حرة كانت أو كتابية أو أمة مسلمة مدخولا بها أو غير مدخول بها لم يسم لها في نكاح لازم "فينبغي" بمعنى يستحب "له أن يمتع" أي يعطيها شيئا يجري مجرى الهبة على قدر حاله من عسر ويسر "ولا يجبر" تأكيد إذ المستحب لا يجبر عليه من أباه "والتي" أي المطلقة التي "لم يدخل بها و" الحال أنه كان "قد فرض لها" صداقا "فـ" إنه "لا متعة لها" لأنها قد أخذت نصف الصداق مع بقاء سلعتها ومفهومه أنها إذا لم يفرض لها فإن لها المتعة وهو كذلك كما قدمنا "ولا" متعة "للمختلعة" لأنها قد دفعت شيئا من مالها لأجل فراقها من زوجها كراهية فيه فلا ألم عندها "وإن مات" الزوج "عن" زوجته "التي لم يفرض لها" صداقا
ولم يبن بها فلها الميراث ولا صداق لها ولو دخل بها كان لها صداق المثل إن لم تكن رضيت بشيء معلوم وترد المرأة من الجنون والجذام والبرص وداء الفرج فإن دخل بها ولم يعلم ودى صداقها ورجع به على أبيها
ــ
"و" الحال أنه "لم يبن بها فلها الميراث منه" اتفاقا لأنه بعقد النكاح في الصحة التوارث بينهما "و" لكن "لا صداق لها" عليه على المشهور ومفهومه أنه لو فرض لها "كان لها" الصداق أيضا "ولو دخل بها" أي التي مات عنها ولم يفرض لها كان لها مع الميراث "صداق المثل" لأنه قد فوت عليها سلعتها وإنما يكون لها صداق المثل "إن لم تكن رضيت بشيء معلوم" أي حيث كانت رشيدة فيجوز لها الرضا بدون صداق المثل ثم انتقل يتكلم على العيوب الموجبة للرد فقال: "وترد المرأة من الجنون والجذام والبرص" ظاهر كلامه الرد بهذه العيوب قلت أو كثرت وهو كذلك "و" ترد المرأة أيضا بـ "داء الفرج" وهو ما يمنع الوطء أو لذته وهو خمسة أشياء القرن بسكون الراء وفتحها لحمة تكون في الفرج والرتق بفتح الراء والتاء وهو التحام الفرج بحيث لا يمكن دخول الذكر والإفضاء وهو أن يكون مسلك البول ومسلك الجماع واحدا والاستحاضة وهو كما تقدم جريان الدم في غير زمن الحيض وهي تمنع من كمال الجماع والبخر وهو نتن الفرج "فإن دخل الزوج" بالتي "بها" شيء من العيوب المتقدمة "و" الحال أنه "لم يعلم" به عند الدخول "ودى" أي دفع "صداقها ورجع به" معنى كلامه أنه يلزمه أن يدفع لها جميع الصداق ثم يرجع به "على أبيها" إن كان زوجها له ظاهره ولو كان معسرا ولا
وكذلك إن زوجها أخوها وإن زوجها ولي ليس بقريب القرابة فلا شيء عليه ولا يكون لها إلا ربع دينار ويؤخر المعترض سنة فإن وطىء وإلا فرق بينهما إن شاءت والمفقود يضرب له أجل أربع سنين
ــ
يرجع الأب على المرأة بشيء وهو كذلك إذا كانت غائبة حين التزويج أما إذا كانت حاضرة وكتما العيب فيخير الزوج في الرجوع عليها وعليه "وكذلك" مثل رجوع الزوج على الأب في الحكم "إن" كان الذي "زوجها أخوها" فإنه يرجع عليه "وإن زوجها ولي ليس بقريب القرابة" أي بعيد كابن العم ولم يعلم بالعيب ودخل بها الزوج فلا شيء عليه وإن علم بالعيب رجع عليه كالقريب وحيث قلنا لا رجوع له على البعيد فإنه يرجع على المرأة بجميع الصداق "ولا يكون لها" منه "إلا ربع دينار" لئلا يعرى البضع عن بدل "ويؤجل المعترض سنة" أي إذا لم يسبق له وطء لها كان الاعتراض سابقا على العقد أو متأخرا عنه فإن سبق منه وطء لها ثم اعترض فتلك مصيبة نزلت بها "فإن وطىء" في الأجل فلا يفرق بينهما "وإلا فرق بينهما" إذا تقاررا على عدم الوطء في الأجل وأما لو ادعى الوطء وأنكرته فإن كانت الدعوى في الأجل أو بعد الأجل أنه وطىء في الأجل فالقول قوله بيمينه فإن نكل حلفت وكان القول قولها "إن شاءت" بطلقة بائنة لأن كل طلاق من القاضي بائن إلا طلاق المعسر بالنفقة والمولي من زوجته "والمفقود" الذي فقد في بلاد الإسلام ولم يعلم له موضع في غير مجاعة ولا وباء إذا كان له زوجة فإنها ترفع أمرها إلى الحاكم ليكشف لها عن خبره فإن كان حرا "يضرب له أجل" أي مدة "أربع سنين"
من يوم ترفع ذلك وينتهي الكشف عنه ثم تعتد كعدة الميت ثم تتزوج إن شاءت ولا يورث ماله حتى يأتي عليه من الزمان ما لا يعيش إلى مثله ولا تخطب المرأة في عدتها ولا بأس بالتعريض بالقول المعروف ومن نكح بكرا فله
ــ
وإن كان عبدا يضرب له مدة سنتين وابتداء ضرب الأجل من يوم الرفع "من يوم ترفع ذلك" إلى السلطان "وينتهي الكشف عنه" وعبارة الشيخ مشكلة ولهذا أولها بعضهم قال إن الواو في وينتهي الكشف عنه بمعنى مع أي فلا بد من حصول الأمرين لأنه لا يستلزم أحدهما الآخر فلذا ذكرهما "ثم" إذا انقضى الأجل ولم يظهر له خبرة فـ "تعتد" زوجته "كعدة الميت" وعليها الإحداد على المشهور "ثم" بعد انقضاء العدة "تتزوج إن شاءت""ولا تحتاج إلى إذن الحاكم ولا يورث ماله حتى يأتي عليه من الزمان ما لا يعيش إلى مثله" غالبا وهو ثمانون سنة على ما اختاره الشيخ والقابسي وسبعون على ما اختاره عبد الوهاب "ولا تخطب المرأة" المطلقة طلاقا بائنا أو رجعيا أو المتوفى زوجها "وهي في عدتها" بصريح اللفظ أي يحرم وهذا إذا كانت معتدة من غير المطلق وأما منه فإنه لا يحرم حيث لم يكن بالثلاث وكذا يحرم مواعدة بالنكاح من الجانبين بأن يتوثق كل من صاحبه أن لا يأخذ غيره "ولا بأس" بمعنى ويباح خطبة المعتدة "بالتعريض بالقول المعروف" أي الحسن وهو ما يفهم به المقصود مثل إني فيك لراغب "ومن نكح" أي تزوج على امرأته أو نسائه "بكرا" صغيرة كانت أو كبيرة مسلمة أو كتابية أو أمة "فـ" يباح "له" وفي أكثر النسخ
أن يقيم عندها سبعا دون سائر نسائه وفي الثيب ثلاثة أيام ولا يجمع بين الأختين في ملك اليمين في الوطء فإن شاء وطء الأخرى فليحرم عليه فرج الأولى ببيع أو كتابة أو عتق وشبهه مما تحرم به ومن وطئ أمة بملك لم تحل له أمها ولا ابنتها وتحرم على آبائه
ــ
