الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من اعتكافه بعد غروب الشمس من آخره وإن اعتكف بما يتصل فيه اعتكافه بيوم الفطر فليبت ليلة الفطر في المسجد حتى يغدو منه إلى المصلى.
ــ
الخروج "من اعتكافه بعد غروب الشمس من آخره" أي من آخر أيام اعتكافه من غير خلاف في المذهب هذا إن اعتكف بزمن غير رمضان وأما إن كان اعتكافه في رمضان فقد أشار إليه الشيخ بقوله: "وإن اعتكف بما يتصل فيه اعتكافه بيوم الفطر فليبت ليلة الفطر" يعني أن من اعتكف بزمن يكون آخره غروب الشمس ليلة عيد الفطر فليبت تلك الليلة على جهة الاستحباب "في المسجد" أي الذي اعتكف فيه "حتى يغدو منه إلى المصلى" لفعله عليه الصلاة والسلام أي وليصل عبادة بعبادة.
باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن وذكر الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين
.
ــ
"باب في زكاة العين" أي في بيان حكم القدر الذي تجب فيه الزكاة والقدر المخرج منه "و" في بيان حكم "الحرث" وبيان القدر الذي تجب فيه الزكاة وبيان القدر المخرج "و" في بيان حكم "الماشية و" بيان "ما" أي القدر الذي تجب فيه الزكاة مما "يخرج من المعدن" وبيان القدر المخرج منه "و" في بيان "ذكر الجزية" أي ذكر من تؤخذ منه ومن لا تؤخذ منه والقدر الذي يؤخذ منها "و" في بيان "ما" أي القدر الذي "يؤخذ من تجار" بالضم والتشديد جمع تاجر كفاجر فجار وبالكسر والتخفيف كصاحب وصحاب "أهل الذمة والحربيين" وتبرع في هذا الباب بالكلام
وزكاة العين والحرث والماشية فريضة فأما زكاة الحرث
ــ
على شيئين الركاز وزكاة العروض أي ذكرهما ولم يترجم لهما والزكاة لغة النمو والزيادة يقال زكا الزرع وزكا المال إذا كثر وشرعا مال مخصوص يؤخذ من مال مخصوص إذا بلغ قدرا مخصوصا في وقت مخصوص يصرف في جهات مخصوصة ووجه تسميته زكاة أن فاعلها يزكو بفعلها عند الله تعالى أي يرفع حاله أي مرتبته بذلك عنده يشهد له قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} وبدأ الشيخ رحمه الله بالحكم فقال: "وزكاة العين" وهو الذهب والفضة والتذكير باعتبار الخبر وإنما سمي ما ذكر من الذهب والفضة بذلك أي بالعين أي باسم العين لشرفه أي لشرف ما ذكر كما أن العين شريفة ويسمى نقدا أيضا "والحرث" وهو المقتات المتخذ للعيش غالبا "والماشية" وهي الإبل والبقر والغنم "فريضة" فرضت في العام الثاني من الهجرة ودليل فرضيتها الكتاب والسنة والإجماع من جحد وجوبها فهو كافر ومن أقر بوجوبها وامتنع من أدائها ضرب وأخذت منه كرها وتجزئه ولا يكفر وعن ابن حبيب يكفر واستبعد ولها شروط وجوب وشروط صحة أما الأولى فسبعة في الجملة وإنما كانت سبعة في الجملة لأن عد الإسلام من شروط الوجوب مبني على عدم خطاب الكفار بفروع الشريعة والأصح خطابهم بها فيكون الإسلام شرط صحة الإسلام والحرية والنصاب والملك والحول في غير المعادن والمعشرات وعدم الدين في العين ومجيء الساعي في الماشية إذا كان ثم سعاة وأمكنهم الوصول وأما الثانية فأربعة النية وتفرقتها بموضع وجوبها وإخراجها بعد وجوبها ودفعها للإمام العدل في أخذها وصرفها إن كان أو لأربابها وهم الأصناف الثمانية المشار لها بقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} الخ ثم بين وقت وجوب زكاة الحرث بقوله: "فأما زكاة الحرث
فيوم حصاده والعين والماشية ففي كل حول مرة ولا زكاة من الحب والتمر في أقل من خمسة أوسق
ــ
فيوم حصاده" بفتح الحاء وكسرها اعلم أن في الحبوب قولين وفي الثمار ثلاثة أقوال الأول لمالك قال إذا أزهت النخل وطاب الكرم واسود الزيتون أو قارب وأفرك الزرع واستغنى عن الماء وجبت فيه الزكاة قال ابن عبد السلام وهو المشهور والثاني لابن مسلمة أنها لا تجب في الزرع إلا بالحصاد ولا تجب في التمر إلا بالجذاذ واحتج بقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} وهذا معنى قوله بالحصاد والجذاذ والثالث خاص بالتمر أنها لا تجب إلا بالخرص وهو للمغيرة وترتيب هذه الأشياء في الوجود وهو أن الطيب أولا ثم الخرص ثم الجذاذ وأن الإفراك أولا ثم الحصاد "و" أما "العين" غير المعدن والركاز "والماشية" فتجب أي في كل منهما "في كل حول مرة" أي بعد تمام الحول قال زروق وشرط الماشية بعد الحول مجيء الساعي على المشهور إن كان ويصل وإلا وجبت بالحول اتفاقا وعلى المشهور لو أخرجت قبل مجيئه حيث يكون لم تجز ثم بين قدر النصاب الذي تجب فيه الزكاة من الحرث بقوله: "ولا زكاة من الحب والتمر في أقل من خمسة أوسق" لما صح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق". قال ابن عمر: انظر هل تدخل القطاني في الحب والزبيب والزيتون في التمر أم لا بعض الشراح أدخلها في الحب وجعل الحب شاملا لما عدا التمر الذي هو تسعة عشر نوعا وهي القمح والشعير والسلت والأرز والدخن والذرة والعلس والقطاني السبعة التي هي العدس واللوبيا والفول والحمص والترمس والبسيلة والجلبان وذوات الزيوت وهي حب الفجل الأحمر والسمسم المعبر
وذلك ستة أقفزة وربع قفيز والوسق ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربعة أمداد بمده عليه الصلاة والسلام ويجمع القمح والشعير والسلت في الزكاة
