الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحدًا، فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر، يضرب هذا، ويجاهد هذا، ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم، {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} [غافر: 28] ثم رفع علي بردة كانت عليه، ثم بكى حتى اخضلت لحيته، ثم قَال علي: أنشدكم الله، أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر؟ فسكت القوم. ثم قال: ألا تجيبوني؛ فوالله لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض من مثل مؤمن آل فرعون، ذاك رجل يكتم إيمانه، وهذا رجل أعلن إيمانه (1).
2 -
تصديقه للنبي صلى الله عليه وسلم والحرص على حمايته:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«لما كذبني قريش قمت في الحجر، فجَلّى الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه» (2).
وقد افتتن ناس كثير عقب الإِسراء، فجاء ناس إلى أبي بكر فذكروا له قصة الإِسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، فقال أبو بكر: أشهد أنه صادق، فقالوا: وتصدقه بأنه أتى الشام في ليلة واحدة ثم رجع إلى مكة؟ قال: نعم، إني أصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء، فسُمّي بذلك الصديق (3).
(1) ذكره ابن كثير، وعزاه إلى البزار، انظر: البداية والنهاية 3/ 272، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 47: وفيه من لم أعرفه، ولكن لبعض هذا المتن شواهد في الأحاديث الصحيحة انظرها في صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب الإِمداد بالملائكة في غزوة بدر، 3/ 1383، والبخاري مع الفتح، كتاب المغازي، باب قوله تعالى: إذ تستغيثون ربكم. . . 7/ 287، وكتاب فضائل الصحابة، باب فضل أبي بكر رضي الله عنه، 7/ 22، 7/ 165، وانظر: حياة الصحابة للعلامة محمد يوسف الكاندهلوي 1/ 540، وحلية الأولياء 1/ 32، وانظر: تاريخ الخلفاء للحافظ جلال الدين السيوطي ص 37.
(2)
البخاري مع الفتح، كتاب مناقب الأنصار، باب حديث الإسراء 7/ 196.
(3)
انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري 7/ 199، وعزاه إلى البيهقي في الدلائل.
وقد كان رضي الله عنه يحرص على حماية النبي صلى الله عليه وسلم أشد الحرص، فقد ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه، فكأنهم فضلوا عمر على أبي بكر، فبلغ ذلك عمر، فقال: والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة انطلق إلى الغار ومعه أبو بكر، فجعل يمشي ساعة بين يديه، وساعة خلفه، حتى فطن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«يا أبا بكر، ما لك تمشي ساعة خلفي، وساعة بين يدي؟» فقال: يا رسول الله، أذكر الطلب فأمشي خلفك، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك، فقال:«يا أبا بكر، لو كان شيء لأحببت أن يكون بك دوني» ؛ " قال: نعم، والذي بعثك بالحق، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ لك الغار، فدخل فاستبرأه، حتى إذا كان ذكر أنه لم يستبرئ الجحرة (1) فقال: مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ، فدخل فاستبرأ، ثم قال: انزل يا رسول الله، فنزل. ثم قال عمر: والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر (2).
وعندما دخل أبو بكر الغار مع النبي صلى الله عليه وسلم صار يخاف عليه من قريش حينما رآهم، فقال رضي الله عنه وأرضاه: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى ما تحت قدميه لأبصرنا، فقال:«يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن فإن الله معنا» (3).
(1) الجحرة. مفردها: جحر، وهو المكان الذي تحفره السباع والهوام لأنفسها. انظر: المعجم الوسيط. مادة (جحر) 1/ 180.
(2)
الحاكم في المستدرك، وقال: هذا حديث صحيح لولا إرسال فيه ووافقه الذهبي 3/ 6، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية 3/ 180، وعزاه إلى البيهقي، وانظر: حياة الصحابة 1/ 339، وحلية الأولياء 1/ 33.
(3)
البخاري مع الفتح، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب المهاجرين وفضلهم 7/ 8، وكتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، 4/ 1854.