الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس السياسة الحكيمة
إذا سلك الداعية إلى الله مسلك السياسة الحكيمة في دعوته إلى الله تعالى، فسيكون لذلك عظيم الأثر في نجاح دعوته واكتسابه الحكمة، والوصول إلى الغاية المطلوبة بإذن الله تعالى.
والنبي صلى الله عليه وسلم هو أُسوتنا وقدوتنا، وإمام الدعاة إلى الله، قد سلك هذا المسلك، فنفع الله به العباد، وأنقذهم به من الشرك إلى التوحيد، وكان لسياسته الحكيمة عظيم النفع والأثر في نجاح دعوته، وإنشاء دولته، وقوَّة سلطانه، ورفعة مقامه، ولم يعرف في تاريخ السياسات البشرية أن رجلا من الساسة المصلحين في أي أمة من الأمم كان له مثل هذا الأثر العظيم، ومَن مِن المصلحين المبرزين- سواء كان قائدًا محنكا، أو مربيًا حكيمًا- اجتمع لديه من رجاحة العقل، وأصالة الرأي، وقوة العزم، وصدق الفراسة، ما اجتمع في رسول الله-صلى الله عليه وسلم؟ ولقد برهن على وجود ذلك فيه: صحة رأيه، وصواب تدبيره، وحسن تأليفه، ومكارم أخلاقه، صلى الله عليه وسلم (1).
فإذا قام الداعية بسلوك هذا المسلك بإخلاص، وصدق وعزيمة، اكتسب من الحكمة في الدعوة إلى الله مكتسبًا عظيمًا.
وطرق السياسة الحكيمة في الدعوة إلى الله- عز وجل كثيرة، منها ما يأتي:
1 -
تحري أوقات الفراغ، والنشاط، والحاجة عند المدعوين حتى لا يملوا عن الاستماع ويفوتهم من الإرشاد والتعليم النافع، والنصائح الغالية الشيء الكثير، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتخول أصحابه بالموعظة كراهة السآمة عليهم، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
(1) انظر: هداية المرشدين، للشيخ علي بن محفوظ ص24 و31.
«كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا» (1).
ولهذا طبق الصحابة هذه السياسة، فقد كان عبد الله بن مسعود يذكِّر الناس في كل خميس، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، لوددت أنك ذكرتنا كل يوم، قال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم، وإني أتخولكم بالموعظة كما «كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا» (2).
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا» (3).
2 -
ترك الأمر الذي لا ضرر في تركه ولا إثم، اتقاء للفتنة، فقد يجد الداعية قومًا استقر مجتمعهم وعاداتهم على أشياء لا تخالف الشريعة؛ ولكن فعل غيرها أفضل، فإذا علم الداعية أنه سيحصل فتنة إذا دعا إلى ترك هذا الأمر أو فعله فلا حرج ألا يدعو، فقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم هدم الكعبة وبناءها على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم اجتنابًا لفتنة قوم كانوا حديثي عهد بجاهلية، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:«يا عائشة، لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لأمرت بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما أخرج منه، وألزقته بالأرض، وجعلت له بابين: بابا شرقيًّا، وبابًا غربيًا، فبلغت به أساس إبراهيم» (4).
وفي رواية: «إن قومك قصرت بهم النفقة» ، قلت: فما شأن بابه
(1) البخاري مع الفتح، كتاب العلم، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا 1/ 162، وباب من جعل لأهل العلم أيامًا معلومة 1/ 163.
(2)
البخاري مع الفتح، كتاب العلم، باب من جعل لأهل العلم أيامًا معلومة 1/ 163.
(3)
البخاري مع الفتح كتاب العلم، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة 1/ 162، ومسلم، كتاب الجهاد، باب الأمر بالتيسير وترك التنفير3/ 1358.
(4)
البخاري مع الفتح، كتاب الحج، باب فضل مكة وبنيانها 3/ 439، ومسلم، في الحج، باب نقض الكعبة وبنائها 2/ 969.
