الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان أديبا ظريفا مليح البزة رماه أبو شامة بالكذب ورقة الدين توفي في جمادى الآخرة ووقف داره بدمشق دار حديث انتهى. وقال تلميذه ابن كثير في سنة سبع وخمسين وستمائة: النجيب بن الشقيشقة الدمشقي أحد الشهود بها وله سماع حديث وقف داره بدرب البانياسي دار حديث وهي التي كان يسكنها شيخنا المزي الحافظ قبل انتقاله إلى دار الحديث الأشرفية.
وقال أبو شامة: وكان ابن الشقيشقة وهو النجيب نصر الله بن أبي العز بن أبي طالب الشيباني مشهورا بالكذب ورقة الدين وغير ذلك وهو أحد الشهود المقدوح فيهم ولم يكن بحال أن يؤخذ عنه قال وقد أجلسه أحمد بن يحيى بن هبة الله الملقب بالصدر بن سني الدولة1، في حال ولايته قضاء القضاة بدمشق فأنشد فيه بعض الشعراء:
جلس الشقيشقة الشقي ليشهدا
…
بأبيكما ماذا عدا في ما بدا
هل زلزل الزلزال أم قد أخرج الـ
…
ـدجال أم عدم الرجال ذوو الهدى
عجبا لمحلول العقيدة جاهل
…
بالشرع قبل أوانه أن يعقدا
وقيل قرأت من خط المصنف الذي هو شيخ لمشايخنا رحمه الله تعالى ما نصه:
عجبا لمحلول العقيدة جاهل
…
بالشرع قد أذنوا له أن يعقدا
انتهى. وهو الصحيح كتبه عبد الرحمن بن الفرفور2 عفى عنهم من خط المذكور بحروفه ولم أقف على أن أحمد ولي مشيختها.
1 شذرات الذهب 5:291.
2 شذرات الذهب 8: 427.
16 -
دار الحديث العروية
بمشهد ابن عروة بالجانب الشرقي من صحن الجامع الأموي قبلي الحلبية ويعرف قديما بمشهد علي رضي الله تعالى عنه قال الحافظ عماد الدين ابن كثير في تاريخه في سنة عشرين وستمائة: ابن عروة شرف الدين محمد بن
عروة الموصلي المنسوب إليه مشهد ابن عروة بالجامع الأموي لأنه أول من فتحه وكان مشحونا بالحواصل الجامعية وبنى فيه البركة ووقف على الحديث دروسا ووقف خزائن كتبه فيه وكان مقيما بالقدس الشريف ولكنه كان من خواص أصحاب الملك المعظم1 فانتقل إلى دمشق حين خرب سور بيت المقدس إلى أن توفي بها وقبره عند قباب طغتكين2 قبلي المصلى.
وقال الصلاح الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات: المنسوب إليه المشهد محمد ابن عروة شرف الدين والموصلي إنما نسب إليه لأنه كان يخزن فيه آلات تتعلق بالجامع فعزله وبيضه وعمل له المحراب والخزانتين ووقف فيهما كتبا وجعله دار حديث توفي رحمه الله تعالى سنة عشرين وستمائة وأول من ولي مشيخته الفخر بن عساكر أبو منصور الدمشقي قال ابن كثير في تاريخه في سنة عشرين وستمائة فخر الدين بن عساكر عبد الرحمن بن محمد بن الحسن ابن هبة الله بن عساكر أبو منصور الدمشقي شيخ الشافعية بها اشتغل من صغره بالعلم على شيخه قطب الدين مسعود النيسابوري3 وتزوج بابنته ودرس مكانه بالجاروخية وبها كان يسكن في إحدى القاعتين اللتين أنشأهما وبها توفي غربي الإيوان ثم ولي تدريس الصلاحية الناصرية بالقدس الشريف ثم ولاه الملك العادل تدريس التقوية وكان عنده من الأعيان ثم تفرغ فلزم المجاورة بالجامع في البيت الصغير إلى جانب محراب الصحابة يخلو فيه للعبادة والمطالعة والفتاوى وكانت الفتاوى تفد إليه من كل الأقطار وكان كثير الذكر حسن السمت وكان يجلس تحت قبة النسر في كل يوم اثنين وخميس مكان عمه لإسماع الحديث بعد العصر فيقرأ دلائل النبوة وغيره وكان يحضر مشيخة دار الحديث النورية ومشهد ابن عروة أول ما فتح وقد استدعاه الملك العادل لما عزل قاضيه زكي الدين بن الزكي4 فأجلسه إلى جانبه وقت السماط وسأل منه أن يلي القضاء بدمشق فقال حتى أستخير الله
1 شذرات الذهب 5: 15.
2 شذرات الذهب 4: 65.
3 شذرات الذهب 4: 263.
4 شذرات الذهب 5: 73.
