المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في العدة والنفقة والاستبراء - الثمر الداني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني

[صالح بن عبد السميع الأزهري]

فهرس الكتاب

- ‌مدخل

- ‌باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات

- ‌باب ما يجب منه الوضوء والغسل

- ‌باب طهارة الماء والثوب

- ‌باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه

- ‌باب في الغسل

- ‌باب فيمن لم يجد الماء وصفة التيمم

- ‌باب في المسح على الخفين

- ‌باب في أوقات الصلاة وأسمائها

- ‌باب في الأذان والإقامة

- ‌باب صفة العمل في الصلوات المفروضة وما يتصل بها من النوافل والسنن

- ‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم

- ‌باب جامع في الصلاة

- ‌باب في سجود القرآن

- ‌باب في صلاة السفر

- ‌باب في صلاة الجمعة

- ‌باب في صلاة الخوف

- ‌باب في صلاة العيدين والتكبير أيام منى

- ‌باب في صلاة الخسوف

- ‌باب في صلاة الاستسقاء

- ‌باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت

- ‌باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت

- ‌باب في الدعاء للطفل والصلاة عليه وغسله

- ‌باب في الصيام

- ‌باب في الاعتكاف

- ‌باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن وذكر الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين

- ‌باب في زكاة الماشية وزكاة الإبل والبقر والغنم

- ‌باب في زكاة الفطر

- ‌باب في الحج والعمرة

- ‌باب في الضحايا والذبائح والعقيقة والصيد والختان وما يحرم من الأطعمة والأشربة

- ‌باب في الجهاد

- ‌باب في الأيمان والنذور

- ‌باب في النكاح والطلاق والرجعة والظهار والإيلاء واللعان والخلع والرضاع

- ‌باب في العدة والنفقة والاستبراء

- ‌باب في البيوع وما شاكل البيوع

- ‌باب في الوصايا والمدبر والمكاتب والمعتق وأم الولد والولاء

- ‌باب في الشفعة والهبة والصدقة والحبس والرهن والعارية والوديعة واللقطة والغصب

- ‌باب في أحكام الدماء والحدود

- ‌باب في الأقضية والشهادات

- ‌باب في الفرائض

- ‌باب جمل من الفرائض والسنن الواجبة والرغائب

- ‌باب في الفطرة والختان وحلق الشعر واللباس وستر العورة وما يتصل بذلك

- ‌باب في الطعام والشراب

- ‌باب في السلام والاستئذان والتناجي والقراءة والدعاء وذكر الله والقول في السفر

- ‌باب في التعالج وذكر الرقى والطيرة والنجوم والخصاء والوسم والكلاب والرفق بالمملوك

- ‌باب في الرؤيا والتثاوب والعطاس واللعب بالنرد وغيرها والسبق بالخيل والرمي وغير ذلك

الفصل: ‌باب في العدة والنفقة والاستبراء

فصالا استغنى فيه بالطعام لم يحرم ما أرضع بعد ذلك ويحرم بالوجور والسعوط ومن أرضعت صبيا فبنات تلك المرأة وبنات فحلها ما تقدم أو تأخر إخوة له ولأخيه نكاح بناتها.

ــ

فصالا استغنى فيه عن اللبن بالطعام والشراب لم يحرم ما أرضع بعد ذلك" لما في الترمذي والنسائي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام" ومن استغنى بالطعام عن اللبان فقد فتقت أمعاؤه وفي حديث آخر إنما الرضاعة من المجاعة "ويحرم بالوجور" بفتح الواو وهو ما صب في وسط الفم أي فهو نفس اللبن المصبوب ويفيده المصباح "والسعوط" بفتح السين وهو ما صب في المنتخر ظاهر كلامه أن السعوط يحرم وإن لم يتحقق وصوله للجوف وهو كذلك في كتاب ابن حبيب عن مالك وقال ابن القاسم إن وصل إلى الجوف حرم وإلا فلا "ومن أرضع صبيا" ذكر الضمير مراعاة للفظ من نظير قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ} "فبنات تلك المرأة" المرضعة للصبي "وبنات فحلها ما تقدم أو تأخر إخوة له" أي لمن أرضعته وكان حقه أن يقول أخوات له إلا أنه راعى لفظ ما "ولأخيه" أي أخي الصبي من النسب لا من الرضاع "نكاح بناتها" أي بنات التي أرضعته.

ص: 483

‌باب في العدة والنفقة والاستبراء

.