ــ
عنه بالجلجلان والقرطم والزيتون والزبيب فهي بالتمر عشرون نوعا فلا تجب الزكاة في غيرها من بزر الكتان أو سلجم أو غير ذلك وقد ذكروا للأوسق الخمسة ضابطين أحدهما بالكيل والآخر بالوزن أما الأول فبينه الشيخ بقوله: "وذلك" أي الخمسة أوسق "ستة أقفزة وربع قفيز أقفزة" جمع قفيز وهو ثمانية وأربعون صاعا "والوسق" بفتح الواو وكسرها واحد أوسق كفلس وأفلس وهو لغة ضم شيء إلى شيء قال تعالى: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} أي ضم وجمع أي من الظلمة والنجم أو لما عمل فيه واصطلاحا "ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم وهو" أي صاع النبي صلى الله عليه وسلم "أربعة أمداد بمده عليه الصلاة والسلام" وقد حرر النصاب أي في سنة سبع وأربعين وسبعمائة بمد معير على مد النبي صلى الله عليه وسلم فوجد ستة أرادب ونصفا ونصف ويبة بأرادب القاهرة والإردب ست ويبات والويبة ستة عشر قدحا ثم إن القدر المأخوذ يختلف باختلاف المأخوذ منه فإن كان المأخوذ منه حاصلا بعناء ومشقة كما لو سقي بالدواليب ففيه نصف العشر وإن كان بغير مشقة كما لو سقي بماء السماء ففيه العشر والأرض الخراجية وغيرها سواء في الزكاة ثم شرع يبين أن الأنواع تضم فإذا اجتمع من مجموعها نصاب زكيت وإلا فلا وأن الأجناس لا تضم فإذا لم يجتمع من كل جنس نصاب لا يزكى فمن الأول قوله: "ويجمع القمح والشعير والسلت" بضم السين ضرب من الشعير ليس له قشر كأنه حنطة بناء على أنها كلها جنس واحد وهو المنصوص في المذهب ولا مفهوم لقوله: "في الزكاة" لأن هذه
فإذا اجتمع من جميعها خمسة أوسق فليزك ذلك وكذلك تجمع أصناف القطنية وكذلك تجمع أصناف التمر
ــ
الثلاثة في البيع أيضا جنس واحد على المشهور أي فيحرم التفاضل في بيع بعضها ببعض وما ذكره من الجمع محله إذا كانت زراعتها وحصادها في عام واحد أما إذا كانا في عامين أو أعوام فقيل المعتبر ما نبت في زمن واحد فيضاف بعضه إلى بعض ولا يضاف ما نبت في زمان إلى ما نبت في زمان آخر وقيل المعتبر الزراعة فإن زرع الثاني قبل حصاد الآخر ضم إليه وإلا فلا والأول لمالك في كتاب ابن سحنون والثاني لابن مسلمة وعليه اقتصر صاحب المختصر ثم بين فائدة الضم بقوله: "فإذا اجتمع من جميعها" أي جميع ما ذكر من القمح والشعير والسلت "خمسة أوسق فليزك ذلك" قال ابن عمر: فيخرج من كل ما ينوبه فيخرج الأعلى عن الأعلى والأدنى عن الأدنى والأوسط عن الأوسط فإذا أخرج الأعلى عن الأدنى أجزأه وإن أخرج الأدنى عن الأعلى لم يجزه فوقع الاتفاق في الحبوب أنه يخرج عن كل نوع ما ينوبه ووقع الاتفاق في المواشي أنه يخرج الوسط واختلف في التمر فقيل هو مثل المواشي وقيل مثل الحبوب ومنه أيضا قوله: "وكذلك يجمع أصناف القطنية" بكسر القاف وفتحها وأصلها من قطن بالمكان إذا أقام به فإذا اجتمع من جميعها خمسة أوسق زكاها بناء على أنها جنس واحد في الزكاة وهو المذهب بخلاف البيع فإنها فيه أجناس وهي البسيلة والحمص بكسر الميم المشددة وفتحها والعدس والجلبان والفول والترمس واللوبيا والجلجلان بجيمين مضمومتين بعد كل جيم لام قاله شارح الموطأ وحب الفجل ومنه أيضا قوله: "وكذلك تجمع أصناف التمر" فإذا
وكذلك أصناف الزبيب والأرز والدخن والذرة كل واحد منها صنف لا يضم إلى الآخر في الزكاة وإذا كان في الحائط أصناف من التمر أدى الزكاة عن الجميع من وسطه ويزكى الزيتون إذا بلغ حبه خمسة أوسق أخرج من زيته
ــ
اجتمع من جميعها خمسة أوسق زكاها "وكذلك أصناف الزبيب" بجمع فإذا اجتمع من جميعها خمسة أوسق زكاها "و" من الثاني "الأرز" فيه ست لغات إحداها ضم الهمزة والراء "والدخن" بضم الدال المهملة "والذرة" بضم الذال المعجمة "كل واحد" منها صنف على حدته "لا يضم إلى الآخر" على المذهب لتباين مقاصدها واختلاف صورها في الخلقة وقوله: "في الزكاة" إشارة لمن يقول إنها كلها صنف واحد في الربا أي فلا يجوز التفاضل بينها وهو قول ابن وهب والمشهور خلافه "وإذا كان في الحائط أصناف" ثلاثة "من التمر" جيد ورديء ووسط "أدى الزكاة عن الجميع من وسطه" على المشهور أما إن كان فيها نوع واحد أخذت منه جيدا كان أو رديئا وليس عليه أن يأتي بالوسط ولا بالأفضل منه وإن كان فيها جيد ورديء أخذت من كل ما يصيبه بحصته ولو كان الرديء قليلا لأن الأصل أن تؤخذ زكاة كل عين من أصله لقوله صلى الله عليه وسلم: "زكاة كل مال منه" فخصته السنة بالماشية أي فأخرجت السنة من عمومه الماشية بسبب أنها تؤخذ من الوسط وبقي ما سواه على الأصل "ويزكى الزيتون إذا بلغ حبه خمسة أوسق" أي مقدرة الجفاف وقال ابن وهب لا زكاة فيه ولا في كل ما له زيت ابن عبد السلام وهو الصحيح على أصل المذهب أي صحة جارية على قاعدة المذهب وهو أن كل ما لا يقتات لا زكاة فيه قال في التحقيق وهو
ويخرج من الجلجلان وحب الفجل من زيته فإن باع ذلك أجزأه أن يخرج من ثمنه إن شاء الله ولا زكاة في الفواكه والخضر
ــ