تعالى ثم امتنع من ذلك فشق على السلطان امتناعه وهم أن يؤذيه فقيل له احمد الله الذي في بلادك مثل هذا ولما توفي العادل1 وأعاد ابنه المعظم الخمور انكر عليه الشيخ الدين فبقى في نفسه منه فانتزع منه تدريس الصلاحية التي بالقدس وتدريس التقوية ولم يبق معه سوى الجاروخية ودار الحديث النورية ومشهد ابن عروة وكانت وفاته يوم الأربعاء بعد العصر عاشر رجب من هذه السنة وله خمس وستون سنة وصلي عليه بالجامع وكان يوما مشهودا وحملت جنازته إلى مقابر الصوفية فدفن بها في أولها قريبا من شيخه قطب الدين مسعود انتهى ملخصا.
وقال الذهبي في العبر: وكان له مصنفات في الفقة لم تنشر وقال الاسدي في تاريخه في سنة عشرين وستمائة: الشيخ فخر الدين بن عساكر عبد الرحمن ابن محمد بن الحسن بن عبد الله بن الحسين الإمام المفتي فخر الدين أبو منصور الدمشقي الشافعي ابن عساكر شيخ الشافعية بالشام ولد في شهر رجب سنة خمسين وخمسمائة وسمع من عمية الصائن2 والحافظ أبي القاسم3 وحسان الزيات4 وأبي المكارم بن هلال5 وأبي المعالي بن صابر6 وجماعة وتفقه على الشيخ قطب الدين النيسابوري حتى برع في الفقه وزوجه القطب بابنته وولي تدريس الجاروخية ثم الصلاحية بالقدس ثم تدريس العزيزية وكان عنده بالتقوية فضلاء الوقت حتى كانت تسمى نظامية الشام وهو أول من درس بالعذراوية في سنة ثلاث وتسعين وكان يقيم بالقدس الشريف أشهرا وبدمشق الشام أشهرا وكان لا يمل الشخص من النظر إليه لحسن سمته واقتصاده في لباسه ولطفه ونور وجهه وكان لا يخلو لسانه من ذكر الله تعالى وكان يسمع عليه تحت قبة النسر وهو المكان الذي كان يسمع فيه على الحافظ أبي القاسم عمه وكان العادل قد طلبه لتوليه القضاء فألح عليه فامتنع وأصر على
1 شذرات الذهب 5: 65.
2 شذرات الذهب 4: 207.
3 شذرات الذهب 4: 239.
4 شذرات الذهب 4: 188.
5 شذرات الذهب 4: 215.
6 شذرات الذهب 4: 256.
الامتناع وأشار بتولية ابن الحرستاني.
قال أبو شامه" كان يتورع من المرور في رواق الحنابلة لئلا يأتموا بالوقيعة فيه وذلك ان عوامهم يبغضون بني عساكر لأنهم أعيان الأشعرية الشافعية وعزله الملك المعظم عن توليته تدريس العادلية لكونه أنكر عليه تضمين المكوس والخمور ثم أنه لما حج اخذ منه التقوية واخذت منه قبل ذلك الصلاحية التي بالقدس وما بقي معه الا الجاروخية روى عنه الزكي البرزالي والضياء المقدسي والتاج عبد الوهاب بن زين الامناء1 والزين خالد2 وغيرهم وتفقه عليه جماعة منهم الشيخ عز الدين بن عبد السلام قال ابن الحاجب هو أحد الائمة المبرزين بل وأوحدهم فضلا وكبيرهم شيخ الشافعية في وقته وكان إماما زاهدا ذاكرا لله كثير التهجد غزير الدمعة حسن الإخلاق كثير التواضع قليل لغضب سلك طريق أهل اليقين وكان أكثر أوقاته في بيته في الجامع وفي نشر العلم وكان مطرح التكلف وعرض عليه مناصب وولايات دينية فتركها وحدث بمكة المشرفة ودمشق والقدس الشريف وصنف في الفقه وفي الحديث عدة مصنفات.
قال الشهاب القوصي في معجمه: كان شيخنا فخر الدين كثير البكاء سريع الدموع كثير الورع والخشوع وافر التواضع عظيم الخضوع وكثير التهجد قليل الهجوع مبرزا في علم الأصول والفروع جمعت له العلوم والزهادة وعليه تفقهت فأحرزت الإفادة توفي رحمه الله تعالى في شهر رجب قال أبو شامة أخبرني من حضر وفاته قال: صلى الظهر ثم جعل يسأل عن العصر فقيل له لم يقرب وقتها فتوضأ ثم تشهد وهو جالس وقال: رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا لقنني الله حجتي وأقالني عثرتي ورحم غربتي ثم قال: وعليكم السلام فعلمت أنه قد حضرته الملائكة ثم انقلب على قفاه ميتا رحمه الله تعالى ودفن بمقابر الصوفية بطرفها الشرقي
1 شذرات الذهب 5: 302.
2 شذرات الذهب 5: 313.
جوار تربة شيخه القطب وكان الجمع لا ينحصر من الكثرة انتهى كلام الأسدي ثم وليها بعده الحافظ زكي الدين البرزالي.