فلها بالتأنيث "أن يقيم عندها سبعا" أي سبعة أيام متواليات "دون سائر نسائه" ثم بعد ذلك يسوي بينهن في القسم "و" أما الحكم "في الثيب" إذا تزوجها على نسائه فلا يقيم عندها إلا "ثلاثة أيام" متواليات ثم يسوي بينهن "ولا يجمع بين الأختين في ملك اليمين في الوطء" أي أو غيره من أنواع الاستمتاع وإذا جمعهما في الملك فله أن يطأ أيتهما شاء والكف عن الأخرى موكول إلى الأمانة "فإن شاء" أي أراد وطء الأخرى "فليحرم عليه" أي على نفسه "فرج الأولى" التي وطئها إما "ببيع" بعد الاستبراء بيعا ناجزا لمن لا يعتصره منه وأما إن لم يكن ناجزا كبيع الخيار فإنه لا يحرم فرج الأولى حتى تخرج من أيام الخيار "أو" بـ "كتابة" لأن المكاتبة أحرزت نفسها ومالها "أو" بـ "عتق" ناجز أو مؤجل "وشبهه مما تحرم به" كالهبة لغير الثواب لمن لا يعتصرها منه إذا قبضها الموهوب "ومن وطىء أمة بملك" صحيح أو فاسد أو مختلف في فساده وأما المتفق على فساده إن درأ الحد فكذلك وإلا فلا أو قبلها أو باشرها "لم تحل له أمها" قياسا على أم الزوجة "ولا" تحل له ابنتها قياسا على الربيبة "وتحرم على آبائه" قياسا على حليلة الابن
وأبنائه كتحريم النكاح والطلاق بيد العبد دون السيد ولا طلاق لصبي والمملكة والمخيرة لهما أن يقضيا ما دامتا في المجلس وله أن يناكر المملكة خاصة فيما فوق الواحدة
ــ
"و" تحرم على "أبنائه" قياسا على زوجة الأب فتحريم المصاهرة يجري في الملك "كتحريم" المصاهرة في "النكاح" لعموم قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} الآية "والطلاق بيد العبد دون السيد" لقوله عليه الصلاة والسلام: "إنما يملك الطلاق من أخذ بالساق" كناية عن الزوج وهذا إذا تزوج بإذن السيد أما إذا تزوج بغير إذنه فله فسخه "ولا طلاق لصبي" وإنما يصح طلاق المسلم المكلف وحيث قلنا لا طلاق على الصبي إنما يطلق عليه وليه لمصلحة "والمملكة" وهي التي يقول لها زوجها ملكتك نفسك أو أمرك أو طلاقك بيدك أو أنت طالق إن شئت "والمخيرة" وهي التي يخيرها في النفس مثل أن يقول لها اختاريني أو اختاري نفسك أو اختاريني أو اختاري طلقة أو طلقتين حكمهما أن "لهما أن يقضيا ما دامتا في المجلس" فيجيبا بصريح يفهم منه مرادهما فإن أجابا بمحتمل أمرا ببيان مرادهما فيعمل به ثم لا يخلو حال المملكة من أمرين لأنها إما أن تطلق واحدة أو أكثر ففي الواحدة لا مناكرة له وفيما زاد عليها له المناكرة وإلى هذا أشار بقوله: "وله" أي زوج المملكة "أن يناكر المملكة خاصة" دون المخيرة "فيما فوق الواحدة" بشرط أن ينكر حين سماعه من غير إهمال وأن يقر بأنه أراد بتمليكه الطلاق فلو قال لم أرد طلاقا فإنه يقع الثلاث ولا عبرة بعد ذلك بقوله أردت بما جعلته لها طلقة واحدة وأن يدعي أنه نوى واحدة في حال تمليكه وأن يكون تمليكه طوعا احترازا مما إذا
وليس لها في التخيير أن تقضي إلا بالثلاث ثم لا نكرة له فيها وكل حالف على ترك الوطء أكثر من أربعة أشهر فهو مول ولا يقع عليه الطلاق إلا بعد أجل الإيلاء وهو أربعة أشهر للحر وشهران للعبد حتى يوقفه السلطان
ــ
