الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السادس
فقه أركان الدعوة إلى الله تعالى
لا يكون الداعية حكيما في دعوته إلى الله- تعالى- إلا بفقه وإتقان ركائز الدعوة وأسسها التي تقوم عليها، حتى يسير في دعوته على بصيرة، ولا شك أن فهم هذه الأركان يدخل في قوله تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108](1) فلا بد من معرفة الدَاعية لما يدعو إليه، ومن هو الداعي، وما هي الصفات والآداب التي ينبغي أن تتوفر في الداعية؟ ومن هو المدعو، وما هي الوسائل والأساليب التي تستخدم في نشر الدعوة وتبليغها؟ هذه هي أركان الدعوة: الموضوع، والداعي، والمدعو، والأساليب والوسائل.
المسلك الأول: موضوع الدعوة:
"ما يدعو إليه الداعية":
موضوع الدعوة: هو دين الإِسلام {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19](2){وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85](3).
وهذا ما فَصَّله حديث جبريل في ذكر أركان الإسلام: «الإِسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» . وأركان الإيمان: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره» . والإِحسان: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» (4).
(1) سورة يوسف الآية 108.
(2)
سورة آل عمران الآية 19.
(3)
سورة آل عمران الآية 85.
(4)
مسلم، كتاب الإِيمان، باب بيان الإيمان والإِسلام والإحسان، 1/ 39.
ولا شك أن الإسلام اختص بخصائص عظيمة منها:
1 -
الإسلام من عند الله تعالى.
2 -
شامل لجميع نظم الحياة وسلوك الإنسان، ومن هذه النظم: نظام الأخلاق، ونظام المجتمع، والإفتاء، والحسبة، والحكم، والاقتصاد، والجهاد، ونظام الجريمة والعقاب، وذلك كله قائم على الرحمة، والعدل، والإحسان.
3 -
عام لجميع البشرية في كل زمان ومكان: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158](1).
4 -
وهو من حيث الجزاء: - الثواب والعقاب الذي يصيب مُتَبعَهُ أو مخالفه- ذو جزاء أًخرويّ بالإِضافة إلى جزائه الدنيوي إلا ما خصه الدَليل.
5 -
والإسلام يحرص علي إبلاغ الناس أعلى مستوى ممكن من الكمال الإنساني: وهذه مثالية الإسلام، ولكنه لا يغفل عن طبيعة الإنسان وواقعه، وهذه هي واقعية الإسلام.
6 -
الإسلام وسط: في عقائده، وعباداته، وأخلاقه، وأنظمته، قال تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143](2).
كما يلزم الداعية فهم مقاصد الإسلام التي دلت عليها الشريعة الإسلامية: وهي تحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد والأضرار عنهم في العاجل والآجل. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إن الشريعة الإسلامية جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها)(3).
(1) سورة الأعراف، الآية 158.
(2)
سورة البقرة الآية 143.
(3)
انظر: منهاج السنة النبوية، 1/ 147.