مرتفعًا؟ قال: «فعل ذلك قومك لِيُدخِلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت، وأن ألصق بابه بالأرض» (1).
وهذا يدل الداعية على أن المصالح إذا تعارضت، أو تعارضت مصلحة ومفسدة، وتعذر الجمع بين فعل المصلحة وترك المفسدة بدئ بالأهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن نقض الكعبة وردها إلى ما كانت عليه من قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم مصلحة، ولكن تعارضه مفسدة أعظم منه، وهو خوف فتنة بعض من أسلم قريبًا، وذلك لما كانوا يعتقدونه من فضل الكعبة، فيرون تغييرها عظيمًا، فتركها صلى الله عليه وسلم لدفع هذه المفسدة" (2).
3 -
تأليف القلوب بالمال والجاه أحيانًا، فالداعية كالطبيب الذي يشخص المرض أولا، ثم يعطي العلاج على حسب نوع المرض، فإذا علم الداعية أن المدعو لم يرسخ الإيمان في قلبه رسوخًا لا تزلزله الفتن، فله أن يعطيه من المال ما يستطيعه، للاحتفاظ بالبقاء على الهداية بالإسلام، وقد شرع الله للمؤلفة قلوبهم نصيبًا من الزكاة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلك هذا المسلك، فيؤثر حديثي العهد بالإسلام بجانب من المال، إذا ظهر له أن الإيمان لم يرسخ؛ ولذلك أشار بقوله:«إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يُكبّ في النار على وجهه» (3).
وقد كان يعطي صلى الله عليه وسلم أشراف قريش وغيرهم من المؤلفة قلوبهم، لتلافي أحقادهم؛ ولأن الهدايا تجمع القلوب، وتجعل القلوب متهيئة للنظر في
(1) البخاري مع الفتح، كتاب الحج، باب فضل مكة وبنيانها 3/ 439، ومسلم، كتاب الحج، باب نقض الكعبة 2/ 972.
(2)
انظر: شرح النووي على مسلم9/ 89.
(3)
البخاري مع الفتح بنحوه، كتاب الإيمان، باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة1/ 79، ومسلم في الإيمان، باب تأليف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه1/ 132.
صدق الدعوة، وصحة العقيدة، والاستفادة من الآيات البينات، والبراهين الواضحة (1).
وصدق صلى الله عليه وسلم حيث قال: «تهادوا تحابوا» (2).
وللتأليف بالمال أمثلته كثيرة من هديه صلى الله عليه وسلم (3).
والتأليف بالجاه من السياسة الحكيمة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم للأنصار حينما آثر عليهم غيرهم في العطاء:«أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون إلى رحالكم برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فواللَّه لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به» ، فقالوا: بلى يا رسول الله قد رضينا (4).
وفي رواية: «لو سلك الناس واديًا أو شعبًا، وسلكت الأنصار واديًا أو شعبًا لسلكت وادي الأنصار أو شعب الأنصار» (5) فإذا سلك الداعية هذه السياسة وفق للصواب والحكمة- بإذن الله تعالى-.
4 -
التأليف بالعفو في موضع الانتقام، والإحسان في مكان الإِساءة، وباللين في موضع المؤاخذة، وبالصبر على الأذى، فكان يقابل الأذى بالصبر الجميل، ويقابل الحمق بالحلم والرفق، ويقابل العجلة والطيش بالأناة والتثبت.
(1) انظر: هداية المرشدين، ص35.
(2)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى6/ 169، والبخاري في الأدب المُفْرَد، ص208، برقم594، قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير: إسناده حسن3/ 70، وانظر: ارواء الغليل برقم 1601.
(3)
انظر: صحيح مسلم 4/ 1803 - 1806، وانظر: مواقف الكرم للنبي صلى الله عليه وسلم في فصل (المواقف) من هذه الرسالة، وانظر أيضًا: البخاري مع الفتح3/ 135، 6/ 250، 11/ 258.
