الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إن أمنَّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليَلًا غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن أُخُوَّة الإِسلام ومودَّته» (1).
وقال: «لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكنه أخي وصاحبي، وقد اتخذ الله عز وجل صاحبكم خليلًا» (2).
3 -
إنفاقه ماله في سبيل الله تعالى:
عندما أسلم أبو بكر رضي الله عنه كان من أثرى أثرياء قريش، فكانت عنده أموال كثيرة، وقد كان في منزله يوم أسلم أربعون ألف درهم أو دينار، فاستخدم أمواله كلها في طاعة الله، ومن ذلك ما يأتي.
(أ) إنفاق المال في إعتاق الرّقاب: أعتق رضي الله عنه رقابًا كثيرة، حُفِظَ منهم سبع رقاب: بلال، وعامر بن فهيرة، وزنيرة، والهندية وبنتها، وكانتا لامرأة من بني عبد الدار، وجارية بني مؤمل، وأم عبيس، رضي الله عن الجميع.
وقد كانت هذه الرّقاب يُعذّب معظمها على إسلامها، فأنقذها الله بأبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأخذ رضي الله عنه ينفق أمواله في خدمة الإِسلام والمسلمين (3).
(1) البخاري مع الفتح، كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر، 7/ 12، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، 4/ 1854.
(2)
البخاري مع الفتح، كتاب فضائل الصحابة، باب قوت النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذًا خليلًا: 7/ 17، ومسلم واللفظ له، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، 4/ 1855.
(3)
انظر: سيرة ابن هشام 1/ 340، والإِصابة في تمييز الصحابة 2/ 243، والكامل في التاريخ لابن الأثير 2/ 290، والبداية والنهاية 3/ 58، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 38.
(ب) أخذه جميع ماله يوم الهجرة لإِنفاقه على رسول الله صلى الله عليه وسلم: حمل الباقي من ماله عندما هاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ولم يبق لأهله شيئًا، فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر معه، احتمل أبو بكر معه ماله كله، خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف درهم، فانطلق بها معه، قالت: فدخل علينا جدي أبو قحافة، وقد ذهب بصره، فقال: والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه، قالت: قلت: كلَّا يا أبت، قد ترك لنا خيرًا كثيرًا، قالت: فأخذت أحجارًا فجعلتها في كوة (1) في البيت - كان أبي يجعل فيها ماله - ثم جعلت عليها ثوبًا، ثم أخذت بيده فقلت: ضع يا أبت يدك على هذا المال، قالت: فوضع يده عليه، فقال: لا بأس، إن ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا لكم بلاغ، قالت:" ولا والله ما ترك لنا شيئًا، ولكن أردت أن أسكِّن الشيخ بذلك "(2).
(جـ) تصدُّقه بماله كله في غزوة تبوك: وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، فوافق ذلك مالًا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أبقيت لأهلك؟ " قلت: مثله. قال: وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكل ما عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أبقيت لأهلك؟ " قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: والله لا أسبقه إلى شيء أبدًا» (3).
(1) الكوة: ثقب في الحائط. انظر: القاموس المحيط: باب الواو، فصل الكاف، ص 1713.
(2)
أخرجه أحمد 6/ 350، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 6/ 59. ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع، وعزاه للطبراني أيضًا، وانظر أيضًا. البداية والنهاية 3/ 179، وتاريخ الخلفاء للإِمام السيوطي ص 39، وحياة الصحابة للكاندهلوي 2/ 164.
(3)
أخرجه الترمذي في كتاب المناقب، باب في مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما 5/ 614، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأبو داود في الزكاة، باب الرخصة في ذلك - أي الرخصة في إخراج المال كله - 2/ 129، والدارمي في الزكاة، باب الرجل يتصدق بجميع ما عنده 1/ 4329 وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي 1/ 414، وأبو نعيم في الحلية 1/ 32.