شرط لها في عقد نكاحها فطلقت نفسها ثلاثا فإنه لا مناكرة له دخل بها أم لم يدخل وأما المخيرة فلا يخلو إما أن تخير في العدد أو في النفس فإن خيرت في العدد فليس لها أن تختار زيادة على ما جعل لها وإن خيرت في النفس فإن قالت اخترت واحدة أو اثنتين لم يكن لها ذلك وبطل خيارها وإن قالت اخترت نفسي كان ثلاثا ولا تقبل منها إن فسرته بما دون ذلك وهذا معنى قوله: "وليس لها في التخيير أن تقضي إلا بالثلاث ثم لا نكرة له فيها" لأن قوله اختاريني أو اختاري نفسك اختيار ما تنقطع به العصمة وهي لا تنقطع في المدخول بها دون الثلاث فثبت أنه قد جعل لها الثلاث فلا مناكرة له بعد ذلك ثم انتقل يتكلم على الإيلاء بقوله: "وكل حالف" من المكلفين المسلمين الأحرار يتصور منه الوقاع "على ترك الوطء" من زوجته المطيقة للوطء سواء كانت مسلمة أو كتابية أو أمة قاصدا بذلك الضرر "أكثر من أربعة أشهر فهو مول" من يوم اليمين إن كانت يمينه صريحة كقوله والله لا وطئتك أكثر من أربعة أشهر ومن يوم الرفع والحكم إن كانت يمينه محتملة لأقل من الأجل كقوله والله لا أطؤك حتى يقدم زيد فلو حلف على أربعة أشهر فدون لا يكون موليا "ولا يقع عليه الطلاق إلا بعد أجل الإيلاء وهو أربعة أشهر للحر وشهران للعبد حتى يوقفه السلطان" هذا هو المشهور أي أن كونه لا يقع عليه
ومن تظاهر من امرأته فلا يطؤها حتى يكفر بعتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب ليس فيها شرك ولا طرف من حرية فإن لم يجد صام شهرين متتابعين فإن لم
ــ
الطلاق بتمام الأجل من غير إيقاف هو المشهور أي فيوقفه السلطان إما فاء أو طلق فإن فاء أي رجع سقط عنه حكم الإيلاء لقوله تعالى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} تحصل الفيئة بمغيب الحشفة في القبل وإن لم يفىء أمره السلطان بالطلاق فإن امتنع طلق عليه أي طلق عليه الحاكم "ومن تظاهر" من المسلمين المكلفين حرا كان أو عبدا فالمسلم يشمل الزوج والسيد "من امرأته" أو أمته وهو أن يشبهها بمحرمة عليه تحريما مؤبدا بنسب أو رضاع أو صهر وهو منحصر في أربعة أمور أم الزوجة والربيبة إذا دخل بالأم وزوجة الأب وزوجة الابن كقوله أنت علي كظهر أمي "فلا يطؤها" ولا يقبلها ولا يلمسها ولا ينظر إلى شعرها "حتى يكفر" بأحد أمور ثلاثة على الترتيب أولها "بعتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب ليس فيها شرك ولا طرف من حرية" أما اشتراط الإيمان فظاهر لأن المقصود من العتق القربة وعتق الكافر ينافيها وأما اشتراط السلامة من العيوب فليس على إطلاقه بل إن منع من كمال الكسب كقطع اليد أو الرجل أو العمى أو البكم أو الجنون إلى آخر العيوب فإنه لا يجزىء وإن لم يمنعه كالعرج الخفيف والعور فإنه يجزىء كما سينص عليه بعد "فإن" عجز عن العتق بأن "لم يجد" رقبة ولا ثمنها ولا قيمتها "صام شهرين متتابعين" بالأهلة فإن انكسر شهر صام أحدهما بالهلال وتمم المنكسر ثلاثين وتجب نية التتابع ونية الكفارة فإذا انقطع التتابع استأنف لأن الله سبحانه اشترط التتابع "فإن لم
يستطع أطعم ستين مسكينا مدين لكل مسكين ولا يطؤها في ليل أو نهار حتى تنقضي الكفارة فإن فعل ذلك فليتب إلى الله عز وجل فإن كان وطؤه بعد أن فعل بعض الكفارة بإطعام أو صوم فليبتدئها ولا بأس بعتق الأعور في الظهار وولد الزنى ويجزىء الصغير ومن صلى وصام أحب إلينا *