ــ

"باب في" بيان ثلاثة أشياء "العدة والنفقة والاستبراء" أما العدة فهي تربص المرأة زمانا معلوما قدره الشارع علامة على براءة الرحم مع ضرب من التعبد وحكمها الوجوب لقوله تعالى: {حَتَّى

ص: 483

وعدة الحرة المطلقة ثلاثة قروء كانت مسلمة أو كتابية والأمة ومن فيها بقية رق قرءان كان الزوج في جميعهن حرا أو عبدا والأقراء هي الأطهار التي بين الدمين فإن كانت ممن لم تحض أو ممن قد يئست من المحيض فثلاثة أشهر في الحرة والأمة

ــ

يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} وقوله صلى الله عليه وسلم للفريعة: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله" وأنواعها ثلاثة أقراء وشهور وحمل أما الإقراء فهي للمطلقة ذات الحيض حرة وأمة وإلى الأولى أشار بقوله: "وعدة الحرة المطلقة" ذات الحيض "ثلاثة قروء" سواء كانت مسلمة أو كتابية لشمول عموم الآية الجميع ولا خلاف في ذلك ثم أشار إلى الثانية بقوله: "والأمة" أي وعدة الأمة القن "ومن فيها بقية رق" كالمكاتبة والمدبرة ذات الحيض "قَرءان" بفتح القاف وضمها سواء "كان الزوج في جميعهن" أي جميع من ذكر وهي الحرة المسلمة والكتابية والأمة ومن فيها بقية رق "حرا أو عبدا" لما أن العدة معتبرة من جهة النساء والطلاق معتبر من جهة الرجال "والأقراء" عندنا "هي الأطهار التي بين الدمين" الأنسب بلفظ الأقراء الدماء لأن الذي بين الدمين قرء واحد ولا بد من الأقراء وعند أبي حنيفة هي الحيض "فإن كانت" أي المطلقة "ممن لم تحض" لصغر ويوطأ مثلها أمن حملها أم لا "أو" كانت "ممن قد يئست من الحيض" كبنت سبعين سنة "فعدتها ثلاثة أشهر" اتفاقا في الحرة المسلمة أو الكتابية "و" على المشهور "في الأمة" وتعتبر الشهور بالأهلة فإذا طلقت في أثناء

ص: 484

وعدة الحرة المستحاضة أو الأمة في الطلاق سنة وعدة الحامل في وفاة أو طلاق وضع حملها كانت حرة أو أمة أو كتابية والمطلقة التي لم يدخل بها لا عدة عليها وعدة الحرة من الوفاة أربعة أشهر وعشر كانت صغيرة أو كبيرة دخل بها أو لم يدخل

ــ

الشهر كملت الشهر الذي طلقت فيه من الشهر الرابع ولا يحسب يوم الطلاق والثالثة أشار إليها بقوله: "وعدة الحرة المستحاضة أو الأمة" أي المستحاضة "في الطلاق سنة" تسعة أشهر في استبراء وثلاثة أشهر عدة "وعدة الحامل في وفاة" على المشهور "وطلاق" اتفاقا "وضع حملها كله" ولو وضعته عقب الطلاق أو الوفاة بلحظة "سواء كانت حرة أو أمة" مسلمتين "أو" حرة "كتابية" لقوله تعالى: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وهي مخصصة لعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} والتقيد بكله لبيان أنها لو وضعت أحد التوأمين لم تحل إلا بوضع الثاني "والمطلقة التي لم يدخل بها" حرة كانت أو أمة مسلمة أو كتابية صحيحا كان الزوج أو مريضا "لا عدة عليها" لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} ولا مفهوم لصفة الإيمان هنا بلا خلاف لأنه خرج مخرج الغالب "وعدة الحرة" غير الحامل سواء كانت مستحاضة أو غير مستحاضة "من الوفاة أربعة أشهر وعشرا كانت" الزوجة "صغيرة أو كبيرة دخل بها" الزوج "أو لم يدخل

ص: 485

مسلمة كانت أو كتابية وفي الأمة ومن فيها بقية رق شهران وخمس ليال ما لم ترتب الكبيرة ذات الحيض بتأخيره عن وقته فتقعد حتى تذهب الريبة وأما التي لا تحيض لصغر أو كبر وقد بنى بها فلا تنكح في الوفاة إلا بعد ثلاثة أشهر والإحداد أن لا تقرب المعتدة من الوفاة شيئا من الزينة بحلي أو كحل