وإن لم يقتت فله مدخل فيه إذ هو مصلح للقوت وعلى القول بأنه يزكى أخرجت زكاته من زيته لا من حبه على المشهور ولا يشترط في الزيت بلوغه نصابا بالوزن وإنما الشرط بلوغ الحب نصابا كما صرح به الشيخ وحكى ابن الحاجب الاتفاق عليه فلو أخرج من حبه لم يجزه "و" كذلك "يخرج من الجلجلان" وهو السمسم "و" في "حب الفجل" ونحوهما مما يعصر "من زيته" إذا بلغ حبه خمسة أوسق "فإن باع ذلك" أي الزيتون وما بعده "أجزأه أن يخرج من ثمنه" كان الثمن نصابا أم لا وإنما يراعى نصاب الحب خاصة لا نصاب الثمن قال بعضهم إنما قال: "إن شاء الله" لضعف هذا القول ومنهم من قال: إنما قال ذلك لقوة الخلاف فيه والذي في المختصر وشرحه أن الزيتون ونحوه إن كان له زيت أخرج من زيته وإن لم يكن له زيت كزيتون مصر أخرج من ثمنه وكذلك ما لا يجف كرطب مصر وعنبها والفول الأخضر يزكى من ثمنه وإن بيع بأقل مما تجب فيه الزكاة بشيء كثير إذا كان خرصه خمسة أوسق وإن نقص عنها لم يجب فيه شيء وإن بيع بأكثر مما تجب فيه الزكاة بأضعاف "ولا زكاة في الفواكه" الخضرة كالتفاح والمشمش "و" لا في "الخضر" لما صح عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماء والبعل والسيل العشر وفيما سقي بالنضح أي بالماء الذي ينضحه الناضح أي يحمله البعير من نهر أو بئر لسقي الزرع ولكن المقصود هنا ما سقي بآلة نصف العشر" وإنما ذلك في التمر
ولا زكاة من الذهب في أقل من عشرين دينارا فإذا بلغت عشرين دينارا ففيها نصف دينار ربع العشر فما زاد فبحساب ذلك وإن قل ولا زكاة من الفضة في أقل من مائتي درهم وذلك خمس أواق والأوقية أربعون درهما من وزن سبعة أعني أن السبعة دنانير وزنها عشرة دراهم
ــ
والحنطة والحبوب وأما القثاء والبطيخ فمعفو أي فشيء معفو عنه عفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم "ولازكاة من الذهب في أقل من عشرين دينارا فإذا بلغت" الدنانير "عشرين دينارا ففيها نصف دينار" وقوله: "ربع العشر" تفسير لنصف الدينار "فما زاد" على العشرين دينارا "فـ" يخرج منه "بحساب ذلك" أي ما زاد "وإن قل" فلا يشترط بلوغه أربعة دنانير في الذهب ولا أربعين درهما في الفضة واشترط ذلك أبو حنيفة: "ولا زكاة من الفضة في أقل من مائتي درهم وذلك" أي المائتا درهم "خمسة أواق" بحذف الياء وثبوتها مخففة ومشددة جمع أوقية "والأوقية" بضم الهمزة وتشديد الياء زنتها "أربعون درهما" بالدرهم الشرعي وهو الدرهم المكي وقد تقدم أن زنته خمسون حبة وخمسا حبة من الشعير المتوسط إلى آخره ويقال له درهم الكيل لأن به تتحقق المكايل الشرعية إذ تركب منها الأوقية والرطل والمد والصاع أفاده في التحقيق "من وزن سبعة أعني أن السبعة دنانير" شرعية "وزنها عشرة" أي وزن عشرة "دراهم" شرعية وذلك أنك إذا اعتبرت ما في سبعة دنانير وما في عشرة دراهم من درهم الكيل وجدتهما واحدا لأن وزن الدرهم كما تقدم خمسون حبة وخمسا
فإذا بلغت هذه الدراهم مائتي درهم ففيها ربع عشرها خمسة دراهم فما زاد فبحساب ذلك ويجمع الذهب والفضة في الزكاة فمن كان له مائة درهم وعشرة دنانير فليخرج من كل مال ربع عشره ولا زكاة في العروض
ــ
حبة من الشعير المتوسط وكل دينار وزنه اثنتان وسبعون حبة فإذا ضربت عشرة في خمسين خرج من ذلك خمسمائة وتبقى الأخماس وهي عشرون خمسا بأربع حبوب فهذه خمسمائة وأربع حبوب وإذا ضربت سبعة في اثنين وسبعين يخرج من ذلك خمسمائة وأربع حبوب فاتفق السبعة دنانير والعشرة دراهم في عدد الحبوب وكرر قوله: "فإذا بلغت" الدراهم "من هذه الدراهم مائتا درهم" صوابه مائتي درهم ليرتب عليه قوله: "ففيها ربع عشرها" وهو "خمسة دراهم فما زاد" على المائتي درهم "فبحساب ذلك ويجمع الذهب والفضة في الزكاة" لفعله عليه الصلاة والسلام ذلك بينه في التحقيق بقوله وروي عن بكير بن عبد الله بن الأشج أنه قال مضت السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم ضم الذهب إلى الفضة والفضة إلى الذهب وأخرج الزكاة عنهما ثم فرع على الجمع فقال: "فمن له مائة درهم وعشرة دنانير فليخرج من كل مال ربع عشره" فالجمع بالأجزاء لا بالقيمة أي بالتجزئة والمقابلة بأن يجعل كل دينار بعشرة دراهم ولو كانت قيمته أضعافها كما لو كان له مائة درهم وعشرة دنانير أو مائة وخمسون وخمسة دنانير فلو كان له مائة وثمانون درهما ودينار يساوي عشرين درهما فلا يخرج شيئا ويجوز إخراج أحد النقدين عن الآخر على المشهور "ولازكاة في العروض"
حتى تكون للتجارة فإذا بعتها بعد حول فأكثر من يوم أخذت ثمنها أو زكيته ففي ثمنها الزكاة لحول واحد
ــ
المراد بها في هذا الباب الرقيق والعقار والرباع والثياب والقمح وجميع الحبوب والثمار والحيوان إذا قصرت عن النصاب وهي إما للقنية ولا زكاة فيها اتفاقا وإما للتجارة ففيها الزكاة اتفاقا وإما للإدارة وستأتي وإما للاحتكار وهي التي يترصد بها الأسواق لربح وافر ولوجوب الزكاة فيها شروط أحدها النية وإليه أشار بقوله: "حتى" أي إلا أن "تكون للتجارة" أي ينوي بها التجارة فقط أو التجارة مع القنية أو الغلة احترازا من عدم النية كأن يعاوض بها الظاهر قراءته بالفتح أي كأن تدفع عوضا له في مقابلة شيء يعطيه أو تكون له نية مضادة لنية التجارة كالقنية فقط أو الغلة فقط أو هما معا فلا زكاة إذن.