ــ
يستطع" الصوم بأن كان ضعيف البنية "أطعم ستين مسكينا" أحرارا مسلمين "مدين" بمده صلى الله عليه وسلم "لكل مسكين" وهذا في حق الحر وأما العبد فلا يكفر بالإطعام إلا إذا أذن له سيده وقوله: "ولا يطؤها" يريد ولا يقبلها ولا يباشرها "في ليل أو نهار حتى تنقضي الكفارة" تكرار مع قوله قبل فلا يطؤها حتى يكفر "فإن فعل" المظاهر "ذلك" أي ما نهى عنه بأن وطىء المظاهر منها أو فعل شيئا من مقدمات الجماع "فليتب إلى الله عز وجل" مما فعل وليس عليه كفارة أخرى "فإن كان وطؤه" أو استمتاعه بغير الوطء "بعد أن فعل بعض الكفارة بإطعام أو صوم فليبتدئها" أي الكفارة وسكت عن العتق فإنه لا يتبعض "ولا بأس بعتق الأعور في الظهار" لأن العين الواحدة تسد مسد العينين في الإبصار والاكتساب والقوة على الحرف والصنائع "و" كذلك لا بأس بعتق "ولد الزنى" والآبق والسارق والزاني "ويجزىء الصغير" أي عتقه في الظهار لصدق اسم الرقبة عليه "ومن صلى وصام أحب إلينا" أي المالكية لتمكنه من معايشه بخلاف الرضيع فإنه وإن أجزأ في الظهار إلا أن ذلك
واللعان بين كل زوجين في نفي حمل يدعى قبله الاستبراء أو رؤية الزنى كالمرود في المكحلة واختلف في اللعان في القذف وإذا افترقا باللعان لم يتناكحا أبدا
ــ
متعذر فيه ولذا يلزمه الإنفاق عليه حتى يبلغ القدرة على الكسب "واللعان" مشروع رخصة نص عليه الكتاب والسنة ولا خلاف في ذلك بين الأئمة "بين كل زوجين" ولو كان نكاحهما مجمعا على فساده دخل بها أو لا ولو فاسقين لقول الموازية ومن نكح ذات محرم أو أخته غير عالم وقد حملت وأنكر الولد فإنهما يتلاعنان لأنه نكاح شبهة فإن نكلت حدت وإن نكل حد للقذف ويلزمه الولد ويشترط في الزوج أن يكون مسلما مكلفا يتأتى منه الوطء ويشترط في الزوجة أن تكون ممن يمكن حملها ولا يشترط فيها الإسلام والحرية فتلاعن الكتابية والأمة واللعان بين الزوجين يكون "في نفي حمل يدعى قبل الاستبراء" ولو بحيضة ومثل الاستبراء دعواه عدم وطئها بعد وضعها الحمل الأول الذي قبل هذا المنفي والحال أن بين الوضعين ما يقطع الثاني عن الأول وهو ستة أشهر فأكثر "أو" يدعى "رؤية الزنى كالمرود" بكسر الميم "في المكحلة" بضم الميم والحاء ويشترط في اللعان لنفي الحمل أن يقوم بفوره وأما إذا رآه وسكت ثم قام بعد ذلك فلا لعان ويشترط في اللعان بالرؤية أن لا يطأ بعدها وأما التأخير فلا يمنع اللعان لرؤية الزنى "واختلف في اللعان في القذف" من غير دعوى رؤية وطء ولا نفي حمل على قولين مشهورين أحدهما أنه يلاعن والآخر أنه يحد ولا يلاعن ويتعلق باللعان أربعة أحكام أحدها أشار إليه بقوله: "وإذا افترقا باللعان ولم يتناكحا أبدا" والثلاثة الباقية سقوط الحد
ويبدأ الزوج فيلتعن أربع شهادات بالله ثم يخمس باللعنة ثم تلتعن هي أربعا أيضا وتخمس بالغضب كما ذكر الله سبحانه وتعالى وإن نكلت هي