ــ

مسلمة كانت أو كتابية" كان الزوج صغيرا أو كبيرا "وفي الأمة" أي والعدة من الوفاة في حق الأمة القن "ومن فيها بقية رق" دخل بها أو لم يدخل ولم تكن حاملا "شهران وخمس ليال" وقوله: "ما لم ترتب الكبيرة ذات الحيض بتأخيره عن وقته فتقعد حتى تذهب الريبة" لا يبعد أن يكون قيدا في عدة الحرة والأمة في الوفاة وذهاب الريبة يكون بحيضة أو بتمام تسعة أشهر "وأما" الأمة "التي لا تحيض لصغر أو كبر وقد بنى بها فلا تنكح في الوفاة إلا بعد ثلاثة" ظاهره أمن حملها أم لا وهو رواية أشهب ورواية ابن القاسم شهران وخمس ليال. "والإحداد": وهو لغة: الامتناع.

وشرعا: "أن لا تقرب المعتدة من الوفاة" على جهة الوجوب "شيئا من الزينة" ظاهره كبيرة كانت أو صغيرة حرة أو أمة مسلمة أو كتابية والزينة تكون بأشياء أحدها ما أشار إليه بقوله: "بحلي" بضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء جمع حلي بفتح الحاء وسكون اللام كالسوار وثانيها ما أشار إليه بقوله: "أو كحل" ظاهره ولو كان لضرورة وهو قول ابن عبد الحكم

ص: 486

أو غيره وتجتنب الصباغ كله إلا الأسود وتجتنب الطيب كله ولا تختضب بحناء ولا تقرب دهنا مطيبا ولا تمتشط بما يختمر في رأسها وعلى الأمة والحرة الصغيرة والكبيرة الإحداد واختلف في الكتابية وليس على المطلقة إحداد وتجبر الحرة الكتابية على العدة من المسلم في الوفاة والطلاق

ــ

والذي في المدونة ولا تكتحل إلا من ضرورة وثالثها إزالة الشعث عن نفسها وإليه أشار بقوله: "أو غيره" فلا تدخل الحمام إلا من ضرورة ولا تطلي جسدها بالنورة "وتجتنب الصباغ كله إلا الأسود" فإنه لباس الحزن إلا أن يكون زينة قوم فتجتنبه "و" كذلك "تجتنب الطيب كله" وإنما منعت منه ومن الزينة لأنهما يدعوان إلى النكاح "ولا تختضب بحناء" بالمد ليس إلا لأنها من الزينة "ولا تقرب دهنا مطيبا" وفي نسخة ولا دهن مطيب "ولا تمتشط بما يختمر في رأسها" وهو ما له رائحة طيبة "وعلى الأمة" الصغيرة والكبيرة "والحرة" الصغيرة والكبيرة "الإحداد" لما في أبي داود من قوله صلى الله عليه وسلم: "المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشق ولا الحلي ولا تختضب""واختلف في" وجوب الإحداد على "الكتابية" على قولين مشهورهما وجوب الإحداد "وليس على المطلقة" طلاقا بائنا أو رجعيا "إحداد" لأنه إنما شرع في حق الميت احتياطا للأنساب لأنه قد مات ولا مدافع له عن نسبه فجعل الإحداد زاجرا قائما مقام المدافع عن الميت "وتجبر الحرة الكتابية على العدة من المسلم في الوفاة" دخل بها أو لم يدخل "و" في "الطلاق" إذا دخل بها لحق الزوج ففي

ص: 487

وعدة أم الولد من وفاة سيدها حيضة وكذلك إذا أعتقها فإن قعدت عن الحيض فثلاثة أشهر واستبراء الأمة في انتقال الملك حيضة انتقل الملك ببيع أو هبة أو سبي أو غير ذلك ومن هي في حيازته قد حاضت عنده ثم إنه اشتراها فلا استبراء عليها إن لم تكن تخرج واستبراء الصغيرة في البيع

