المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في السلام والاستئذان والتناجي والقراءة والدعاء وذكر الله والقول في السفر - الثمر الداني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني

[صالح بن عبد السميع الأزهري]

فهرس الكتاب

- ‌مدخل

- ‌باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات

- ‌باب ما يجب منه الوضوء والغسل

- ‌باب طهارة الماء والثوب

- ‌باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه

- ‌باب في الغسل

- ‌باب فيمن لم يجد الماء وصفة التيمم

- ‌باب في المسح على الخفين

- ‌باب في أوقات الصلاة وأسمائها

- ‌باب في الأذان والإقامة

- ‌باب صفة العمل في الصلوات المفروضة وما يتصل بها من النوافل والسنن

- ‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم

- ‌باب جامع في الصلاة

- ‌باب في سجود القرآن

- ‌باب في صلاة السفر

- ‌باب في صلاة الجمعة

- ‌باب في صلاة الخوف

- ‌باب في صلاة العيدين والتكبير أيام منى

- ‌باب في صلاة الخسوف

- ‌باب في صلاة الاستسقاء

- ‌باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت

- ‌باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت

- ‌باب في الدعاء للطفل والصلاة عليه وغسله

- ‌باب في الصيام

- ‌باب في الاعتكاف

- ‌باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن وذكر الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين

- ‌باب في زكاة الماشية وزكاة الإبل والبقر والغنم

- ‌باب في زكاة الفطر

- ‌باب في الحج والعمرة

- ‌باب في الضحايا والذبائح والعقيقة والصيد والختان وما يحرم من الأطعمة والأشربة

- ‌باب في الجهاد

- ‌باب في الأيمان والنذور

- ‌باب في النكاح والطلاق والرجعة والظهار والإيلاء واللعان والخلع والرضاع

- ‌باب في العدة والنفقة والاستبراء

- ‌باب في البيوع وما شاكل البيوع

- ‌باب في الوصايا والمدبر والمكاتب والمعتق وأم الولد والولاء

- ‌باب في الشفعة والهبة والصدقة والحبس والرهن والعارية والوديعة واللقطة والغصب

- ‌باب في أحكام الدماء والحدود

- ‌باب في الأقضية والشهادات

- ‌باب في الفرائض

- ‌باب جمل من الفرائض والسنن الواجبة والرغائب

- ‌باب في الفطرة والختان وحلق الشعر واللباس وستر العورة وما يتصل بذلك

- ‌باب في الطعام والشراب

- ‌باب في السلام والاستئذان والتناجي والقراءة والدعاء وذكر الله والقول في السفر

- ‌باب في التعالج وذكر الرقى والطيرة والنجوم والخصاء والوسم والكلاب والرفق بالمملوك

- ‌باب في الرؤيا والتثاوب والعطاس واللعب بالنرد وغيرها والسبق بالخيل والرمي وغير ذلك

الفصل: ‌باب في السلام والاستئذان والتناجي والقراءة والدعاء وذكر الله والقول في السفر

وأنت في الأكل بالخيار وقد أرخص مالك في التخلف لكثرة زحام الناس فيها.

ــ

الحرير "و" إن حضرت فـ "أنت في الأكل بالخيار" أي إن شئت أكلت وإن شئت لم تأكل "وقد أرخص مالك في التخلف" عن الإجابة لوليمة العرس "لكثرة زحام الناس فيها" لأن في حضورها حينئذ مشقة خصوصا لأهل الفضل والصلاح.

ص: 696

‌باب في السلام والاستئذان والتناجي والقراءة والدعاء وذكر الله والقول في السفر

ورد السلام واجب والابتداء به سنة.

ــ

"باب في" بيان "السلام" من حيث الحكم والصفة "و" في بيان "الاستئذان" حكما وصفة "و" حكم "التناجي و" في بيان "القراءة" أي بيان ما يتعلق به من طلب أو ترك أو قدر "و" في "الدعاء" أي ما يتعلق به من كونه كذا وكذا وفي موضع كذا "وذكر الله" سبحان وتعالى أي وفي حكم ذكر الله تعالى "والقول في السفر" أي ما يقوله إذا أراد سفرا وعكس في الباب فقدم الذكر على القراءة والدعاء وقدم الدعاء على القراءة وهذا الصنع جائز جاء مثله في القرآن قال الله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ} الآية وبدأ بحكم رد السلام فقال: "ورد السلام واجب" وجوب فروض الكفاية على المشهور "والابتداء به سنة" كفاية على المشهور