ثانيها: أنه يترصد بها الأسواق أي يمسكها إلى أن يجد فيها ربحا جيدا وأخذ هذا من قوله فإذا بعتها بعد حول فأكثر.
ثالثها: أن يملكها بمعاوضة وأخذ هذا من قوله: "من يوم أخذت ثمنها أو زكيته" احترازا من أن يملكها بإرث أو هبة ونحو ذلك فإنه لا زكاة فيها إلا بعد حول من يوم قبضت ثمنها ولو أخر قبضه هروبا من الزكاة.
رابعها: أن يبيعها بعين لا إن لم يبعها أصلا أو باعها بغير عين إلا أن يقصد ببيعه بغير العين الهروب من الزكاة ولا فرق في البيع بين أن يكون حقيقة وهو ظاهر أو مجازا بأن يستهلكه شخص ويأخذ التاجر قيمته ولا بد أن يكون المباع به نصابا لأن عروض الاحتكار لا تقوم بخلاف المدير فيكفي في وجود الزكاة في حقه مطلق البيع ولو كان ثمن ما باعه أقل من نصاب لأنه يجب عليه تقويم بقية عروضه وأخذ هذا الشرط من قوله: "ففي ثمنها الزكاة لحول واحد" احترازا من أن يبيعها بعرض فإنه لا يزكى. خامسها:
أقامت قبل البيع حولا أو أكثر إلا أن تكون مديرا لا يستقر بيدك عين ولا عرض فإنك تقوم عروضك كل عام وتزكي ذلك مع ما بيدك من العين وحول ربح المال حول
ــ
مضي حول من يوم زكى الأصل أو ملكه وسكت عن شرط وهو أن يكون أصل ذلك العرض عينا اشتراه بها ولو كانت أقل من نصاب أو عرض ملك بمعاوضة ولو للقنية ثم باعه واشترى به ذلك العرض لقصد التجارة "أقامت قبل البيع حولا أو أكثر" احترازا من أن يبيعها قبل تمام الحول فلا زكاة فيها حتى يحول عليها الحول ثم انتقل يتكلم على عروض الإدارة وهي التي تشترى للتجارة وتباع بالسعر الواقع ولا ينتظر بها سوق نفاق البيع ولا سوق كساد الشراء كسائر أرباب الحوانيت المديرين لسلع فقال مستثنيا من قوله ففي ثمنها الزكاة لحول واحد "إلا أن تكون مديرا لا يستقر" أي لا يثبت "بيدك عين ولا عرض" بل تبيع بالسعر الحاضر وتخلفها ولا تنتظر سوق نفاق البيع ولا سوق كساد الشراء "فإنك تقوم عروضك كل عام" كل جنس بما يباع به غالبا في ذلك الوقت قيمة عدل على البيع المعروف دون بيع الضرورة لأن بيع الضرورة يكون بالرخص الفاحش فالديباج وشبهه كالثياب القطن الرفيعة والرقيق والعقار يقوم بالذهب والثياب الغليظة واللبيسة أي الملبوسة أي التي شأنها كثرة اللبس تقوم بالفضة وابتداء التقويم أي ابتداء حول التقويم عند أشهب من يوم أخذ في الإدارة وقال الباجي من يوم زكى الثمن أو من يوم إفادته واستظهره بعضهم وهو ظاهر قول الرسالة من يوم أخذت ثمنها أو زكيته "و" بعد أن تفرغ من التقويم "تزكي ذلك" أي الذي قومته
أصله وكذلك حول نسل الأنعام حول الأمهات ومن له مال تجب فيه الزكاة وعليه دين مثله أو ينقصه عن مقدار مال الزكاة
ــ
من العروض بشرط أن ينض من أثمانها أي العروض المدارة شيء ما ولو درهما ولا فرق بين أن ينض له شيء في أول الحول أو في آخره أما إذا لم ينض له شيء أو نض له بعد الحول بشهر مثلا فإنه يقوم حينئذ وينتقل حوله إلى ذلك الشهر ويلغى الزائد على الحول وكذا يزكي المدير النقد إن كان معه وإليه أشار بقوله: "مع ما بيدك من العين" وكذلك يزكي عن دينه النقد الحال المرجو "وحول ربح المال حول أصله" ظاهره كان الأصل نصابا أم لا وهو كذلك على المشهور مثاله أن يكون عنده دينار أقام عنده أحد عشر شهرا ثم اشترى به سلعة باعها بعد شهر بعشرين فإنه يزكي الآن أي حين بيعه بعد شهر مضاف إلى إقامتها عنده أحد عشر شهرا ويصير حوله ثاني عام من يوم التمام "وكذلك حول نسل الأنعام حول الأمهات" والأصل في هذا قول عمر رضي الله عنه عد عليهم السخلة بحملها ولا تأخذها والربح كالسخال والسخلة تطلق على الذكر والأنثى من أولاد الضأن والمعز ساعة تولد والجمع سخال إلا أن المراد الصغيرة "ومن له مال" يعني من العين "تجب فيه الزكاة" مثل أن يكون عنده عشرون دينارا "وعليه دين" بعوض سواء كان عرضا أو طعاما أو ماشية أو غيرها وسواء كان حالا أو مؤجلا "مثله" أي مثل الذي له وهو عشرون دينارا "أو" عليه دين "ينقصه" أي ينقص المال الذي معه "عن مقدار مال الزكاة" أي القدر الذي تجب فيه الزكاة مثل أن يكون عنده عشرون
فلا زكاة عليه إلا أن يكون عنده مما لا يزكى من عروض مقتناة أو رقيق أو حيوان مقتناة أو عقار أو ريع ما فيه وفاء لدينه
ــ