(4)
البخاري مع الفتح، كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم6/ 251، ومسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم وتصبر من قوي إيمانه 2/ 734، 735.
(5)
مسلم، في كتاب الزكاة، الباب السابق2/ 735.
وهذا من أعظم ما يجذب المدعوين إلى الإسلام والاستقامة والثبات، وبمثل هذه المعاملة الحسنة جمع النبي صلى الله عليه وسلم قلوب أصحابه حوله، فتفانوا في محبته والدفاع عنه، وعن دعوته بمؤازرته ومناصرته.
وقد مدح الله رسوله، وأمره بالعفو والصفح والاستغفار لمن تبعه من المؤمنين {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159] (1){لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128](2) 5 - عدم مواجهة الداعية أحدًا بعينه عندما يريد أن يؤدبه أو يزجره ما دام يجد في الموعظة العامة كفاية، وهذا من السياسة البالغة في منتهى الحكمة، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلك هذا الأسلوب الحكيم، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه، فيتنخع أمامه، أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخع في وجهه؟ فإذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره تحت قدمه، فإن لم يجد فليفعل هكذا» ، ووصف القاسم فتفل في ثوبه، ثم مسح بعضه على بعض (3).
وفقد صلى الله عليه وسلم ناسًا في بعض الصلوات، فقال: «والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجَلا
(1) سورة آل عمران الآية 159.
(2)
سورة التوبة 128.
(3)
مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهى عن البصاق في المسجد1/ 389.
يؤم الناس، ثم أخالف إلى رجالٍ [يتخلفون عنها] فأحرق عليهم بيوتهم» (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة» ، فاشتد قوله في ذلك حتى قال:«لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم» (2).
وصنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا فرخص فيه، فتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخطب، فحمد الله، ثم قال:«ما بال أقوام يتنزهون عن شيءٍ أصنعه، فواللَّه إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية» (3).
وقال: «ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» (4).
وبلغه شرط أهل بريرة رضي الله عنها أن الولاء لهم بعد بيعها، ثم خطب الناس فقال:«ما بال أناس يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له، وإن شرط مائة مرة، شرط الله أحق وأوثق» (5).
وهذا يدل الداعية على أن من الحكمة عدم مواجهة الناس بالعتاب سترًا عليهم ورفقًا بهم، وتلطفًا.
(1) البخاري مع الفتح، كتاب الأذان، باب وجوب صلاة الجماعة2/ 125، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة1/ 451. وما بين المعكوفين من رواية مسلم.
(2)
البخاري مع الفتح، كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، 2/ 233.
(3)
البخاري مع الفتح، كتاب الأدب، باب من لم يواجه الناس بالعتاب 10/ 513، ومسلم، كتاب الفضائل، باب علمه صلى الله عليه وسلم بالله تعالى وشدة خشيته 4/ 1829.
(4)
مسلم، في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه2/ 1020.
(5)
البخاري مع الفتح، كتاب المكاتب، باب ما يجوز من شروط المكاتب5/ 187، ومسلم، كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق2/ 1142.
والداعية يستطيع أن يوجه العتاب عن طريق مخاطبة الجمهور إذا كان المدعو المقصود بينهم ومن جملتهم، وهذا من أحكم الأساليب (1).
6 -
إعطاء الوسائل صورة ما تصل إليه، كقوله صلى الله عليه وسلم:«من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (2).
فقد صور صلى الله عليه وسلم الدلالة على فعل الخير في صورة الفعل نفسه.
وكقوله صلى الله عليه وسلم: «من جهز غازيًا فقد غزا» (3).
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه» قيل: يا رسول الله: وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: «يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه» (4).
وهذا أصل في سد الذرائع، ويؤخذ منه أن من آل فعله إلى محرم يحرم عليه ذلك الفعل وإن لم يقصد إلى ما يحرم (5) كما قال تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108](6) فقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم من يسب أبا الغير وأمه صورة من يسب والديه؛ لأنه تسبب في سبهما.
