الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في صلاة الخوف
وصلاة الخوف
ــ
"باب في" بيان صفة "صلاة الخوف" قال البدر القرافي: يمكن رسمها بأنها فعل فرض من الخمسة ولو جمعة مقسوما فيه المأمومون قسمين مع الإمكان ومع عدمه لا قسم في قتال مأذون فيه فيدخل قتال المحاربين وكل قتال جائز وحكمها الوجوب أي وجوب السنن وقال ابن المواز إنها رخصة واقتصر عليه صاحب المختصر لصدق الرخصة عليها وهي الحكم المشروع لعذر مع قيام المحرم كأكل الميتة فهو مشروع لعذر وهو الاضطرار مع قيام المحرم أي مع وجود المحرم وهو الخبث في الميتة وعلى قياسه يقال هنا وهي المشروع لعذر وهو الخوف مع قيام المحرم وهو أنه تغيير عن الصلاة الشرعية ولا تنافي بين كونها سنة وبين كونها رخصة لأن الرخصة قد تكون واجبة كأكل الميتة للمضطر والدليل على ثبوت حكمها وأنها غير منسوخة الكتاب والسنة والإجماع وادعى المزني نسخها وهو مردود أما دليلها من الكتاب فقوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} وأما من السنة فمنها ما رواه يزيد بن رومان بسنده أن طائفة صلت مع النبي صلى الله عليه وسلم وطائفة وجاه العدو فصلى بالذي معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا وجاء العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم وأما الإجماع فقد صلاها بعد موته صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة منهم علي بن أبي طالب وأبو هريرة وأبو موسى ولم ينكر ذلك عليهم أحد من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وتفعل في السفر والحضر جماعة وفرادى وهذا إنما يظهر في صلاة الالتحام وقد بدأ بالكلام على صفتها في السفر جماعة لأن الخوف غالبا إنما يكون في السفر فقال: "وصلاة الخوف"
في السفر إذا خافوا العدو أن يتقدم الإمام بطائفة ويدع طائفة مواجهة العدو فيصلي الإمام بطائفة ركعة ثم يثبت قائما ويصلون لأنفسهم ركعة ثم يسلمون فيقفون مكان أصحابهم ثم يأتي أصحابهم فيحرمون
ــ
أي وصفتها "في" حال "السفر" أن المسلمين "إذا خافوا العدو" أي اعتقدوا ضرر العدو أو ظنوا ذلك والمراد بهم الكفار لأن قتالهم وهو محل الرخصة وقاسوا عليه قتال المحاربين "أن يتقدم الإمام بطائفة ويدع طائفة مواجهة للعدو" ظاهره كالمختصر كان العدو في جهة القبلة أو لا وهو كذلك خلافا للإمام أحمد أنه إذا كان العدو جهة القبلة صلوا مع الإمام جميعا من غير قسم لنظرهم للعدو ولا يشترط تساوي الطائفتين في القسمة خلافا لمن شرط ذلك والصحيح أن يكون كل طائفة عندها قدرة على العدو وتقاومه فإن كان العدو يقاوم بالنصف قسمهم نصفين وإن كان يقاوم بالثلث صلى بالثلث الركعة الأولى وبالثلثين الركعة الثانية وعلى الإمام أن يعلم الناس كيفيتها قبل أن يشرعوا في الصلاة خوفا من التخليط لعدم إلف أكثر الناس لها "فـ" بعد ذلك "يصلي الإمام بطائفة ركعة ثم يثبت قائما" أي بالطائفة فهم مؤتمون به إلى أن يستقل ثم يفارقونه فإذا أحدث عمدا قبل استقلاله بطلت عليهم أو سهوا أو غلبة استخلف هو أو هم وهو مخير بعد استقلاله قائما بين القراءة والدعاء والسكوت "و" أما الطائفة التي صلت معه ركعة فإنهم "يصلون لأنفسهم ركعة ثم يسلمون فـ" يذهبون "يقفون مكان أصحابهم" مواجهة العدو "ثم يأتي أصحابهم