وعليه نصف دينار مثلا "فلا زكاة عليه" في الصورتين وظاهر كلام الشيخ أن الدين يسقط الزكاة ولو كان مهر امرأته التي في عصمته وأخرى إذا كانت مطلقة وعليه مهرها وهو الراجح من أحد التشهيرين وعلى التشهير الآخر لا يسقطها وعلى المشهور أيضا أن الدين يسقط الزكاة ولو دين زكاة بخلاف ديون النذور والكفارات فإنها لا تسقط الزكاة والفرق أن دين الزكاة تتوجه المطالبة به من الإمام العادل وتؤخذ الزكاة ولو كرها ولا كذلك النذور والكفارات ثم استثنى من عموم ما تقدم مسألة فقال: "إلا أن يكون عنده" أي عند من له مال فيه الزكاة وعليه دين مثله أو دين ينقصه عن مال الزكاة شيء "مما لا يزكى من عروض مقتناة" تقدم أن المراد بها هنا الرقيق والعقار والرباع والثياب وجميع الحبوب والثمار والحيوان القاصرة عن النصاب بل لو كان عنده حبوب أو أثمار أو حيوان زكيت فإنه يجعلها في مقابلة ما عليه من الدين ويزكي فقوله: "أو رقيق أو حيوان مقتناة أو عقار" بالفتح مخففا وهي الأصول الثابتة وإن لم يكن لها عتبة كالأرض الساحة "أو ربع" وهو ما له عتبة كالدور من عطف الخاص على العام "ما" اسم يكون بمعنى شيء وخبرها الظرف المتقدم ومما لا يزكى الخ بيان لما ففي كلامه تقديم وتأخير تقديره أن من له مال تجب فيه الزكاة وعليه دين مثله أو ينقصه عن مال الزكاة فإن الزكاة تسقط عنه إلا أن يكون عنده شيء "فيه وفاء لدينه" مما لا تجب فيه الزكاة من
فليزك ما بيده من المال فإن لم تف عروضه بدينه حسب بقية دينه فيما بيده فإن بقي بعد ذلك ما فيه الزكاة زكاه ولا يسقط الدين زكاة حب ولا تمر ولا ماشية
ــ
عروض القنية "فلـ" يجعله في مقابلة ما عليه من الدين بشرط أن يحول عليها الحول وحول كل شيء بحسبه فحول المعشر طيبه والمعدن خروجه وأن تكون مما يباع مثله في الدين و "يزك ما بيده من المال" هذا إذا وفت عروضه بدينه "فإن لم تف عروضه بدينه حسب بقية دينه فيما" أي الذي "بيده" من المال "فإن بقي بعد ذلك" أي بعد أن يحسب بقية دينه مما بيده "ما" أي شيء "فيه الزكاة زكاه" مثاله أن يكون عنده ثلاثون دينارا وعليه عشرون دينارا وعنده من العروض التي تباع في الدين وحال عليها الحول ما يفي بعشرة تبقى عشرة يأخذها من الثلاثين ويعطيها أي يلاحظ أنها في مقابلة الدين وليس المراد الأخذ والإعطاء بالفعل لجواز تأخر أجل الدين فتبقى عشرون خالية من الدين فيدفع عنها الزكاة ولما بين أن الدين يسقط زكاة العين شرع يبين أنه لا يسقط زكاة ما عداها فقال: "ولا يسقط الدين زكاة حب ولا تمر ولا ماشية" وكذلك لا يسقط زكاة معدن ولا ركاز مثل أن يكون عنده شيء من هذه المذكورات وعليه دين يستغرق ما عنده فتجب عليه الزكاة ولا يسقطها الدين المستغرق لما وجبت فيه والفرق بين ذلك وبين العين أن السنة إنما جاءت بإسقاط الدين في العين وأما الماشية والثمار فقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده الخراص والسعاة فخرصوا على الناس وأخذوا منهم زكاة مواشيهم ولم يسألوا هل عليهم دين أم لا وكذلك لا يسقط الدين زكاة الفطر عند أشهب أي وهو
ولا زكاة عليه في دين حتى يقبضه وإن أقام أعواما فإنما يزكيه لعام واحد بعد قبضه وكذلك العرض حتى يبيعه وإن كان الدين أو العرض من ميراث
ــ
الراجح ويسقطها عند عبد الوهاب ثم انتقل يتكلم على تعلق الزكاة بصاحب الدين فقال: "ولا زكاة عليه" أي على من له مال "في دين" أصله عين عنده أو عرض تجارة "حتى يقبضه" يريد بالدين دين القرض ودين البيع إذا كان محتكرا مثال ذلك أن يكون عنده مال فسلفه لرجل أو يشتري به سلعة ثم يبيعها بدين "وإن أقام" الدين "أعواما" عند المدين "فإنما يزكيه" ربه "لعام واحد" لما مضى من السنين "بعد قبضه" إذا كان نصابا أو مضافا إلى مال عنده قد جمعه وإياه الحول فيكمل به النصاب وظاهر قول المصنف إنما يزكيه لعام واحد الخ وإن كان تأخيره فرارا من الزكاة والذي قاله ابن القاسم إن تركه فرارا من الزكاة زكى ما مضى من السنين وإنما قيدنا قوله في دين بقولنا أصله عين أو عرض تجارة احترازا مما إذا لم يكن كذلك بأن كان من ميراث مثلا فإنه يستقبل به كما سيصرح به وقيدنا دين البيع بما إذا كان محتكرا احترازا مما إذا كان مديرا فإن حكم دينه حكم عروضه يقوم "وكذلك العرض" يعني عرض تجارة الاحتكار فحكمه حكم الدين إذا كان أصله عينا فإنه إنما يزكى لعام واحد وإن أقام أعواما كثيرة "حتى يبيعه" وهذا مكرر مع قوله قبل فإذا بعتها بعد حول الخ ولعله إنما كرره ليرتب عليه قوله: "وإن كان الدين أو العرض من ميراث" أي أتى له من ميراث ولم يقبضه إلا بعد أعوام أو كان العرض الذي باعه من ميراث أي أتى له عرض من ميراث ثم باعه بثمن ولم يقبض
فليستقبل حولا بما يقبض منه وعلى الأصاغر الزكاة في أموالهم في العين والحرث والماشية
ــ
