الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- في أغلب هذه الآيات - بصفة المغفرة أو العفو، ويأتي هذا الاقتران في الغالب بعد إشارة سابقة إلى خطأ واقع، أو تفريط في أمر محمود، وهذا أمر يتفق مع الحلم؛ لأنه تأخير عقوبة، قال سبحانه:{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [فاطر: 45](1).
ونجد أيضًا أن عددًا من الآيات التي وصفت الله بالحلم قد قرن فيها ذكر الحلم بالعلم، كقوله تعالى:{وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ} [الحج: 59](2) وهذا يفيد - والله أعلم بمراده - أن كمال الحلم يكون مع كمال العلم، وهذا من أعظم أركان الحكمة (3).
[الحلم من أعظم أركان الحكمة]
ومما يؤكد أن الحلم من أعظم أركان الحكمة - التي ينبغي للداعية أن يدعو بها إلى الله - تعالى - مدح النبي صلى الله عليه وسلم للحلم، وتعظيمه لأمره، وأنه من الخصال التي يحبها الله عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم للأشج:(4)«إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة» (5).
وسبب قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك للأشج ما جاء في حديث الوفد أنهم لما
(1) سورة فاطر، الآية 45.
(2)
سورة الحج، الآية 59.
(3)
انظر: أخلاق القرآن للشرباصي 1/ 185.
(4)
المنذر بن عائذ بن المنذر العصري، أشج عبد القيس، كان سيد قومه، رجع بعد إسلامه إلى البحرين مع قومه، ثم نزل البصرة بعد ذلك ومات بها رضي الله عنه. انظر: تهذيب التهذيب 10/ 267.
(5)
مسلم، في كتاب الإيمان، باب الأمر بالإيمان بالله - تعالى - ورسوله 1/ 48.
(6)
أبو داود، في الأدب، باب في قبلة الجسد 4/ 357، وأحمد 4، 3.