ــ

الوفاة أربعة أشهر وعشرا ولو كانت صغيرة غير مطيقة والزوج كذلك وفي الطلاق ثلاثة أقراء أو أشهر "وعدة أم الولد من وفاة سيدها" وهي الحر حملها من وطء مالكها "حيضة" لما صح من قوله عليه الصلاة والسلام: "لا توطأ حامل حتى تضع حملها ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة""وكذلك" عدة أم الولد حيضة "إذا أعتقها" سيدها هذا حكم استبراء أم الولد إن كانت ممن تحيض "و" أما "إن" كانت قد "قعدت عن الحيض" أي يئست منه لكبر سنها "فـ" استبراؤها "ثلاثة أشهر واستبراء الأمة في انتقال الملك حيضة" واحدة مراعاة لحفظ الأنساب سواء انتقل الملك "ببيع أو هبة أو سبي أو غير ذلك" كالإرث والصدقة "ومن هي في حيازته" برهن أو وديعة مثلا إذا علم أنها "قد حاضت عنده ثم إنه اشتراها" الأحسن أن لو قال ثم ملكها ليشمل الشراء وغيره "فـ" إنه "لا استبراء عليها إن لم تكن تخرج" خروجا متباعدا بحيث يغاب عليها ثانيا أن تكون ممن يوطأ مثلها احترازا ممن لا يوطأ مثلها وإليه أشار بقوله: "واستبراء الصغيرة في البيع" الأحسن أن لو قال في

ص: 488

إن كانت توطأ ثلاثة أشهر واليائسة من المحيض ثلاثة أشهر والتي لا توطأ فلا استبراء فيها ومن ابتاع حاملا من غيره أو ملكها بغير البيع فلا يقربها ولا يتلذذ منها بشيء حتى تضع والسكنى لكل مطلقة مدخول بها ولا نفقة إلا للتي طلقت دون الثلاث وللحامل كانت مطلقة واحدة أو ثلاثا

ــ

انتقال الملك ليشمل الهبة والصدقة ونحوهما "إن كانت" ممن "توطأ" ظاهره أمن حملها أم لا "ثلاثة أشهر" لأن الحمل لا يتبين في أقل من ذلك وكذلك الأمة "اليائسة من المحيض" استبراؤها في البيع ونحوه "ثلاثة أشهر و" أما الأمة "التي لا توطأ" لصغر سنها كبنت ست سنين "فـ" إنه "لا استبراء فيها ومن ابتاع" أمة "حاملا من غيره أو ملكها بغير البيع" كالميراث والهبة والصدقة "فلا يقربها" بوطء "ولا يتلذذ منها" بشيء من مقدمات الوطء كالقبلة "حتى تضع" الحمل سواء كان الحمل من زوج أو من زنى على المعروف من المذهب "والسكنى" واجبة على الزوج إذا كان يتأتى منه الوطء "لكل مطلقة مدخول بها" يوطأ مثلها حرة كانت أو أمة مسلمة كانت أو كتابية كان الطلاق واحدة أو أكثر رجعيا أو بائنا ولو خلعا "ولا نفقة" للمطلقة "إلا للتي طلقت" طلاقا "دون الثلاث" واحدة أو اثنتين "وللحامل" التي طلقت سواء "كانت مطلقة" طلقة "واحدة" أو اثنتين "أو ثلاثا" وتقييد وجوب النفقة للأولى بما دون الثلاث احتراز مما لو طلقت ثلاثا فإنه لا نفقة وقيدوه أيضا بما إذا

ص: 489

ولا نفقة للمختلعة إلا في الحمل ولا نفقة للملاعنة وإن كانت حاملا ولا نفقة لكل معتدة من وفاة ولها السكنى إن كانت الدار للميت أو قد نقد كراءها ولا تخرج من بيتها في طلاق أو وفاة حتى تتم العدة إلا أن يخرجها رب الدار ولم يقبل من الكراء ما يشبه كراء المثل فلتخرج

ــ

كان الطلاق رجعيا احترازا من الخلع وإليه أشار بقوله: "ولا نفقة للمختلعة إلا في الحمل" لا مفهوم لها بل كل مطلقة طلاقا بائنا لا نفقة لها ما لم تكن حاملا "ولا نفقة للملاعنة ولو كانت حاملا و" كذلك "لا نفقة" ولا كسوة "لكل معتدة من وفاة" سواء كانت حاملا أم لا صغيرة كانت أو كبيرة دخل بها أم لم يدخل مسلمة كانت أو كتابية لأنه بموت الزوج صار المال للورثة "ولها" أي وللمعتدة من الوفاة "السكنى إن كانت" مدخولا بها وكانت "الدار للميت أو" كان الميت "قد" أكراها و "نقد كراءها" والتقييد بمدخول بها احتراز من غيرها فإنه لا سكنى لها إلا أن يكون قد أسكنها قبل موته "ولا تخرج" المعتدة "من بيتها" خروج نقلة لغير ضرورة سواء كانت معتدة "في طلاق أو وفاة حتى تتم العدة" والتقييد بخروج النقلة لأجل الاحتراز عن خروجها في حوائجها فإنه جائز لكن لا تبيت إلا في بيتها وظاهر كلامه أنها لا تخرج ولو لحجة الإسلام وهو كذلك "إلا أن يخرجها رب الدار" التي انقضت مدة كرائها "ولم يقبل من الكراء ما يشبه كراء المثل" مثل أن تكون بأربعة ويزيد درهمين "فلتخرج

