الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في صلاة الاستسقاء
.
وصلاة الاستسقاء سنة تقام يخرج لها الإمام.
ــ
"باب في" بيان حكم "صلاة الاستسقاء" وبيان الوقت الذي تفعل فيه وهو من ضحوة النهار إلى زوال الشمس وفي بيان المحل الذي تفعل فيه وهو الصحراء وفي بيان صفتها والاستسقاء لغة طلب السقي وشرعا طلب السقي من الله تعالى لقحط نزل بهم أو غيره القحط احتباس المطر أفاده المصباح وغير القحط كتخلف نهر "وصلاة الاستسقاء" أي حكمها أنها "سنة تقام" أي تفعل أي تتأكد أن تصلى ولا تترك خلافا لأبي حنيفة رحمه الله أنها غير مشروعة والدليل على مشروعيتها ما في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى فاستقى أي طلب السقيا من الله تعالى واستقبل القبلة وقلب رداءه وصلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة والواو لا تقتضي ترتيبا فلا يخالف ما سيأتي من أن الدعاء بعد التحويل وبعد الاستقبال وبعد الصلاة "يخرج لها" أي لصلاة الاستسقاء "الإمام" زاد في رواية "والناس" وظاهرها العموم وليس كذلك فإنهم قسموا من يخرج لها ومن لا يخرج لها على ثلاثة أقسام قسم يخرج لها باتفاق وهم المسلمون المكلفون ولو أرقاء والمتجالات من النساء والصبيان الذين يعقلون القرب وقسم لا يخرج لها اتفاقا وهن الشابات من النساء المفتنات والنفساء والحائض وقسم اختلف فيه وهم الصبيان الذين لا يعقلون القرب والشابات غير المفتنات وأهل الذمة والمشهور فيها عدا أهل الذمة عدم الخروج وأما أهل الذمة فالمشهور أنهم يخرجون مع الناس لا قبلهم ولا بعدهم ويكونون غير مخالطين للناس بل منفردين في جهة ولا ينفردون بزمن خشية أن يسبق القضاء في ذلك الوقت فيفتتن بذلك ضعفة الناس ويستحب أن يأمر الإمام الناس بالتوبة
كما يخرج للعيدين ضحوة فيصلي بالناس ركعتين يجهر فيهما بالقراءة يقرأ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} وفي
ــ
ورد المظالم وذلك قبل خروجهم إلى المصلى لأن الذنوب سبب المصائب قال الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} وسبب منع الإجابة كما جاء في الحديث قد بينه الفاكهاني بقوله: "العبد الأشعث الأغبر يمد يديه إلى السماء يا رب! يا رب! ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك" ويأمرهم بالصدقة والإحسان ويستحب صيام ثلاثة أيام قبل الاستسقاء ويخرجون في ثياب البذلة والمهنة وعليهم السكينة والوقار والمشهور أن الإمام لا يكبر عند خروجه إليها وقوله: "كما يخرج للعيدين" يحتمل أن يكون التشبيه فيه للمصلى أي يخرج لها الإمام إلى المصلى كما يخرج للعيدين أي في غير أهل مكة وأما هم فيستسقون بالمسجد الحرام كما أنهم يصلون فيه وحينئذ يكون قوله: "ضحوة" بيانا لوقت الخروج لا تكرارا فإذا وصل الإمام إلى المصلى "فـ" إنه "يصلي بالناس ركعتين" فقط باتفاق من يقول بمشروعيتها ويجوز التنفل قبلها وبعدها ونقل ابن حبيب عن ابن وهب كراهة ذلك قياسا على صلاة العيد والقائل بالجواز يفرق بأن الاستسقاء يقصد فيه التقرب بالحسنات لترفع العقوبات ولا كذلك العيد "ويجهر فيهما بالقراءة" اتفاقا لما صح أنه صلى الله عليه وسلم جهر فيهما بالقراءة يقرأ في الركعة الأولى "بـ" أم القرآن و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ونحوها وفي الركعة الثانية: بأم القرآن {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ونحوها وإنما خص هاتين السورتين بالذكر لأنه صلى الله عليه وسلم قرأ بهما فيهما روي قوله "وفي
