الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
من مواقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه
لعمر رضي الله عنه مواقف مشرفة حكيمة كثيرة جدًّا، منها على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:
1 -
موقفه في إظهار إسلامه وهجرته:
عندما أسلم عمر رضي الله عنه على يد النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يعلم قريش بإسلامه، فسأل عن أنقلهم للحديث، لينقل خبر إسلامه إلى قريش، فقيل له: جميل بن معمر الجمحي، فذهب عمر رضي الله عنه إلى جميل، وقال له: أعلمت يا جميل أنّي قد أسلمت ودخلت في دين محمد؟ فقام جميل بن معمر يجر رداءه مُسرعًا حتى قام على باب المسجد، ثم صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، ألا إن عمر بن الخطاب قد صبأ، فقال عمر وهو واقف خلفه: كذب، ولكني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، فثار عليه قريش من أنديتهم حول باب الكعبة، وقاتلهم وقاتلوه، واستمر القتال بينهم وبينه في هذا الموقف حتى قامت الشمس على رؤوسهم، وقد تعب عمر رضي الله عنه فقعد وقاموا على رأسه، وهو يقول: افعلوا ما بدا لكم، فأحلف بالله أن لو قد كنا ثلاثمائة رجل لتركناها لكم، أو لتركتموها لنا، وبينما هم على ذلك إذ أقبل شيخ من قريش عليه حلّة حبرة، وقميص مُوشح، حتى وقف عليهم، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: صبأ عمر، فقال: فمه، رجل اختار لنفسه أمرًا فماذا تريدون؟ أترون بني عدي بن كعب يسلمون لكم صاحبهم هكذا؟ خلُّوا عن الرجل! قال عبد الله بن عمر: فوالله لكأنما كانوا ثوبًا كشط عنه، قال: فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى المدينة: يا أبت من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت وهم يقاتلونك، - جزاه الله خيرًا؟ - قال
يا بُنَي ذاك العاص بن وائل - لا جزاه الله خيرًا - (1).
وبإسلام عمر وإظهاره إسلامه رضي الله عنه أعزّ الله به الإِسلام، وفرّق به بين الحق والباطل، فسُمِّي الفاروق رضي الله عنه، وأظهر الصحابة صَلاتهم حول الكعبة، وقريش ينظرون إليهم (2).
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " ما زلنا أعزّة منذ أسلم عمر "(3).
وقال رضي الله عنه أيضًا: " كان إسلام عمر فتحًا، وهجرته نصرًا، وإمارته رحمة، والله ما استطعنا أن نُصلّي حول البيت ظاهرين حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا نصلي "(4).
وقد كان عمر رضي الله عنه يتعرّض لرؤوس الكفر، ويعلن أمامهم إسلامه، بل يذهب إلى بيوتهم ويطرق أبوابهم ليخبرهم بأنه قد أسلم، لعلّهم يقومُون بشيء ضدّه فيُصيبه ما يُصيب إخوانه المسلمين، ويستطيع في الوقت نفسه أن ينتقم من تلك الرؤوس، ولم يُرد عمر أن يكون هو في
(1) انظر: سيرة ابن هشام 1/ 370، والبداية والنهاية لابن كثير، وقال هذا إسناد جيد قوي 3/ 82، وانظر بعض القصة في البخاري مع الفتح 7/ 177، وانظر قصة إسلام عمر في البداية والنهاية 3/ 79 / 81، وسيرة ابن هشام 1/ 364 - 371، وتاريخ الخلفاء للسيوطي 109 - 115، وفتح الباري 7/ 48، ومناقب عمر لابن الجوزي ص 12 - 18، والتاريخ الإِسلامي لمحمود شاكر 3/ 121 - 125.
(2)
انظر: مناقب عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص 18، 19، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 113 - 115. والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر 3/ 124، وفتح الباري شرح صحيح البخاري 7/ 44.
(3)
البخاري مع الفتح، في كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمر 7/ 41، ومناقب الأنصار 7/ 177.
(4)
ذكره ابن حجر في فتح الباري، 7/ 48، وعزاه إلى الطبراني وابن أبي شيبة، وذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء، ص 115، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد " رجاله رجال الصحيح إلا أن القاسم لم يدرك جده ابن مسعود، 9/ 62، وانظر: البداية والنهاية، 3/ 79.