ص: 696

مرغب فيها والسلام أن يقول الرجل السلام عليكم ويقول الراد وعليكم السلام أو يقول سلام عليكم كما قيل له وأكثر ما ينتهي السلام إلى البركة أن تقول في ردك وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ولا تقل في ردك سلام الله عليك وإذا سلم واحد من الجماعة أجزأ عنهم

ــ

"مرغب فيها" أشار به إلى أنه سنة مؤكدة "والسلام" أي حقيقته "أن يقول الرجل: السلام عليكم" بصيغة الجمع كان المسلم عليه واحدا أو أكثر لأن الواحد كالجماعة من حيث وجود الحفظة معه "ويقول الراد: وعليكم السلام" بواو التشريك وتقديم الجار والمجرور "أو يقول: سلام عليكم" بتقديم السلام منكرا بغير واو وتأخير الجار والمجرور "كما قيل له" ظاهره تساويهما والأحسن ما ذهب إليه ابن رشد فإنه قال الاختيار أن يقول المبتدئ السلام عليكم ويقول الراد وعليكم السلام "وأكثر ما ينتهي السلام إلى البركة" فالزيادة على ذلك غلو وبدعة وإذا كان كذلك فيلزمك إذا سلم عليك إنسان وانتهى في سلامه إلى البركة "أن تقول في ردك" عليه "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ولا تقل في ردك" على من سلم عليك "سلام الله عليك" لأنه لم يرد به خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا هو مأثور عن السلف الصالح "وإذا سلم واحد من الجماعة أجزأ عنهم" لأنه من سنن

ص: 697

وكذلك إن رد واحد منهم وليسلم الراكب على الماشي والماشي على الجالس والمصافحة حسنة وكره مالك المعانقة وأجازها ابن عيينة وكره مالك تقبيل اليد وأنكر ما روي فيه ولا تبتدأ اليهود والنصارى بالسلام فمن سلم على ذمي فلا يستقيله

ــ

الكفاية "وكذلك إن رد واحد منهم" أي من الجماعة المسلم عليهم أجزأ عن جماعتهم لأن ذلك من فروض الكفاية "وليسلم الراكب على الماشي والماشي على الجالس" لأمره عليه الصلاة والسلام بذلك "والمصافحة حسنة" أي مستحبة على المشهور ومقابله ما لمالك من رواية أشهب من كراهتها "وكره" إمامنا "مالك" رحمه الله تعالى "المعانقة" وهي أن يجعل الرجل عنقه على عنق صاحبه "وأجازها" سفيان "بن عيينة" وهو من كبار أهل العلم والفضل "وكره مالك" رحمه الله "تقبيل اليد" أي يد الغير سواء كان الغير عالما أو سيدا أو أبا وهو ظاهر نص أهل المذهب لأنه من فعل الأعاجم الداعي إلى الكبر ورؤية النفس "وأنكر" مالك رحمه الله "ما روي فيه" من الأحاديث التي منها أن وفد عبد القيس لما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم ابتدروا يديه ورجليه وهو صحيح ومنها تقبيل سعد بن مالك يده صلى الله عليه وسلم "ولا تبتدأ اليهود والنصارى بالسلام" لما صح من نهيه عليه الصلاة والسلام عن ذلك "فمن سلم على ذمي" ظانا أنه مسلم "فلا يستقيله" أي لا يطلب منه الإقالة بأن يقول له إنما سلمت عليك ظنا مني أنك مسلم ولو

ص: 698

وإن سلم عليه اليهودي أو النصراني فليقل عليك ومن قال: عليك السلام بكسر السين وهي الحجارة فقد قيل ذلك والاستئذان واجب فلا تدخل بيتا فيه أحد حتى تستأذن ثلاثا فإن أذن لك وإلا رجعت ويرغب في عيادة المرضى