خلف الإمام فيصلي بهم الركعة الثانية ثم يتشهد ويسلم ثم يقضون الركعة التي فاتتهم وينصرفون هكذا يفعل في صلاة الفرائض كلها إلا المغرب فإنه يصلي بالطائفة الأولى ركعتين وبالثانية ركعة
ــ
فيحرمون خلف الإمام فيصلي بهم الركعة الثانية ثم يتشهد" الإمام "ويسلم" على المشهور ومقابله لا يسلم بل يشير للطائفة الثانية فتقوم للركعة الثانية التي بقيت عليهم فيصلونها ويسلم بها فتدرك معه الثانية السلام كما أدركت الأولى الإحرام وعلى المشهور من أن الإمام يسلم ولا ينتظر الطائفة الثانية الذين صلوا معه ركعة أنهم يفارقون الإمام "ثم يقضون الركعة" الأولى "التي فاتتهم" معه "وينصرفون" وقوله: "وهكذا يفعل في صلاة الفرائض كلها" توطئة لقوله: "إلا المغرب فإنه" أي الإمام "يصلي بالطائفة الأولى ركعتين" ويتشهد فإذا تم تشهده ثبت قائما على المشهور ويشير إلى الطائفة الأولى بالقيام فإذا قاموا أتموا صلاتهم لأنفسهم ثم يتشهدون ويسلمون وينصرفون فيقفون في مكان أصحابهم ثم تأتي الطائفة الثانية فيحرمون خلفه "و" يصلي بهم أي "بـ" الطائفة "الثانية ركعة" ثم يتشهد ويسلم ثم يقضون لأنفسهم الركعتين اللتين فاتتهم بالفاتحة وسورة ثم ينصرفون وهذه الصفة التي ذكرها الشيخ هي المشهورة من قول مالك وصحح فعلها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولها شرطان الأول أن يكون القتال جائزا أي مأذونا فيه فيشمل الواجب كقتال أهل الشرك والبغي والمباح كقتال مريد المال وأن يكون الذين صلوا مع الإمام يمكنهم الترك فلو كان العدو بحيث لا يقاومه المرصد له لم يجز الثاني إذا انقطع الخوف في أثناء الصلاة أتموا على صفة الأمن وإن
وإن صلى بهم في الحضر لشدة خوف صلى في الظهر والعصر والعشاء بكل طائفة ركعتين ولكل صلاة أذان وإقامة وإذا اشتد الخوف عن ذلك صلوا وحدانا بقدر طاقتهم مشاة
ــ
حصل الأمن بعد الصلاة لا إعادة عليهم هذه صفة صلاة الخوف في السفر وأما صفتها في الحضر فأشار إليها بقوله: "وإن صلى" الإمام "بهم" أي بمن معه "في الحضر لشدة خوف صلى" بهم "في الظهر والعصر والعشاء بكل طائفة ركعتين" وعبارة الجلاب أكثر فائدة وأوضح من عبارة الشيخ ونصها إذا نزل الخوف في صلاة الحضر لم يجز قصر الصلاة وجاز تفريقهم فيها فيصلي الإمام بإحدى الطائفتين ركعتين ويجلس ويتشهد ثم يشير إليهم بالقيام للإتمام وقد قيل إنه يقوم إذا قضى تشهده فينتظر إتمامهم وانصرافهم ومجيء الآخرين قائما يعني ساكتا أو داعيا لا قارئا ثم يصلي بالطائفة الثانية الركعتين الباقيتين ثم يسلم وينصرف ويقضون ما فاتهم بعد سلامه وقد قيل ينتظرهم حتى يقضوا ما فاتهم ثم يسلم ويسلمون بسلامه اه والأول هو المشهور "ولكل صلاة" مما تقدم في السفر والحضر جماعة "أذان وإقامة" لأن كل صلاة فرض مجتمع لها في السفر مطلقا وفي الحضر إن طلبت غيرها أذان وإقامة ثم أشار إلى صفة صلاة الخوف فرادى فقال: "وإذا اشتد الخوف عن ذلك" أي عن صلاة الجماعة على الصفة المتقدمة "صلوا وحدانا" أي فرادى "بقدر طاقتهم" فإن قدروا على الركوع والسجود فعلوا ذلك وإن لم يقدروا على شيء من ذلك صلوا إيماء ويكون إيماؤهم للسجود أخفض من الركوع "مشاة" أي غير راكبين