كل ركعة سجدتان وركعة واحدة ويتشهد ويسلم ثم يستقبل الناس بوجهه فيجلس جلسة فإذا اطمأن الناس قام متوكئا على قوس أو عصا فخطب ثم جلس ثم قام فخطب فإذا فرغ استقبل القبلة فحول رداءه يجعل ما على منكبه الأيمن على الأيسر وما على
ــ
كل ركعة سجدتين" بالنصب والصواب سجدتان على أنه مبتدأ وخبر ووجه النصب بإضمار فعل التقدير يسجد سجدتين "و" روي قوله: "ركعة واحدة" بالنصب وهو الصواب لأنه معطوف على منصوب وبالرفع ولا وجه له لأنه لم يتقدم ما يعطف عليه ويعني بالركعة الركوع وإنما أكدها بواحدة احترازا من صلاة الكسوف "و" إذا فرغ من سجود الركعة الثانية "يتشهد ويسلم ثم" إذا سلم فإنه "يستقبل الناس بوجهه" أي ندبا وهو جالس على الأرض لا يرقى منبرا لأن هذه الحالة يطلب فيها التواضع "فـ" إذا استقبلهم "يجلس جلسة" بفتح الجيم ليأخذ الناس أمكنتهم "فإن اطمأن الناس" في أمكنتهم "قام" الإمام على جهة الاستحباب حالة كونه "متوكئا على قوس أو عصا فخطب ثم جلس ثم قام فخطب" أخذ من كلامه أن الخطبة في الاستسقاء نظير الخطبة في العيدين في كونها بعد الصلاة وفي كونها يجلس فيها أولا وثانيا وهو المشهور لفعله عليه الصلاة والسلام ذلك "فإذا فرغ" الإمام من خطبته "استقبل القبلة" وهو في مكان "فحول رداءه" تفاؤلا بتحويل حالهم من الشدة إلى الرخاء وصفة التحويل أن "يجعل ما على منكبه الأيمن على منكبه الأيسر وما على"
الأيسر على الأيمن ولا يقلب ذلك وليفعل الناس مثله وهو قائم وهم قعود ثم يدعو كذلك ثم ينصرف وينصرفون ولا يكبر فيها ولا في الخسوف غير تكبيرة الإحرام والخفض والرفع
ــ
منكبه "الأيسر على" منكبه "الأيمن" لفعله عليه الصلاة والسلام "ولا يقلب ذلك" أي رداءه قال سند لأنه لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم ذلك ولا عن أحد بعده وصفة القلب أن يجعل الحاشية السفلى من فوق والعليا من أسفل لما في ذلك من التشاؤم نظرا لقوله تعالى: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} وأما تحويل ما على الأيمن على الأيسر فلا يمكن إلا مع جعل باطن الرداء ظاهرا وظاهره باطنا "وليفعل الناس" الذكور دون الإناث "مثله" أي مثل الإمام إن كانوا أصحاب أردية فيحولون أرديتهم وهم جلوس وأما الإمام فيحول "وهو قائم وهم قعود ثم يدعو كذلك" وهو قائم مستقبل القبلة جهرا ويكون الدعاء بين الطول والقصر ومن دعائه صلى الله عليه وسلم: "اللهم اسق عبادك وبهيمتك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت" ويستحب لمن قرب من الإمام أن يؤمن على دعائه ويرفع يديه وبطونهما إلى الأرض وروي إلى السماء "ثم ينصرف وينصرفون" على المشهور وقيل يرجع مستقبلا للناس يذكرهم ويدعو ويؤمنون على دعائه ثم ينصرفون "ولا يكبر فيها" أي في صلاة الاستسقاء "ولا في" صلاة "الخسوف غير تكبيرة الإحرام و" تكبيرة "الخفض والرفع" وكذا لا يكبر في الخطبة ويستبدل التكبير بالاستغفار فيقول استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ويكثر في أثناء الخطبتين من قوله: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