ــ

علمت أنك كافر ما سلمت عليك فرد علي سلامي الذي سلمته عليك "وإن سلم عليه" أي على المسلم "اليهودي أو النصراني فليقل" له في الرد عليه "عليك" بغير واو لما في مسلم: "أن اليهود إذا سلموا عليكم يقول أحدهم: السام عليكم" فالمناسب لذلك أن يقول في الرد عليك أو عليكم بغير واو ليكون دعاء عليه لأن المراد عليك أو عليكم السام واللعنة والسام الموت "ومن قال" في الرد عليه "عليك السلام بكسر السين وهي الحجارة فقد قيل ذلك" أي يجوز ذلك وفي العبارة حذف والتقدير ومن قال كذا فلا لوم عليه لأنهم قد قالوا بجواز ذلك "و" أما "الاستئذان" وهو طلب الإذن على أهل البيت في الدخول عليهم فـ "واجب" وجوب الفرائض لقوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} فمن تركه فهو عاص لله ورسوله فإذا كان كذلك "فلا تدخل بيتا فيه أحد حتى تستأذن ثلاثا" أي ثلاث مرات كان ذلك الأحد محرما أو غيره مما لا يحل لك النظر إلى عورته بخلاف الزوجة والأمة وصفة الاستئذان أن تقول: أأدخل ثلاث مرات "فإن أذن لك" فادخل "وإلا رجعت" وقوله: "ويرغب في عيادة المرضى" تقدم وليس لذكره هنا مناسبة لا بما قبله ولا بما بعده

ص: 699

ولا يتناجى اثنان دون واحد وكذلك جماعة إذا أبقوا واحدا منهم وقد قيل لا ينبغي ذلك إلا بإذنه وذكر الهجرة قد تقدم في باب قبل هذا قال معاذ بن جبل ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله وقال عمر أفضل من ذكر الله باللسان ذكر الله عند أمره ونهيه ومن

ــ

"ولا يتناجى" قال ابن عمر: التناجي التسارر بالكلام ليخفي ذلك عن الغير "اثنان دون واحد" في سفر أو حضر "وكذلك جماعة إذا أبقوا واحدا منهم" لا يتناجون دونه "وقد قيل لا ينبغي ذلك" أي تناجي اثنين مثلا دون واحد أو جماعة دونه "إلا بإذنه" فإن الحق له فإذا أسقطه سقط "وذكر الهجرة قد تقدم في باب قبل هذا" أي الهجران وقوله قد تقدم أي فلا حاجة لإعادته "قال معاذ بن جبل" الذي قال في حقه عليه الصلاة والسلام: "أعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل""ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر" يحتمل أن يريد الذكر باللسان أو القلب والذكر الكامل ما كان بالقلب واللسان "و" ما "قال عمر" بن الخطاب رضي الله عنه "أفضل من ذكر الله باللسان ذكر الله عند أمره ونهيه" لا ينافي أن أكمل الذكر الجمع بينهما وذكر القلب نوعان أجلهما الفكر في عظمة الله تعالى وجلاله وجبروته وآياته في سمائه وأرضه ويليه ذكره بالقلب عند الأمر والنهي فيمتثل ما أمر به وينتهي عما نهي عنه "ومن

ص: 700

دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما أصبح وأمسى اللهم بك نصبح وبك نمسي وبك نحيا وبك نموت ويقول في الصباح وإليك النشور وفي المساء وإليك المصير وروي مع ذلك اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا في كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو ذنب تغفره أو شدة تدفعها أو فتنة تصرفها

ــ

دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما أصبح وأمسى اللهم" يا الله "بك نصبح وبك نمسي وبك نحيا وبك نموت وتقول" زيادة على ذلك إن كنت "في الصباح وإليك النشور" أي نشور الخلائق إليك أي مشيهم إلى جزائك "و" إن كنت "في المساء" قلت "وإليك المصير" أي وإليك الرجوع بالموت وهذا الحديث خرجه أصحاب السنن الأربعة الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه "وروي" أنه يقول "مع ذلك" الدعاء المتقدم في الصباح "اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا في كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور" أي هدى وهو خلق القدرة على الطاعة "تهدي به أو رحمة تنشرها" أي تظهرها "أو رزق تبسطه" أي تكثره "أو ضر تكشفه" أي تزيله "أو ذنب" نهيت عنه "تغفره" أي تستره "أو شدة" وهي ما يصيب الإنسان من الكروب والأحزان "تدفعها" أي تزيلها "أو فتنة" وهي كل ما يشغل عن الله من أهل ومال وولد "تصرفها"

