الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكان رضي الله عنهما حبرًا للأمة في علم الكتاب والسنة والعمل بهما استجابة لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
أسباب وطرق تحصيل العلم:
والعلم النافع له أسباب ينال بها، وطرق تُسلك في تحصيله وحفظه، من أهمها:
1 -
أن يسأل العبد ربه العلم النافع، ويستعين به تعالى، ويفتقر إليه، وقد أمر الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بسؤاله أن يزيده علمًا إلى علمه (1) فقال تعالى:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114](2) وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علمًا» (3).
2 -
ومنها: الاجتهاد في طلب العلم، والشوق إليه، والرغبة الصادقة فيه ابتغاء مرضاة الله تعالى، وبذل جميع الأسباب في طلب علم الكتاب والسنة (4).
وقد جاء رجل إلى أبي هريرة رضي الله عنه فقال: إني أريد أن أتعلم العلم وأخاف أن أضيعه، فقال أبو هريرة رضي الله عنه:" كفى بتركك له تضييعا "(5).
ولهذا قال بعض الحكماء عندما سُئلَ: ما السبب الذي ينال به العلمِ؟ قال: بالحرص عليه يتبع، وبالحب له يستمع، وبالفراغ له يجتمع، [عَلم
(1) انظر: تفسير الإمام البغوي3/ 233، وتفسير العلامة السعدي 5/ 194.
(2)
سورة طه، الآية 114.
(3)
الترمذي، في الدعوات، باب في العفو والعافية 5/ 578، وابن ماجه، في العلم، باب الانتفاع بالعلم والعمل به 1/ 92، وانظر: صحيح ابن ماجه 1/ 47.
(4)
انظر: تفسير السعدي 5/ 194.
(5)
جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر1/ 104.
علمك من يجهل، وتعلم ممن يعلم، فإنك إن فعلت ذلك علمت ما جهلت، وحفظت ما علمت] (1).
ولهذا قال الِإمام الشافعي رحمه الله:
أخي لن تنال العلم إلا بستةٍ
…
سأنبئك عن تفصيلها ببيان
ذكاءٌ ، وحرصٌ ، واجتهاد ، وبلغة
…
وصحبةُ أستاذٍ وطول زمان (2)
3 -
ومنها: اجتناب جميع المعاصي بتقوى الله - تعالى -؛ فإن ذلك من أعظم الوسائل إلى حصول العلم، كما قال تعالى:{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282](3) وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29](4).
وهذا واضح بين أن من اتقى الله جعل له علمًا يُفَرِّقُ به بين الحق والباطل (5) ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " إني لأحسب أن الرجل ينسى العلم قد عَلِمَه بالذنب يعمله "(6).
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: " خمسٌ إذا أخطأ القاضي منهن خطةً (7) كانت فيه وصمةً (8) أن يكون: فهمًا، حليمًا، عفيفًا، صليبًا (9) عالما سئولًا عن العلم "(10).
(1) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، 1/ 102، 103.
(2)
ديوان الشافعي ص116.
(3)
سورة البقرة، الآية 282.
(4)
سورة الأنفال، الآية 29.
(5)
انظر: تفسير ابن كثير 1/ 338، وتفسير السعدي 1/ 349.
(6)
جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر1/ 196.
(7)
خطة: أي خصلة. انظر. فتح الباري13/ 146.
(8)
وصمة: عيبًا. انظر: فتح الباري 13/ 146.
(9)
قويا شديدًا، يقف عند الحق ولا يميل مع الهوى. انظر: فتح الباري 13/ 146.
(10)
البخاري مع الفتح، كتاب الأحكام، باب متى يستوجب الرجل القضاء13/ 146.
وقال الِإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
شكوت إلى وكيع (1) سوء حفظي
…
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن علم الله نور
…
ونور الله لا يُهدى لعاصي (2)
وقال الإمام مالك للإمام الشافعي - رحمهما الله تعالى -: " إني أرى الله قد جعل في قلبك نورًا فلا تطفئه بظلمة المعصية "(3).
4 -
ومنها: عدم الكبر والحياء عن طلب العلم، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها:«نِعْم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين» (4).
وقالت أم سُليم رضي الله عنها: «يا رسول الله، إن الله لا يسْتَحْيى من الحق، فهل على المرأة من غُسلٍ إذا احتلمت؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا رأت الماء» (5).
وقال مجاهد: " لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر "(6).
5 -
ومنها، بل أعظمها ولُبُّها: الإخلاص في طلب العلم، قال صلى الله عليه وسلم:«من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله عز وجل، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرَفْ الجنة يوم القيامة» (7) يعني ريحها.
(1) وكيع بن الجراح بن مليح، الإمام، الحافظ، محدث العراق، ولد سنة 129هـ، ومات سنة 196 هـ. انظر. سير أعلام النبلاء للذهبي 9/ 140، وتهذيب التهذيب 11/ 109.
(2)
ديوان الشافعي، ص88، وانظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم، ص 104.
(3)
الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم ص 104.
(4)
البخاري مع الفتح، كتاب العلم، باب الحياء في العلم 1/ 228.
(5)
المرجع السابق 1/ 228.
(6)
البخاري مع الفتح، كتاب العلم، باب الحياء في العلم 1/ 228.
(7)
أبو داود بلفظه في العلم، باب في طلب العلم لغير الله 3/ 323، وابن ماجه في المقدمة، باب الانتفاع بالعلم 1/ 93، وانظر: صحيح ابن ماجه 1/ 48.
6 -
العمل بالعلم (1).
ومما تقدم يتضح أن العلم لا يكون ركنًا من أركان الحكمة ودعائمها إلا بالعمل، والإخلاص، والمتابعة.
(1) انظر: ص 48، من هذا البحث.