ذلك الثمن إلا بعد أعوام أو كان الدين من هبة أو صدقة بيد واهبها أو متصدقها أو صداقا بيد زوج أو خلع بيد دافعه أو أرش جناية بيد جانيه أو وكيله فلا زكاة فيه إلا بعد حول من قبضه ولو أخره فرارا ولو بقيت العطية بيد معطيها قبل القبول والقبض سنين فلا زكاة فيها لما مضى من الأعوام على واحد منهما لا على المعطى بالفتح لعدم القبض ولا على المعطي بالكسر عند سحنون لأنه بقبول المعطى بالفتح تبين أنها على ملكه من يوم الصدقة ولذا تكون له الغلة من يوم العطية "فليستقبل حولا بما يقبض منه" يعني من الدين أو من ثمن القرض سواء تركه فرارا من الزكاة أم لا "وعلى الأصاغر الزكاة في أموالهم في العين والحرث والماشية" لما في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال كانت عائشة رضي الله عنها تليني أنا وأخي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة وفيه عن عمر رضي الله عنه اتجروا في أموال اليتامى لئلا تأكلها الزكاة ومثل هذا لا يقال من قبل الرأي ولا يخرج ولي الأيتام الزكاة عنهم إلا بعد أن يرفع الأمر للإمام أو القاضي وحاصل فقه المسألة أن العبرة بمذهب الوصي في الوجود وعدمه لأن التصرف منوط به لا بمذهب أبي الطفل لموته وانتقال المال عنه ولا بمذهب الطفل لأنه غير مخاطب بها فلا يزكيها الوصي إن كان مذهبه سقوطها عن الطفل وإلا أخرجها إن لم يكن حاكم أو كان مالكيا فقط أو مالكيا وحنفيا وخفي أمر الصبي عليه "وإلا رفع للمالكي" لعل الصواب ولا رفع للمالكي فإن لم يكن إلا حنفي أخرجها الوصي المالكي إن خفي أمر الصبي على الحنفي وإلا ترك ومثل الأصاغر في وجوب الزكاة في أموالهم المجانين
وزكاة الفطر ولا زكاة على عبد ولا على من فيه بقية رق في ذلك كله فإذا أعتق فليأتنف حولا من يومئذ بما يملك من ماله ولا زكاة على أحد في عبده وخادمه وفرسه وداره ولا ما يتخذ للقنية من
ــ
وقوله: "وزكاة الفطر" روي بالرفع مبتدأ لخبر محذوف أي وعليهم زكاة الفطر وبالجر عطفا على ما قبله وفي الجر ركة إذ يصير تقديره حينئذ وعلى الأصاغر الزكاة في زكاة الفطر إلا أن يقال يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع "ولا زكاة على عبد" قن "ولا على من فيه بقية رق" كالمدبر والمكاتب والمعتق بعضه زاد في المدونة ولا على ساداتهم عنهم أما عدم وجوبها على العبد فلقوله تعالى: {عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} أي لا يملك ملكا تاما وأما عدم وجوبها على السيد فلأن المال بيد غيره والإشارة "في" قوله "ذلك كله" عائدة على جميع ما تقدم من العين والحرث والماشية وزكاة الفطر "فإذا أعتق" العبد أو من فيه بقية رق "فليأتنف" أي يستأنف "حولا" أي عاما "من يومئذ" أي من يوم عتقه "بما يملك" وروي بما ملك "من ماله" إن كان مما يشترط فيه الحول وهو العين والماشية وإن كان مما لا يشترط فيه الحول وهو الحبوب والثمار وعتق قبل الطيب وجبت عليه الزكاة وأما إن عتق بعد الطيب فلا زكاة عليه "ولا زكاة على أحد في عبده وخادمه" قال ابن عمر: العبد تارة يطلق على الذكر دون الأنثى وهو ما ذكر هنا وكذا قوله وعلى العبد في الزنا خمسون جلدة ويطلق على الذكر والأنثى وهو قوله قبل هذا ولا زكاة على عبد "و" كذا لا زكاة على أحد في "فرسه وداره ولا" في "ما يتخذ للقنية من
الرباع والعروض ولا فيما يتخذ للباس من الحلي ومن ورث عرضا أو وهب له أو رفع من أرضه زرعا فزكاه فلا زكاة عليه في شيء من ذلك حتى يباع ويستقبل به حولا من يوم يقبض ثمنه
ــ
الرباع والعروض" ولا يخلو من تكرار مع قوله قبل ولا زكاة في العروض قال بعضهم كرره إشارة لحديث الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة" "ولا فيما يتخذ للباس" للنساء ولو كان ملكا لرجل "من الحلي" بفتح الحاء وسكون اللام واحد حلي بضم الحاء وكسر اللام كثدي وظاهر كلامه أن الحلي إذا كان متخذا للكراء تجب فيه الزكاة وظاهر المدونة عدم الزكاة وهو المعتمد وأما الحلي المتخذ بنية التجارة فتجب زكاته بإجماع سواء كان لرجل أو امرأة ويزكيه لعام من حين نوى به التجارة أي يزكي وزنه كل عام إذا كان فيه نصاب أو عنده من الذهب والفضة ما يكمل النصاب وكذا تجب الزكاة فيما كان متخذا للعاقبة كان لرجل أو امرأة "ومن ورث عرضا أو وهب له أو رفع من أرضه زرعا فزكاه فلا زكاة عليه في شيء من ذلك حتى يباع ويستقبل به حولا من يوم يقبض ثمنه بما يقبض منه" استفيد من قوله قبل أو العرض من ميراث الخ وما ذكره يسمى مسألة زكاة الفوائد أي ما عدا قوله ومن رفع من أرضه زرعا والفائدة ما تجدد من المال من غير أصل كالموروث والموهوب أو تجدد عن مال غير مزكى كثمن عرض القنية وظاهر قوله حتى يباع سواء بيع بالنقد أو إلى أجل وظاهره أيضا تركه فرارا من الزكاة أم لا وقوله أو رفع من أرضه زرعا خرج مخرج
وفيما يخرج من المعدن من ذهب أو فضة الزكاة إذا بلغ وزن عشرين دينارا أو خمس أواق فضة ففي ذلك ربع العشر يوم خروجه
ــ