ص: 701

أو معافاة تمن بها برحمتك إنك على كل شيء قدير ومن دعائه عليه السلام عند النوم أنه كان يضع يده اليمنى تحت خده الأيمن واليسرى على فخذه الأيسر ثم يقول: "اللهم باسمك وضعت جنبي وباسمك أرفعه اللهم إن أمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به الصالحين من عبادك اللهم إني أسلمت نفسي إليك وألجأت ظهري إليك وفوضت

ــ

أي تصرف الاشتغال بها أي تزيله "أو معافاة تمن بها" أي تتفضل بها "برحمتك إنك على كل شيء قدير" وظاهر قوله وروي أنه حديث مرفوع وصرح به الأقفهسي وروي أنه من كلام ابن عمر رضي الله عنهما "ومن دعائه عليه" الصلاة و "السلام عند" إرادة "النوم" أنه كان "يضع يده اليمنى تحت خده الأيمن" بعد أن يضطجع على شقه الأيمن "و" يده "اليسرى على فخذه الأيسر ثم يقول: "اللهم باسمك وضعت جنبي وباسمك أرفعه اللهم إن أمسكت" أي قبضت "نفسي" قبض وفاة "فاغفر لها" أي فاستر ذنوبها "وإن أرسلتها" أي رددتها إلى جسدها "فاحفظها بما تحفظ به الصالحين من عبادك" أي لتوفيق ودفع مكاره دنيوية "اللهم إني أسلمت نفسي إليك" إذ لا قدرة لي على تدبيرها بالنظر في عواقب الأمور "وألجأت" أي أسندت "ظهري إليك" وهو كناية عن شدة التوجه والاعتماد عليه "وفوضت" أي وكلت تكرار لأنه إذا أسلمها

ص: 702

أمري إليك ووجهت وجهي إليك رهبة منك ورغبة إليك لا منجى ولا ملجأ منك إلا إليك أستغفرك وأتوب إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت إلهي لا إله إلا أنت رب قني عذابك يوم تبعث عبادك

ــ

فوضها وإذا فوضها أسلمها وهو مطلوب في الدعاء "أمري إليك" فافعل بي ما تريد "ووجهت وجهي إليك" أي وجهت نفسي إليك فهو بمعنى أسندت ظهري إليك "رهبة منك" أي خوفا منك أي راهبا وخائفا منك "ورغبة إليك" أي طمعا في رحمتك أي طامعا في رحمتك "لا منجى" أي لا مهرب "ولا ملجأ منك" أي لا مرجع منك فالمهرب والمرجع كل منهما مصدر ميمي والتقدير لا هروب ولا رجوع منك "إلا إليك أستغفرك" أي أطلب منك مغفرتك "وأتوب" أي أرجع "إليك" من أفعال مذمومة إلى أفعال محمودة "آمنت" أي صدقت "بكتابك" أي القرآن "الذي أنزلته" على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم "و" آمنت "برسولك" والذي في صحيح مسلم نبيك "الذي أرسلت فاغفر لي ما قدمت" من الذنوب "وما أخرت" من التوبة لأن تأخيرها معصية كبيرة "وما أسررت" أي الذي عملته سرا "وما أعلنت" أي الذي عملته جهرا "أنت إلهي لا إله إلا أنت" أي أنت المعبود بحق "رب قني عذابك" أي يا رب نجني منه "يوم تبعث عبادك"

ص: 703

ومما روي في الدعاء عند الخروج من المنزل: "اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي" وروي في دبر كل صلاة أن يسبح الله ثلاثا وثلاثين ويكبر الله ثلاثا وثلاثين ويحمد الله ثلاثا وثلاثين ويختم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وعند الخلاء تقول: الحمد لله الذي رزقني لذته وأخرج عني مشقته

ــ

أي تحييهم ومما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء عند الخروج من المنزل "اللهم إني أعوذ بك" أي أتحصن بك "أن أضل" أي أنفك عن الحق بنفسي "أو أضل" أي يضلني غيري عنه "أو أزل" أي أزيغ عن الحق "أو أزل" أي يزيغني غيري عنه "أو أظلم أو أظلم" أي سلمني أن أظلم أحدا أو يظلمني أحد "أو أجهل أو يجهل علي" أي سلمني أن أسفه على أحد أو يسفه علي أحد "وروي" عن النبي صلى الله عليه وسلم "في دبر" بضم الدال بمعنى عقب "كل صلاة" مكتوبة "أن يسبح الله ثلاثا وثلاثين ويحمد الله ثلاثا وثلاثين ويكبر الله ثلاثا وثلاثين ويختم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير و" مما روي من الذكر "عند" الخروج "من الخلاء" وهو ما أعد لقضاء الحاجة أنك "تقول: الحمد لله الذي رزقني لذته" أي الطعام أي لذته عند أكله "وأخرج عني مشقته"