ص: 490

وتقيم بالموضع الذي تنتقل إليه حتى تنقضي العدة والمرأة ترضع ولدها في العصمة إلا أن يكون مثلها لا يرضع وللمطلقة رضاع ولدها على أبيه ولها أن تأخذ أجرة رضاعها إن شاءت والحضانة للأم بعد الطلاق إلى احتلام الذكر ونكاح الأنثى ودخول بها

ــ

و" إذا خرجت فإنها "تقيم بالموضع الذي تنتقل إليه" ويصير لها بمنزلة الذي خرجت منه فيلزمها فيه ما كان يلزمها في الأول حتى تنقضي العدة ثم انتقل يتكلم على رضاع المرأة ولدها فقال: "والمرأة ترضع" أي يجب عليها أن ترضع "ولدها" إذا كانت "في العصمة" أي عصمة أبيه أو كانت مطلقة طلاقا رجعيا وليس لها أجر في نظير ذلك ولا حد لأقل الرضاع وأكثره حولان بنص القرآن "إلا أن يكون مثلها لا يرضع" لعلو قدرها فلا يلزمها إلا إذا كان الولد لا يقبل غيرها فإنه يلزمها إرضاعه "وللمطلقة" طلاقا بائنا أو رجعيا وخرجت من العدة "رضاع ولدها" أي بالأجرة وترجع بها "على أبيه" أفهم كلامه أن الرضاع حق لها لا عليها لما رواه أبو داود من قوله صلى الله عليه وسلم للمرأة التي طلقها زوجها وأراد أن يأخذ ولدها منها: "أنت أحق به منه ما لم تنكحي" "والحضانة" حق "للأم" حرة كانت أو أمة مسلمة كانت أو كتابية رشيدة أو سفيهة على طريقة ابن عرفة "بعد الطلاق" وبعد الوفاة ما لم تسقطها "إلى احتلام الذكر" أي المحقق فالخنثى المشكل تستمر حضانته ما دام مشكلا "و" إلى "نكاح الأنثى ودخول بها" ولا يكفي الدعوى للدخول بل لا بد من

ص: 491

وذلك بعد الأم إن ماتت أو نكحت للجدة ثم للخالة فإن لم يكن من ذوي رحم الأم أحد فالأخوات والعمات فإن لم يكونوا فالعصبة ولا يلزم الرجل النفقة إلا على زوجته

ــ

الدخول وإن صغيرين واستمرت نفقتها على أبيها "وذلك" أي الحضانة تنتقل "بعد الأم إن ماتت أو نكحت للجدة" أم الأم ثم الجدة من جهة الأم وإن بعدت "ثم" بعد جدة الأم ينتقل الحق "للخالة" أي خالة الطفل أخت أمه الشقيقة ثم التي للأم ثم التي للأب ثم من بعد الخالة ينتقل الحق لخالة خالة الطفل وهي أخت جدة الطفل لأمه ثم من بعدها للجدة التي للأب أي أم الأب ثم الجدة من جهة الأب "فإن لم يكن من ذوي رحم الأم أحد" مثل خالة الأم ولا من غير ذوي رحم الأم وهي الجدة للأب أي الجدة من جهة الأب وهي أم الأب وجدة الأب "فـ" المستحق حينئذ للحضانة "الأخوات" فتقدم الشقيقة ثم التي للأم ثم التي للأب "و" يلي الأخوات "العمات" على الترتيب المذكور "فإن لم يكونوا" صوابه يكن لأن ذلك راجع للأخوات والعمات لكن ذكر باعتبار الأشخاص التقدير فإن لم يكن أحد ممن ذكر موجودا أو كان إلا أنه سقط لمانع "فـ" المستحق للحضانة حينئذ "العصبة" فيه نظر بل الأب مقدم على الأخوات قال في التوضيح ووجه تقديم بعض الحاضنين على بعض على الترتيب المتقدم قوة الشفقة في المقدم ولذا لو علم قلة الحنان والشفقة ممن كانت مرتبته التقديم في الحضانة وعلم الشفقة والعطف ممن مرتبته التأخير في الحضانة لقدم هذا على ذاك "ولا يلزم الرجل" الموسر "النفقة" من قوت وأدم وكسوة ومسكن "إلا على زوجته" التي دخل بها ولو صغيرة أو مريضة أو التي