الغالب إذ الحكم كذلك إذا رفعه من غير أرضه كما إذا استأجر أرضا فزرعها فالحكم فيهما سواء وكذا قوله فزكاة أي الزرع خرج مخرج الغالب أيضا فإن حكمه كذلك إذا لم يزكه وقوله بما يقبض منه بدل من به أي يستقبل بما يقبض من ثمنه أي بما يقبضه وقوله منه بيان لما ثم شرع يتكلم على المعدن فقال: "وفيما يخرج من المعدن" بفتح الميم وكسر الدال من عدن بفتح الدال في الماضي وكسرها في المستقبل عدونا إذا أقام ومنه جنة عدن أي إقامة "من ذهب أو فضة" بيان لما يخرج "الزكاة" ظاهره ولو كان ندرة بفتح النون وسكون المهملة وهو ما يوجد من ذهب أو فضة بغير عمل أو عمل يسير والمشهور أن فيها الخمس ويدفع ذلك الخمس للإمام إن كان عدلا وإلا فرق على فقراء المسلمين ولا زكاة في معدن غير الذهب والفضة من معادن الرصاص والنحاس والحديد والزرنيخ "إذا بلغ" الخارج من معدن الذهب "وزن عشرين دينارا أو" بلغ الخارج من معدن الفضة وزن "خمسة أواق فضة" إثبات التاء لغير المؤنث "فـ" حينئذ يكون "في ذلك" الخارج "ربع العشر" لا الخمس لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "وليس فيما دون خمس أواق صدقة" أي بطريق المفهوم فإن مفهومه أنه إذا كان خمس أواق فيها الزكاة وهو شامل للمعدن وظاهر قوله: "يوم خروجه" أي يوم خلاصه أنه لا يشترط فيه الحول قال الأقفهسي يريد الشيخ أن الحول ليس بشرط ويريد بعد تصفيته لأن الوجوب
وكذلك فيما يخرج بعد ذلك متصلا به وإن قل فإن انقطع نيله بيده وابتدأ غيره لم يخرج شيئا حتى يبلغ ما فيه الزكاة وتؤخذ الجزية من رجال أهل الذمة الأحرار البالغين ولا تؤخذ من نسائهم وصبيانهم وعبيدهم
ــ
لا يتعلق به إلا بعد التصفية وهو أحد قولين المشهور منهما ما حمل عليه الأقفهسي الرسالة بقوله يريد بعد تصفيته وظاهرها أن الوجوب يتعلق بإخراجه ولا يتوقف على التصفية وإنما يتوقف عليها الإخراج للفقراء "وكذلك فيما يخرج" من معدن الذهب والفضة "بعد ذلك" أي بعد ما خرج منه نصاب إذا كان "متصلا به" أي بالنصاب المخرج أولا "وإن قل" وهذا الاتصال يحتمل أن يكون في النيل وأن يكون في العمل وأن يكون فيهما معا فالاحتمالات ثلاثة يرجح أولها قوله: "فإن انقطع نيله" أي عرقه الذي في المعدن "بيده" أي بعمله بأن تبعه حتى انقضى فأطلق اليد هنا على العمل "وابتدأ" آخر "غيره لم يخرج شيئا حتى يبلغ" الخارج بعد النصاب الذي خرج أولا "ما فيه الزكاة" فإن لم يبلغ نصابا فلا زكاة فيه ثم انتقل يتكلم على الجزية فقال: "وتؤخذ الجزية من رجال أهل الذمة والأحرار البالغين ولا تؤخذ من نسائهم و" لا من "صبيانهم و" لا من "عبيدهم" عرفها ابن رشد بقوله ما يؤخذ من أهل الكفر جزاء على تأمينهم وحقن دمائهم مع إقرارهم على الكفر وهي مشتقة من الجزاء وهو المقابلة لأنهم قابلوا الأمان بما أعطوه من المال فقابلناهم بالأمان وقابلونا بالمال وإنما لم تؤخذ من هؤلاء الثلاثة أعني النساء والصبيان والعبيد لأن الله تعالى إنما أوجبها على من قاتل وبحسب الغالب لا يكون إلا الرجال دون النساء والصبيان وأما العبيد فشأنهم
وتؤخذ من المجوس ومن نصارى العرب والجزية على أهل الذهب أربعة دنانير وعلى أهل الورق أربعون درهما ويخفف عن
ــ
الشغل بخدمة ملاكهم فليسوا مقاتلين بحسب الشأن ويؤخذ من كلام المصنف أن لأخذ الجزية أربعة شروط الذكورية والبلوغ والحرية والكفر ويشترط أيضا أن يكون مخالطا لأهل دينه فلا تؤخذ من المنعزل بدير أو صومعة ويشترط في الكافر أن يقر على كفره فالمرتد لا تؤخذ منه إذ لا يقر على كفره وبقي شرطان العقل والقدرة على أدائها فلا تؤخذ من المجنون ولا من الفقير الذي لا شيء عنده "وتؤخذ من المجوس" جمع مجوسي منسوب إلى مجوسة نحلة والنحلة الدعوى كما في الصحاح والقاموس والمصباح أي ملة مدعاة وهي بالنون والحاء لا بالميم "و" تؤخذ "من نصارى العرب" قال عبد الوهاب: العرب والعجم وبنو تغلب وغيرهم في ذلك سواء قصد بذلك التعميم ردا لمن خالف فقد قيل إنها لا تؤخذ من العرب وليس إلا القتل أو الإسلام وقال الثوري إنها لا تؤخذ من نصارى بني تغلب فرقة من العرب فالنصرانية ليست متأصلة فيهم لأن المتأصل فيها من أنزل عليه الإنجيل فرده بقوله وبنو تغلب وغيرهم في ذلك سواء لقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} الآية ولأن الشرك قد شملهم ثم بين حقيقة الجزية فقال: "والجزية على أهل الذهب أربعة دنانير وعلى أهل الورق أربعون درهما" هذا في حق أهل العنوة وهم قوم من الكفار فتحت بلادهم قهرا وغلبة وكذا أهل الصلح وهم قوم من الكفار حموا بلادهم حتى صالحوا على شيء يعطونه من أموالهم إن أطلق ولم يقدر عليهم شيء معين أما إن قدر عليهم شيء معين أخذ منهم قليلا كان أو كثيرا "و" إذا أخذت منهم فإنه "يخفف عن
الفقير ويؤخذ ممن تجر منهم من أفق إلى أفق عشر ثمن ما يبيعونه وإن اختلفوا في السنة مرارا وإن حملوا الطعام خاصة إلى مكة والمدينة خاصة أخذ منهم نصف العشر من ثمنه