ص: 704

وأبقى في جسمي قوته وتتعوذ من كل شيء تخافه وعندما تحل بموضع أو تجلس بمكان أو تنام فيه تقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ومن التعوذ أن تقول: أعوذ بوجه الله الكريم وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر وبأسماء الله الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر ما ينزل من السماء

ــ

أي مشقة بقائه "وأبقى في جسمي قوته" وذلك أن العروق تتغذى من ذلك فتتقوى أعضاؤه على الطاعات "وتتعوذ من كل شيء تخافه" من إنس وجن وحيوان "وعند ما تحل بموضع أو تجلس بمكان أو تنام فيه تقول أعوذ بكلمات الله" أي القرآن "التامات" أي التي لا يعتريها نقص ولا باطل "من شر ما خلق" وتكررها ثلاث مرات كما في مسلم "ومن التعوذ أن تقول: أعوذ بوجه الله الكريم وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن" أي لا يتعداهن "بر ولا فاجر" البر المحسن والفاجر ضده ووقوع المكروه من البر ممكن "و" أعوذ "بأسماء الله الحسنى" وصفت بذلك لما استلزمته من معان حسنة مثلا وهاب معناه كثير الهبة وهذا يتضمن معنى هو كثرة حمد الحامدين وتعظيم المعظمين "كلها" تأكيد "ما علمت منها وما لم أعلم" يؤخذ منه أنها ليست محصورة في التسعة والتسعين قال القشيري إن لله ألف اسم ثلاثمائة في التوراة وثلاثمائة في الزبور وثلاثمائة في الإنجيل وتسعة وتسعين في القرآن وواحدا في صحف إبراهيم "من شر ما خلق وذرأ وبرأ" ألفاظ مترادفة معناها الإيجاد من العدم إلى الوجود "ومن شر ما ينزل من السماء"

ص: 705

ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن فتنة الليل والنهار ومن طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن ويقال في ذلك أيضا: ومن شر كل دابة ربي آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ويستحب لمن دخل منزله أن يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله ويكره العمل في المساجد من خياطة

ــ

كالصواعق "ومن شر ما يعرج فيها" أي يصعد في السماء مما هو سبب لنزول البلاء وهو سيئ الأعمال "ومن شر ما ذرأ في الأرض" أي خلق "ومن شر ما يخرج منها" مما له شر وأذية "ومن فتنة الليل والنهار" أي الفتنة الواقعة فيهما من المحن والابتلاءات "ومن طوارق الليل والنهار" أي حوادثهما التي تأتي بغتة "إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن ويقال في ذلك" أي التعوذ "أيضا ومن شر كل دابة" والمراد بها هنا كل ما اتصف بالدبيب وهو المشي "ربي آخذ بناصيتها" وهو مقدم الرأس وهذا مجاز مرسل بمعنى القهر والغلبة "إن ربي على صراط مستقيم" أي إن تصرف ربي على وجه مستقيم أي ليس فيه نقص ولا قصور "ويستحب لمن دخل منزله" أو بستانه أو حانوته أن يقول: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله" بعد أن يسلم إن كان ثم أحد وإلا قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين من قال ذلك كان حرزا لمنزله وحسبك قوله تعالى: {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} "ويكره" كراهة تحريم "العمل في المساجد من خياطة

ص: 706

ونحوها ولا يغسل يديه فيه ولا يأكل فيه إلا مثل الشيء الخفيف كالسويق ونحوه ولا يقص فيه شاربه ولا يقلم فيه أظفاره وإن قص أو قلم أخذه في ثوبه ولا يقتل فيه قملة ولا برغوثا وأرخص في مبيت الغرباء في مساجد البادية ولا ينبغي أن يقرأ في الحمام إلا الآيات اليسيرة ولا يكثر ويقرأ الراكب والمضطجع والماشي من قرية إلى قرية ويكره ذلك للماشي إلى السوق.