ص: 492

كانت غنية أو فقيرة وعلى أبويه الفقيرين وعلى صغار ولده الذين لا مال لهم على الذكور حتى يحتلموا ولا زمانة بهم وعلى الإناث حتى ينكحن ويدخل بهن أزواجهن ولا نفقة لمن سوى هؤلاء من الأقارب

ــ

دعته للدخول بها وهي مطيقة لوطئه مع بلوغه وليس أحدهما مشرفا على الموت سواء "كانت غنية أو فقيرة" مسلمة كانت أو كتابية حرة أو أمة وتطلق عليه بعد التلوم بالعجز عنها إلا أن تكون تزوجته عالمة بفقره وعجزه عن النفقة "و" لا يلزمه النفقة على أحد من أقاربه إلا في صورتين إحداهما "على أبويه الفقيرين" الحرين مسلمين كانا أو كافرين إذا كان حرا واعترف بفقرهما أما إذا أنكر فقرهما فعلى الأبوين إثبات عدمهما ولا يحلفان مع ذلك لأن تحليفهما عقوق "و" الأخرى "على صغار ولده الذين لا مال لهم" أما لزوم النفقة "على" الأولاد الصغار "الذكور" الأحرار ولو كانوا كفارا فإنها مستمرة عليهم "حتى يحتلموا و" الحال أنه "لا زمانة" أي لا آفة "بهم" تمنعهم من الكسب وأما لو بلغ مجنونا أو زمنا أو أعمى فتستمر نفقته على الأب "و" أما لزومها "على الإناث" الأحرار فهي مستمرة عليهن "حتى ينكحن ويدخل بهن" أي يطأهن "أزواجهن" أو يدعى إلى الدخول وهو بالغ والزوجة ممن يوطأ مثلها فإذا طلقها زوجها أو مات عنها فلا تعود نفقتها على الأب إن كانت بالغة وتعود إن كانت غير بالغة "ولا نفقة" على الرجل "لمن سوى هؤلاء" المذكورين "من الأقارب" كالجد وأولاد الأولاد لأن نفقة القرابة إنما تجب ابتداء لا انتقالا ونفقة الجد لازمة للابن فلا تنتقل إلى بنيه ونفقة أولاد الأولاد

ص: 493

وإن اتسع فعليه إخدام زوجته وعليه أن ينفق على عبيده ويكفنهم إذا ماتوا واختلف في كفن الزوجة فقال ابن القاسم في مالها وقالعبد الملك في مال الزوج وقال سحنون إن كانت ملية ففي مالها وإن كانت فقيرة ففي مال الزوج

ــ

لازمة لأبيهم فلا تنتقل إلى جدهم "وإن اتسع" أي أيسر الزوج "فعليه" وجوبا "إخدام زوجته" الشريفة التي لا تخدم نفسها "وعليه" أي المالك المفهوم من السياق وجوبا "أن ينفق على عبيده" في حياتهم "ويكفنهم إذا ماتوا" والأصل في وجوب النفقة ما في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة ما ترك عن غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول المرأة تقول: إما أن تطعمني وإما أن تطلقني ويقول العبد: أطعمني واستعملني ويقول الولد: أطعمني إلى من تدعني ""واختلف في كفن الزوجة" الحرة وقيل والأمة المدخول بها أو التي دعي إلى الدخول بها "فقال ابن القاسم" وسحنون هو "في مالها" ولا يلزم الزوج غنية كانت أو فقيرة لأن الكفن من توابع النفقة وهي إنما كانت لمعنى وهو الاستمتاع وقد ذهب بالموت وإذا ذهب المتبوع ذهب التابع "وقال" مالك في الواضحة و "عبد الملك" قيل هو ابن حبيب وقيل هو ابن الماجشون هو "في مال الزوج" وإن كانت غنية لأن علاقة الزوجية باقية بدليل أنه يغسلها ويطلع على عورتها والموارثة قائمة بينهما "وقال" مالك في العتبية "وسحنون" أيضا "إن كانت مليئة فهو في مالها وإن كانت فقيرة فـ" هو "في مال الزوج"

ص: 494