ــ
الفقير" بقدر ما يراه الإمام فإن لم يكن له قدرة على شيء سقطت عنه وقال ابن حبيب لا تؤخذ من الفقير واستحسنه اللخمي "وتؤخذ ممن تجر منهم" بفتح الجيم في الماضي وضمها في المضارع أي من أهل الذمة رجالا كانوا أو نساء أحرارا كانوا أو عبيدا بالغين كانوا أو صبيانا "من أفق" بضم الهمزة والفاء وسكونها "إلى أفق" أي من محل إلى غير محل جزيته أي من إقليم إلى إقليم آخر والأقاليم خمسة مصر والشام والعراق والأندلس والمغرب "عشر ثمن ما يبيعونه" عند ابن القاسم وقال ابن حبيب عشر ما يدخلون به كالحربيين فعلى قول ابن القاسم لو أرادوا الرجوع قبل أن يبيعوا أو يشتروا لا يجب عليهم وهو ظاهر كلام الشيخ وعلى قول ابن حبيب يجب عليهم ومنشأ الخلاف هل المأخوذ منهم لحق الانتفاع أو لحق الوصول إلى القطر ومفهوم كلامه أنه لا يؤخذ منهم العشر إذا تجروا في بلادهم وهو كذلك ثم بالغ على أخذ عشر الثمن فقال: "وإن اختلفوا" أي ترددوا "في السنة مرارا" وقال الإمامان أبو حنيفة والشافعي لا يؤخذ منهم في السنة إلا مرة واحدة لنا ما فعل عمر رضي الله عنه ولتكرر الانتفاع والحكم يتكرر بتكرر سببه "وإن حملوا" أي أهل الذمة "الطعام خاصة" قيل المراد به الحنطة والزيت خاصة وقيل المراد به كل ما يقتات به أو يجري مجراه فيدخل في ذلك الحبوب والقطاني والزيتون والأدهان وما في معنى ذلك المذكور من الزيوت والأدهان أي من بقية الأدم ومن المصلح
ويؤخذ من تجار الحربيين العشر إلا أن ينزلوا على أكثر من ذلك وفي الركاز وهو دِفْنُ
ــ
كجبن وعسل وملح وأما غير الطعام كالعروض فيؤخذ من ثمنه جميع العشر "ويؤخذ من تجار الحربيين العشر" أي عشر ما قدموا به باعوا أو لم يبيعوا وسواء باعوا في بلد واحد أو في جميع بلاد الإسلام وهو قول ابن القاسم وتقدم مذهبه في أهل الذمة أنه لا يؤخذ منهم حتى يبيعوا والفرق بينهما أن أهل الحرب قد حصل لهم الأمان ما داموا في أرض الإسلام وجميع بلاد الإسلام كالبلد الواحدة وأما أهل الذمة فإنما يؤخذ منهم لانتفاعهم وهم غير ممنوعين من بلادنا فلما تكرر نفعهم تكرر الأخذ منهم وظاهر كلام الشيخ أنه لا ينقص من العشر وإن رآه الإمام وهو قول مالك وأشهب وحاصله أنه إن كان قبل النزول يجوز أن يتفق معهم على أكثر من العشر وإن كان بعد النزول لم يؤخذ منهم إلا العشر.
وقال ابن القاسم يؤخذ منهم بحسب ما يراه الإمام وصرح مرزوق بمشهوريته وكذلك لا يزاد على العشر شيء هذا كله إذا دخلوا بأمان مطلق وإما إذا شارطوا على أكثر من ذلك عند عقد الأمان فأشار إليه بقوله: "إلا أن ينزلوا على أكثر من ذلك" أي من العشر فيجوز أخذ الأكثر الذي وقع عليه الشرط قال ابن ناجي ولا يمكنون من بيع خمر لمسلم باتفاق والمشهور تمكينهم لغيره ونص عبارة ابن عمر إذا قدموا بالخمر والخنزير فإن كان هناك أهل الذمة الذين يشترون منهم ذلك تركوا ويؤخذ منهم العشر بعد البيع وإن لم يكن هناك من يبتاع ذلك منهم ردوا به ولم يتركوا يدخلون به "وفي الركاز وهو" لغة على ما قال صاحب العين يقال لما يوضع في الأرض ولما يخرج من المعدن من قطع الذهب والورق واصطلاحا "دِفْنُ
الجاهلية الخمس على من أصابه
ــ
الجاهلية" زاد في الواضحة خاصة والكنز يقع على دفن الجاهلية ودفن الإسلام والدفن بكسر الدال المهملة بمعنى المدفون كالذبح بمعنى المذبوح واختلف هل هو خاص بجنس النقدين أو عام فيه وفي غيره كاللؤلؤ والنحاس والرصاص قولان لمالك اقتصر صاحب المختصر على الثاني وبالغ فيه على أنه يطلق عليه ركاز ولو شك أهو جاهلي أم لا إذا التبست الأمارات أو لم توجد لأن الغالب أن ذلك من فعلهم وقال الفاكهاني المعروف من المذهب الذي رجع إليه مالك وأخبر به ابن القاسم تخصيصه بالنقدين وحكمه أنه يجب فيه "الخمس على من أصابه" ظاهره ولو كان دون النصاب وهو كذلك على المشهور لأن قوله عليه الصلاة والسلام: "وفي الركاز الخمس" عام في الكثير والقليل وظاهر كلامه أيضا أنه لا يشترط في واجده الإسلام والحرية وهو كذلك وظاهره أيضا أن فيه الخمس ولو وجد بنفقة كثيرة أو عمل في تخليصه وليس كذلك وإنما فيه الزكاة على ما في المدونة والموطأ وظاهره أيضا أنه لمن وجده مطلقا وقرره ابن عمر بذلك وليس كذلك بل فيه تفصيل وهو إن وجده في الفيافي أي موات أرض الإسلام فهو لواجده وإن وجده في ملك واحد من الناس فهو له اتفاقا هذا حكم الركاز وأما ما لفظه البحر أي طرحه من جوفه إلى شاطئه كالعنبر واللؤلؤ وسائر الحلية التي يلفظها فهو لمن وجده ولا يخمس قال الفاكهاني إلا أن يتقدم ملك معصوم مسلم أو ذمي فقولان سمع ابن القاسم من طرح متاعه خوف غرقه أخذه ممن غاص عليه وكذلك ما ترك بمضيعة عجزا عنه ففيه قولان