ــ

ونحوها ولا يغسل يديه فيه ولا يأكل فيه إلا الشيء الخفيف" مما لا يلوث "كالسويق" وهو القمح أو الشعير المقلي إذا طحن زاد في التحقيق سواء كان ملتوتا بسمن أو عسل "ونحوه" مما لا يلوث "ولا يقص فيه شاربه ولا يقلم أظفاره" لأنها أوساخ "وإن قص أو قلم أخذه في ثوبه" أي بحيث لا ينزل منه شيء على الأرض "ولا يقتل فيه قملة ولا برغوثا وأرخص في مبيت الغرباء في مساجد البادية" للضرورة مفهومه أنه لا يرخص ذلك في مساجد الحاضرة لوجود الفنادق فيها إذا وجد ما يعطيه أجرة وإلا بات للضرورة "ولا ينبغي أن يقرأ في الحمام إلا الآيات اليسيرة ولا يكثر" ومثله موضع القذر "ويقرأ الراكب والمضطجع" لأنها ذكر وقد أمر الله بالذكر في جميع هيئات الشخص قال تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} "و" كذا يقرأ "الماشي من قرية إلى قرية ويكره ذلك للماشي إلى السوق" أي سوق الحاضرة لا سوق البادية فلا

ص: 707

وقد قيل إن ذلك للمتعلم واسع ومن قرأ القرآن في سبع فذلك حسن والتفهم مع قلة القراءة أفضل وروي أن النبي عليه السلام لم يقرأه في أقل من ثلاث ويستحب للمسافر أن يقول عند ركوبه بسم الله اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال

ــ

كراهة "وقد قيل إن ذلك" أي قراءة الماشي إلى السوق "للمتعلم واسع" أي جائز "ومن قرأ القرآن في سبع" أي سبع ليال "فذلك حسن" أي مستحب لأنه عمل أكثر السلف "والتفهم مع قلة القراءة أفضل" من سرد حروفه بلا تفهم لقوله تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} "وروي أن النبي عليه" الصلاة و "السلام لم يقرأ القرآن في أقل من ثلاث" وهذا مع معرفته صلى الله عليه وسلم معانيه وفهم ما فيه "ويستحب للمسافر أن يقول عند ركوبه بسم الله اللهم أنت الصاحب" أي الحافظ "في السفر والخليفة في الأهل" أي الوكيل في حفظهم بعد سفري عنهم القائم بأمورهم "اللهم إني أعوذ بك من وعثاء" بسكون المهملة أي مشقة "السفر وكآبة" بفتح الكاف والهمز والمد الحزن وسوء الحال من فوات ما أريد "المنقلب" أي الرجوع "وسوء المنظر" أي ما يسيء النظر إليه "في الأهل والمال" بحيث يلحق

ص: 708

ويقول الراكب إذا استوى على الدابة: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} وتكره التجارة إلى أرض العدو وبلد السودان وقال النبي عليه السلام: "السفر قطعة من العذاب" ولا ينبغي أن تسافر المرأة مع غير ذي محرم منها سفر يوم وليلة فأكثر إلا في حج الفريضة خاصة في قول مالك في رفقة مأمونة وإن لم يكن معها ذو محرم فذلك لها.

ــ

الأهل والمال أمور مشقة أي تشق على النفس "ويقول إذا استوى على الدابة: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} أي الله {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} أي مطيقين قادرين {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} أي راجعون "وتكره التجارة إلى أرض العدو" لأن في ذلك تغريرا للإنسان بنفسه وماله وإذلالا للدين "وإلى بلد السودان" أي الكفار منهم للعلة المتقدمة "وقال النبي عليه" الصلاة و "السلام: "السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه" الحديث.

"ولا ينبغي" بمعنى لا يحل "أن تسافر المرأة مع غير ذي محرم منها سفر يوم وليلة فأكثر إلا في حج الفريضة خاصة في قول مالك" فإن لها أن تسافر مع غير ذي محرم لكن بشرط أن تكون "في رفقة مأمونة" من المسلمين فإن لم تجد رفقة مأمونة لا يجوز لها ذلك "وإن لم يكن معها ذو محرم فذلك لها" مرتبط بقوله: إلا في حج الفريضة فذلك لها

ص: 709