ــ
ونفي النسب وقطع النكاح وتقع الفرقة بينهما بتمام لعانهما ولا يحتاج إلى حكم حاكم وهي فسخ لا طلاق على المشهور "و" صفة اللعان أنه "يبدأ الزوج" وجوبا وإذا ابتدأ الزوج "فيلتعن أربع شهادات بالله" فإن كان اللعان لنفي حمل يقول أشهد بالله ما هذا الحمل مني أربع مرات قاله المواز والذي في المدونة وهو المشهور يقول أشهد بالله لزنت وإن كان للرؤية يقول أربع مرات أشهد بالله لرأيتها تزني "ثم" بعد أن يلتعن أربع شهادات بالله "يخمس باللعنة" فيقول عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين كذا في المختصر والذي في المدونة يقول إن لعنة الله عليه وهو أولى للآية "ثم" إذا تم لعان الرجل "تلتعن هي" أي المرأة "أربعا أيضا" مبطلة لحلف الزوج فإذا قال في نفي الحمل أشهد بالله لزنت فترد هي ذلك فتقول في الأربع المرات أشهد بالله ما زنيت وإذا قال في الرؤية أشهد بالله لرأيتها تزني فترد ذلك فتقول في المرات الأربع ما رآني أزني "و" بعد الرابعة "تخمس بالغضب كما ذكره الله سبحانه وتعالى" فتقول: غضب الله عليها إن كان من الصادقين ويجب أن يكون اللعان بحضرة جماعة من الناس أقلهم أربعة وأن يكون في أشرف أمكنة البلد ولا يكون إلا في المسجد ويستحب أن يكون بعد صلاة العصر ويستحب تخويفهما خصوصا عند الخامسة بأن يقال لهما هذه الخامسة هي الموجبة عليكما العذاب "وإن نكلت هي" أي المرأة عن اللعان أي امتنعت منه بعد لعان الزوج
رجمت إن كانت حرة محصنة بوطء تقدم من هذا الزوج أو زوج غيره وإلا جلدت مائة جلدة وإن نكل الزوج جلد حد القذف ثمانين ولحق به الولد وللمرأة أن تفتدي من زوجها بصداقها أو أقل أو أكثر إذا لم يكن عن ضرر بها فإن كان عن ضرر بها رجعت بما أعطته ولزمه الخلع والخلع طلقة لا
ــ
رجمت إن كانت حرة محصنة بوطء تقدم من هذا الزوج" الملاعن "أو" من "زوج غيره" أي في نكاح صحيح لازم "وإلا" أي وإن لم يتقدم للملاعنة إحصان "جلدت مائة جلدة" حيث كانت حرة مسلمة مكلفة فإن كانت أمة فنصف الحد وإن كانت ذمية يلزمها الأدب لأذيتها لزوجها وردت لحاكم ملتها بعد تأديبها "وإن نكل الزوج وكانت الزوجة بالغة مسلمة حرة جلد" ثمانين جلدة حد القذف ولحق به الولد ثم انتقل يتكلم على الخلع فقال: "وللمرأة" أي ويباح لها إذا كانت بالغة رشيدة "أن تفتدي" أي تختلع "من زوجها" إذا كان بالغا رشيدا أما إذا كان صبيا أو مجنونا فلا يباح لها ذلك والظاهر الحرمة "بـ" جميع "صداقها أو" بـ "أقل أو" بـ "أكثر" منه وإباحته مقيدة بما "إذا لم يكن" ذلك عن "ضرر بها" مثل أن ينقصها من النفقة أو يكلفها شغلا لا يلزمها "فإن كان" ذلك الافتداء ناشئا "عن ضرر بها رجعت" عليه "بما أعطته ولزمه الخلع" ويكفي في ثبوت الضرر إقامة بينة السماع والحاصل أن المرأة إذا ادعت بعد المخالعة أنها ما خلعت إلا عن ضرر وأقامت بينة السماع بذلك فإن الزوج يرد ما خالعها به وبانت منه "والخلع طلقة" بائنة "لا
