الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا بد له من فاعل، وهذه قضايا بدهية جلية واضحة، يشترك في العلم بها جميع العُقلاء، وهي أعظم القضايا العقلية، فمن ارتاب فيها أو شك في دلالتها فقد برهن على ضلاله، واختلال عقله (1).
المسلك الثاني: العدم لا يخلق شيئا:
من القواعد العقلية التي ينبغي للداعية إلى الله أن لا يغفلها في دعوته مع الملحدين قاعدة: العدم لا يخلق شيئا، فالعدم الذي لا وجود له لا يستطيع أن يصنع شيئا، لأنه غير موجود.
وإذا تأمل العاقل في المخلوقات التي تولد في كل يوم، من إنسان وحيوان، وتفكر في كل ما يحدث في الوجود من رياح وأمطار، وليل ونهار، وما يجري في كل حين من حركات منتظمة للشمس والقمر والنجوم والكواكب، إذا تأمل العاقل في هذا وغيره من التغيرات المحكمة التي تجري في الوجود في كل لحظة، فإن العقل يجزم بأن هذا كله ليس من صنع العدم، وإنما هو من صنع الخالق الموجود سبحانه وتعالى (2).
المسلك الثالث: الطبيعة الصماء لا تملك قدرة، وفاقد الشيء لا يعطيه:
من المعلوم عند جميع العقلاء أن الذي لا يملك مالًا لا يسأل الناس منه المال، والجاهل لا يأتي منه العلم؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
فمن زعم أن الطبيعة (3) خلقته أو خلقت شيئا فقد خالف العقل وحارب
(1) انظر: الرياض الناضرة لعبد الرحمن بن ناصر السعدي ص247، ومنهاج الجدل في القرآن الكريم؛ للدكتور زاهر بن عواض الألمعي ص138.
(2)
انظر: حاشية ثلاثة الأصول لمحمد بن عبد الوهاب، بقلم عبد الرحمن بن قاسم ص29، والإيمان للزنداني مع مجموعة من العلماء ص21، وكتاب التوحيد للزنداني 1/ 21.
(3)
الطبيعة عند الماديين بمعنى المادة، والمادة بمعنى الطبيعة، وهي هذه المخلوقات بما هي عليه من صفات. انظر: موقف الإسلام من نظرية ماركس، لأحمد العوايشه ص128، والإيمان للزنداني ص36.
الحق، لأن الكون يشهد أن خالقه حكيم عليم خبير، هاد رزَّاق، حافظ رحيم، واحد أحد، والطبيعة الجامدة لا تملك مثقال ذرة من ذلك.
ومن العجيب أن كل من زعم أن الطبيعة تخلق شيئًا فقد خالف مقتضى العقول؛ لأن الطبيعة لا تملك خبرة، ولهم خبرة، ولا تملك إرادة، ولهم إرادة، ولا تملك علمًا، ولهم علم! أمَا علموا أن فاقد الشيء لا يُعطيه:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} [الحج: 73](1) فلا بد أن يكون الخالق كاملًا كمالًا مطلقًا، بحيث يكون:
1 -
مستغنيًا عن غيره.
2 -
ويكون أولًا ليس له بداية.
3 -
وآخرًا ليس له نهاية.
4 -
لا يحدّه زمان.
5 -
لا يحده مكان.
6 -
قادرًا على كل شيء.
7 -
عالِمًا بكل شيء، ما كان، وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون.
وهذه الخصائص لا يمكن أن تكون إلا لله الكامل من كل الوجوه، وبذلك يسقط -بحمد الله تعالى- قول الماديين؛ لأن المادة لا تتصف بشيء من ذلك (2).
(1) سورة الحج، الآية 73.
(2)
انظر. موقف الإسلام من نظرية ماركس، لأحمد العوايشه ص125، 182، 187، ومذكرة في العقيدة الإسلامية للدكتور ناصر بن عقيل الطريفي ص9.