قال الصفدي في الوافي: محمد بن يوسف بن محمد بن يداس بالياء التحتية والدال المهملة المشددة والسين المهملة بعد الألف الحافظ الرحال زكي الدين أبو عبد الله البرزالي ذكر ان مولده تقريبا سنة سبع وسبعين وخمسمائة قدم دمشق سنة خمس وستمائة ثم رجع إلى مصر ثم رد إلى دمشق ورحل إلى خرسان وبلاد الجبل وسمع بأصبهان ونيسابور ومرو وهراة وهمذان وبغداد والري والموصل وتكريت وإربل وحلب وحران وعاد إلى دمشق بعد خمس سنين واستوطنها وكتب بخطه عن دير ودرج وأم بمسجد فلوس طرف ميدان الحصى وولي مشيخة مشهد عروة ولم يفتر عن السماع حدث بالكثير وتوفي رحمه الله تعالى سنة ست وثلاثين وستمائة انتهى.
قال ابن كثير في سنة ست وثلاثين المذكورة: الحافظ الكبير زكي الدين أبو عبد الله احد من اعتنى بصناعة الحديث وبرز فيه وأفاد الطلبة وكان شيخ الحديث بمشهد عروة ثم سافر إلى حلب فتوفي بحماة في رابع عشر شهر رمضان من هذه السنة وهو والد شيخنا علم الدين القاسم بن محمد البرزالي مؤرخ دمشق الذي ذيل على الشيخ شهاب الدين أبي شامة وقد ذيلت انا على تاريخه بعون الله تعالى وقدرته انتهى. ثم وليها بعده العلامة الفخري الحنبلي.
قال ابن كثير في تاريخه سنة ثمان وثمانين وستمائة: الشيخ فخر الدين أبو محمد عبد الرحمن بن يوسف البعلبكي الحنبلي شيخ دار الحديث النورية ومشهد ابن عروة وشيخ الصدرية وكان يفتي ويفيد الناس مع ديانة وصلاح وعبادة وزهادة ولد سنة إحدى عشرة وستمائة وتوفي رحمه الله تعالى في شهر رجب فيها انتهى وهذا آخر ما انتهى عمن ولي مشيختها وأما مشيخة الحديث بالجامع الأموي فالظاهر انها غير مشيخة عروة هذا وهي التي وليها الشيخ المقري شمس الدين محمد بن سلام الشافعي.
قال تقي الدين الأسدي في ذيله في صفر سنة ست وعشرين وثمانمائة عنه: قرأ القرآن على الشيخ نجم الدين العجمي وكان له دكان يتسبب فيها ويحيى في شهر رمضان بمحراب الصحابة رضي الله عنهم ثم بعد الفتنة قرأ صحيح البخاري على الشيخ جمال الدين بن الشرايحي وأذن له في قراءته وصحب الشيخ محمد بن قديدار1 ولازمه فصار من خواصه الملازمين له وعرفه الناس بواسطة الشيخ وحصل له وظائف جيدة مشيخة الحديث بالجامع الأموي وأذان وقراءة حديث وجلس بالجامع يقرأ عليه القرآن والبخاري ويشتغل مع ذلك بالعلم مع الطلبة وعنده سكون ويقرأ الحديث بفصاحة طعن يوم الاثنين خامس عشرة وتوفي رحمه الله تعالى يوم الخميس تاسع عشرة وصلى عليه بالجامع الأموي الشيخ محمد بن قديدار وقاضي القضاة وخلق كثير مع أنه كان يوما مطيرا ودفن بمقبرة باب الصغير وهو في عشر الخمسين وعمل له الؤذنون من الغد بعد الصلاة ختمة في المقصورة انتهى واستقر في مشيخة إسماع الحديث بالجامع الأموي عوضه الشيخ العلامة شمس الدين البرماوي وجرى بسبب ولايته فتنة كانت هي أول أسباب محنة القاضي نجم الدين ابن حجي2 الشافعي وقد قرأ البخاري بالجامع المذكور خلق كثير منهم ما قاله الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في شوال سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة وممن توفي الخطيب الخير الفاضل زين الدين بن طلحة بن السلف ربي بأرض المصلى وقرأ التنبيه أو بعضه واشتغل بالفرائض والحساب وفضل فيهما واشتغل بالنحو وقرأ البخاري بالجامع الأموي عدة سنين ولازمني في الفقه في التنبيه وشرحه مدة ومع ذلك فلم ينجب لوقوف ذهنه وكان في آخر عمره يكتب على فتاوى الفرائض والحساب ويأخذ الأجرة على ذلك كغيره من أصحاب هذا الفن وخطب بالمصلى مدة طويلة وبيده أذان بالجامع وهو أخو الرئيس فخر الدين وبيده فقاهات وكان ضغيف البنية منقبضا عن الناس،
1 شذرات الذهب 7: 218.
2 شذرات الذهب 7: 193.