رجعة فيها إلا بنكاح جديد برضاها والمعتقة تحت العبد لها الخيار أن تقيم معه أو تفارقه ومن اشترى زوجته انفسخ نكاحه وطلاق العبد طلقتان وعدة الأمة حيضتان
ــ
رجعة فيها إلا بنكاح جديد" بولي وصداق وشاهدي عدل "برضاها" إن كانت غير مجبرة على النكاح أما المجبرة فإنما يراعى رضا الولي "و" الأمة "المعتقة" أي التي عتقت وهي "تحت العبد" أي في عصمته قنا كان أو فيه بقية رق يحال بينهما ويثبت "لها الخيار" بين "أن تقيم معه أو تفارقه" فإن اختارت نفسها فهو طلاق لا فسخ وهل بطلقة بائنة أو بطلقتين روايتان وعلى الرواية الأولى لو عتق زوجها وهي في العدة لا رجعة له عليها لأن الطلقة بائنة ولثبوت الخيار لها شروط أن يكون عتقها كاملا ناجزا وأن تكون طاهرة فإن اختارت وهي حائض جبرت على الرجعة حتى تطهر وأن لا تمكنه من نفسها طائعة بعد علمها بالعتق "ومن اشترى زوجته" كلها أو بعضها "انفسخ نكاحه" فإن ملكها قبل الدخول فلا صداق لها وإن كان بعد الدخول فهو كمالها ويطؤها بالملك قبل الاستبراء عند ابن القاسم
وقال أشهب لا بد من استبرائها ومثل ما إذا اشتراها ما إذا ملكها بهبة أو صدقة أو ميراث أو ملكته هي بشراء أو غيره لكن لا يطؤها لا بالملك ولا بالنكاح "وطلاق العبد" القن ومن فيه شائبة رق سواء كانت زوجته حرة أو أمة "طلقتان" فلو أوقع نصفه في حال الرق ثم عتق لا يبقى له إلا طلقة واحدة "وعدة الأمة" سواء كان زوجها حرا أو عبدا "حيضتان" صوابه طهران ليوافق ما تقدم وما يأتي أن العدة
وكفارات العبد كالحر بخلاف معاني الحدود والطلاق وكل ما وصل إلى جوف الرضيع في الحولين من اللبن فإنه يحرم وإن مصة واحدة ولا يحرم ما أرضع بعد الحولين إلا ما قرب منهما كالشهر ونحوه وقيل والشهرين ولو فصل قبل الحولين
ــ
بالطهر لا بالحيض "وكفارة العبد كالحر" مراده أن ما يكفر به العبد هو كالحر فيه أي فلا يتنصف لا إن كل ما يكفر به الحر يكفر به العبد إذ العتق لا يكفر به ولو أذن له السيد "بخلاف معاني الحدود والطلاق" لفظ معاني زائدة أي بخلاف الحدود والطلاق فإنها تشطر عليه "وكل ما وصل إلى جوف الرضيع في الحولين من اللبن فإنه يحرم وإن مصة" وفي نسخة ولو مصة بالنصب وعلى كل من النسختين فهو خبر لكان المحذوفة التقدير وإن كان الواصل من اللبن مصة أو لو كان الخ "واحدة" عملا بمطلق قول تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} فإنه صادق ولو بمرة واحدة ويشترط في تحريم الرضاع شروط منها ما أشار إليه بقوله في الحولين احترازا مما لو وصل إلى جوفه بعد الحولين بكثير وإليه أشار بقوله: "ولا يحرم ما أرضع بعد الحولين إلا ما قرب منهما" لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} وقوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} فأخبر سبحانه عن أقل مدة الحمل وكمال مدة الرضاع "كالشهر ونحوه وقيل والشهرين" وهو تفسير للقرب على حسب اختلاف الرواية فيه فالأول رواية ابن عبد الحكم والثاني رواية ابن القاسم "ولو فصل قبل الحولين