7 -
أن يجيب الداعية علي السؤال الخاص بما يتناوله وغيره حتى يكون ما أجاب به قاعدة عامة للسائل وغيره، قال عمرو بن العاص: لما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال: فقبضت يدي، قال:«مالك يا عمرو؟»
(1) انظر: فتح الباري10/ 513.
(2)
مسلم، في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة النازي في سبيل الله 3/ 1506.
(3)
مسلم، في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله 3/ 1507.
(4)
البخاري مع الفتح، كتاب الأدب، باب لا يسب الرجل والديه10/ 403.
(5)
انظر: فتح الباري10/ 404.
(6)
سورة الأنعام، الآية 108.
قال: قلت: أردت أن أشترط، قال:«تشترط بماذا؟» قلت: أن يغفر لي، قال:«أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله. .» (1).
فأجاب صلى الله عليه وسلم بما يفيد عدم المؤاخذة عن كل من اعتنق الإسلام، وعن كل من هاجر، وعن كل من حج حجًّا مبرورًا، وقد كان يكفيه في الجواب أن يقول: غُفِرَ لك، أو نحوها (2).
وقال صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن ماء البحر: «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته» (3). فأجاب صلى الله عليه وسلم السائل عن الحكم الذي سأل عنه، وزاده حكمًا لم يسأل عنه، وهو حل ميتة البحر، فعندما عرف صلى الله عليه وسلم اشتباه الأمر على السائل في ماء البحر أشفق أن يشتبه عليه حكم ميتته، وقد يُبْتَلَى بها راكب البحر، فعقّب الجواب عن سؤاله ببيان حكم الميتة، وذلك من محاسن الفتوى أن يُجاء في الجواب بأكثر مما سُئِلَ عنه تتميمًا للفائدة، وإفادة لعلم غير المسئول عنه، ويتأكد عند ظهور الحاجة إلى الحكم كما هنا؛ لأن من توقف في طهورية ماء البحر فهو عن العلم بحل ميتته مع تقدم تحريم الميتة أشد توقفًا (4).
8 -
ضرب الأمثال، قال صلى الله عليه وسلم:«المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وشبك بين أصابعه» (5).
(1) مسلم، كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج1/ 112.
(2)
انظر: شرح النووي على مسلم 2/ 138، وانظر: هداية المرشدين ص32.
(3)
أبو داود، في الطهارة، باب الوضوء بماء البحر 1/ 21، والترمذي في الطهارة، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور1/ 101، والنسائي في الطهارة، باب ماء البحر1/ 50، وابن ماجه في الطهارة، باب الوضوء بماء البحر 1/ 136، وانظر: صحيح النسائي 1/ 14.
(4)
انظر: سبل السلام شرح بلوغ المرام، للشيخ محمد بن إسماعيل الصنعاني1/ 18.
(5)
البخاري مع الفتح، كتاب الصلاة، باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره1/ 565، ومسلم، في كتاب البر والصلة، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم 4/ 1999.
وقد مثل النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين في تبادل الرحمة والمودة والعطف، بالجسد في روابطه العضوية، إذا مرض عضو مرضت باقي الأعضاء، فقال:«مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (1).
ومثلهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي قبل هذا في التعاون على البر والتقوى والتكاتف بالبنيان يشد بعضهم بعضًا كشد البنيان (2).
ومن المعلوم يقينًا أن الداعية إذا سلك هذه المسالك اكتسب الحكمة بعون الله- تعالى- ووفق لهدي النبي" صلى الله عليه وسلم في دعوته، وسدد في قوله وفعله، بتوفيق الله سبحانه.
(1) البخاري مع الفتح، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم10/ 438، ومسلم في البر والصلة، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم 4/ 1999.
(2)
انظر: فتح الباري 10/ 450، وشرح النووي16/ 139.